أوسع هجوم على إسرائيل منذ 8 أكتوبر.. وناشطون: أخيرا جاء الرد على اغتيال شكر

3 months ago

12

طباعة

مشاركة

تضاربت الروايات حول نتائج الهجوم الجوي الذي نفذه حزب الله اللبناني على إسرائيل بالصواريخ والمسيرات في وقت مبكر من 25 أغسطس/آب 2024.

وأعلن حزب الله تنفيذه هجوما جويا في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، باتجاه أهداف عسكرية إسرائيلية سيعلن عنه لاحقا، في إطار "الرد على استشهاد القائد فؤاد شكر".

فؤاد شكر قائد عسكري بارز في حزب الله، قضى في 31 يوليو/تموز 2024، في عملية اغتيال نفذتها قوات الاحتلال في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وأوضح حزب الله أنه استهدف خلال عمليته الجديدة عددا من مواقع وثكنات العدو ومنصات القبة الحديدية في شمال ‏فلسطين المحتلة بعدد كبير من الصواريخ.

وأفاد بأن "عدد الصواريخ التي أُطلقت حتى الآن تجاوزت 320 صاروخا تجاه مواقع العدو"، وأن هجماته طالت 11 قاعدة وثكنة عسكرية "تم استهدافها وإصابتها" في شمال إسرائيل والجولان السوري المحتل، معلنا الانتهاء من "المرحلة الأولى" من الرد على اغتيال شكر.

والأهداف الـ11 هي: “قواعد ميرون وجعتون والسهل ونفح ويردن وعين زيتيم، مربضي نافيه زيف والزاعورة، ثكنات كيلع ويوأف وراموت نفتالي”.

وعلى وقع الاستهداف اللبناني، أعلن وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت، حالة الطوارئ في جميع أرجاء الأراضي المحتلة لمدة 48 ساعة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنهم يفعلون كل ما هو واجب لإزالة أي تهديد من حزب الله.

وأضاف أن "الجيش يهاجم في لبنان لإزالة التهديدات على إسرائيل، ووزير الدفاع يقود العمليات"، ودعا المستوطنين للاستجابة للتعليمات الأمنية في ظل تهديدات حزب الله".

وجاءت ضربات حزب الله بعد إعلان إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن 100 طائرة حربية إسرائيلية شاركت في هجوم استباقي استهدف أكثر من 200 موقع في لبنان فجرا، ناقلة عن مسؤولين عسكريين -لم تسمهم- أن "الضربة الاستباقية للقوات الجوية بدأت نحو الساعة 04:30 صباحا.

وأوضح المسؤولون أن الضربة شملت نحو 100 طائرة مقاتلة، أحبطت التهديد في غضون دقائق، ومنعت الهجوم الواسع النطاق على البلاد.

وادعى مصدر إسرائيلي أن القصف على لبنان، أوقف هجوما كبيرا خطط له حزب الله على منشآت إستراتيجية وسط البلاد. 

وسلط ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حزب_الله، الضوء على تضارب الروايات بين الاحتلال وحزب الله، ومحاولة كل طرف إعلان نجاح عمليته، ذاهبين إلى أن العميات ليس لها تأثير على مسار الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

فيما ذهب آخرون للإشادة بحزب الله واحتفوا بتوجيهه مئات الصواريخ تجاه مواقع عسكرية وإستراتيجية للعدو الإسرائيلي، معلنين ترقبهم لما سيعلن عنه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مساء 25 أغسطس.

تضارب الروايات

وتحت عنوان "عن ردّ حزب الله (الأولي) هذا الصباح"، أشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى وجود رؤيتين متباينتين للردّ، وهذا طبيعي في حالة كالتي نتابعها، وخلاصتها أن الطرفين لا يريدان تصعيدا يفضي إلى حرب شاملة، حتى لو قيل إن الطرف الصهيوني يريد ذلك.

وأشار إلى أن الطرف الصهيوني إرادته هنا مرهونة بموقف أميركا التي لم ترَ في رد الحزب هذا اليوم ما يستدعي التدخّل، وتبعا لذلك ما يستدعي ردودا كبيرة (من قبل الكيان نفسه) تفضي إلى تصعيد شامل.

ولفت الزعاترة، إلى أن الرواية الصهيونية تقول إن الحزب "خطّط لإطلاق 6000 صاروخ، لكن ضربة استباقية إسرائيلية (بناء على معلومات) "أحبطت الخطة"، بينما أعلن الحزب أنه "تم الانتهاء من المرحلة الأولى (من الردّ) بنجاح كامل".

وألمح إلى حديث الحزب عن "هدف نوعي"، تم استهدافه (بالمسيّرات) وسيُعلن عنه لاحقا، وهذا الهدف سيعطي للحزب دلالة رمزية على أهمية الرد وكفايته.

وأكد الزعاترة، أن كل ذلك يعني أن الاتصالات والتفاهمات، وحتى الحسابات، التي جرت طوال المرحلة الماضية (بعد اغتيال شكر وهنية) قد أفضت إلى هذه الجولة المحدودة التي لا تؤدّي إلى تصعيد شامل، ولا تؤثر على مسار الحرب على غزة.

وأشار الكاتب ياسر أبو هلالة، إلى حديث الإعلام الاسرائيلي عن إحباط هجوم ضخم لحزب الله، فيما يقول الأخير إن المرحلة الأولى منه نجحت.

وعلق: "قد تكون جولة خاسرة، لكن بعدها جولات، ولا مقارنة بين قدرات أميركا وإسرائيل المصنفة أولى عالميا، وقدرات فصيل مقاوم وإيران".

ورأى أن المهم أن المعركة مع العدو مستمرة ومرهقة له ومستنزفة لقدراته، قائلا إنه لا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر إطلاق النار من قبل حزب الله على مفاوضات اليوم في القاهرة، خاصة في ظل حقيقة أن إسرائيل أحبطت الهجوم.

وأشار الباحث سلطان العجلوني إلى حديث حزب الله ومنظومته الإعلامية عن انتهاء الرد بنجاح مبهر، فيما يتحدث الكيان وحلفاؤه العرب والعجم عن ضربة استباقية ناجحة أفشلت الرد.

وعلق قائلا: "الحقيقة: لا جديد.. لا تغيير في قواعد اللعبة.. وحدها المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس تتقن الرد الموجع الرادع ونبقى كلنا متخاذلين مقصرين".

ورأى الإعلامي القطري جابر الحرمي، أن قواعد الاشتباك لم تختلف كثيرا بين حزب الله والكيان الإسرائيلي حتى اللحظة في العملية الأخيرة التي أعلن عنها الحزب اليوم، وسبقتها هجمات لطائرات إسرائيلية.

ولفت إلى أن الكيان الإسرائيلي يصطاد قادة الحزب في عمليات اغتيال متواصلة، فيما الردود تقتصر - حتى اللحظة - على "مناوشات"، بعيدا عن كسر "عظم" بالكيان الصهيوني.

وتمنى أن يكون "الهدف" العسكري الحيوي الصهيوني الذي أعلن الحزب عن استهدافه دون الكشف عن هويته، هدفا "موجعا" للكيان، لا يقل أهمية عن الرجل الثاني في الحزب فؤاد شكر الذي اغتالته "إسرائيل".

حفاوة بالعملية

واحتفى ناشطون بضربات حزب الله، وأعربوا عن امتنانهم له، مشيدين بمساندته غزة منذ بداية الحرب، وعدوا العملية فاضحة لضعف القدرات العسكرية للاحتلال وكاشفة لنجاح قدرات الحزب الاستخباراتية والعسكرية وإمكانياته في اختراق دفاعات الاحتلال.

وقال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، إن حزب الله شكل منذ بداية الحرب جبهة إسناد وإشغال حقيقية للعدو الصهيوني وفق قواعد اشتباك حددها هو، ونجح في فرضها على العدو في شمال فلسطيـن ودفع مقابل ذلك ضريبةً ثقيلة من رجاله وبنيته التحتية جنوب لبنان.

وأضاف: “قد تكون توقعاتنا لرده أكبر مما كان، وقد تحمل كلمة الأمين العام حسن نصر الله اليوم جديدا تُفند رواية العدو، وقد نشهد في الأيام المقبلة اتساعا أو انخفاضا في الجبهة الشمالية”.

لكن "كل هذا لا يُنسينا أن اليمن ولبنان والعراق كانت إلى جانب غزة في وقت كانت فيه خطوط الإمداد البري والبحري لبعض الدول العربية الأخرى تُغذي العدو الصهيوني بكل ما يتمناه ويحتاجه".

وعرض الأديب والمفكر عمار علي حسن، خريطة توضح المناطق العسكرية التي استهدفها حزب الله اليوم، حسب وسائل إعلامه.

وقال رئيس ومؤسس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده، إن لبنان تساند غزة بالدم، في وقت خانها وتآمر عليها القريب والبعيد، وسيبقى دين لبنان في رقابنا وفي رقاب أجيالنا المتعاقبة إلى أن يأذن الله بنصر عزيز.

وكتب الصحفي سامي كليب: "يبدو أن هجوم الحزب قد أصاب فعلا هدفا عسكريا حسّاسا وربما أكثر، وثمة تعتيم إعلامي إسرائيلي متشدّد، الحزب يقول إن هذه هي الموجة الأولى من الرد، وإسرائيل تقول إنها اكتفت بما فعلت الليلة وإن الكرة في ملعب الحزب".

ورأى محمد رمضان، أن حزب الله نجح في تنفيذ ضربة مزدوجة لإسرائيل وأميركا عبر خداع إستراتيجي محكم حيث أوقع الاحتلال في فخ التحركات الوهمية وكشف ضعف الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

وأكد أن هذا الهجوم النوعي لم يكن فقط ردا على العدوان، بل رسالة قوية تشير إلى قدرة الحزب على اختراق التفوق الاستخباراتي الصهيوني.

تكذيب الاحتلال

وكذب ناشطون الاحتلال الإسرائيلي في إعلانه نجاح ضرباته الاستباقية في ردع حزب الله، مسلطين الضوء على حالة الهزيمة والإحباط التي ظهرت على وجوه قادة مجلس الحرب خلال توجيه الضربة.

وأكد المحلل السياسي ياسين عز الدين، أن الاحتلال لو نجح في ضرب 6 آلاف صاروخ لحزب الله كما يزعم، لأصاب الحزب بالشلل ولاستطاع تقويض منظومته الدفاعية، ولاستمرت الضربات الجوية ولما توقفت واتبعوها بهجوم بري ووصلوا لنهر الليطاني وما وراء الليطاني.

وتوقع الناشط محمد النجار، أن يحاول الجيش الإسرائيلي تعظيم روايته وإنجازاته والزعم أنه دمر القدرة الصاروخية لحزب الله، داعيا لتذكر أن تقديرات الجيش الإسرائيلي السابقة بأن الحزب قادر على ضرب 1000-3000 صاروخ يوميًا لدولة الكيان.

وأكدت المستشارة السياسية ليلى نقولا، أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تخفيف وطأة حصول اختراق بالصواريخ والمسيّرات خلال الاستنفار الأقصى، فيعلن أن الحزب كان يريد أن يضرب أكثر لكنه منعه في ضربة استباقية.

وأضافت: “يبدو أن الإسرائيلي بات يعوّض لجمهوره عن الإخفاق الدفاعي وتساقط الردع الذي حاول مراكمته منذ ١٩٦٧ عبر سلاح الإعلام.”

وأرجع أستاذ العلاقات الدولية حسام مطر، قيام الإعلام الإسرائيلي بإغراق معلوماتي بسيل من الأخبار الكاذبة حول إحباط هجوم بآلاف الصواريخ كان يستهدف عاصمة الكيان، للتغطية على الرد الذي حصل وتهدئة مخاوف المستوطنين وزرع رواية إنجاز في تصورات الجمهور.

وعرض الباحث معاذ حمزة، مقطع فيديو من اجتماع قادة مجلس الحرب، قائلا: "هكذا كانت أشكال قادة الكيان المهزوم عندما أشهروا بأنهم قاموا بضربة استباقية ضد حرب الله، قبل أن تمطرهم المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان بصواريخ نالت العديد من الثكنات والقواعد العسكرية.

وعلق الصحفي نظام مهداوي، على المقطع ذاته، بالقول إن وجوههم مسودة تعبر عن صدمة وألم وخيبة، مؤكدا أن هذه ليست صور وجوه نجحت فعلا في تحقيق ضربة استباقية، بل تعبر عمن لحقته ضربة قوية لم يتوقعها.

وأشار الكاتب السياسي حسن الدر، إلى أن قادة الاحتلال حشدوا كلّ قواهم وقوى داعميهم، وهدّدوا وتوعدوا، وقاموا بضربة استباقيّة بتنسيق مع أميركا، ساخرا من النتيجة.

ونقل عن مصادر إسرائيلية، قولها إن "حزب الله" استهدف مقرّات الموساد والشّاباك والاستخبارات العسكريّة في تل أبيب، مشيرا إلى أن نظرات الخيبة على وجوهكم هي الخبر.

دور أميركي

وعرض الصحفي محمد الزنين، خريطة عدها كاشفة للجهد الاستخباراتي الأميركي بشكل واضح في التعامل مع رد حزب الله، سواء بشكل آني أو استباقي.

إذ تظهر المسيرة الأميركية (MQ-4C Triton) التي تنفذ عمليات استطلاع وتمشيط منذ ساعات على امتداد الساحل الظاهر في الصورة من سواحل لبنان وسوريا حتى غزة.

وأشار الصحفي فايد أبو شمالة، إلى وقوع ضربة مزدوجة لأميركا وإسرائيل، لافتا إلى أن الأميركيين أبلغوا الاحتلال بوجود تحركات في جنوب لبنان وأرسلوا قائد الأركان إلى المنطقة ليتابع عن كثب وينسق مع الاحتلال واتفقوا على توجيه "ضربات استباقية" أملا في منع ضربة الحزب.  

وقال: "اعتقادي أنا أن الحزب ضللهم وأظهر لهم بعض التحركات الوهمية متعمدا ليكشف بعض العملاء وفي نفس الوقت استطاع خداع الدفاعات الجوية الصهيونية والقبة الحديدية من خلال استخدام رشقات الكاتيوشا والصواريخ ( مجموعها ٣٢٠)".

وأضاف أبو شمالة، أن هذا فتح طريقا للمسيرات صاحبة المهمات المحددة ثم دخلت المسيرات ووصلت لأهدافها العسكرية، ولذلك فوجئ الاحتلال بأسراب المسيرات فقام بتحريك الطائرات الحربية لمواجهة المسيرات ومحاولة إسقاطها بسبب فشل الدفاعات الأرضية. 

وأكد أن لو كانت الضربة الاستباقية ناجحة لكانت أحبطت كل عملية الحزب وليس جزءا منها.

وقال مستشار العلاقات الدولية والدبلوماسية قاسم حدرج، إن معايير أهمية الرد ليست مقتصرة فقط على نوعية الهدف وحجم خسائر العدو، بل يضاف إليه معيار لا يقل أهمية وهو التوقيت.

ولفت إلى أن رد الحزب فجر اليوم أتى قبل ساعات من الاجتماع الحاسم في القاهرة ووصول رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي في رسالة واضحة بأن المحور جاهز لوقف النار ولإطلاقها.