الرباط تعزز شراكتها مع واشنطن.. أبرز تفاصيل صفقة صواريخ "ستينغر"

ستعزز الصفقات قدرة المغرب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية
في خطوة إستراتيجية لتعزيز موقعه العسكري والسياسي في شمال إفريقيا، يتحرك المغرب بخطى متسارعة نحو تطوير ترسانته الدفاعية عبر صفقات تسليحية ضخمة مع الولايات المتحدة.
ويسعى البلد الإفريقي إلى استثمار أكثر من 800 مليون دولار لتعزيز قدراته المضادة للطائرات وترسيخ نفسه كشريك رئيس لواشنطن في البحر الأبيض المتوسط، وفق ما تقول صحيفة الإسبانيول.
صفقات جديدة
وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن وزارة الخارجية الأميركية وافقت أخيرا على بيع 600 صاروخ من طراز "إف آي إم-92 كيه ستينغر" المتطور، فضلا عن معدات تكميلية (إلى المغرب)، بقيمة تقديرية تبلغ 825 مليون دولار.
وستشمل عملية الشراء هذه خدمات الهندسة واللوجستيات والمساعدة الفنية التي تقدمها الحكومة الأميركية والمقاولون من القطاع الخاص، فضلا عن مكونات أخرى تتعلق بالدعم اللوجستي وصيانة البرامج.
في الأثناء، أصدرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية شهادة الاعتماد اللازمة لإبلاغ الكونغرس بهذه العملية والحصول على المصادقة النهائية عليها.
ووفقا للوكالة الأميركية، فإن الهدف من هذه العملية هو “دعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة”.
وأيضا "المساعدة في تعزيز حماية شريك رئيس من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والذي لا يزال ركيزة أساسية للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية في شمال إفريقيا".
علاوة على ذلك، ستعزز الصفقة المقترحة قدرة المغرب على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية.
من جانبه، يخطط المغرب لاستخدام هذه الأنظمة والخدمات الدفاعية لتطوير قواته المسلحة وتنويع خيارات الدفاع الجوي قصير المدى.
وسيدعم هذا أهداف الجيش المغربي في تحديث قدراته وتعزيز قدرته على العمل المشترك مع الولايات المتحدة، كما لن تواجه الرباط أي عوائق في دمج هذا السلاح في وحداتها العسكرية، وفق الصحيفة.
وأشارت إلى أن "إف آي إم-92 كيه ستينغر" المتطور هو صاروخ أرض-جو محمول باليد موجه بالأشعة تحت الحمراء، ومصمم لاعتراض التهديدات الجوية على ارتفاعات منخفضة مثل المروحيات والطائرات دون طيار والطائرات، ويعد أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا الصدد.
وبفضل تقنية التوجيه المتقدمة والقدرة العالية على الحركة، فهو يوفر دفاعا جويا مرنا وفعالا للقوات البرية.

التوازن العسكري
وتؤكد واشنطن أن "بيع هذه المعدات والمواد المرافقة لها لن يغير التوازن العسكري الأساسي القائم في المنطقة".
في الأثناء، لم تحرم بلاد العم سام القارة العجوز من حصتها من هذه التكنولوجيا المتطورة، حيث تزود الولايات المتحدة أوروبا بالأسلحة.
في هذا السياق، وقعت وكالة الدعم والمشتريات التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) عقدا لشراء 950 صاروخا من طراز "إف آي إم-92 كيه ستينغر" المتطور، من إنتاج شركة آر تي إكس، لصالح ألمانيا وإيطاليا وهولندا، بقيمة 780 مليون دولار.
وبالنسبة للبلد المغاربي، سيكون المقاولون الرئيسون متمثلين في شركة آر تي إكس كوربورايشن، ومقرها في توسون بولاية أريزونا، وشركة لوكهيد مارتين، ومقرها في سيراكيوز بولاية نيويورك.
وأعلن هذا الشراء بعد أيام قليلة من لقاء وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، بالعاصمة واشنطن في 9 أبريل/نيسان 2025.
وأكد روبيو في بيان أن "الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية" وتدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي وصفه بأنه "جدي وموثوق وواقعي" و"الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للصراع".
ونوهت الصحيفة إلى أن هذه الصفقة تعد العملية العسكرية الثانية من نوعها التي توافق عليها الولايات المتحدة لدعم المغرب في أقل من ستة أشهر.
ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، وافقت وزارة الخارجية على شراء 30 صاروخ جو-جو متطور متوسط المدى من طراز إيه آي إم-120 أمرام والمعدات المرتبطة بها مقابل 88 مليون دولار.

المغرب والجزائر
بالإضافة إلى ذلك، عزز المغرب في السنوات الأخيرة، ترسانته الدفاعية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تنافسه مع الجزائر، منذ انهيار وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو في سنة 2020. ومنذ ذلك الحين، انخرط الجاران في حرب استنزاف.
وخصص المغرب 11.43 مليار يورو لميزانيته العسكرية لسنة 2025، بحسب التصنيف السنوي الذي تنشره مؤسسة "جلوبال فاير باور".
وعلى الصعيد العسكري، رغم أن الجيش الجزائري يتفوق على نظيره المغربي في العدد والميزانية، فإن المغرب حقق تفوقا نوعيا وتكنولوجيا بفضل تحديث ترسانته بالتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقد أحرز المغرب تطورا في مجالات رئيسة مثل الحرب الإلكترونية والطائرات دون طيار وأنظمة الدفاع الجوي، والتي عززت مكانته الإستراتيجية.
ومنذ تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الثانية، رجحت كفة الميزان أيضا لصالح المغرب.
كما أن تعيين ماركو روبيو وزيرا للخارجية قد عزّز هذا الدعم الأميركي للرباط نظرا لمساندته لها وانتقاده لتحالف الجزائر مع روسيا.
وفي محاولة لتحقيق التوازن، سعت الجزائر إلى التقرب من واشنطن عبر توقيع اتفاقيات أمنية جديدة.
لكن هذه المبادرات اصطدمت بتناقضات سياستها الخارجية، التي تظل مرتبطة بشكل وثيق بموسكو وتحافظ على دعمها لجبهة البوليساريو، مما يضعف مكانتها كشريك إستراتيجي موثوق للغرب.

صفقات ثقيلة
وأشارت الصحيفة إلى أن المغرب سيتمكن من الحصول على 32 طائرة مقاتلة من طراز لوكهيد مارتن إف-35 لايتنينج 2 خلال هذا العقد.
وهي أفضل وأغلى المقاتلات، ولا تستطيع سوى دول قليلة الوصول إليها، مثلما ذكرت صحيفة الإسبانيول في سنة 2020.
وستكلف الرباط ما لا يقل عن 17 مليار دولار للحصول على هذا الأسطول وصيانته لمدة 45 سنة.
وتتميز هذه الطائرة المقاتلة بالتفوق الجوي والضربات الدقيقة وتعزز عمليات الاستخبارات والمراقبة.
ونجحت طائرة إف-35 في خفض التكاليف بفضل زيادة المبيعات، لكن ساعة الطيران تكلف أكثر من 40 ألف يورو مقارنة بحوالي 20 ألف يورو لطائرة أف-18.
في الوقت الحالي، هناك حوالي 500 طائرة إف-35 عاملة فقط في حوالي 20 قاعدة حول العالم، مع تدريب حوالي ألف طيار على تشغيلها.
وقد كشف موقع "إنفو ديفينسا" الإسباني أن طموح المغرب لتعزيز ترسانته العسكرية والتفوق على جارته الجزائر جعله يبحث عن مصادر أخرى لشراء الأسلحة وتنويعها.
وبعد الولايات المتحدة وإسرائيل، يضع البلد المغاربي كوريا الجنوبية تحت المجهر.
وفي 12 أبريل، التقى وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، في سيئول وزير التجارة الكوري الجنوبي، آن دوك-جيون، ومنسق الدبلوماسية الاقتصادية، كيم هي-سانغ، بالإضافة إلى مسؤولين كبار آخرين من ذلك البلد.
وقد أعربت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا خلال هذه الاجتماعات عن اهتمامها بدبابة كيه 2 بلاك فانتوم، بالإضافة إلى غواصة كيه إس إس-3 التي تعمل بالديزل والكهرباء، ونظام صواريخ تشيونغونغ-2 متوسطة المدى أرض-جو.