"مليئة بالرسائل غير واضحة المعالم".. ما هدف زيارة رئيس إيران إلى العراق؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

بتعليقات مختلفة حول نتائجها، أجرى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أول زيارة رسمية خارجية له إلى العراق بعد توليه منصبه، على رأس وفد رفيع المستوى في 11 سبتمبر/ أيلول 2024، حيث استمرت لمدة ثلاثة أيام.

ونشر مركز الأبحاث التركي “إيرام” مقالا للكاتب، سرحان أفاجان، ذكر فيه أنه: "رغم أن زيارة بزشكيان كانت طبيعية بالنظر إلى العلاقات المهمة بين البلدين التي تغطي مختلف المجالات، إلا أنه لم يكن من الواضح بالضبط ما هي أجندة الرئيس التي تركز على العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية". 

ولفت الكاتب التركي إلى أن “هذه الزيارة كانت في الأصل على جدول أعمال الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، ولذلك قام بها خليفته بزشكيان”. 

واستطرد: “وهكذا تجنب بزشكيان، الذي سيذهب إلى نيويورك في 22 سبتمبر، للتحدث أمام الأمم المتحدة، المظهر الساخر للقيام بأول زيارة خارجية له إلى الولايات المتحدة”. 

آراء مختلفة

وقال أفاجان: "بشكل عام، يمكن عد رحلة بزشكيان إلى العراق رحلة خارجية مليئة بالرسائل ولكن غير واضحة الهدف". 

وأضاف “يمكن القول إن زيارة بزشكيان للعراق كانت مهمة وأثرت على العلاقات بين طهران وبغداد، خاصة مع كردستان شمال العراق”.

ورأى أن “تواضعه وإتقانه للغة الكردية قد أثر على الصورة العامة له ولإيران في العراق”. 

واستدرك موضحا: “مع ذلك فإن الآراء حول نتائج الزيارة تختلف، حيث يعدها بعض الأشخاص تاريخية ومهمة، في حين يرى آخرون أنها لم تحقق التوقعات المنتظرة”.

وتابع: “فعدم وجود محتوى ملموس في 14 مذكرة تفاهم تم توقيعها، وعدم التطرق إلى ميناء الفاو ومشروع طريق التنمية، وهما من أهم القضايا على جدول أعمال حكومة بغداد، وعدم لقائه سوى بجزء محدود من الأطراف السياسية ومحاولته الفاشلة لتحقيق التوازن بين السليمانية وأربيل كلها أمور لم تكن مفهومة”.

ولدى عودته إلى بلاده في 13 أيلول، قال بزشكيان: "أجرينا مشاورات مفيدة مع رؤساء الجمهورية والوزراء ومجلس القضاء الأعلى وبعض السلطات والشخصيات العراقية الأخرى من أجل التوصل إلى لغة ورأي مشتركين في الاتصالات والتفاعلات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية". 

وذكر  أنهما "وقّعا 14 مذكرة تفاهم، وأن إحدى النتائج المهمة للزيارة كانت التوافق الذي توصل إليه القادة لإنشاء فريق عمل من الخبراء لتطوير البرنامج الإستراتيجي الشامل طويل الأجل الذي يريدون توقيعه بين البلدين".

وأضاف بزكشيان: "آمل أن نتمكن من توقيع هذه الوثيقة في اجتماعنا المقبل مع رئيس وزراء العراق".

14 مذكرة

وعلق الكاتب التركي: “في هذه المرحلة، تجدر الإشارة إلى أنه لم تتم مشاركة أي معلومات حول تفاصيل البرنامج المعني”. 

وأضاف “لم تقدم أي معلومات سوى أن مذكرات التفاهم الـ14 الموقعة تغطي مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والمجتمع والفن والإعلام والهندسة التقنية والتجارة والنقل والسياسة والرياضة والزراعة وزيارة الأماكن المقدسة”.

فيما أعرب بزشكيان الذي التقى أيضا برجال أعمال ودوائر أعمال عراقية عن مقترحه بتخفيف القيود على الحدود، وذلك من خلال الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي من أجل تعزيز التفاعل والعلاقات مع دول المنطقة، وجعل الأنشطة الاقتصادية والتجارية والثقافية أكثر راحة. 

ولفت الكاتب النظر إلى أنه "تم تجاهل مشروع طريق التنمية الذي بذلت العراق جهودا كبيرة لتنفيذه بالتعاون مع تركيا والإمارات وقطر".

ورأى أن "موقف بزشكيان لا شك أنه كان اختيارا واعيا، فمن المعروف أن إيران غير راضية عن هذا المشروع بشكله الحالي".

في الواقع، في مقابلته في 10 سبتمبر أدلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بتصريحات حول هذا الموضوع كانت دبلوماسية تماما، لكنها تضمنت رسائل واضحة جدا بين السطور.

وقال وزير الخارجية الإيراني إنهم يرحبون بتطور العراق ويتابعون التطورات في نطاق المشروع، مشيرا إلى أن مثل هذا المشروع "سيكون له بطبيعة الحال عواقب إقليمية تتجاوز ذلك البلد وتؤثر على دول أخرى".

واسترسل: "نتوقع مشاورات أوثق بين هذا البلد وجيرانه في المنطقة، إن نصيحتنا وتوقعاتنا للمشاريع ذات البعد 

الإقليمي هي التشاور والتعاون الأوثق".

موقف تركي

وقال أفاجان: "مما لا شك فيه أن الجزء الأكثر أهمية في زيارة بزشكيان إلى العراق كان زيارته إلى إقليم كردستان، وخاصة إلى السليمانية". 

وشدد على أنه “يجب تقييم هذه الزيارة في سياق انتقاد طهران لتردد العراق في السيطرة على العناصر الإرهابية على الحدود وعمليات تركيا المستمرة لمكافحة الإرهاب”. 

وتابع: "بدأ بزشكيان زيارته إلى السليمانية بزيارة قبر جلال طالباني، الرئيس السابق للاتحاد الوطني الكردستاني والرئيس العراقي السابق، وكتب في مذكراته: إلى تضحيات وأنشطة هذا الرجل العظيم... دعونا نحترم إيمانه بالتعاون مع إيران الحبيبة". 

وقال الزعيم الحالي للاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، وهم الذين يعدون أنفسهم "جزءا من الأمة الإيرانية"، في بيان مشترك مع بزشكيان "نعتقد أنه حتى لو حاولنا لألف عام، فلن نكون قادرين على إنصاف حب وحماية جمهورية إيران". 

وعلق الكاتب: "رغم موقف تركيا السلبي تجاه الاتحاد الوطني الكردستاني وبافل طالباني، اللذين يمتلكان صلات وثيقة بحزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، والانتقادات الواضحة من قبل كبار المسؤولين الأتراك خاصة وزير الخارجية هاكان فيدان لهذه الصلات، إلا أنه يبدو أن طهران لا تعطي أهمية كبيرة لمخاوف أنقرة في مكافحة الإرهاب".

واستطرد: "في واقع الأمر، فإن حقيقة أن بزشكيان لم يذكر إرهاب حزب العمال الكردستاني بأي شكل من الأشكال في تصريحاته خلال زيارته للعراق هي مؤشر آخر على ذلك".

وأضاف: "لم تتمكن تركيا وإيران من إيجاد أرضية مشتركة في العراق، وتستمر المسافة بين نهج البلدين في الاتساع، وأهم مثال على ذلك هو مكافحة الإرهاب". 

مصالح مؤجلة

ومن خلال مخاطبة بافل طالباني، الذي تستهدفه تركيا بسبب علاقاته الوثيقة مع حزب العمال الكردستاني/حزب الاتحاد الديمقراطي، على المستوى الرئاسي، “أظهرت إيران لتركيا بأوضح طريقة ممكنة أن موقفها لن يتغير”، يقول أفاجان.

واستطرد: “لذلك، رغم أنه من المعروف أن تعاون تركيا وإيران في مكافحة الإرهاب سيكون له نتائج إيجابية للغاية، فقد لوحظ مرة أخرى أن احتمال حدوث ذلك ضعيف للغاية”. 

ويرى أن “إيران ستستمر على هذا الموقف في المستقبل، وستواصل جهودها لمنع نفوذ تركيا في العراق من الازدياد من خلال مشروع طريق التنمية”.

ولفت الكاتب التركي النظر إلى "ضرورة التحدث عن مشكلة المياه، فهناك خلافات بين إيران والعراق حول المياه العابرة للحدود، والتي من الممكن أن تؤدي إلى زيادة المشاكل في المستقبل بسبب سياساتهم المائية غير المخطط لها". 

وأضاف “في الوقت نفسه، توجه إيران انتقادات لا أساس لها لتركيا فيما يتعلق بمياه نهري دجلة والفرات، خاصة سد إليسو”. 

وفي مقابلته، قال عراقجي إن "الخلافات بين بغداد وأنقرة حول هذا الموضوع تختلف عن تلك التي بين بغداد وطهران من حيث الكمية والنوعية".

وتابع: "على حد علمي أن أقل من 7 بالمئة من المياه التي تدخل العراق من الخارج تأتي من إيران"، ويرى أن "المشكلة الحقيقية هي بين أنقرة وبغداد". 

وختم الكاتب مقاله قائلا: "رغم أن زيارة بزشكيان إلى العراق برزت في المقدمة برسائلها بدلا من إنجازاتها الملموسة، إلا أن تركيا بحاجة إلى أخذ هذه الرسائل على محمل الجد، لأنها تحتوي على بيانات مهمة لأمن تركيا ومصالحها".