"استخدام حفتر كأداة".. ماذا يعني وصول أسلحة روسية إلى شرق ليبيا؟
حصلت مجلة إيطالية على معلومات من مصادرها الخاصة تفيد بوصول شحنة أسلحة روسية إلى شرق ليبيا الواقع تحت سيطرة الانقلابي حليف الروس، خليفة حفتر.
وفي تعليقه لمجلة "فورميكي" التي نقلت هذه المعلومات، رجح مدير مبادرة شمال إفريقيا والباحث في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلنطي، كريم ميزران، أن تكون غاية موسكو من نقل هذه الأسلحة "فتح جبهة جديدة في البحر المتوسط لإضعاف حلف شمال الأطلسي (الناتو)".
وقال ميزران إنه "إذا تأكد ذلك، فقد يعني أن موسكو تعتزم تقوية حفتر وفتح جبهة جديدة وسط البحر الأبيض المتوسط، ضد أوروبا وحلف شمال الأطلسي".
وبحسب هذه "المعلومات السرية"، "تصل كميات كبيرة من المعدات العسكرية الثقيلة الروسية تضم دبابات وعربات مدرعة، لليبيا وتحديدا إلى الجانب الشرقي من البلاد الذي يسيطر عليه عسكريا بشكل أو بآخر أمير الحرب في بنغازي، حفتر".
معدات متطورة
وأشارت المجلة إلى أن "علاقات حفتر بموسكو معلومة لدى الجميع، خصوصا وأنها دعمته في محاولة الإطاحة بحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، بين أبريل/نيسان 2019 وأكتوبر/ تشرين الأول 2020 بغاية السيطرة على العاصمة طرابلس".
ورجحت المجلة "احتمال أن يتكرر هذا الهجوم بسهولة كسيناريو مستقبلي في ظل مرحلة من الجمود المؤسسي تمر بها البلاد، نتيجة الأزمة الحالية المستمرة منذ ثلاث سنوات على الأقل".
وبحسب المعلومات الواردة، تفترض المجلة أن تكون تلك الأسلحة الروسية متجهة إلى حفتر، إلا أن بعض أفراد قوات الأمن الليبية أوضحوا أنها معدات متطورة إلى حد ما بالنسبة لمليشيا الانقلابي الليبي أي يصعُب عليها استخدامها".
وعلقت بأن "هذا العنصر يعد من بين العناصر الأكثر إثارة للاهتمام، متسائلة إن كان ذلك يعني أن الروس "سيستخدمون هذه الأسلحة بشكل مباشر في تحقيق أهداف محددة".
يذكر أن حفتر زار في يناير/كانون الثاني 2017 حاملة الطائرات الأدميرال كوزنتسوف خلال عبورها المياه الإقليمية الليبية في طريق عودتها من سوريا إلى روسيا، ووقع اتفاقية تعاون مع موسكو.
وفي ذلك الوقت، كانت هناك تخمينات بأن روسيا تريد نقل "النموذج السوري إلى ليبيا" إلا أن التدخل العسكري التركي إلى جانب حكومة طرابلس في صد هجوم حفتر أدى إلى تعقيد هذه الخطة، وفق المجلة الإيطالية.
ويتحالف حفتر ويتعامل مع شركة المرتزقة "فاغنر"، شركة عسكرية خاصة عادت إلى استئناف أنشطتها مجددا بعد تمرد القائد والمؤسس يفغيني بريغوزين ضد فلاديمير بوتين قبل أن يلقى مصرعه في حادث تحطم طائرة في 23 أغسطس/آب 2023.
في هذه المرحلة، تم إسناد قيادة تواجد فاغنر في الخارج إلى المخابرات العسكرية الروسية (GRU)، وتحديدا تأتمر إلى أوامر الجنرال أندريه أفريانوف.
إلا أنه وفقا لتقرير روسي، يتم تقاسم العمليات بين وكالات مختلفة، بغض النظر عما إذا كانت تشكل اختراقا تجاريا أو تعقد اتفاقيات توفير المساعدة الأمنية، أو أنها تدير أنشطة تهريب للتهرب من العقوبات الدولية.
إلى جانب الاتجار بالمهاجرين وعديد الأنشطة التي تنفذها الشركات العسكرية الخاصة الروسية في إفريقيا.
ولاحظت المجلة الإيطالية أنه "إذا كان وجود هذه الشركات في إفريقيا على غرار كونفوي وريدوت، الناشطتين في أوكرانيا أمرا أساسيا، فإن وجودها في ليبيا يعد أكثر أهمية".
وأوضحت أن الدولة الشمال إفريقية "تتمتع بمركزية جيوإستراتيجية، وتقع في وسط البحر الأبيض المتوسط وترتبط ارتباطا وثيقا بمنطقة الساحل الوسطى حيث يتواجد الروس من خلال الشركات العسكرية الخاصة في مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والسودان".
نشاط متزايد
وبعد وفاة مؤسس فاغنر بريغوزين، أُطلق على الشركات العسكرية الخاصة اسم "فيلق الاستطلاع"، والذي أصبح في القارة "فيلق إفريقيا".
وفي ليبيا، تشير التقديرات إلى وجود 800 مرتزق روسي، في حين ينشط نحو 5 آلاف في دول أخرى بالقارة.
وينتشر عناصر المرتزقة في ثلاث قواعد ليبية، واحدة في حوض سرت النفطي، وداخل قاعدة في الجفرة، ويتمركزون في أخرى في براك الشاطئ.
ومنذ فترة، يبحث الجانبان إمكانية إنشاء قاعدة روسية بحرية في طبرق، مما يسمح لموسكو بأن يكون لها منفذ آخر وسط البحر الأبيض المتوسط يضاف إلى القاعدة الموجودة في طرطوس بسوريا.
وبحسب ما ورد في تقارير إعلامية، تحدث حفتر عن ذلك خلال زيارته الأخيرة لموسكو، لذلك أكدت المجلة الإيطالية على ضرورة إدراج أنباء الأسلحة العسكرية التي تصل إلى البلاد وفق مصادرها، في هذا السياق.
وأوضحت أن روسيا تتمتع حاليا بوجود إستراتيجي في شرق ليبيا، الذي يمثل "بوابة" بين شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومناطق وسط إفريقيا، مؤكدة بأن هذا التواجد "يمنحها مميزات لصالحها على حساب منافسيها".
وشرحت المجلة أن وجودها في ليبيا أو في أي مكان آخر في إفريقيا، "يسمح لها بالمشاركة في استغلال الموارد الطبيعية التي تتمتع بها تلك البلدان، ويتسبب ذلك أيضا في إلحاق الضرر بالاتحاد الأوروبي وبالتالي حلف شمال الأطلسي".
وذكرت ما صرح به وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو في مارس/ آذار 2023 بأن الأنشطة الروسية "تشجع زيادة تدفقات الهجرة غير النظامية من شرق ليبيا بغاية زعزعة استقرار بلدان جنوب أوروبا مثل إيطاليا، التي تتأثر بشكل خاص من الناحية السياسية بهذه المسألة".
وأكدت المجلة أن "النشاط الروسي في ليبيا آخذ في الازدياد، خصوصا بعد فتح سفارتها في طرابلس أخيرا وإمكانية افتتاح القنصلية العامة في بنغازي خلال الأشهر المقبلة".
واستطردت: "عموما، يكمن خطر تعزيز الوجود الروسي في ليبيا، في فتح جبهة جديدة على طول الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي باستخدام طموحات حفتر كأداة".
بدوره، أوضح الباحث ميزران أنه "إذا تبين أن هذه المعلومات صحيحة -أي المتعلقة بوصول أسلحة إلى شرق البلاد-، لن ترتبط المخاطر فقط باحتمال اندلاع صراع عسكري جديد في ليبيا".
وإنما بحسب رأيه "من المحتمل أن يقترن ذلك بالحرب الأوكرانية وزعزعة الاستقرار في الطرق المؤدية إلى البحر الأحمر، وكذلك الفوضى في مناطق البلقان على غرار ما يحدث في كوسوفو، أي فتح جبهة أخرى لإضعاف الناتو تكون هذه المرة في البحر الأبيض المتوسط ".