رغم التشكيك فيها.. هكذا زادت محاولات الاغتيال شعبية ترامب
"عددا من وسائل الإعلام قالت إن محاولات الاغتيال مبالغ فيها"
محاولة الاغتيال الثانية للمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب، في 15 سبتمبر/ أيلول 2024، قد تؤدي بحسب استطلاعات الرأي إلى تعزيز دعم أنصاره وزيادة غضب معارضيه في الوقت نفسه.
وفي إطار الانتخابات الأميركية المقبلة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لفتت صحيفة "إزفيستيا" الروسية إلى أن عددا من وسائل الإعلام نشرت تقارير تشكك في محاولة الاغتيال، وتقول إنها "مبالغ فيها".
وخلال ذلك، بحسب الصحيفة، ارتفعت شعبية ترامب في استطلاعات الرأي، إذ حصل على 47 بالمئة مقابل 49 بالمئة لمرشحة الرئاسة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس.
محاولة ثانية
وقالت "إزفيستيا" إن "مكتب التحقيقات الفيدرالي وصف الحادث على أنه محاولة اغتيال محتملة لترامب".
وبعد ساعات، أعلن ممثلو الخدمة السرية الأميركية -الوكالة الأمنية لحماية الرؤساء والسياسيين- ومكتب التحقيقات الفيدرالي والشرطة عن "اعتقال رجل قرب نادي الغولف كان يحاول الهروب بسيارة".
كما عُثر على بندقية "AK-47" ذات منظار بصري مهجورة في الأدغال، بالإضافة إلى حقيبتين وكاميرا "GoPro".
وذكرت الخدمة السرية، أن أحد موظفيها وزملاءه من الأجهزة الأمنية الأخرى "فتحوا النار فور رؤيتهم فوهة بندقية تخرج من الأدغال".
وأوضحت الصحيفة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يكشف بعد عن اسم المشتبه به رسميا، لكن وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، نقلا عن مصادر في وكالات إنفاذ القانون، أفادت بأن "مطلق النار هو رايان ويزلي روت، البالغ من العمر 58 عاما والمقيم في هاواي".
واستنادا إلى حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لم تُؤكد بعد رسميا، خلصت الصحيفة إلى أن "المشتبه به يبدو أنه يتبنى موقفا سياسيا نشطا".
وعلى وجه الخصوص، يظهر هذا الشخص دعمه الكامل لأوكرانيا.
وفي أحد منشوراته، حيث يظهر في خلفيته ميدان الاستقلال في كييف، كتب المشتبه به أنه "موجود في واشنطن وكييف لتقديم جنود للمشاركة في القتال".
وأضافت "إزفيسيتا" أن آراء المشتبه به “تُعد معادية لإسرائيل بشكل علني، وعلى سبيل المثال، كان يصرح علنا بأن كامل الأراضي المحتلة تنتمي للفلسطينيين”.
ولكن بعد فترة قصيرة، أُغلق الوصول إلى حسابات روت على وسائل التواصل الاجتماعي.
دوافع واضحة
وفي هذا الصدد، في حديث مع "إزفيسيتا"، قال المؤرخ الأميركي والأستاذ السابق في جامعة هارفارد، فلاديمير بروفكين: "من المبكر القول من قد يستفيد من هذا، ولكن إحدى النظريات التي سمعتها هي أن المشتبه به كان يجند قدامى المحاربين الأميركيين من أفغانستان للمشاركة في القتال في أوكرانيا، كما أنه متورط سياسيا".
وتابع المؤرخ: "إذا كُشف عن كل هذا كما يبدو، وإذا كان هناك أي ارتباط بأوكرانيا، أو حتى لو كانت هناك دوافع سياسية، فإن رد الفعل على الساحة الدولية سيكون مناسبا".
وعلى جانب آخر، أشار أيضا إلى أنه "على عكس الشخص الذي حاول اغتيال ترامب في يوليو/ تموز 2024، فإن هذا الشخص لديه بالفعل دوافع وتصريحات سياسية واضحة".
وردا على الحادثة فورا، أكد ترامب أنه "بخير وفي أمان".
وأضاف قائلا: "لن يوقفني شيء ولن أستسلم أبداً".
وفي وقت لاحق، شكر أجهزة الأمن عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به "تروث سوشيال".
من جانبه، نشر الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، بيانا رسميا بعد إبلاغه بالحادثة.
وقال بايدن: "أنا سعيد لأن الرئيس السابق لم يتعرض للأذى، وكما قلت مرارا، لا مكان في بلادنا للعنف السياسي أو أي نوع آخر من العنف".
وبالإضافة إلى ذلك، ردت هاريس أيضا على الحادث، مُشيرة إلى "عدم قبول العنف".
تأثير على السباق
وفي ظل محاولة الاغتيال الجديدة، سلطت "إزفيستيا" الروسية الضوء على أن "نسبة تأييد ترامب زادت في الاستطلاعات، وإن كان ذلك بشكل غير ملحوظ".
وفي دراسة أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، حصل ترامب على نسبة تأييد تصل إلى 47 بالمئة مقابل 49 بالمئة لهاريس.
وفي استطلاع آخر أجرته قناة "إيه بي سي نيوز"، يتخلف ترامب بثلاثة بالمئة فقط، إذ حصل على 45 بالمئة مقابل 48 بالمئة لصالح هاريس.
وعلى جانب آخر، نقلت الصحيفة عن بيانات تعود إلى منصة "بولي ماركت"، وهي منصة رائدة في سوق التنبؤات تسمح للمستخدمين بالمراهنة على نتائج الأحداث العالمية، أن "الفارق لصالح ترامب انخفض إلى الحد الأدنى؛ 49 بالمئة مقابل 50 بالمئة".
جدير بالذكر أن المنصة كانت قد سجلت في نهاية أغسطس/ آب 2024 تقدم هاريس بفارق 4 بالمئة.
وفي هذا الصدد، تظهر الصحيفة الروسية أن الخبراء يعتقدون أنه "ينبغي التعامل مع نتائج هذه الاستطلاعات بشيء من الشك".
ويرى المؤرخ بروفكين، أن "هذه الاستطلاعات تُجرى في الغالب من قبل منظمات تدعم هاريس، باستثناء (فوكس نيوز)، وغالبا ما تُسمى (استطلاعات بين الناخبين المحتملين)".
وبقوله إن "هذا هراء غير علمي تماما"، أكد المؤرخ أنه "من الممكن تصميم أي استطلاع بحيث يكون في صالح الشخص الذي ترغب في رؤيته فائزا".
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى أن مجموعة من وسائل الإعلام، بما في ذلك "نيويورك بوست" و"نيويورك تايمز"، بدأت في نشر آراء تشير إلى أن التقارير حول محاولة الاغتيال "مبالغ فيها".
ووصفت "نيويورك بوست" الوضع بأنه "إطلاق نار بين شخصين كانا يستهدفان بعضهما البعض، وليس ترامب".
وبحسب ما ذكرته الصحيفة، “يُثار رأي بأن الحادث يُصور على أنه محاولة اغتيال نظرا للفائدة الواضحة التي يمكن أن يحصل عليها الرئيس السابق من هذا التفسير”.
ألوان وزوايا
في المقابل، يرى الأستاذ المساعد في المدرسة العليا للاقتصاد، ميخائيل ميرونيك، أنه "بناء على المعلومات المتوفرة لدى الرأي العام، فإن ما حدث قد يكون محاولة اغتيال للمرشح".
وفي محادثته مع "إزفيستيا"، قال ميرونيك: "أعتقد أن هذه ليست محاولة لزيادة نسبة التأييد. بالطبع، من اليأس يميل الناس إلى اتخاذ تصرفات غير عقلانية أو اختيار إستراتيجيات محفوفة بالمخاطر، لكن الأمور السرية تظهر في النهاية".
وتابع: "بالتأكيد ترامب وفريقه هم أشخاص مخاطرون، لكنهم يعرفون جيدا أو يشكون في أنه يمكن العثور على أي أدلة متبقية".
وفي الوقت نفسه، وفق الصحيفة، ذهب الأستاذ المساعد إلى أن "ما حدث لا يعني بالضرورة زيادة فرص الرئيس السابق في النجاح في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".
وبدلا من ذلك، يعتقد ميرونيك أن “ما حدث قد يعزز عزم أنصار ترامب على التصويت له، بينما سيزيد من كراهية خصومه له”.
وباستذكار ما حدث في 13 يوليو/ تموز 2024، أشارت "إزفيستيا" إلى أن ترامب تعرض لعملية اغتيال في مدينة باتلر بولاية بنسلفانيا.
وعلى حد وصف الصحيفة، فقد وُثق الحادث بألوان وزوايا مختلفة، ولم يكن لدى أحد أي شك في سبب ما حدث.
وبهذا الشأن، قال الباحث الرئيس في مركز أبحاث مشاكل الأمن في الأكاديمية الروسية للعلوم، كونستانتين بلوخين: "لا يمكن مقارنة المحاولة الحالية بمحاولة الاغتيال الأولى. إذ كانت الأولى كبيرة ودرامية، حيث أطلق المهاجم النار عليه مباشرة، وكل شيء سُجل بالكاميرات. أما الآن، يبدو أن الأمر حدث بطريقة غير مباشرة".
وأضاف: "لكن بعد المحاولة الأولى، شُكلت صورة ترامب كضحية مقدسة وشهيد للنظام السياسي في الولايات المتحدة. وبالتالي، بعد المحاولة الأولى، زادت نسبة التأييد بشكل كبير، ومن المحتمل أنه يتوقع زيادة الدعم بعد هذه المحاولة أيضا".
ونقلت الصحيفة "إزفيستيا" عن الأستاذ المساعد ميرونيك قوله إن "الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة تصبح أقل محتوى، ولكن أكثر عاطفية وشعبوية".