تعقيدات وتحديات.. لهذا رفضت طالبان حضور الاجتماع الإقليمي في طهران
“الدول الإقليمية تبحث عن مصالحها الخاصة”
في ظل التغيرات السياسية والجيوسياسية المستمرة في أفغانستان، يعقد المجتمع الدولي اجتماعات متعددة الأطراف لبحث مستقبل البلاد واستقرارها.
وسلطت صحيفة "8 صبح" الأفغانية، الضوء على اجتماع عُقد في طهران بحضور روسيا والصين وإيران وباكستان، لمناقشة الأوضاع في أفغانستان وتقديم توصيات لحكومة طالبان.
لكن الصحيفة شددت على أن “هناك تعقيدات وتضارب مصالح تظهر بين هذه الدول، مما يعكس تحديات التعاون الإقليمي”.
واستعرضت كذلك موقف طالبان تجاه الولايات المتحدة بدلا من حلفائها الإقليميين، وهو ما يُبرز التحديات التي تواجه جهود التعاون الإقليمي في أفغانستان.
تضارب المصالح
وفي 8 يونيو/ حزيران 2024، عقدت كل من روسيا والصين وإيران وباكستان اجتماعا مشتركا حول أفغانستان في طهران.
وأوضحت الصحيفة أن كل دولة، على حدة، أطلقت تسمية مختلفة لهذا الاجتماع.
إيران أطلقت عليه "مجموعة الاتصال الإقليمية"، لكن روسيا سمته "مجموعة الاتصال بصيغة موسكو"، في حين كانت التسمية الباكستانية "المشاورات الإقليمية لأفغانستان".
وفي نهاية هذا الاجتماع، قال الممثل الخاص لإيران إن "الدول المشاركة قدمت توصيات لطالبان من باب حسن النية والنصيحة".
فيما أعلنت هذه الدول أنها "تعارض تعيين ممثل خاص للأمم المتحدة في الاجتماع الثاني في الدوحة حول أفغانستان".
ومع ذلك، يقول بعض المواطنين الأفغان، وفق الصحيفة، إن "الدول الإقليمية تبحث عن مصالحها الخاصة ولا تستطيع التوصل إلى توافق حول -حتى- اسم الاجتماع بسبب تضارب المصالح".
وعدوا غياب طالبان عن هذا الاجتماع دليلا على أن الحركة "تفضل التعاون مع الولايات المتحدة"، وفق زعمهم.
جدير بالذكر أن الاجتماع الثاني لمجموعة الاتصال الإقليمية حول أفغانستان بحضور روسيا والصين وباكستان وإيران، عُقد في طهران.
الاجتماع الثالث
وأفادت الصحيفة بأن "النقطة الرئيسة في هذا الاجتماع كانت هي المشاورات حول عقد الاجتماع الثالث في الدوحة برعاية الأمم المتحدة والتعاون الإقليمي والقلق الإقليمي من وجود الجماعات الإرهابية في أفغانستان".
بدوره، قال حسن كاظمي قمي، سفير طهران في كابول، الممثل الخاص للرئيس الإيراني للشؤون الأفغانية، في نهاية الاجتماع إن "توصيات الدول الإقليمية لطالبان كانت من باب حسن النية ولا ينبغي عدها تدخلا".
ورأى أن "حجم الأزمة في أفغانستان كبير، وللخروج من هذه الأزمة، يجب تشكيل حكومة من أفراد أكفاء من مختلف الفئات للاستفادة من التعاون الجيد والمساعدات من دول المنطقة".
ولفت قمي إلى أن "الاجتماع الثالث في الدوحة كان من الموضوعات التي تمت مناقشتها في اجتماع الدول الأربع".
وأكد أن "الدول الأخرى في المنطقة وجيران أفغانستان يجب أن يشاركوا في هذه المبادرات الإقليمية".
وأفاد بأن "الموضوعات التي طرحت في اجتماعي الدوحة الأول والثاني لم تساعد في تحسين الأوضاع في أفغانستان بسبب عدم الشفافية وعدم وضوح الأهداف".
وقال قمي إن "الأمم المتحدة طلبت تعيين ممثل خاص في الشؤون الأفغانية في اجتماع الدوحة الثاني (عقد في فبراير/ شباط 2023)، بينما توجد بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (UNAMA) بالفعل في أفغانستان".
وشدد على أن "تعيين هذا الممثل بدون خطة عمل وصلاحيات واضحة جعل الدول الإقليمية تعترض عليه".
بدورها، أعلنت طالبان أنها دُعيت للاجتماع، لكنها لم تشارك.
وقال مستشار وزارة الخارجية لطالبان، ذاکر جلالي، إن "المشاركين في الاجتماع لم يتفقوا على اسم الاجتماع".
وتابع جلالي: "الأصدقاء الإيرانيون أطلقوا عليه مجموعة الاتصال الإقليمية، وممثل روسيا أطلق عليه مجموعة الاتصال بصيغة موسكو. الصين عدت الاجتماع فرصة للتشاور، باكستان أطلقت عليه المشاورات الإقليمية".
وحول غياب طالبان عن الاجتماع، قال السفير الإيراني السابق في كابول محمد رضا بهرامي، إن "الغياب يظهر نظرة هذه المجموعة تجاه التعامل مع المنطقة".
وأضاف أن "من يعتقد أن التعامل مع طالبان بسيط فسيستمر في ارتكاب أخطاء في الحسابات والتقديرات السياسية".
كذلك علق مساعد وزير الخارجية الإيراني، سيد رسول موسوي، في تغريدة، قائلا إن “هذا الاجتماع هو رسالة للسلام والاستقرار والتنمية لأفغانستان والمنطقة في ضوء التعاون الإقليمي”.
خطأ في الحسابات
جدير بالذكر أن الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال الإقليمية حول أفغانستان عقد في فبراير 2023 بمبادرة من إيران في كابول.
وشارك في هذا الاجتماع ممثلون خاصون وسفراء من دول المنطقة وجيران أفغانستان بما في ذلك الهند.
ومع ذلك، يقول بعض المراقبين إن "دول المنطقة وجيران أفغانستان يبحثون عن مصالحهم الخاصة ولا يوجد إجماع حول أفغانستان".
كما يزعمون أنه "رغم أن هذه الدول ساعدت طالبان في السيطرة على أفغانستان مرة أخرى، إلا أن هذه المجموعة لا تتعاون مع هذه الدول بدون مشورة الولايات المتحدة".
وقال الباحث الأفغاني شفيق الله شمس، لصحيفة "8 صبح"، إن "الدول الأربع المشاركة في اجتماع طهران تبحث عن أهدافها الخاصة ولا يمكنها الوصول إلى وجهة نظر موحدة حول الأزمة المعقدة في أفغانستان".
وأضاف أن "عدم الاتفاق على اسم الاجتماع يظهر تضارب المصالح وتفضيلهم لأفغانستان تحت حكم طالبان".
في حين يدعي مراقب آخر، لم تذكر الصحيفة اسمه، أن "إيران تفاعلت مع طالبان بحماس مفرط لاعتقادها أن هذه المجموعة ضد الولايات المتحدة".
واستدرك: "لكن طالبان لا ترغب في إزعاج الولايات المتحدة بتعاونها مع إيران".
وأكد أن "إيران ترتكب خطأ في الحسابات وستدفع الثمن قريبا".
وأفادت الصحيفة بأن الممثل الخاص لروسيا في الشؤون الأفغانية، زامير كابولوف، لم يشارك في الاجتماع وأرسل سفير موسكو في كابول بدلا منه، وكذلك لم تشارك الهند ودول آسيا الوسطى في هذا الاجتماع.
وتعتقد الصحيفة أن "غياب كابولوف عن الاجتماع كان مرتبطا بعدم مشاركة طالبان".