قوانين جديدة في تونس.. كيف يمهد قيس سعيّد لولاية ثالثة؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

بعد أيام فقط من إعادة انتخابه رئيسا في تونس لولاية ثانية بنسبة تصويت مشكوك فيها، بدأ قيس سعيّد بسرعة استعداده للاستحقاقات الرئاسية المقرر عقدها في عام 2029.

وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، إن "سعيد يسعى بالفعل إلى إجراء تعديلات مؤسسية يمكن أن تسمح له بالترشح لولاية أخرى في المستقبل".

كواليس قانونية 

وأشارت المجلة إلى أن "البرلمان التونسي بدأ العمل تحت قيادة رئيسه، إبراهيم بودربالة، على إعداد قوانين جديدة لتعزيز سلطات الرئيس وتسهيل استمراره في الحكم".

ولفتت إلى أنه "بشكل عام، قد تثير هذه التحركات جدلا سياسيا واسعا في تونس، في ظل تساؤلات حول شفافية العملية الديمقراطية واستقلالية المؤسسات في البلاد".

وبقولها إنه "لا هدنة في البرلمان التونسي"، تُذكّر المجلة الفرنسية بأن "النواب كانوا قد كُلفوا بتعديل القانون الانتخابي قبل عشرة أيام من الانتخابات الرئاسية التي أجرت في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2024".

وأضافت "حاليا، يستعد المجلس في الكواليس لسن قوانين جديدة تحت إشراف رئيسه، بودربالة".

ونقلا عن بعض النواب الذين تحدثوا بشكل واسع عن التغييرات المرتقبة، أشارت المجلة إلى أن "المحامي السابق، الذي لم يحصل على رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، يقود التحركات الداعمة لطموحات سعيد من خلال منصبه في رئاسة مجلس النواب".

وبالحديث عن هذا الموضوع بشكل أكثر تفصيلا، أوضحت "جون أفريك" أن "بودربالة يعتزم إعادة تفعيل مشروع قانون لم يُعتمد من قبل البرلمان في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي".

ويقترح هذا القانون "تمديد ولاية عميد المحامين من ثلاث إلى خمس سنوات لتتوافق مع ولاية رئيس الجمهورية".

وفي تحقيقه لهذا الهدف، يعتمد العميد السابق، الذي لا يزال يتمتع بنفوذ داخل هيئة المحامين، على تلميذه وخليفته حاتم المزيو لتوجيه المحامين.

ولكن في المقابل، أضافت المجلة أن "بودربالة سيتعين عليه أيضا إسكات النواب الذين يصرون على تمرير قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل". 

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، رُفعت الجلسة العامة المخصصة لاعتماد النص وتأجيل النقاش، بعد تدخل من قصر قرطاج.

ولكن منذ ما يقارب العام، يواصل بعض النواب السعي لإعادة طرح هذا الموضوع، "حتى لو تسبب ذلك في إحراج السلطة"، على حد وصف المجلة.

العودة للصفر

وفي غضون ذلك، لفتت "جون أفريك" إلى أنه "باقتراح من مقربين من الرئيس، من المتوقع أن يتقدم بعض النواب بمبادرة ذات شقين بشأن الولاية الرئاسية". 

ويشير الشق الأول إلى أن "الخمسية الرئاسية الأولى، التي بدأت في عام 2019، تُنسب إلى دستور 2014".

إلا أن هؤلاء النواب يرون أن "دستور 2022 يعيد العد إلى البدء مجددا من الصفر، مما يتيح لسعيد الترشح مجددا في عام 2029".

أما الشق الثاني من مقترح القانون فهو مقدم من النواب الأكثر تأييدا للرئيس، والذين يرغبون في إقرار أنه "في حال اضطراره، لأي سبب كان، إلى قطع ولايته، يتولى شخص يختاره بنفسه متابعة المهام ويتولى خلافته".

وهذه وسيلة -في رأي المجلة- لـ"تجاوز غياب المحكمة الدستورية وضمان استمرارية سياسات الرئيس".

وتعاني تونس أزمة سياسية حادة منذ أن بدأ سعيد انقلابه في 25 يوليو/ تموز 2021، شمل حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية ومنح لنفسه صلاحيات واسعة، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

ورفضت عدة قوى سياسية نتائج الاستفتاء على دستور 2022، على غرار "جبهة الخلاص الوطني"، و"حركة النهضة"، "والحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء (ائتلاف لخمسة أحزاب يسارية)"، على اعتبار أن "75 بالمائة من الشعب لم يشاركوا في الاستفتاء عليه".

وتشدد قوى تونسية أن هذه الإجراءات تمثل "انقلابا على دستور (2014) الثورة وترسيخا لحكم فردي مطلق"، وهو ما بدا باعتقال وقمع المعارضين.

ولم يكن العالم بحاجة لاكتشاف حجم التزوير الواسع في انتخابات 6 أكتوبر التي فاز فيها سعيد بنسبة 90.69 بالمئة من الأصوات، بعدما فوجئ الجميع بأنه تفوق على الديكتاتور الأسبق زين العابدين بن علي.

وطيلة فترة الرئاسة، شابت التوترات علاقة سعيد بمجموعات المعارضة السياسة، وتصاعدت أكثر منذ 11فبراير/ شباط 2023، حيث اعتقلت السلطات عددا من رموز المعارضة.

وشملت القائمة منذ ذلك الوقت، غازي الشواشي (وزير سابق وأمين عام سابق للتيار الديمقراطي)، وعصام الشابي أمين عام الحزب الجمهوري، وعبد الحميد الجلاصي القيادي السابق في حركة النهضة، وجوهر بن مبارك أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية.

وفي 17 أبريل/ نيسان 2023، اعتقلت السلطات رئيس حركة النهضة، رئيس البرلمان راشد الغنوشي.