العالم في حالة تأهب قصوى لرد إيران المنتظر على العربدة الإسرائيلية
“الضربة الإيرانية قادمة وستكون موجعة من أجل إعادة ضبط الردع المتبادل من جديد”
حالة من الترقب وحبس الأنفاس استعدادا لرد إيراني مرتقب على الكيان الإسرائيلي على خلفية قصف الاحتلال مبنى قنصليا إيرانيا في العاصمة السورية دمشق، يرافقها تشكيك واستبعاد لإقدام طهران على خطوة كهذه وتذكير بعلاقة الطرفين وتوقعات بـ"رد صوري" لحفظ ماء الوجه.
ومطلع أبريل/نيسان 2024، استهدفت ضربات إسرائيلية مبنى قنصليا داخل السفارة الإيرانية في دمشق، ما أسفر عن دمار كبير فيها وفي المباني المجاورة لها، وخلف مقتل وإصابة عدة أشخاص بينهم ضباط إيرانيون، واتهمت على أثرها طهران واشنطن بالتورط، وتبرأت الأخيرة.
وعلى خلفية ذلك، أطلقت إيران تهديدات علنية لإسرائيل بهجوم محتمل تستخدم فيه الصواريخ والمسيّرات، تبعها توقعات أميركية بتوجيه إيران ضربة صاروخية وشيكة على إسرائيل، ومطالبات بوساطة عربية لإقناع إيران بالتراجع عن التصعيد.
وكشفت مصادر لجهات إعلامية أن طهران نقلت لواشنطن رسالة بأنها سترد على الهجوم على سفارتها على نحو يستهدف تجنب تصعيد كبير، وأنها لن تتعجل، وأن الرد سيكون منضبطا وغير تصعيدي، وسيشمل خططا باستخدام وكلاء بالمنطقة.
وفي 13 أبريل 2024، أفادت وكالة “أسوشييتد برس” الأميركية بأنها شاهدت مقطعا مصورا يظهر إغارة مسلحين عبر طائرة مروحية على سفينة قرب مضيق هرمز.
وقالت الوكالة إن مسؤولا دفاعيا بالشرق الأوسط (لم تسمه) نسب الهجوم إلى إيران، والذي يأتي وسط تصاعد التوترات بين طهران وإسرائيل على خلفية "اغتيال" قيادي بالحرس الثوري الإيراني في دمشق.
وعقب ذلك، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن السفينة التي تعرضت لهجوم قرب مضيق هرمز مملوكة على الأغلب لإسرائيل "بشكل جزئي".
وفي تدوينة مقتضبة على حسابها بمنصة "إكس" ذكرت إذاعة الجيش: "السفينة التي هاجمتها القوات الإيرانية قرب مضيق هرمز مملوكة جزئيا على الأغلب لإسرائيل".
وتفاعل ناشطون على منصة "إكس" مع الأحداث، وأعربوا عن تفاؤلهم بالرد الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي وعدوه بمثابة "صفعة قوية" على وجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحليفه الأميركي جو بايدن، إن تمت في القريب العاجل كما يروج لها إعلاميا.
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #إيران، #طهران، #إسرائيل، وغيرها، تحدثوا عن السيناريوهات المتوقعة للضربة الإيرانية وجدواها وتأثيرها على الاحتلال والمنطقة بأكملها، والميل إلى أن إيران تصعد تهديداتها لتحقيق مكاسب أخرى.
في المقابل، قلل ناشطون من جدوى الاستهداف الإيراني لإسرائيل خاصة بعد تسريبات عن نوعها وحجمها ومدى تأثيرها، فيما أكد آخرون أن إيران لن ترد ردا مباشرا وأن الرد سيكون من خارج إيران وعلى أهداف محددة باتفاق مع أميركا والاحتلال الإسرائيلي بهدف تلميع صورة إيران.
رد مرتقب
ورأى أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، أن “الضربة الإيرانية ضد مصالح إسرائيل قادمة، وأنها ستكون موجعة من أجل إعادة ضبط الردع المتبادل من جديد”.
وقال إن “من مصلحة إيران تنفيذها قبل نهاية حرب غزة، ترسيخا لصورتها الإعلامية بصفتها أقوى داعم للقضية الفلسطينية، متوقعا أن تكون الضربة الإيرانية خارج المنطقة، وبأيدٍ غير إيرانية”.
وأشار الإعلامي أحمد منصور، إلى أن "الجميع يتابع من الصباح أخبار الهجوم الإيراني الذي تتولى وسائل الإعلام الأميركية نشر تسريبات متتابعة عنه، ولم يبق لديهم سوى تحديد الساعة، ومدة الهجوم، ونوعية الصواريخ والأسلحة التي ستستخدم، والأماكن المستهدفة، وعدد الضحايا والخسائر المادية".
وقال فارس سعود، إن "تهديدات إيران بقصف إسرائيل ردا على ضرب السفارة الإيرانية في الشام يضع العالم على حبل مشدود"، محذرا من أن إيران "إذا ضربت اندلعت حرب إقليمية قد تنهي قدراتها العسكريّة، وإذا ترددت انتهى دور إيران التوسعي".
وأعرب الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، عن وقوفه مع إيران حال شنَّت عملية عسكرية ضد إسرائيل، ونصحها برد قوي على ما قام به الاحتلال من عدوان على قنصليتها في سوريا، قائلا: "للعلم لن تتدخل واشنطن لصالح نتنياهو في حال تعرضت تل أبيب لضربة إيرانية".
وأشار إلى أن نتنياهو يراهن على عدم رد إيران، ويستعرض بذلك ويحاول كسب نقاط سياسية على حساب الضربات المتتالية للوجود الإيراني في المنطقة.
وتابع المدهون: "يعيش فرصة ذهبية لتوجيه ضربات من محور المقاومة، من غزة، الضفة، لبنان، اليمن، العراق وإيران دفعه واحدة، ولحظتها ربما تغير إسرائيل إستراتيجيتها، وتوقف حربها على غزة وتعرف حجمها الحقيقي، وستعلم أنها الطرف الأضعف في منطقة الشرق الأوسط، ولن يكون لها مستقبل في هذه الجغرافيا وستخرج من التاريخ".
أثمان ومكاسب
وتحت عنوان "إيران تساوم.. والقوم غائبون"، قال السياسي السوري أحمد رمضان، إن في موازاة الأجواء المشحونة ثمَّة مفاوضات تجرى في بلد عربي ومناطق أخرى، للتحكم في "الرد والرد المتبادل"، مقابل أثمان سياسية واقتصادية، وإعادة ضبط قواعد الاشتباك.
وعد "المعادلة معقدة"، مشيرا إلى أن "بايدن يريد حماية إسرائيل وليس نتنياهو، ولا يريد قطيعة مع إيران، ويريد نتنياهو توريط بايدن وإدارته، وإبقاء الحرب لنهاية العام".
وأضاف رمضان، أن "إيران تريد جني مكاسب مقابل رد محسوب على خسائرها، وتشترط الإفراج عن أموال، ورفع عقوبات، وتسهيلات في العراق وسوريا ولبنان، إضافة إلى مفاوضات تنهي الحرب على غزة، وبايدن لا يمانع، لكنه يخشى نتنياهو، وأرسل كبير قادته العسكريين لضبط سلوكه".
وأكد أن "الشحن الإعلامي لعبة متقنة، وهندسة الردِّ العسكري تتم بإحكام، وتفاصيل المفاوضات دقيقة، وإيران تعدها مكسبا لها، في ظل غياب عربي شبه كامل، بعد أن نأت غالبية الدول عن الإفادة من الصراع لتحصين مصالحها الوطنية والإقليمية".
وذكر رمضان، بأنه كتب سابقا أن سيناريو التصعيد في الشمال، قد يكون هو المخرج المطلوب لوقف الحرب، بعد أن أخفق نتنياهو في تحقيق شيء ذي بال، وتعجُّ الصحف العبرية منذ أيام بمقالات عنوانها المشترك "الفشل الإستراتيجي" للحرب على غزة، وهي تمهد لقبول الرأي العام بأنَّ وقف إطلاق النار هو الطريق الوحيد لتبادل الأسرى.
وتمنى لو ملكت دولة عربية أو أكثر زمام المبادرة، وتدخلت لحماية غزة وأهلها، ودفعت واشنطن لإنهاء الحرب، حيث بيدها مفتاح ذلك، والضغط على نتنياهو وفريقه لوقف القتل والتدمير، والاستجابة لمطالب الشعب الفلسطيني المشروعة.
واختتم رمضان بالقول: "غزة ميدان فروسية، فيها يتبارى فرسان ويترجلون، ومصير الاحتلال خسارة ورحيل، والأيام المقبلة حاسمة في مشهد حرب غير مسبوقة".
وذكر يوسف سلامة، أن "إسرائيل لم تعلم أحدا مسبقا بضرب قنصلية إيران في دمشق، بل وضعت الجميع أمام الأمر الواقع"، قائلا إن "إيران، مجرّد أنها حددت موعدا للردّ وتحدّثت عن التحضير له فهذا يعني أنّها تحاول التفاوض على ثمن لعدم الرد، آمل أن لا أكون مخطئا".
وكتب الباحث في الصراعات والفكر الإسلامي عباس شريفة: "تم الاتفاق على سماح إسرائيل لرد إيراني خلال 48 ساعة القادمة، الرد مشروط بعدم وقوع ضحايا إسرائيليين، وأي خطأ من إيران سيستوجب ردا رادعا من إسرائيل".
واتهم أبو عمار الكك، إيران برفع وتيرة خطابها أنها سترد بـ"هدف قبض ثمن عدم الرد".
وطرح الكاتب والمحلل السياسي في الشؤون الشرق أوسطية، عرابي الرنتاوي، تساؤلات عدة حول ما تطلبه إيران نظير الامتناع عن الرد على عدوان القنصلية في دمشق، ومنها: "هل الثمن المطلوب: وقف الحرب على غزة وإنهاء الكارثة الإنسانية؟، الإفراج عن أموالها المجمدة وتخفيف منظومة العقوبات؟".
وتساءل: "هل الثمن المطلوب على جبهات أخرى: لبنان، اليمن وسوريا؟، هل هناك من لديه الرغبة والقدرة على دفع هذه الأثمان، سواء في واشنطن أو تل أبيب؟، هل وصلت دبلوماسية القنوات الخلفية طريقا مسدودا؟، هل بات الردّ الإيراني حتميا ووشيكا؟، حجمه وحدوده، وكيف سيكون الرد الإسرائيلي على الردّ الايراني؟ ... الأهم، كيف سينعكس كل ذلك على غزة؟".
سيناريوهات الرد
وحديثا عن السيناريوهات المتوقعة وطبيعة الرد الإيراني ضد إسرائيل وتبعاتها، قال أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، تساؤلات عدة، إن هناك أسئلة أكثر من إجابات عن شكل وطبيعة ومنها: "أين وكيف سيكون رد إيران الانتقامي، وما هي طبيعة الرد وحجمه وعمقه ومن أين سينطلق؟".
وواصل تساؤلاته: "أم سيكون الرد من حلفاء ووكلاء إيران من جنوب لبنان والعراق وسوريا واليمن؟ أم سيكون الرد الإيراني باستهداف سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج؟ أم سيكون الرد هجينا يشمل الرد العسكري الصاروخي واستخدام القرصنة الإلكترونية ضد منظومات حواسيب ومواقع إلكترونية حساسة إسرائيلية؟!".
وتابع الشايجي: "أم سيكون الرد محدودا ولا يتجاوز ردة فعل ورد اعتبار وفشة خلق؟!، والأهم من ذلك كله هل سيفرض توازن ردع ويمنع إسرائيل من اعتداءات مستقبلية على الوجود العسكري الإيراني في سوريا؟".
وتمنى الطبيب المصري الدكتور يحيى غنيم، ألا تقصف إيران إسرائيل لأن في هذا القصف حياة لإسرائيل، قائلا إن "الحكومات الغربية المتصهينة -التي تتوارى من شعوبها خجلا وتحاول أن تقلل روابطها علاقاتها مع إسرائيل إرضاء لشعوبها - ستعود علاقاتها بقوة معها، والمبرر أن إسرائيل في مأزق ووسط عالم إسلامي متوحش يريد القضاء عليها".
وأضاف أن الشعوب الأوروبية -التي شبَّت عن الطوق وكسرت حاجز معاداة السامية وعرفت حقيقة الهمجية الصهيونية- ستعاني مرة أخرى من حكوماتها التي ستحاول إعادتها إلى قفص الخرس تجاه المدللة إسرائيل.
وتوقع غنيم، أن "يرفع الإعلام الغربي المتصهين رأسه عالية تعاطفا مع إسرائيل وستقطع رؤوس الإعلاميين الذين أيقظت ضمائرَهم بربرية الجيش الصهيوني في غزة".
وتابع: "أما عرب الردة فسيسارعون في الربط بين حماس وإيران، وأن حماس قد تشيعت وتريد أن تبيع القضية الفلسطينية لإيران، وأن طوفان الأقصى ما كان إلا لمصلحة إيران وثأرا لرأس قاسم سليماني، وأن دماء أهل غزة قد ذهبت هدرا".
وأكد غنيم أن "إيران لن تستطيع أن تقوم بضربة موجعة لإسرائيل-مخافة وقوع حرب مفتوحة بينها وبين أميركا، ولأمور لوجيستية أيضا - مما يجعل هذه الضربة تبيض وجه إسرائيل أكثر مما تعلي قدر إيران، وتفقد المقاومة بعدا إستراتيجيا أكثر مما تسببه لإسرائيل من خسارة ميدانية".
وتابع: "لو أنصفت إيران لقامت بإسناد أكبر لحلفائها في اليمن ولبنان والعراق وأطلقت أيديهم بأكثر من المسموح في التعامل مع إسرائيل وأميركا خيرا من دخولها حربا مباشرة مع إسرائيل!".
وعدد مدير معهد لندن للإستراتيجية العالمية مأمون فندي، سيناريوهات مواجهة إيران مع إسرائيل كرد على ضرب القنصلية، الأول أن إيران لن تفعل شيئا، والثاني أن تستخدم طرفا ثالثا للرد (حزب الله مثلا)، والثالث أن تضرب من أراضيها بمسيرات وصواريخ، والرابع أن تخلق جبهة مواجهة جديدة من الجولان السوري (رد طويل المدى).
وأوضح أن السيناريو الخامس أن تستهدف إيران القواعد الأميركية ليس في العراق وحده بل في بقية دول الخليج، وحذر من أن السيناريو الأسوأ هو المواجهة المباشرة مع أميركا.
وأشار إلى أن السيناريو السادس أن تستغل إيران الظرف لتعلن عن أول اختباراتها النووية، حيث ذكر بأن لديها قنابل نووية مهما كانت قليلة ولكنها موجودة وحقيقية وليست مجرد دعاية.
وتساءل فندي: "ما هي تبعات كل سيناريو على غزة وعلى المنطقة كلها".
وخلص الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية طه أوغلو، إلى أن حادث استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا "يدشن مرحلة جديدة من الصراع بين طهران وتل أبيب، والذي يُرجح أن يظل محكوما بسياسة الفعل ورد الفعل، دون خروج الأمور عن السيطرة، لأن ذلك ليس في صالح أي من الطرفين".
وقال إن ذلك لا يمنع من وجود مخاوف أن تؤدي تلك الهجمات إلى انفلات غير محسوب لهذا الصراع، وبما ينعكس سلبا على الوضع في الإقليم، مشيرا إلى أن الضربة الإيرانية التي تم الاتفاق عليها عبر وسطاء، ستكون لها رسائل عدة، لذلك لا تمانع أميركا في إتمامها بشكل لا يكون له ضرر حقيقي أو آثار صعبة على مواقع ومصالح إسرائيلية.
تشكيك واستبعاد
وتشكيكا في احتمالية رد طهران على تل أبيب، سخرت الكاتبة الصحفية آيات عرابي من الترويج لاستعداد إيران لهجوم على الكيان الصهيوني، من قول مسؤولين أميركيين إن إيران جهزت أكثر من 100 صاروخ كروز من أجل الرد المحتمل.
وقالت إن المشكلة الرئيسة أن البعض يصدق هذه الترهات ويندمج فيها لدرجة أنه ينسى أن غزة تباد وأن عدد الشهداء يزيد يوميا دون الوصول إلى أي حلول حقيقية، مؤكدة أن قصف إيران لإسرائيل "فكرة لا يمكن أن يعتقد بها من يمتلك أدنى معرفة سياسية بثوابت منطقة الشرق الأوسط".
وأضافت أن "من يتصور أن يندلع العداء فجأة بين إيران وإسرائيل بعد سنوات من استخدام إسرائيل وأميركا للمليشيات الإيرانية في سوريا لتحارب مع المجرم بشار الأسد (الذي تحميه إسرائيل) وإزالة أي عوائق أمام نظامه والتخلص من الجماعات المسلحة (التي يعدونها إسلامية-إرهابية)، ومن قبلها للتخلص من السُنّة في العراق وتغيير التركيبة الديمغرافية، فهو واهم ولا يعي من أمر السياسة في المنطقة شيئا".
وأكدت عرابي، أن "كل ما يحدث يعزز من موقف طهران لدى الشعوب المغفلة ويسهم في غسل يد إيران وحزب اللات المجرمين بعد كل الجرائم التي ارتكبوها في سوريا وبعد أن تلوثت أيدي إيران بدماء المسلمين في العراق وسوريا وإعادتهم إلى مربع (المقاومة والممانعة)".
وقالت في تغريدة أخرى: "حتى لو قامت إيران بالرد الموعود حفظا لماء وجهها الذي مسحت به أحذية الكيان الصهيوني وأميركا فستكون ضربة أولا بطريقة كخ كدة، وثانيا ستكون عن طريق أذرعها وعملائها في المنطقة ولن تقوم إيران بضربة مباشرة داخل العمق المحتل".
واتهم الناشط خالد صافي، الجهات التي صدعت الرأس باحتمال حدوث رد إيراني، بأن "لها أهدافا"، موضحا أن "أميركا تريد أن تشغل عن المجازر والإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وتصنع للرأي العالمي من إسرائيل ضحية تتكالب عليها دول المنطقة، وتؤكد على حقها في الدفاع عن نفسها، ودعمها عسكريا وماليا".
وأضاف أن "إيران تريد أن تشغل عن عجزها وخذلانها وتظهر في صورة قوة الممانعة الوحيدة في المنطقة التي تقف في وجه الاستعمار الغربي والإمبريالية، كما تريد أن تظهر نفسها المنافس الكفؤ والند العنيد لأميركا وإسرائيل".
وذكر صافي بالمثل الفلسطيني الذي يقول: "ياما الجمل كسّر مقاطير"، موضحا أن هذه ليست المرة الأولى التي تعتدي فيها إسرائيل على شخصيات ومقدرات إيرانية، وليست المرة الأولى التي سمعنا فيها إيران تتوعد بالرد، قائلا: "للأسف تطغى عواطفنا غالبا على جلاء الصورة الواضحة أمام عيوننا منذ عقود".
ورجا ألا ينسى أن "غزة تباد وفي كل ساعة لا تتحدث فيها عن معاناة أهلها هناك شهداء يرتقون، والاحتلال يريدك أن تعتاد المشهد أو أن تنشغل بغيره..".
ودعا المحامي محمد المسوري، "من يصدق أن إيران ستضرب إسرائيل ليسمع ما قاله وزير خارجية بريطانيا السابق جاك سترو، حول العلاقات الإسرائيلية والإيرانية والتعاون بينهما الذي استمر طوال فترة حرب العراق"، قائلا إن إسرائيل دعمت إيران بالسلاح، ومن سابع المستحيلات أن يكون هناك خلاف إسرائيلي إيراني.
وأكد أن إيران وإسرائيل حلفاء من زمان والتعاون بينهم قائم، كما هو حال دعم إسرائيل للحوثي وأجداده في ثورة 1962، حلفاء شركاء ضد العرب .
وأشارت الناشطة اليمنية توكل كرمان، إلى أنه تقريبا بات معلوما لإسرائيل وأميركا طبيعة ونوع الرد الإيراني، وأين وكيف ومتى، مع عدد الصواريخ والمسيرات التي ستهاجم إسرائيل.
وأكدت أن إيران حرصت على أن يكون كل ذلك معلوما لإسرائيل وأميركا، حتى تستعدا جيدا لإسقاط كل هذه الصواريخ والمسيرات، بما يكفل عدم وقوع أي أضرار بشرية في إسرائيل وهو ما يضمن أيضا عدم حدوث رد فعل انتقامي من قبل إسرائيل.
وذكرت كرمان، أن الرد الإيراني دون أضرار والمبلغ عنه مسبقا حدث قبل ذلك حين الانتقام لاغتيال قاسم سليماني، قائلة إنه سيحدث مرات كثيرة، بعد أن توافق الطرفان عمليا على قواعد للاشتباك بينهما على هذا النحو بإمكان إسرائيل أن تهاجم ما تريد وتغتال من تريد وتقصف المنشآت وأي هدف تريده، وكل رد إيراني سيكون آمنا ومبلغا عنه مسبقا، ودون أن يلحق أي أضرار بشرية في الجانب الإسرائيلي.
وأكدت أن إيران على هذا النحو لا تمثل أي عنصر قوة أو إضافة للكفاح الفلسطيني.
وشددت على أن "فاقد الشيء لا يعطيه، وأن هذا الكفاح المكتفي ذاتيا، تسليحا وتمويلا وجسارة وبسالة واستعدادا لتقديم التضحيات، والمصحوب بتضامن عالمي وتعاطف فاجأ إسرائيل وهي ترى نفسها قد غدت دولة منبوذة يتضرر كثيرا بربطه بإيران ومحورها الانتهازي الزائف، ذي السجل الأسود والجعجعة ولا طحين".
وكتب الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عبدالله عزام، كلمة أخيرة فيما يُنتظر أو يتوقع من ردِّ إيران على إسرائيل، مذكرا بأن هذه ليست المرة الأولى التي تضرب فيها إسرائيل المصالح الإيرانية في المنطقة وتغتال كبار رموزها العسكريين من قيادات الحرس الثوري الإيراني بل تكرر الأمر كرات ومرات وإن كانت المرة الأولى التي تتجرأ فيها إسرائيل على قصف منشأة دبلوماسية إيرانية.
وقال: "من هنا فإن الرد الإيراني والانتقام الذي هددوا وتوعدوا بتنفيذه إذا لم يكن على قدر ما تلقته إيران من ضربات على مدار عقد ونيف فلا قيمة له، وإذا لم تقطف إيران بضرباتها رؤوس رموزٍ في الكيان الغاصب وتقصف منشآت حيوية ولم توجع إسرائيل وتؤلمها فالأحرى بها ألا ترد وأن تحفظ ماء وجهها".