حفنة من المحتكرين يسيطرون على سلع غزة الأساسية.. صحيفة إسبانية تفضحهم

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، سمح الكيان فقط لمجموعة مصغّرة للغاية من التجار لاستيراد السلع، وقد أدى هذا الوضع إلى احتكار السوق على الرغم من تواصل الأزمة الإنسانية الخطيرة.

وبعد حصار شامل في البداية، سمح الكيان باستئناف الشحنات التجارية إلى غزة أواخر سنة 2023. 

ومنذ ذلك الحين، لم تمنح حقوق الاستيراد إلا لمجموعة صغيرة من الشركات الفلسطينية. وبالتعاون مع شركة مصرية كبرى، احتكرت هذه المجموعة السوق وأنشأت تجارة مربحة لتنسيق ونقل ودخول البضائع التجارية إلى القطاع.

ووفقا لقاعدة بيانات من غرفة تجارة غزة اطلعت عليها صحيفة إلباييس الإسبانية، خلقت هذه المجموعة رسوما على تنسيق العمليات التجارية، والتي لم تكن موجودة من قبل الحرب؛ وكبَّدت التجار المتضررين أكثر من مليار دولار حتى 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025. 

خمس شركات كبرى

وقد ألقيت هذه التكاليف الباهظة التي لا تشمل نفقات النقل وشراء السلع الإضافية، على عاتق المستهلكين في غزة.

ونتج عن ذلك ارتفاع كبير في الأسعار، بما في ذلك أسعار السلع الأساسية كالغذاء، وانخفاض حاد في القدرة الشرائية وسط أزمة إنسانية حادة.

وبينت الصحيفة أن احتكار استيراد البضائع التجارية إلى غزة استقرّ في الأشهر الأولى من الحرب. 

في البداية، منحت إسرائيل خمس شركات فلسطينية حق استيراد البضائع إلى غزة، وفقا لتقرير صادر عن وزارة الاقتصاد التابعة للسلطة الفلسطينية. 

إلا أن الوزارة تؤكد أن الشركات المختارة ليست "متخصصة في استيراد وتسويق المنتجات الأساسية"، وأن دورها اقتصر على التنسيق مع إسرائيل "لنقل البضائع وإدخالها إلى الأسواق لصالح تجار آخرين".

في هذا السياق، قال عايد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة غزة، لصحيفة "إلباييس": "إذا أراد تاجر استيراد السكر أو الأرز أو الدقيق، وهو ليس من ضمن هؤلاء الشركات الخمس، سيتعيّن عليه طلب استخراج تصريح لدخول شاحناته إلى غزة من أحد عناصر هذه المجموعة، ويضطر لدفع رسوم لكل شاحنة. هكذا بدأت القصة".

وأضاف متحسرا: "من الواضح أن هؤلاء الخمسة سيحتكرون السوق ويرفعون الأسعار، ولن يتمكنوا حتى من تلبية احتياجات السوق بأكملها".

ونقلت الصحيفة أن غالبية البضائع التجارية المستوردة إلى غزة تصل من مصر. وتولت شركة "أبناء سيناء"، إدارة الخدمات اللوجستية لهذه الشحنات إلى الحدود. 

كما سهّلت شركة أخرى تابعة للمجموعة، تُدعى "هلا"، مغادرة الغزيين إلى مصر حتى مطلع سنة 2024 مقابل دفعات مالية بلغت عدة آلاف من الدولارات للشخص الواحد.

خلال تلك الفترة الأولية التي استمرت حتى منتصف مايو/ أيار 2024، حين احتل الجيش الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر وأغلقه، فرضت خمس شركات فلسطينية رسوم تنسيق على تجار غزة تتراوح بين 10 آلاف و20 ألف دولار للشاحنة الواحدة، بحسب نوع البضائع. 

وفرضت شركة أبناء سيناء رسوما ومصاريف بلغت حوالي ألف دولار، وقدمت معاملة تفضيلية للمستوردين الغزيين مقابل تسعة آلاف دولار.

امتيازات الاستيراد

وبعد إغلاق معبر رفح، واستجابة لشكاوى أصحاب الأعمال في غزة، حوّلت إسرائيل دخول البضائع إلى غزة إلى معبر كرم أبو سالم، الخاضع لسيطرتها الكاملة، وزادت عدد امتيازات الاستيراد.

وبالمثل، اضطرت بعض المنظمات الإنسانية التي تدير عمليات إيصال المساعدات إلى غزة إلى دفع مبالغ مالية لشركات تابعة لهذه المجموعة الاحتكارية. 

وفي سنة 2024، منحت أكبر ثلاث عقود لوكالات الأمم المتحدة في مصر لمجموعة أبناء سيناء بقيمة إجمالية بلغت 42,4 مليون دولار، وفقا لبوابة الشفافية التابعة للأمم المتحدة.

وأوردت الصحيفة أن المشهد تغيّر مرة أخرى في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، عندما أغلقت إسرائيل منصة إدارة الواردات مع القطاع الخاص، وقيدت دخول البضائع إلى القطاع الإنساني، باستثناء غاز الطهي. 

ومع ذلك، لم تتوقف حركة التجارة تماما؛ إذ بيعت بعض السلع الأساسية التي دخلت كمساعدات إنسانية للقطاع الخاص، وفقا لتقرير صادر عن اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية.

خلال هذه الفترة، ارتفعت مدفوعات التنسيق بشكل كبير. فبلغت قيمة مدفوعات تنسيق المواد الغذائية الأساسية 27 ألف دولار لكل حمولة شاحنة، بينما وصل المبلغ المطلوب لمنتجات النظافة والملابس 216 ألف دولار. 

وبين أكتوبر 2024 ووقف إطلاق النار في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، تجاوز إجمالي مدفوعات التنسيق 430 ألف دولار، موزعة على خمسة آلاف حمولة شاحنة فقط.

حصار شامل

منذ بداية وقف إطلاق النار وحتى إعادة فرض إسرائيل حصارا شاملا على غزة في مارس/ آذار 2025، ازداد عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية يوميا، إلا أن حوالي 60 بالمئة منها كانت تنقل بضائع للقطاع الخاص. 

وكانت الشاحنات القادمة من مصر تدفع رسوما ثابتة قدرها 20 ألف دولار للشاحنة الواحدة، بينما كانت الشاحنات القادمة من الضفة الغربية والأردن وإسرائيل تدفع ما بين 16 ألفا و27 ألف دولار.

وبدأت المرحلة الخامسة من هذا المخطط بإعادة فتح المعابر الحدودية في منتصف مايو، قبيل بدء مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة غامضة سعت إسرائيل من خلالها إلى تشديد سيطرتها على المساعدات، عملياتها. 

وخلال هذه الفترة، تراوحت رسوم التنسيق بين 30 ألف دولار و80 ألف دولار لكل حمولة شاحنة.

وإلى غاية اليوم، لا تزال إسرائيل تقيد دخول البضائع إلى غزة. كما تحافظ مجموعة من أقل من 10 تجار محليين على امتيازات لاستيراد المنتجات الأساسية، وما زالوا أوفياء لعملية فرض رسوم تنسيق عالية على البقية، وفقا لمعلومات تم تقديمها لصحيفة "إلباييس" من مركز التنسيق المدني العسكري، الذي أنشأته الولايات المتحدة في إسرائيل كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع حماس.

ويؤكد أبو رمضان أن إسرائيل تفتقر إلى معايير واضحة لاختيار تجار محددين لاستيراد البضائع إلى غزة.