قانون العملاء الأجانب.. هل ينهي حلم جورجيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي؟

6 months ago

12

طباعة

مشاركة

تتصاعد الاتهامات بين روسيا والدول الأوروبية بشأن "قانون العملاء الأجانب" في جورجيا، وسط احتجاجات متواصلة في تبليسي عنوانها الخوف على مستقبل البلاد في الاتحاد الأوروبي.

ويسلط موقع روسيا اليوم، الضوء على الضغوط السياسية المحمومة على تبليسي، لا سيما تهديدات جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الذي قال إن "اعتماد القانون سيؤثر سلبا على تقدم جورجيا في الطريق إلى الاتحاد الأوروبي".

وهذا القانون الذي أعاد حزب "الحلم الجورجي" الحاكم تقديم خطط لتمريره، يقول المحتجون إنه مناهض للجمعيات الحقوقية والمدنية التي تتلقى تمويلا أجنبيا، والمقصود بها المنظمات المدعومة من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

ويرى معارضو القانون أنه “تشريع تستخدمه روسيا لإسكات المعارضة”. ولذلك، خرج منذ منتصف أبريل/ نيسان 2024، عشرات الآلاف من الجورجيين للتظاهر احتجاجا عليه، فيما بدأت الشرطة والسلطات الأمنية تتعامل بعنف مع المتظاهرين في مشهد احتجاجي متصاعد.

معركة مستمرة

ويقول الموقع الروسي إن "الملحمة التي دامت أكثر من عام مع اعتماد القانون الخاص بالعملاء الأجانب في جورجيا، والذي أُطلق عليه رسميا (قانون الشفافية للتأثير الأجنبي)، وصلت إلى نهايتها".

مشروع القانون، الذي ينص على تسجيل المنظمات القانونية ووسائل الإعلام التي تتلقى أكثر من 20 بالمئة من تمويلها من الخارج في سجل خاص بوزارة العدل الجورجية، اجتاز القراءة الثالثة في اللجنة القانونية للبرلمان الجورجي.

ومع وجود درجة عالية من الاحتمال، سيُعتمد مشروع القانون أخيرا في المستقبل القريب من قبل برلمان البلاد، حيث تمت قراءته الأولى في 17 أبريل 2024.

وفي هذا السياق، يوضح الموقع أن "الاعتماد النهائي للقانون سيؤدي إلى إعادة هيكلة عميقة للمجال السياسي بأكمله في جورجيا، وذلك على الرغم من كون القانون ضعيفا نسبيا في جوهره".

وبدورها، استخدمت رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي في 18 مايو/أيار 2024، حق النقض (الفيتو)، ضد القانون. وقالت في خطاب متلفز "هذا التشريع روسي في جوهره ويتعارض معه دستورنا".

ويعد فيتو الرئيسة رمزيا إلى حد كبير؛ إذ يتمتّع حزب "الحلم الجورجي" الحاكم بغالبيّة كبيرة في المجلس التشريعي، ما يسمح له بتمرير القوانين والتصويت ضد الرفض بدون الحاجة إلى دعم أيّ من نواب المعارضة.

واقترحت الرئيسة إدخال تعديلات على التشريع محذّرة في الوقت نفسه من أي مفاوضات غير جدية. وأبدى رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه استعداده لمناقشة أي تعديلات مطروحة.

ويتساءل موقع "روسيا اليوم": “لماذا كان من المهم للغاية بالنسبة للغرب أن يحارب القانون، الذي لا يعني إلا سيادة سياسية جزئية للبلاد داخل حدودها؟ ولماذا كرس هذه الجهود الكبيرة لزعزعة استقرار الوضع في جورجيا؟”

ومن الغريب، في رأيه أن فرنسا تناقش كذلك قانونا متعلقا بتقييد التأثير الأجنبي، بالتوازي مع جورجيا، لكن هذا لا يثير ردود فعل سلبية كبيرة من قبل الناشطين الأوروبيين.

جبهة صراع

وفي هذا الإطار، يبرز الموقع الروسي سببين أساسيين وراء الحملة الغربية المتصاعدة ضد جورجيا.

وفيما يخص السبب الأول، يشير إلى أن "جورجيا، حتى بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق ميخائيل ساكاشفيلي، الذي حكم البلاد من 2004 إلى 2013، كانت تعد بالنسبة للغرب دولة تعمل فيها (المؤسسات الديمقراطية)".

وهنا، يلفت إلى أن "جورجيا كانت تقع ببساطة تحت سيطرة قوى لا يسيطر عليها الغرب بشكل كامل. فضلا عن أنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُصنف كدولة موالية لروسيا، على الرغم من سياستها الخارجية المتوازنة في الأعوام الأخيرة". 

وهذا يعني أن "التغيرات في مجال السيادة السياسية في جورجيا، كونها محسوبة على العالم الغربي وتعلن عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، قد تصبح إشارة للدول الأخرى المهتمة بالحصول على فرص أكبر للسيطرة على سياساتها الداخلية". 

لا سيما بالنظر إلى العدوانية التي تُفرض بها القيم "الغربية المشتركة"، والتي تعني في الواقع السيطرة على المجال السياسي والقانوني للدول ذات السيادة، وفق الموقع الروسي.

أما السبب الثاني فيتمثل في أن الغرب، وفي المقام الأول الاتحاد الأوروبي، كان يتمتع في جورجيا بموارد سياسية وتنظيمية كبيرة تمكنه من تنظيم الاحتجاجات الحاشدة.

وهذه الموارد لم تكن مقتصرة على موظفي المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الممولة من الغرب، الذين سيفقدون ليس فقط التمويل، بل أيضا السقف السياسي المتاح لهم إذا ما مُرر القانون.

وأشار الموقع إلى أن الكثير منهم فقد بالفعل مصدر رزقه، حيث إن خبرتهم العملية الوحيدة هي المشاركة في أحزاب المعارضة وتنظيم الاحتجاجات، "فكان من السهل بناء آلية احتجاج يمكن التحكم فيها بالكامل من هؤلاء الأشخاص".

وذكر أن "السبب وراء قرار القيادة الجورجية، بعد عام من الانتظار، بفرض اعتماد القانون، أمر متفهم إلى حد كبير".

وتابع أنه: "في تبليسي، وبعد أن أظهروا العقل، أدركوا أن الغرب كان يقوم بالفعل باستعدادات صريحة تماما من أجل وصول أشخاص بعينهم إلى السلطة في جورجيا في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2024".