مقاتلات "سو-35 " وبطاريات "إس 400".. هل تحمي إيران من أميركا وإسرائيل؟
"انهارت حاليا الخطوط الحمراء بين إيران وإسرائيل"
لكسب مزيد من الدعم الغربي، تروج وسائل إعلام إسرائيلية ادعاءات مفادها بأن روسيا تخطط لتسليم أسلحة متطورة إلى إيران تتمثل في طائرات مقاتلة من طراز سوخوي سو-35 وبطاريات لأنظمة الدفاع الجوي "إس-400".
وفي تفاعلها مع هذه الادعاءات، تطرقت مجلة إيطالية إلى البعد التكتيكي والسياق الإستراتيجي لصفقة كهذه خصوصا أنها تأتي في وقت يستعد فيه الاحتلال لضرب أهداف إيرانية عقب هجوم الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، انتقاما لاغتيال حسن نصر الله وإسماعيل هنية.
وترى مجلة "فورميكي" أن تسلح طهران بهذه الأسلحة من شأنه أن "يغير بشكل كبير اختلال التوازن العسكري في المنطقة لصالح إسرائيل".
بعد تكتيكي
تقول المجلة إن سوخوي سو-35 واحدة من أكثر المقاتلات متعددة الأدوار تطورا التي تنتجها روسيا، فهي مجهزة بتقنيات جو-جو وجو-أرض متطورة، لذلك من المنتظر أن تزيد من قدرات إيران الجوية.
خصوصا أن هذا القطاع تأثر بشدة لعقود من الزمن بسبب العقوبات الدولية، وكذلك الاعتماد على مقاتلات ما قبل الثورة.
فيما تشكل بطاريات "إس 400" واحدة من أكثر أنظمة الدفاع الجوي فعالية في العالم خاصة أنها قادرة على اعتراض الصواريخ والطائرات على مدى بعيد.
وتجزم المجلة بأن تركيب هذه الأنظمة من شأنه أن يعقد بشكل كبير أي محاولة من جانب إسرائيل وحلفائها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، شن هجمات ضد أهداف إستراتيجية إيرانية.
ونقلت المجلة عن صحيفة معاريف الإسرائيلية دعوتها إلى ضرورة الإسراع بتنفيذ الهجوم الإسرائيلي المخطط له ضد طهران قبل أن تعزز الأنظمة الروسية قدرات الدفاع الجوي الإيرانية.
ووفقا لبعض الوثائق التي سربتها المخابرات الأميركية، تعمل إسرائيل على تسريع استعداداتها العسكرية لهجوم محتمل ضد إيران.
وكشفت هذه التسريبات أن سلاح الجو الإسرائيلي أجرى في الفترة من 15 إلى 16 أكتوبر 2024، تدريبات واسعة النطاق لمحاكاة هجمات على أهداف إيرانية، باستخدام الصواريخ الباليستية طويلة المدى وعمليات سرية تستخدم فيها مسيرات.
وتضمنت هذه التدريبات تحريك ما لا يقل عن 16 صاروخا من طراز "غولدن هورايزون" و40 صاروخا من طراز ISO2 Rocks، في إطار عمليات جرى تنفيذها في قواعد هاتسور ورمات ديفيد ورامون الجوية.
ويقيم تقرير مسرب من وكالة "الاستخبارات الجيومكانية الوطنية" الأميركية أيضا عدة مؤشرات للنشاط العسكري الإسرائيلي الذي يستهدف إيران.
مشيرا إلى أن إسرائيل تزيد من عملياتها الدفاعية خاصة بالطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية.
ولوحظ كذلك إجراء قوات خاصة إسرائيلية استعدادات عملياتية متوسطة المستوى، ما يوحي بالاستعداد المحتمل لهجمات مستهدفة.
سياق إستراتيجي
في السياق الإستراتيجي، توضح فورميكي أن تزويد إيران بمثل هذه الأنظمة العسكرية يشكل خيارا إستراتيجيا لموسكو من شأنه أن يخل بشكل نهائي بتوازن العلاقات مع إسرائيل.
ومن خلال تعزيز قدرات طهران الدفاعية والهجومية، تضحي موسكو، بحسب المجلة، بشريك مهم مثل إسرائيل التي حافظت معها على علاقات حساسة خاصة في سوريا.
وترى المجلة أن تسليم هذه الأسلحة قد يندرج في إطار سداد فاتورة الدعم الإيراني في أوكرانيا لا سيما أن الطائرات بدون طيار والصواريخ إيرانية الصنع تلعب دورا أساسيا في استمرار الغزو الذي انطلق في فبراير/ شباط 2022.
وإيران، بحسب المجلة الإيطالية، في مرحلة حرب شبه مباشرة ضد إسرائيل التي تستهدف "نظام الردع الذي بناه الحرس الثوري على مر السنين، أي المليشيات الشيعية الإقليمية التي تشكل محور المقاومة".
وأكدت أن "اكتساب المزيد من القدرات العسكرية سيسهم جزئيا في إعادة بناء التوازن، بعد أن انهارت حاليا الخطوط الحمراء التي سمحت لعقود من الزمن بتجنب اندلاع حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل".
وأشارت إلى أن اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الإيراني مسعود بيزشكيان في عشق آباد، عاصمة تركمانستان في أكتوبر 2024، "شكل علامة فارقة مهمة في تعزيز العلاقات بين البلدين".
وركزت مباحثات الزعيمين، اللذين يخضع بلدهما لعقوبات غربية شديدة، على التعاون الثنائي المتنامي وأكدا تقارب وجهات النظر بشأن القضايا الدولية ومعارضتهما المشتركة للسياسات الأميركية.
وقالت المجلة إن بوتين يركز على التحالفات مع دول "الشرق العالمي" و"الجنوب"، بما في ذلك إيران، في "الصراع الوجودي" الذي يقوده ضد الغرب.
وقد تكثف التعاون العسكري بين روسيا وإيران خاصة بعد غزو أوكرانيا في عام 2022 حيث قامت طهران بتزويد روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ.
ورغم هذه العلاقات الوثيقة، ترى المجلة أن التزام روسيا بدعم إيران له حدود واضحة خاصة أن نشوب حرب واسعة النطاق لا يصب في مصلحة الروس.
هذا على الرغم من "استفادة موسكو من العداء بين إيران وإسرائيل لا سيما أنه قد يصرف انتباه الغرب عن الصراع في أوكرانيا"، وفق المجلة.
وتضيف أن التصعيد الذي قد يشمل إسرائيل والولايات المتحدة بشكل مباشر، يهدد أهداف روسيا الجيوسياسية في الشرق الأوسط خاصة وضعها في سوريا.
وهذا ما يفسر النهج المتوازن لبوتين على المستوى الدبلوماسي الدولي، فهو يواصل تقديم الدعم العسكري والتكنولوجي لطهران.
لكنه على حد تعبير المجلة، يتجنب وسيفعل ذلك على الأرجح في المستقبل، إثارة صراع من شأنه أن يضعف إيران بشكل كبير وينطوي كذلك على مخاطر تقويض العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج خاصة السعودية والإمارات.