انتخابات داخلية قادمة.. ما أسباب تراجع شعبية حزب “السعادة” في تركيا؟
“شعبية حزب السعادة تضاءلت وتكاد تكون معدومة بعد الانتخابات المحلية الأخيرة”
مع كل استحقاق انتخابي في تركيا، تتدهور شعبية حزب "السعادة" بعد تحالفات “هجينة” تختلف مع توجهاته، وفي الوقت الراهن صراع الرئاسة وتحديات السياسة المحافظة والأخلاق داخل الحزب.
و"السعادة" حزب ينتمي إلى الاتجاه المحافظ والإسلامي، ويعد جزءا من حركة "الرؤية الوطنية" (مللي جوروش)، ومن أدبياته “تعزيز القيم الدينية والأخلاقية في الحياة السياسية والاجتماعية”.
أولوية الأخلاق
ونشرت صحيفة "ستار" التركية مقالا للكاتب، إدريس جواهر، قال فيه إن "حزب السعادة لعب دورا هاما في الساحة السياسية التركية، حيث حصل على مقاعد في البرلمان وشغل مناصب حكومية في بعض الأحيان، ويعد صوتا للمدافعين عن القيم الدينية والمحافظين في البلاد".
وذكر الكاتب أن “حزب السعادة سعى منذ تأسيسه إلى تحدي السردية السائدة للعلمانية في السياسة التركية وتعزيز رؤية أكثر إسلامية للبلاد، لذلك حاول البقاء خارج الواقع السياسي العلماني”.
واستدرك: "مع ذلك، واجه حزب السعادة في الآونة الأخيرة بعض المشاكل والتحديات التي أثرت على سمعته ودوره في الساحة السياسية".
واستطرد: "فبسبب خلافاته مع حزب العدالة والتنمية وسياسات الرئيس رجب طيب أردوغان خلال السنوات الأخيرة، انخرط الحزب في تحالف يمثّل العلمانيون الجزء الأساسي فيه".
وأشار الكاتب التركي إلى أن "حزب السعادة شكّل جزءا من (تحالف الشعب) في الانتخابات السابقة مع كل من أحزاب الشعب الجمهوري والمستقبل والجيد والديموقراطي، والديموقراطية والتقدم".
ولفت النظر إلى أن "شعبية حزب السعادة قد تضاءلت وتكاد أن تكون معدومة بعد الانتخابات المحلية الأخيرة، فرغم تحالفه مع حزب المستقبل في العديد من الأماكن، حصل على أصوات تقل عن 1 بالمئة".
جدير بالذكر أن “حزب المستقبل” يقوده رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو الذي استقال من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس أردوغان.
وعلق جواهر: "بالطبع، هناك سبب للبدء بالحديث عن السياسة المحافظة من حزب السعادة، فقد كان يلعب دورا هاما للعديد من المدافعين عن القيم، ولكن في النهاية وصل إلى نقطة انطفأت فيه الشعلة وانهار السقف وسقطت الجدران وتلوثت المصادر الإسلامية والسياسة المحافظة فيه بتأثيرات من مصادر أخرى، ثم جفت تماما للأسف".
وأضاف: "كان الحزب يرى أن الأخلاق هي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الممارسات السياسية واتخاذ القرارات، حيث يهدف الحزب إلى تعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع وتطبيقها في جميع جوانب الحياة العامة والسياسية".
وأشار الكاتب التركي إلى أن "حزب السعادة فقد الكثير من الدعم والتأييد الذي كان يتمتع به في السابق منذ دخوله في عملية التحالف الوطني في الانتخابات عام 2023 حتى يوم طرده من قبل إدارة حزب الشعب الجديدة".
وأوضح أن الحزب من خلال تحالفه هذا قد حقق "شهرة" و"عشرة مقاعد برلمانية" خلال هذه العملية. ومع ذلك، فإن الشهرة التي لا تمثل الحقيقة هي كارثة، وأن الـ10 مقاعد البرلمانية التي تم الحصول عليها لا قيمة لها.
بدء الصراع
وأشار الكاتب إلى أن "هناك اعتقادا بأن كل الخطوات السياسية التي اتخذتها رئاسة تمل كاراملا أوغلو قد فشلت، وفي النهاية تراجعت شعبية الحزب وفقد مطالبته بتمثيل حركة الرؤية الوطنية، وهو البند الأساسي الثابت للحزب".
وتابع: "حيث يعتقد معظم أعضاء الحزب ممّن كانوا قد أسّسوا هذه السياسات بأن هذا الانخفاض في الدعم قد يكون نتيجة لقرارات رئيس الحزب تمل كاراملا أوغلو بعدم اتخاذ قرارات حاسمة وعدم ممارسة السياسة".
واستدرك: “بينما يعتقد البعض أن تمل كاراملا أوغلو يمتلك القدرة على سحب الحزب في اتجاه معين أو اتخاذ قرار، ولكنه لا يظهر الحزم اللازم لتحقيق ذلك”.
وذكر الكاتب أنه "بعد تغيير الرئاسة في الحزب الجيد بعد الانتخابات المحلية في 31 مارس/ آذار 2024، أعلن رئيس حزب السعادة تمل كاراملا أوغلو أيضا أنه سيترك الرئاسة".
وفي حديثه عن هذا الموضوع في البرنامج الذي حضره، ذكر تمل كاراملا أوغلو أن صحته "لم تعد تسمح له بأن يكون الرئيس العام".
وأشار الكاتب إلى أن "إعلان رئيس حزب السعادة بأنه سيترك الرئاسة وعقد مؤتمر في 30 يونيو/ حزيران 2024 يعني بدء صراع جديد للرئاسة داخل الحزب".
وهذا يعني أن هناك عدة أعضاء في الحزب سيتنافسون على منصب الرئاسة، ومن المتوقع أن يتم تقديم مرشحين محتملين خلال المؤتمر وسيتم اختيار الرئيس الجديد من بينهم.
ومع وجود هذا الصراع الجديد قد يحدث انقسام داخل الحزب بين الأعضاء الذين يدعمون مرشحا معينا والأعضاء الذين يدعمون مرشحا آخر، بحسب جواهر.
وقال إن “هذا الانقسام يمكن أن يؤدي إلى حالة من اختلاف الآراء والتوتر داخل الحزب، حيث قد يتم تشكيل تحالفات وتجاذبات سياسية بين المرشحين وأنصارهم”.
وأضاف جواهر أن "الانقسامات والصراعات السياسية شائعة في الأحزاب، حيث تعكس التنوع واختلاف الآراء، ومع ذلك فإن هذه الصراعات قد تؤثر على استقرار الحزب وقدرته على تحقيق أهدافه بشكل فعال".
لذا، فإن إدارة هذا الصراع وتعزيز الوحدة والتعاون بين الأعضاء “ستكون مهمة حاسمة للحزب من أجل الحفاظ على استقراره وقوته السياسية”.
ولفت الكاتب إلى أن "الآراء تتجادل حول ما إذا كان سيتم تحديد الرئيس الجديد من قبل المجلس الإداري العام أم المجلس الاستشاري الأعلى.. هذه الجدليات تشكل أرضية للصراع النظري والمعركة الفكرية".
واستدرك: “لكن ماذا سيحدث بعد ذلك؟ في النهاية، إذا لم يتم تحقيق الوحدة والتضامن بين أعضاء السعادة، فقد يزداد الخلاف داخل الحزب ويمكن أن يتسبب في الضرر للحزب نفسه”.
وشدد جواهر أن “إدارة الصراعات الداخلية في الحزب وتعزيز الوحدة والتعاون بين الأعضاء هي مهمة حاسمة”.