بعد غياب 5 سنوات.. لماذا دُعيت تركيا إلى اجتماع خارجية الاتحاد الأوروبي؟
"عضوية الاتحاد الأوروبي هي هدف إستراتيجي لتركيا"
خطوات جديدة اتخذها الاتحاد الأوروبي لتنشيط العلاقات مع تركيا، حيث حضر وزير الخارجية هاكان فيدان، الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بناء على دعوة من الاتحاد بعد غياب 5 سنوات.
وخلال الاجتماع في 29 أغسطس/ آب 2024، تبادل الأطراف وجهات النظر حول القضايا الدولية الراهنة، فيما أوضح فيدان لنظرائه الأوروبيين أهمية التعاون بين تركيا والاتحاد ضد التهديدات الإقليمية والعالمية.
وأعرب وزير الخارجية التركي لمحاوريه عن توقعه بإظهار الإرادة لتعزيز العلاقات عبر اتخاذ خطوات ملموسة.
ومن ناحية أخرى، كان لتركيا بعض الأولويات على جدول الأعمال في الاجتماع.
رسائل القمة
وبشكل خاص، تحدث الوزير فيدان عن أولويات تركيا فيما يخص تحديث الاتحاد الجمركي بما يتماشى مع احتياجات الواقع المعاصر.
وشدد على أهمية حل قضايا التأشيرات فيما يتعلق بالحفاظ على العلاقات التجارية والثقافية والأكاديمية والإنسانية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
كما أعرب فيدان مرة أخرى أمام الاتحاد الأوروبي عن موقف تركيا الواضح بشأن القضية القبرصية.
ووفقا للمعلومات الواردة من مصادر وزارة الخارجية التركية، نُوقشت القضايا الإقليمية وكذلك العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، والذي استمر حوالي ساعتين.
وعلى هامش اللقاء، عقد فيدان اجتماعات منفصلة مع نظرائه من اليونان جيورجوس جيرابيتريتيس، وإسبانيا خوسيه مانويل الباريس، ولوكسمبورغ، كزافييه بيتيل، وبلجيكا حجة لحبيب.
ووصف فيدان دعوة تركيا للاجتماع بأنها "تطور إيجابي".
وذكر أن الاجتماع ناقش بالتفصيل كيفية دفع العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى الأمام، ونوع التعاون الذي يمكن أن يكون بين تركيا والاتحاد الأوروبي في القضايا العالمية والإقليمية.
وتابع فيدان قائلا: "اليوم، أكد جميع نظرائي في الاتحاد الأوروبي تقريبا على أن الحوار والمشاورات المنظمة والمنتظمة مع تركيا يجب أن تستمر في جميع المجالات، وخاصة السياسة الخارجية والسياسات الأمنية والدفاعية فيما يخص روسيا وأوكرانيا والحرب في غزة وسوريا، وكذلك العراق والشرق الأوسط".
وأضاف: "لقد قالوا إن تركيا تلعب دورا مهما في قضايا إفريقيا وجنوب القوقاز، مشددين على أهمية إجراء مشاورات أوثق وأعمق بين تركيا والاتحاد الأوروبي وإقامة سياسة مشتركة".
إضافة إلى ذلك، شدد فيدان على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة بشأن المسائل الفنية من أجل تسريع العلاقات في الفترة المقبلة.
وفي هذا الصدد، قال الوزير التركي: "أولا وقبل كل شيء، يجب إعادة تشغيل آليات الحوار القائمة التي عُلقت في عام 2019، وتوقعاتنا لتحديث الاتحاد الجمركي مستمرة".
وأشار إلى أن إحدى القضايا ذات الأولوية هي تحرير التأشيرات، وذكر أنه تم استيفاء 66 معيارا ذا صلة، وأنهم يعملون جنبا إلى جنب مع المؤسسات ذات الصلة لاستكمال المعايير الستة المتبقية.
وبهذا الشأن، قال فيدان موضحا: "نواصل العمل على إزالة الصعوبات والعقبات التي يواجهها مواطنونا في عملية طلب تأشيرة شنغن، ونواصل اتصالاتنا مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لنشر تأشيرات الدخول المتعدد والطويلة الأجل".
وأضاف: "نعتقد أن تنشيط العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي يصب في مصلحة الجميع، لكننا أكدنا على أن الربط بين القضية القبرصية والعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي ليست طريقة صحية ولن تسفر عن أي نتائج".
وفي هذه النقطة، شدد فيدان على أن "عضوية الاتحاد الأوروبي هي هدف إستراتيجي لتركيا".
وفي إشارة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب عن ذلك بوضوح في مناسبات مختلفة، قال فيدان: "نريد إحراز تقدم على صعيد الأجندة الإيجابية، وإذا أبدى الاتحاد الأوروبي نهجا إيجابيا مماثلا، فسيكون هذا في مصلحة الجميع".
مبادرة جيدة
وعلى جانب آخر، اجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لتقييم التطورات الحالية في الاجتماع، والتي حضر بعضها فيدان.
واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، برئاسة الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، لإجراء مشاورات حول بنود جدول الأعمال العالمي مثل أوكرانيا والشرق الأوسط وفنزويلا.
وفي بداية الاجتماع، أدلى بوريل بتصريحات مشتركة للصحافة مع وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إذ أعلن أن 1.4 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة في إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا أُرسلت إلى أوكرانيا والدول التي تدعمها عسكريا.
وأشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها مثل هذه الخطوة المباشرة لزيادة القدرة الدفاعية لأوكرانيا.
وفي معرض ذكره أن فيدان سيحضر الاجتماع أيضا، قال بوريل: "من المهم بالنسبة لتركيا أن تفهم دور الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بموقف الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص، وهي دولة عضو في الاتحاد".
وأضاف: "نعتقد أن أفضل طريقة لحل هذا الوضع هو الحوار، وأشكر كل من سمح لي باتخاذ هذا القرار ودعوة الوزير فيدان لعقد اجتماعات ثنائية مهمة مع بعض الوزراء لمناقشة القضايا المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأعضاء".
وأنهى بوريل خطابه معربا عن أمله أن "تكون هذه مبادرة جيدة لتركيا".
وردا على سؤال طُرح عليه بعد الاجتماع، لفت بوريل إلى أن الجدول الزمني بشأن عملية عضوية تركيا لم يُناقش، قائلا إن "تركيا دولة مرشحة وستظل كذلك".
من جانبه، ذكر وزير الخارجية اليوناني، يورغوس يرابتريتيس، في كلمته أمام البرنامج، أن بلاده "تؤيد تقدم تركيا نحو الاتحاد الأوروبي".
ردود الفعل
ورحبت تركيا بالدعوة بشكل إيجابي، سواء على المستوى الحكومي أو على المستوى الشعبي.
وعلى الجانب الحكومي، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، أونجو كتشالي، أن هذه الدعوة لاقت قبولا إيجابيا وعدت "سعيا للحوار" من قبل الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، قال كتشالي: "نأمل أن تمهد هذه الخطوة الطريق لتعديل العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي".
وتابع: "ونأمل أن تمهد هذه الخطوة لتعديل قرارات مجلس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي الصادرة في 15 يوليو/ تموز 2019، والتي وضعت علاقاتنا في طريق مسدود. وتشير هذه الدعوة أيضا إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرك ضرورة تطوير العلاقات بينه وبين تركيا في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية".
ودعا كتشالي إلى البدء الفوري للمفاوضات بشأن أمور عديدة، منها تحديث الاتحاد الجمركي، وتنشيط عملية انضمام تركيا، وعملية تحرير التأشيرات، وتنشيط آليات الحوار الهيكلي، وإعادة تفعيل الحوارات رفيعة المستوى.
ولفت إلى "ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة بشأن القضايا الرئيسة، مثل التعاون الوثيق في مجالات السياسة والاقتصاد والنقل والطاقة".
وفي مقال نشرته مؤسسة "الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، ذُكر أنه "بعد خمس سنوات، رحبت تركيا بدعوتها لحضور الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي".
وعد ذلك "مظهرا من مظاهر بحث الاتحاد الأوروبي عن حوار جديد".
ومع ذلك، ذهب المقال إلى أن "إدراك أهمية تركيا في قضايا السياسة الخارجية والدفاع أو مجرد تعميق العلاقات بشأن هذه القضايا ليس كافيا".
وتتوقع تركيا حوارا رفيع المستوى في مواضيع أخرى أيضا، بما في ذلك إعادة إحياء عملية الانضمام للاتحاد وتحديث الاتحاد الجمركي وعملية تحرير التأشيرات. كما أنها ترغب في أن تكون العلاقات مستدامة وقابلة للتنبؤ على أساس عقلاني.
ويشير المقال إلى أنه في السنوات الأخيرة، أدلى بعض السياسيين في دول الاتحاد الأوروبي بتصريحات لا علاقة لها بالواقع، مثل أن "أكبر تهديد لأوروبا يأتي من تركيا".
واستطرد: "قد تبين أن أهمية تركيا الإستراتيجية لأوروبا أصبحت أكثر وضوحا في كل تحدٍّ عالمي جديد، مما يدحض هذه التصريحات الشعبوية".
جدير بالذكر أن وزير الخارجية التركي السابق، مولود تشاووش أوغلو، كان قد حضر آخر اجتماع من نفس النوع في 1 فبراير/ شباط 2019.