عامان على اتفاق السلام.. لماذا لم ينته الصراع بإقليم تيغراي الإثيوبي؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

لا يزال إقليم  تيغراي الإثيوبي يعاني من الآثار المأساوية التي خلفتها الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2020 بين القوات المتمردة في الإقليم تتقدمها قوات جبهة تحرير شعب تيغراي ضد القوات الحكومية.

في الأثناء، تحذر صحيفة إيطالية من توسع الصراع السوداني وتداعيات النزاعات بين إقليمي تيغراي وأمهرة على بعض المناطق، ليقود نحو ترد أكبر الأوضاع.

لذلك، ترى صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن الإقليم الإثيوبي بعيد جدا عن تحقيق الاستقرار على الرغم من التوصل الى اتفاق لوقف الأعمال العدائية ببريتوريا في جنوب إفريقيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وجاء توقيع الاتفاق على إثر مرحلة من المفاوضات المكثفة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي.

عواقب مستمرة

وتسبب الصراع في شمال إثيوبيا في دمار كبير للإقليم وخلف عواقب كبيرة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.

وبحسب الصحيفة الإيطالية، لا تزال المنطقة تحت احتلال القوات المسلحة الإريترية التي تدخلت في الصراع للقتال إلى جانب نظيرتها الإثيوبية.

وقد وُجهت اتهامات لهذه القوات بارتكاب انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان مثل المجازر والاغتصاب وعمليات نهب.

أضافت الصحيفة أن الإقليم يكافح اليوم من أجل تحقيق التعافي من آثار الحرب الأهلية التي أدت إلى تدمير أهم البنى التحتية على غرار منشآت الرعاية الصحية، وتسببت كذلك في انتشار الفقر والمجاعة على نطاق واسع بين السكان.

وقد بلغت حصيلة الصراع بحسب ما أعلنه الاتحاد الإفريقي في يناير/كانون الثاني 2023 ما يقارب 600 ألف قتيل معظمهم من المدنيين.

وكان الرئيس النيجيري السابق والوسيط الرئيس للاتحاد في محادثات السلام، أولوسيغون أوباسانجو، صرح لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بأن "عدد القتلى بلغ نحو 600 ألف شخص"، وهي أرقام ترى أديس أبابا أنها مبالغ فيها. 

كما تسبب اندلاع توترات جديدة في أبريل/نيسان 2024 بين القوات المسلحة لتيغراي وقوات إقليم أمهرة في منطقة ألاماتا ورايا ألاماتا المتنازع عليها بين الإقليمين في تفاقم الأوضاع المزرية بالفعل.

وكانت الأمم المتحدة قد كشفت عن نزوح ما يفوق 50 ألف شخص من منازلهم جراء الاشتباكات بين الجماعات المسلحة المنتمية للطرفين.

وتعود الأعمال العدائية بين الإقليمين بشكل رئيس إلى النزاع من أجل السيطرة على مناطق رايا جنوب تيغراي، وولكيت غرب الإقيلم، التي كانت قبل اندلاع الحرب الأهلية عام 2020 تابعة إداريا للتيغراي.

إلا أن مليشيات وقوات خاصة من إقليم أمهرة دخلت إلى تلك المناطق فور اندلاع الصراع في الشمال الإثيوبي منذ 4 سنوات تقريبا ونصبت إدارتها الخاصة.

مأساة إنسانية 

واندلع صراع تيغراي في نوفمبر 2020 عقب تصاعد التوترات بين حكومة أديس أبابا والمتمردين التيغراي.

استمر الصراع عامين حتى توقيع اتفاق السلام بجنوب إفريقيا مخلفا نحو 600 ألف قتيل وانتهاكات متكررة لحقوق الإنسان خاصة ضد المدنيين. 

كما أدى التحالف مع إريتريا وإرسالها قوات للقتال إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية إلى تفاقم الوضع العام في المنطقة.

وخاصة في ظل الاتهامات الموجهة لقوات أسمرة بارتكاب بعض المجازر في المنطقة على غرار ما حدث في زالامبيسا.

وانتقدت الصحيفة الإيطالية استمرار صورة عدم اليقين والعنف رغم توقيع اتفاق سلام بريتوريا منذ عامين. 

وأشارت إلى أن القوات الإريترية غير الراضية عن اتفاق السلام، تواصل حضورها في تيغراي اليوم وهو ما يؤدي إلى استمرار دوامة العنف بالمنطقة. 

علاوة على ذلك، تضيف أن العلاقات بين الحكومة المركزية والإقليم المذكور تظل متوترة. 

كما أن الحزب السياسي للإقليم، جبهة تحرير شعب تيغراي، الذي حُرم عام 2021 من إمكانية المشاركة في الانتخابات وأدرج رسميا ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، لا تزال علاقاته بالحكومة المركزية متوترة حتى اليوم. 

وصوت البرلمان الإثيوبي في مارس/آذار 2023 على رفع اسم جبهة تحرير شعب تيغراي من قائمة الإرهاب كواحد من بنود "اتفاقية بريتوريا للسلام".

إلا أن الحزب الرئيس في الإقليم لا يزال غير قادر على المشاركة في الانتخابات الوطنية رغم وجود آفاق جيدة في هذا الصدد للمستقبل، وفق تعبير الصحيفة الإيطالية.

مستقبل غير مؤكد

وأردفت بأن إقليم تيغراي يواجه إلى اليوم عواقب وخيمة للغاية للصراع ولا يزال يتعامل مع الوجود الإريتري والتوازن الصعب مع إقليم أمهرة الذي يخوض حربا ضد الحكومة المركزية الإثيوبية منذ عام 2023.

وزادت أن أعمال العنف اليومية المستمرة في المنطقة تتسبب في ردود فعل مثيرة للقلق، مشيرة في هذا الصدد إلى الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.

في هذا السياق، تذكر اتهامات منظمة هيومن رايتس ووتش التي وجهتها إلى السلطات المحلية وقوات أمهرة الموجودة في الإقليم بمواصلة ممارسات الطرد القسري للتيغراي كجزء من حملة تطهير عرقي في المنطقة منذ اتفاق نوفمبر 2022.

وقالت المنظمة في تقرير نشرته عام 2023، إن "قوات أمن أمهرة والسلطات المؤقتة نفذت منذ اندلاع الصراع عام 2020 حملة تطهير عرقي ضد سكان تيغراي وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وبالنظر إلى إطار أوسع، حذرت الصحيفة من "أن توازن إثيوبيا يبدو هشا للغاية في هذه المرحلة التاريخية، خاصة أنها باتت مهددة بالحرب في السودان (بين الجيش ومليشيات الدعم السريع) التي تقترب أكثر من الحدود الإثيوبية".

في هذا السياق، ألمحت إلى أن زيارة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إلى السودان ولقاءه قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان مطلع يوليو 2024 تندرج في هذا الإطار.

ووصفت الوضع في إثيوبيا بالدقيق والهش إلى حد ما، مشددة على الحاجة إلى المساعدات الإنسانية وتخصيص مساحة أوسع لما يحدث في وسائل الإعلام الدولية.

 واستنكرت أن هذه الأخيرة لا تقدم معلومات متعمقة عن حرب تيغراي وعواقبها مما يؤدي إلى عدم دراية للرأي العام العالمي بما يحدث هناك.