مؤتمر بكين.. هل أفشلت الفصائل الفلسطينية مخططات “اليوم التالي” في غزة؟

12

طباعة

مشاركة

رغم الخلافات بين فتح وحماس، خطت الفصائل الفلسطينية، خطوة مهمة تجاه التقارب في العاصمة الصينية بكين، بعدما انتهت اجتماعات، استمرت 3 أيام، بتوقيع اتفاق يقضي بتشكيل "حكومة مؤقتة" ما يشكل تحديا لمخطط الاحتلال بغزة.

أهم بند من 4 بنود توصل لها 14 فصيلا فلسطينيا يوم 23 يوليو/تموز 2024 هو "تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية تمارس سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة".

وهو "ما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة"، وفق البيان، ويعني ضمنا أن تحكم غزة بعد الاحتلال حكومة وحدة وطنية فلسطينية من الفصائل كافة.

هذا الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة لإدارة غزة مع الضفة، بمثابة صفعة للمخططات الإسرائيلية والأميركية، التي تحاول ترتيب حكم استعماري لغزة بعد انتهاء الحرب والاحتلال، بغرض إنهاء المقاومة وترسيخ التطبيع.

الاتفاق يشكل أيضا صفعة كبيرة لدور الإمارات المشبوه في التعاون مع الاحتلال لإرسال قوات عميلة بديلة تحكم غزة وتسعى لنزع سلاحها وتغيير مناهجها الدراسية.

ومشكلة اتفاقيات المصالحة الفلسطينية، التي أحصت "الاستقلال" 10 منها، أنها لا تُنفذ، لذا فالعبرة بالتنفيذ، لا بالبيانات، حيث سبق أن خرجت توصيات مشابهة من عدة مؤتمرات سابقة، ولكن بقيت حبرا على ورق. 

لكن أهمية اجتماع بكين تتمثل في أنه جاء في وقت تُباد فيه غزة، وعقب إعلان محكمة العدل الدولية يوم 19 يوليو/تموز 2024 بأن "وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني"، وأن للفلسطينيين "الحق في تقرير المصير".

إضافة إلى تصويت كنيست (برلمان) دولة الاحتلال يوم 18 يوليو/تموز 2024 بالأغلبية لصالح قرار يرفض قيام دولة فلسطينية، ويدّعي أن "إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل سيشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل".

4 بنود مكررة

لم تختلف البنود الأربعة التي توصلت لها الفصائل الفلسطينية يوم 23 يوليو/تموز 2024، عما سبق أن اتفقت عليه في مؤتمرات سابقة منذ أول اتفاق وهو "إعلان القاهرة" في 19 مارس/آذار 2005.

حيث ظلت الاتفاقيات تؤكد على "وحدة وطنية شاملة"، و"تشكيل حكومة وفاق" و"انتخابات عامة ورئاسية".

لذا جاء "إعلان بكين" في صورة أربعة بنود متعلقة بمتابعة تنفيذ اتفاقيات سابقة لإنهاء الانقسام، أولها الالتزام بـأمر بديهي هو "قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".

والثاني: "حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ونضالها من أجل تحقيق ذلك بكل الأشكال المتاحة"، وفق البيان.

والثالث يرتكز على "تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من "الرئيس" بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، لتمارس سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة (الضفة الغربية والقدس وغزة).

وحدد الاتفاق دور "حكومة الوفاق الوطني المؤقتة" في ثلاثة أمور هي: توحيد المؤسسات كافة في أراضي الدولة الفلسطينية والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة.

والتمهيد لإجراء انتخابات عامة بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت وفقًا لقانون الانتخابات المعتمد.

أما البند الرابع، فأكدت فيه الفصائل على "تنفيذ خطوات عملية لتشكيل المجلس الوطني الجديد (البرلمان الفلسطيني) وفقاً لقانون الانتخابات المعتمد، وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.

https://pbs.twimg.com/media/GTLrZ02XMAAyi7J?format=jpg&name=medium

ورغم نص البيان على أن يتم تشكيل الحكومة الموحدة "بقرار من الرئيس" عباس ما يجعل السلطة الفلسطينية المتآمرة مع الاحتلال لها يد في غزة، فقد رفض الاحتلال هذه الحكومة الموحدة.

لكن صدور القرار قبل زيارة نتنياهو أميركا قد يشكل ضغطا على تل أبيب وواشنطن معا في وقت تحاول فيه إدارة الحزب الديمقراطي تلافي تورط بايدن في دعم إسرائيل لتوحيد الحزب قبل الانتخابات الرئاسية.

وأكدت الفصائل في بيانها، على مقاومة وإفشال محاولات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه خصوصًا في قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان والتوسع الاستيطاني وفقًا للقرارات الدولية.

كما أكدت الفصائل، وفق البيان، سعيها لـ "العمل على فك الحصار الهمجي عن غزة والضفة، وأهمية إيصال المساعدات الإنسانية والطبية دون قيود أو شروط"، ودعم وإسناد "الصمود البطولي" للشعب الفلسطيني ومقاومته، وإعمار ما دمره الاحتلال ودعم عائلات الشهداء والجرحى وكل من فقد بيته وممتلكاته.

https://pbs.twimg.com/media/GTKncPfXcAAUSQc?format=jpg&name=large

ونقلت وكالة "رويترز"، 23 يوليو/تموز 2024، عن محللين أن "الاتفاق سيكون صعب التنفيذ، مع تعقيدات من بينها العداوة العميقة بين الفصائل الفلسطينية والمعارضة الغربية لحماس التي تمنعها من لعب أي دور في الحكم".

وذكرت أنه لذلك "لم يتم الإعلان عن جدول زمني للتنفيذ"، إلا أن الأمين العام لحزب "المبادرة الوطنية الفلسطينية" مصطفى البرغوثي، قال إن "الفصائل ستبدأ وبشكل فوري تطبيق اتفاق المصالحة الموقع في بكين بخطوات عملية".

وذكر البرغوثي، وهو أحد الموقعين على الاتفاق، أن "رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيبدأ وبشكل فوري مشاورات مع الفصائل كافة لتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، لمعالجة آثار الانقسام والخروج بالقضية الفلسطينية من مأزقها جراء استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا وخاصة حرب الإبادة في قطاع غزة".

وأكد البرغوثي أن: "الوقت ينفد، والاحتلال يعمل على تصفية القضية الفلسطينية وتدميرها، ولا خيار أمام الفلسطينيين سوى إنهاء الانقسام".

ونقلت وكالة "رويترز" عن "أشرف أبو الهول"، المتخصص في الشؤون الفلسطينية ومدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، قوله إن "الاتفاقيات المماثلة السابقة لم يتم تنفيذها ولن يحدث شيء دون موافقة الولايات المتحدة".

وأضاف أبو الهول أن "تشكيل حكومة وحدة مع حماس مرفوض من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، وهناك إجماع بين هذه الدول على استبعاد حماس من أي دور في اليوم التالي للحرب".

وأبدي سياسيون وناشطون فلسطينيون قلقهم من مصير هذا الاتفاق بين الفصائل، خشية أن يلقي مصير سابقيه، مؤكدين أن العبرة بالتنفيذ.

وقالت "تهاني مصطفى"، المحللة البارزة للشؤون الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، لشبكة "سي إن إن" 23 يوليو/تموز 2024 إن معظم الفلسطينيين سيستقبلون الأخبار المتعلقة بالمصالحة "بالحذر والتشاؤم المعتادين".

وأرجعت ذلك إلى "عدم تناول القضايا الرئيسة التي ثبت أنها عقبات أمام المصالحة في الماضي، وبالتالي عدم الخروج بشيء جوهري من هذا".

وأوضحت أن "العقبة الكبرى حتى الآن كانت (رئيس السلطة الفلسطينية وزعيم فتح) محمود عباس (و) إحجامه المطلق عن التخلي بأي شكل من الأشكال عن احتكاره للسلطة"، مؤكدة أن حماس لا تعارض منظمة التحرير ولكن تطلب تمثيلها داخلها.

وقالت ديانا بوتو، المحامية الفلسطينية في مجال حقوق الإنسان ومستشارة عباس السابقة، لصحيفة "واشنطن بوست" 23 يوليو 2024 "إن الخطر الآن هو أن عباس البالغ من العمر 88 عاما سوف يهمش جهود المصالحة كما فعل في الماضي".

وأضافت أنه سيفعل هذا "إما تحت ضغط من إسرائيل والولايات المتحدة لتهميش حماس أو بسبب رغبته في البقاء في السلطة. السبب وراء عدم موافقته (عباس) على هذا في الماضي هو خوفه من أن يتم استبعاده".

تحدي إسرائيل وأميركا

لكن وفق خبراء، فإن مجرد الاتفاق على توحيد الفصائل وإعلانها تشكيل حكومة "وحدة وطنية مؤقتة" لإدارة شئون غزة والضفة والقدس معا، يشكل إنجازا هاما، في وقت يجري فيه الغرب مع إسرائيل ترتيبات لـ "اليوم التالي" لحكم غزة، ويضع خططا مشبوهة.

لذا رحبت حركة حماس بالإعلان، قائلة إنه يشكل "سدا منيعا أمام كل التدخلات الإقليمية والدولية التي تسعى إلى فرض حقائق ضد مصالح شعبنا، في إدارة الشأن الفلسطيني بعد الحرب".

وقال حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة حماس في بيان إن "أهم نقاط الاتفاق كانت تشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني تدير شؤون شعبنا في غزة والضفة".

وأشار، عبر قناة الأقصى التابعة لحماس، على تليجرام، إلى "التوافق على المطالب الفلسطينية المتعلقة بإنهاء الحرب والعدوان الهمجي، وهي "وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، والإغاثة، والإعمار".

وشدد بدران على أن "هذا الحل من وجهة نظرنا يمثل الحل الوطني الأمثل والأنسب للوضع الفلسطيني بعد الحرب".

ولأن هذا التوافق الفلسطيني ينسف خططها، أبدت إسرائيل اعتراضها، وهاجم وزير الخارجية "يسرائيل كاتس" الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقابلة تلفزيونية، زاعما أنه احتضن "قتلة ومغتصبي حماس" بدلاً من "رفض الإرهاب".

الغريب أن حكومة رام الله كانت تهاجم حماس قبل 10 أيام فقط من الاتفاق وتعدها مسؤولة عن جرائم الاحتلال، لأن مقاتليها يختبئون بين المدنيين، وكانت تل أبيب سعيدة بهذا الانقسام.

وسخرت إسرائيل من البيان بين فتح وحماس الذي يقضي بـ "إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة" وانتقدت حركة فتح بزعامة عباس، لتوقيعها اتفاقا مع حركة حماس بشأن مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر منصة "إكس" يزعم: "هذا لن يحدث لأن حكم حماس سيُسحق، وسينظر عباس إلى غزة عن بعد".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن هدفه هو تدمير حركة حماس وأنه يعارض أن يكون لها أي دور في إدارة غزة بعد الحرب.

كما اعترضت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي ترفض سعي الفلسطينيين إلى إقامة دولة مستقلة، على عودة السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة، وهي الفكرة التي تدعمها واشنطن وحلفاؤها العرب "المعتدلون"، بغرض إنهاء حكم حماس.

تواطؤ إماراتي

تزامن قرار الفصائل الفلسطينية بشأن المصالحة الجديدة، وترتيبات حكم كل الأراضي المحتلة، بما فيها غزة، مع الكشف عن اجتماع سري عُقد في أبو ظبي يوم 18 يوليو/تموز 2024، لوضع ترتيبات مشبوهة لحكم غزة بقيادة الإمارات.

الاجتماع السري الذي كشف عنه الصحفي الإسرائيلي "باراك ريفيد" في صحيفتي "أكسيوس" الأميركية، وموقع "واللا" الإسرائيلي 23 يوليو/تموز 2024، جمع بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإماراتيين.

اللقاء الذي عقد في أبو ظبي حضره مستشار الرئيس بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد.

كما حضره اثنان من كبار المسؤولين في وزارة الحرب الإسرائيلية، كانا يعملان على مقترحات تتعلق باليوم التالي للحرب على غزة، مع الوفد الصهيوني إلى أبو ظبي.

كان الهدف من الاجتماع السري "بحث خطط لليوم التالي بعد الحرب على غزة"، حسبما نقل عن مسؤولين إسرائيليين اثنين، وعرضت فيه الإمارات إرسال قوات لغزة.

وبحسب موقع "أكسيوس"، يريد الإماراتيون أن يكونوا جزءًا من الحل في غزة، والذي لن يشمل حركة حماس، لكن لديهم تحفظات كبيرة على القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية.

وقال نتنياهو إنه يريد أن تكون الإمارات جزءا من خطة "اليوم التالي" بعد الحرب على غزة، وأن ترسل جنودا وتدفع أموالا لإعادة إعمار غزة وتغيير المناهج الدراسية فيها ونزع التطرف"، بحسب "أكسيوس".

وقبل يوم واحد من وصول الإسرائيليين إلى أبو ظبي، عرض الإماراتيون تصوراتهم لليوم التالي للحرب في مقال رأي كتبته المبعوثة الخاصة لوزير الخارجية الإماراتي لانا نسيبة.

"نسيبة" قالت في مقالها بصحيفة "فايننشال تايمز"، 17 يوليو/تموز 2024 إنه يجب نشر قوة دولية مؤقته في قطاع غزة، لحل الأزمة الإنسانية وفرض الاستقرار وأن تشكل هذه القوة أساسا لحكم جديد. 

وقالت للصحيفة لاحقا، بالتزامن مع الاجتماع الثلاثي في أبو ظبي، إن الإمارات مستعدة للمشاركة في القوة الدولية وإرسال قوات إلى غزة، بموافقة السلطة الفلسطينية.

لكنها وضعت شروطا منها: أن تدخل القوة الدولية غزة بدعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، وإجراء إصلاحات كبيرة في سلطة رام الله، وتعيين رئيس وزراء جديد يتمتع بالسلطة والاستقلالية.

وأن تسمح الحكومة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية بلعب دور في حكم غزة، والموافقة على عملية سياسية قائمة على حل الدولتين.

10 مؤتمرات مصالحة

تشهد الأراضي الفلسطينية انقساما سياسيا منذ ما يزيد على 15 عامًا، حيث تدير حركة حماس قطاع غزة، فيما تسيطر حكومة تابعة لحركة فتح بقيادة الرئيس عباس على الضفة الغربية.

وقد عقدت الفصائل الفلسطينية اجتماعات متعددة على مر السنين، منذ 2005 وحتى 2023، لكنها لم تُثمر عن نتائج ملموسة تعيد الوحدة الوطنية.

وفيما يأتي أبرز 9 اجتماعات للمصالحة أحصتها "الاستقلال"، وتضمنت الاتفاقيات بنودا مشابهة لإعلان بكين الأخير الذي يعد عاشر اجتماع واتفاق مصالحة.

لكن هذه الاتفاقيات لم تتحقق بسبب تراجع السلطة الفلسطينية وارتمائها في أحضان الاحتلال وقناعتها أن أي انتخابات فلسطينية قادمة ستأتي بحماس لحكم الضفة الغربية وهو ما يرفضه الغرب وإسرائيل. 

"اتفاق مكة" 8 فبراير/شباط 2007: وفيه وقعت فتح وحماس برعاية ملك السعودية آنذاك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، على اتفاق مصالحة يقضي بإيقاف أعمال الاقتتال الداخلي في قطاع غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

"إعلان صنعاء"، في 23 مارس/آذار 2008، حيث وقعت حماس وفتح اتفاقا للمصالحة، دعا إلى عودة قطاع غزة إلى حالة ما قبل يونيو/حزيران 2007، لكن ظهر الخلاف حول التفسير على الفور. 

حيث طالبت فتح حماس بالتخلي عن سيطرتها على غزة أولا وطالبت حماس بإعادة حكومة الوحدة وضمنها حماس أولا. 

"الورقة المصرية" سبتمبر/أيول 2009، وجاءت بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، وتضمنت نفس البنود لإنهاء الانقسام الفلسطيني وحكومة وحدة وطنية.

"اتفاق القاهرة" في 4 مايو/أيار 2011: وتضمن حوارا شاملا لمعالجة القضايا كافة التي نجمت عن حالة الانقسام الفلسطيني، وتم تشكيل لجان رئيسة لإتمام مقتضيات المصالحة.

هذه اللجان هي: الانتخابات، والمصالحة المجتمعية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والحريات العامة وبناء الثقة، وتفعيل المجلس التشريعي، وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية لتدخل فيها الفصائل غير الممثلة مثل حماس والجهاد الإسلامي.

"اتفاق الدوحة" 6 فبراير/شباط 2012: ووقعه الرئيس الفلسطيني عباس وخالد مشعل بهدف “تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية”، ونص على "تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية".

كما نص على تشكيل حكومة توافق وطني من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة عباس، تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء في إعمار غزة، واستمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها بعد اتفاق القاهرة.

"اتفاق الشاطئ" 23 أبريل/نيسان 2014، وعُقد في منزل إسماعيل هنية في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة توافق فلسطينية، على أن يعقبها بستة أشهر إجراء انتخابات، لكن ذلك لم يحدث أيضا.

"اتفاق القاهرة" في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وفيه توصلت فتح وحماس إلى اتفاق برعاية مصرية لـ"تمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي المسؤوليات كافة في غزة، وتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر".

وسبق هذه التطورات إعلان حركة حماس يوم 17 سبتمبر/أيلول 2017 حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى القطاع وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا، إضافة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.

لكن الطموحات النبيلة للاتفاق انهارت بسرعة، فعندما زار رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله غزة في مارس/آذار 2018، تعرض لمحاولة اغتيال مشبوهة عندما انفجرت قنبلة بالقرب من موكبه. 

وحملت حركة فتح، حماس المسؤولية عن الهجوم على الفور، إلا أن مصادر فلسطينية قالت إن الانفجار من فعل عملاء الاحتلال لدق إسفين وإفشال الاتفاق.

"إعلان الجزائر" 13 أكتوبر 2022، ووقعه 14 فصيلًا فلسطينيًا، منهم فتح وحماس كجزء من عملية المصالحة بين الفصيلين.

كما تم تشكيل لجنة" لإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية في ختام اجتماعها في مصر، وهو ما أطبق عليه "اجتماع العلمين" في مصر 30 يوليو/تموز 2023، وفيه توصلت الفصائل الفلسطينية إلى "تشكيل لجنة" بهدف "إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة"، حسبما قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في البيان الختامي. 

وحضر زعيم حماس إسماعيل هنية على رأس وفد من الحركة وقاطعت الاجتماع ثلاث حركات، هي الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة ومنظمة الصاعقة الفلسطينية.

رفض إسرائيلي

وأحبطت إسرائيل باستمرار المصالحة بين فتح وحماس، ففي عام 2009 على سبيل المثال قال بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لن تسمح بالسلام مع حماس ولا يمكن أن تقبل حماس كشريك تفاوضي. 

وفي عام 2012 أعلن مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب سوف تقطع علاقاتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية إذا جلبت حماس إلى حكومتها، ردا على اتفاق الدوحة في فبراير/شباط 2012 وإعلان حكومة انتقالية موحدة من تكنوقراط غير تابعين للفصائل.

وبعد اتفاق القاهرة في أبريل/نيسان 2011 قال نتنياهو: "على السلطة الفلسطينية أن تختار السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس".

وفي 30 يونيو/حزيران 2011، أعرب الرئيس عباس عن قلقه إزاء حكومة الوحدة بسبب المعارضة الدولية خاصة من الولايات المتحدة ضد حكومة مشاركة مع حماس، واقترح أن يتم تأجيل مثل هذه الحكومة لحين تصويت الأمم المتحدة على إقامة الدولة.

كما ظل الرئيس عباس يتعرض باستمرار لضغوط إسرائيلية وأميركية وأوروبية لمنع المصالحة بين فتح وحماس، ففي سبتمبر/أيلول 2013 اعترف عباس بأنه كان تحت ضغط من الولايات المتحدة وإسرائيل لعدم تحقيق الوحدة مع حماس. 

وقال عضو المجلس التشريعي الفلسطيني لحركة حماس "أنور زبون" إن كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعترضان بالنقض (الفيتو) على المصالحة.

وحتى حين أنشئت حكومة الوحدة الفلسطينية في يونيو/حزيران 2014 مع عدم وجود وزراء من حماس أدانت إسرائيل حكومة الوحدة وفرضت عقوبات على الحكومة الجديدة للسلطة الوطنية الفلسطينية وأنهت محادثات السلام مع عباس.

ومن الوسائل الفعالة للضغط التي كثيرا ما تستخدمها إسرائيل حجب الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث عاقبت إسرائيل بشكل جماعي الفلسطينيين على سبيل المثال عقب تشكيل حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية عام 2006 وحكومة عام 2007 المتعاقبة بعد اتفاق المصالحة في مايو/أيار 2011 وبعد طلبات الأمم المتحدة بحجب الأموال عنها.

مكسب للصين

يمثل هذا الاتفاق الجديد انتصارا دبلوماسيا لبكين ويوضح نفوذ الصين المتزايد في الشرق الأوسط، بعد أن توسطت في اتفاق سلام تاريخي بين الخصمين الإقليميين القديمين المملكة العربية السعودية وإيران عام 2023.

ووصف الدكتور عبد الله الشايجي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت نجاح بكين في توحيد الفصائل الفلسطينية بأنه "يؤسس لدور متصاعد للصين في الشؤون وحل الأزمات العربية والشرق أوسطية".

وعده "استمرارا لهامشية الدور العربي وحتى الغربي في حل النزاعات الإقليمية"، متسائلا: "أين الوسطاء العرب وجامعتنا العربية المهمشة من الوساطة بين فتح وحماس؟!".

وأرجع التلفزيون الألماني "دويتش فيله" 23 يوليو/تموز 2024 دور الصين في المصالحة الفلسطينية بأنها "تروج لنفسها كصانع سلام في الشرق الأوسط".

فبعد وساطتها بين السعودية وإيران، سعت بكين إلى رأب الصدع بين حركتي "فتح" و "حماس" الفلسطينيتين.

وحول أهداف الصين من وراء ذلك، نقل التلفزيون الألماني عن خبراء تأكيدهم أن بكين تحاول أن تحقق بالمصالحة الفلسطينية "انتصارا دبلوماسيا كبير للصين التي تسعى لأن تكون وسيط سلام دوليا بديلا عن الولايات المتحدة."

و"تصور الصين نفسها وكأنها صانعة للسلام في مواجهة ما تزعمه من دور أميركي مزعزع للاستقرار، وهذا يمثل هدفا ذا أولوية للصين، حسبما قالت بوني غلاسر، المديرة التنفيذية لبرنامج المحيطين الهندي والهادئ في صندوق مارشال الألماني لـ "DW".