"الخطر يقترب من حدودنا".. ما حقيقة مخاوف تركيا من توغل إسرائيل في لبنان؟
"لا تظنوا أن إسرائيل ستتوقف في قطاع غزة"
في أكثر من خطاب بالأشهر الأخيرة، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في غزة ولبنان، مؤكدا أن إسرائيل عازمة على توسيعها لتشمل مناطق أخرى بما فيها الأناضول.
وقال في إحدى هذه الخطابات: "لا تظنوا أن إسرائيل ستتوقف في قطاع غزة. ولا تظنوا أن مدينة رام الله ستكون آمنة، إن هذه الدولة الشرسة دولة الإرهاب إسرائيل، إن لم يتم إيقافها فسوف تبدأ في وضع أنظارها عاجلا أم آجلا على الأناضول من خلال وهم ما يسمى "الأرض الموعودة".
وأضاف: "إسرائيل لا تهاجم الفلسطينيين في قطاع غزة فحسب، بل هي تهاجمنا أيضا. إن حماس في قطاع غزة هي خط الدفاع الأمامي لمنطقة الأناضول".
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “حرييت” مقالا للكاتب التركي المقرب من أردوغان “عبد القدير سيلفي” ذكر فيه أنه “في الوقت الذي يتم فيه إعادة رسم الحدود في الجانب الآخر من حدودنا ويتم كتابة إحدى أصعب صفحات التاريخ، ألقى أردوغان خطابا جديدا سيترك أثرا في التاريخ، نظرا لتضمنه تحذيرات تاريخية”.
مخاوف أردوغان
فعندما بدأت حرب غزة قال أردوغان: "إن دفاع الأناضول يبدأ من غزة". وحذر قائلا: "إذا لم يتم إيقاف نتنياهو الذي يعد هتلر الحديث، فإن الحرب ستنتشر في المنطقة".
وقد تحققت توقعات أردوغان، حيث انتشرت الحرب في المنطقة. اقتربت نار الحرب من الحدود التركية. وليس هناك ضمانة بأن لبنان لن يكون مثل سوريا اليوم.
لذلك، فقد حذّر أردوغان تحذيرا مهما يقول فيه "انظروا إلى المسافة بين الحدود السورية والتركية والحدود اللبنانية، فإن البعد بين تركيا ولبنان بالسيارة ساعتان ونصف الساعة فقط. وذلك يعني أن الاحتلال والإرهاب والعدوانية قريبون جدا منا".
وأضاف أن هذا ليس أمرا متعلقا بالحكومة والمعارضة فقط، بل إنه يتعلق بتركيا بأكملها.
وأشار الكاتب التركي أنه حين يتم إعادة رسم الحدود في الشرق الأوسط، فإن الوقت ليس وقتا للسياسة، فنحن نمر بأيام يجب أن نتحرك فيها بروحِ "إذا كان الوطن في المقام الأول، فالباقي تفاصيل ثانوية".
وعلى هذا النحو فإن “الهدف هو الأناضول، هذا ليس وهما. إنه خطر يقترب خطوة بخطوة”.
وقال أردوغان “إن إسرائيل، التي تتحرك بالهوى المتعلق بالأراضي الموعودة، ستتجه نحو أراضينا بعد فلسطين ولبنان”.
وأكد مرة أخرى قائلا إنه "على الرغم من رغبة بعض الأشخاص في عدم رؤيتها، فإن حكومة نتنياهو تحاول بشكل مستمر أن تحقق حلما كبيرا يشمل الأناضول، وتستمر بالكشف عن نواياها من خلال مناسبات ومواقف مختلفة. فكل تطور حدث منذ السابع من أكتوبر يزيد قليلا من حجم هذا التهديد".
وإن علم إسرائيل يحمل خطين؛ يرمز الخط الأول إلى النيل والخط الثاني إلى الفرات. فهم بذلك يتحدثون عن الأراضي الموعودة في منطقة تمتد من النيل إلى الفرات، هذا هو هدفهم.
وهذا الأمر ليس مهمة يمكن أن تنجزها إسرائيل أو نتنياهو بمفردهما، بل هو مشروع مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة.
مشروع إسرائيل
وذكر الكاتب التركي أن هدف الولايات المتحدة كان دائما إنقاذ إسرائيل من العزلة في الشرق الأوسط. وكانوا يسعون لإنشاء مشروع إسرائيل الثاني.
فبعد حرب الخليج الأولى، كانت أول خطوة لهم هو نقل حزب العمال الكردستاني من وادي البقاع إلى جبال قنديل. وقاموا بتدريبهم في العراق، وفي سوريا قاموا بتنظيمهم.
وقال أردوغان "نحن نراقب بعناية هجمات إسرائيل في فلسطين ولبنان، ونرى بوضوح كيف يحاولون إنشاء هيكل صغير كما لو كانوا دمًى متحركة في شمال العراق وسوريا باستخدام التنظيمات الانفصالية كأداة".
الكاتب التركي أوضح أيضا أن بريت ماكغورك كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، راعي حزب العمال الكردستاني، "قرر إجراء انتخابات مرتين في المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الكردية الانفصالية في شمال شرق سوريا".
لكن تدخلت وزارة الخارجية الأميركية وأجلت الانتخابات بسبب ضغوط تركيا. ورغم ذلك لكنهم لم يستسلموا. فأول شيء سيفعلونه عندما ينقلون الحرب إلى سوريا هو منح حزب العمال الكردستاني منصبا مهما".
وعلى هذا النحور، “فليس عبثا أن يحذر أردوغان من أن الخطر يقترب من حدودنا”، يوضح الكاتب.
الجبهة الداخلية
وفي السياق، قال الكاتب إنه “من الآن فصاعدا سنشهد المزيد من التحذيرات على الجبهة الداخلية. فما يحدث لإيران، التي لا تحافظ على جبهتها الداخلية سليمة، واضح”.
حيث تم القضاء على رئيس الدولة إبراهيم رئيسي بسبب تحطم طائرة هليكوبتر. بالإضافة إلى إسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران على الرغم من وجوده في موقع آمن.
ويقال إن إسرائيل كانت قد حددت مكان زعيم حزب الله حسن نصر الله من خلال تعقب عميلٍ إيراني. وفي الأحداث السابقة في العراق كان الجنرالات هم الذين باعوا صدام حسين إلى الولايات المتحدة.
وبسبب هذه الحقائق قال أردوغان: "كأمة نسعى جاهدين للحفاظ على جبهتنا الداخلية سليمة، حيث ينبغي أن يقف 85 مليون مواطن في مواجهة محاولات الفتنة".
وفي ضوء هذه الحقائق فإن أنشطة رئيس حزب الظفر اليميني المتطرف أوميت أوزداغ وأولئك الذين يتبنون العقلية المتطرفة، تُعتَبَر خطيرة للغاية، فقد أصبحت قضية أمن قومي.
وكما قال أردوغان، "لا يمكن تبني سياسة تجعل تركيا تخسر". فحتى لو يتم ذلك في الأوقات العادية، فإنه لا يتم أبداً في هذه الفترة التي يطرق فيها خطر الحرب بابنا".