فاز حزب شولتز لكن اليمين اكتسب قوة.. ماذا تعني نتائج انتخابات شرق ألمانيا؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

لم يفز اليمين المتطرف في انتخابات ولاية براندنبورغ شرقي ألمانيا، لكنه مازال يكتسب قوة في تلك المنطقة التي يلعب فيها على وتر غياب المساواة. 

وتحديدا، تضع الانتخابات الإقليمية حزب البديل من أجل ألمانيا في محل القوة الأكثر أهمية على قدم المساواة مع الأغلبية السابقة: الديمقراطيون الاشتراكيون والديمقراطيون المسيحيون، وفق ما تقول صحيفة  الدياريو الإسبانية.

وحل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار الألماني أولاف شولتس، بالمركز الأول في انتخابات براندنبورغ.

المركز الأول

فوفق النتائج النهائية الأولية التي صدرت في 22 سبتمبر/أيلول 2024، حصل  الحزب الاشتراكي الديمقراطي على المركز الأول بنسبة 30,9 من الأصوات (مقابل 26.2 بالمئة في انتخابات 2019).

وجاء حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي ثانياً بنسبة 29,2 (مقابل 23.5 في انتخابات 2019).

وحصل حزب (تحالف سارة فاغنكنيشت) حديث التأسيس على 13,5 بالمئة، أي المركز الثالث. 

في المقابل حصل حزب المستشارة السابقة أنغيلا ميركل (المسيحي الديمقراطي)، الذي يتزعم المعارضة في ألمانيا  على 12,1 والمركز الرابع (مقابل 15.6 بالمئة في انتخابات 2019). 

وقبلها بثلاثة أسابيع، فاجأ الحزب الائتلاف الحاكم بتصدره نتائج الانتخابات لأول مرة على الإطلاق في ولاية تورينغن (شرقا)، وحلوله في المركز الثاني بفارق ضئيل في ولاية ساكسونيا المجاورة.

وبالرغم من نجاحه في صناديق الاقتراع، فإنه من غير المرجح أن يتولى حزب البديل من أجل ألمانيا السلطة في أي ولاية، لأن جميع الأحزاب الرئيسة الأخرى استبعدت حتى الآن الدخول في تحالف حاكم معه.

وقالت صحيفة الدياريو الإسبانية إن عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي رئيس وزراء ولاية براندنبورغ، ديتمار فويدكي، أعرب في خطابه بعد الفوز في الانتخابات الإقليمية عن ارتياحه لتحقيق هذا الهدف المتمثل في تجنب انتصار حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي ينتمي إلى اليمين الراديكالي. 

ورغم عدم تفوقها، لم تحصل القوة اليمينية المتطرفة على المركز الثاني في هذه الانتخابات فحسب، بل حصلت أيضا على أكبر عدد من الأصوات في قطاعات واسعة من المجتمع، مثل الشباب والعمال والقطاعات الريفية. 

ومن هنا، تشير الاتجاهات التي لوحظت في الانتخابات الإقليمية بداية سبتمبر في المناطق الشرقية الأخرى إلى أن البديل من أجل ألمانيا هو حاليا الحزب السياسي الأكثر أهمية في أراضي جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. 

ونقلت الصحيفة أن نسبة 29.2 بالمئة التي حصل عليها حزب البديل من أجل ألمانيا تعد من بين أفضل ثلاث نتائج تاريخية للحزب. 

وقد ظفر الحزب أيضا بنسبة 30.6 بالمئة في ولاية ساكسونيا، وبنسبة 32.8 بالمئة في تورينغن. 

وتشير استطلاعات الرأي في بقية المناطق الشرقية إلى أن نية التصويت تقترب أيضا من 30 بالمئة.

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يحقق أي حزب آخر هذه الأرقام في المنطقة بأكملها. 

وعلى الرغم من أن ذلك يرجع إلى عدة أسباب، فمن الممكن تحديد ثلاثة أمور أساسية تفسر هذه النتائج.

خوف وغضب وإحباط

وأشارت الصحيفة إلى أن أحزاب اليمين المتطرف تتميز في مختلف أنحاء العالم بقدرتها على استغلال السخط الشعبي. 

وهنا، لا يعد حزب البديل من أجل ألمانيا استثناءً؛ كما أنه يجد في المناطق الشرقية أرضا خصبة لخطاباته. 

في هذه المنطقة تحديدا، ينعكس الإحباط في قطاعات واسعة؛ حيث يشعر ما بين 67 و75 بالمئة من ناخبي الشرق بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.

ونقلت الصحيفة أن عدم المساواة بين جمهورية ألمانيا الديمقراطية القديمة وغرب البلاد لا يزال قائما بعد مرور 33 سنة على إعادة التوحيد.

وهي حقيقة لا تلاحظ من الجانب المادي فقط، حيث إن أجر نفس العمل في الشرق أقل بنسبة 25 بالمئة، وفقا لمكتب الإحصاء الفيدرالي، ولكنه ينعكس أيضا في تركيبة النخب.

ونوهت الصحيفة بأن تمثيل الألمان المولودين في الشرق في مناصب صنع القرار ذات الأهمية، سواء في القطاعين العام أو الخاص، ضئيل مقارنة بمواطني غرب البلاد. وقد استغل اليمين المتطرف هذا المعطى، واستثمر في هذا الشعور بالظلم. 

وفي خطاباته، وجد اليمين المتطرف المذنب الذي حمله مسؤولية عدم التكافؤ هذا، وهي بقية الأحزاب التي تدير ظهرها للشعب.

 ومن الأمثلة الصارخة على هذا الخطاب الشعبوي التقليدي كلمات زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا “أليس فايدل”.

وقالت فايدل: "هناك حزبان: حزب البديل من أجل ألمانيا والآخرون". وأوضحت الصحيفة أن الخوف هو السبب الثاني الذي يعزز قوة اليمين المتطرف. 

ويعول حزب البديل على خطاب استقطابي يعمل من خلاله أيضا على بناء مشهد من الانحطاط الأخلاقي يلعب العامل القومي دورا رئيسا فيه. 

وتحديدا، يُرجع حالة عدم المساواة إلى وجود "الآخر الاجتماعي"، وهو في هذه الحالة المهاجرون واللاجئون. 

ويؤكد حزب البديل أن ألمانيا تستثمر الموارد في هذه الفئة الدخيلة، مما يؤدي إلى تراجع وتدهور حقوق السكان الأصليين. 

ويعزز خلق هذه المنافسة الوهمية كراهية الأجانب ويعمق حالة عدم اليقين، ومخاوف حول استدامة مستوى المعيشة في البلاد، وفق الصحيفة.

ونتيجة لذلك، يشعر 75 بالمئة من الناخبين الذين يصل دخلهم إلى 1500 يورو بقلق بالغ من أن وضعهم سيتفاقم في المستقبل. 

وهي حقيقة تفسر بطريقة ما سبب حصول حزب البديل على 46 بالمئة من أصوات الذين يعيشون في وضع اقتصادي سيئ في انتخابات براندنبورغ.

ونوهت الصحيفة بأن العامل الأخير يرتبط برفض الحكومة الفيدرالية المكونة من الديمقراطيين الاشتراكيين والليبراليين (الحزب الديمقراطي الحر) والخضر، بقيادة أولاف شولتز. 

وحصدت هذه الحكومة نسبة الشعبية الأدنى في تاريخ ألمانيا، لدرجة أن رئيس وزراء ولاية براندنبورغ ديتمار فويدكي نفسه طلب من المستشار عدم الظهور في المنطقة خلال الحملة الانتخابية. 

وقد نجحت هذه الإستراتيجية؛ ما يترك الشكوك حول ما إذا كان شولتز يستفيد منها حقا أم أنه سينتهي به الأمر إلى اكتساب وصمة العبء السياسي. 

وبرهنت الانتخابات الإقليمية الثلاثة في سبتمبر على أن التصويت لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا مرتبط بالحاجة إلى المعاقبة وإرسال رسالة إلى برلين.

مستقبل ألمانيا

ووسط الفرحة والهتافات العنصرية الصريحة للجمهور الحاضر، أكد مرشح البديل من أجل ألمانيا إثر إعلان النتائج في براندنبورغ: "نحن حزب المستقبل". 

كان يشير هنا إلى حقيقة موجودة في كل فريق من الفرق الثلاث في الشرق.

إذ إن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة يصوتون في الغالب لليمين المتطرف. 

وبفارق يصل إلى 22 نقطة مقارنة بالقوة الثانية، سيطر حزب البديل من أجل ألمانيا على هذه الفئة العمرية. 

ونقلت الصحيفة أن أحد العوامل الحاسمة التي تفسر هذا الوضع، تتعلق بالقدرة الهائلة لليمين المتطرف على تطوير حملة رقمية، خاصة على الشبكات الاجتماعية والتي توجه إلى الشباب. 

وتحديدا، حققت مقاطع فيديو على حساب تيك توك الخاص بالعضو البرلماني الأوروبي، ماكسيميليان كراه، ملايين المشاهدات. 

ويتضمن المحتوى الرقمي الذي ينشره رسائل معادية للأجانب والنساء وقومية متطرفة تستهدف في الغالب مجتمع الشباب.

ويصل هذا النوع من المحتوى إلى الجمهور المستهدف الذي يعاني بالفعل من مشاكل هيكلية مثل عدم المساواة بين المناطق، ونقص فرص العمل وظاهرة هجرة السكان في القطاعات الريفية النائية.

في الإجمال، يُظهر هذا السيناريو أن أحزاب الأغلبية السابقة التي قادت الائتلافات واقترحت مشاريع بها اختلافات أيديولوجية ولكن بقواعد ديمقراطية، تفقد الدعم بنيويا في جميع أراضي ألمانيا الشرقية. 

ولا تستفيد الأحزاب الديمقراطية الأخرى من هذا السقوط، بل يعد اليمين الراديكالي هو المستفيد الأكبر، وفق الصحيفة.