غزة وليبيا والسودان.. ماذا وراء زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة؟
"زيارة فيدان إلى مصر كشفت عن ردم مساحة أخرى من الفجوة بين القاهرة وأنقرة"
أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في 5 أغسطس/ آب 2024، زيارة إلى القاهرة شهدت محادثات بخصوص ليبيا والسودان والعدوان الإسرائيلي على غزة مع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية بدر عبد العاطي.
ونشرت وكالة الأناضول التركية مقالاً للكاتب "إسماعيل نعمان تيلجي" سلط فيه الضوء على هذه الزيارة وسر توقيتها في ظل التوتر المتصاعد بعدة دول في الشرق الأوسط.
مصالح مشتركة
وقال الكاتب إن زيارة فيدان إلى مصر كشفت عن ردم مساحة أخرى من الفجوة بين القاهرة وأنقرة. وهذا ينعكس على مواقفهما من بعض القضايا الإقليمية.
وظهر التفاهم حول نوع جديد من القواسم المشتركة التي تسمح لكليهما بالتعامل مع التطورات المقبلة بما يحافظ على مصالح كل دولة.
ودعا السيسي، خلال لقائه مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مدينة العلمين شمال غرب القاهرة، إلى تضافر جهود القوى الفاعلة والمجتمع الدولي للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإتاحة الفرصة للحلول السياسية والدبلوماسية.
وركزت فيدان لمصر على العلاقات الثنائية وحل الأزمة التي تتمركز حول العدوان الإسرائيلي على غزة، بالإضافة إلى تطورات ليبيا، وقضايا الأمن المتعلقة بالقارة الإفريقية بما في ذلك السودان والصومال.
وأشار الكاتب إلى أن الحوار بين تركيا ومصر تركّز في الشهور الأخيرة حول القضايا الإقليمية بعد عملية التطبيع بين البلدين.
تبعاً لذلك، بدأت أنقرة والقاهرة في اتخاذ مواقف متطابقة بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، وفي قضايا ليبيا والبحر المتوسط أيضاً.
وأشار الكاتب إلى أن هذه العلاقة في السياسة الخارجية جعلت البلدين يقتربان من بعضهما بعضا وأسهم في زيادة التفاعلات المتبادلة.
وتأتي زيارة فيدان في سياق ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين، وتركيزها على الاجتماع بنظيره المصري الجديد بدر عبد العاطي والذي تم تعيينه في التغيير الوزاري الأخير.
وذكر الكاتب أن إحدى أولويات الاجتماع أيضا كانت زيارة السيسي المنتظرة إلى تركيا.
ومن المتوقع أن يتم خلالها توقيع حوالي 20 اتفاقية في أول اجتماع للمجلس الإستراتيجي العالي للتعاون على مستوى عالٍ بين أردوغان والسيسي.
ومن أحد الأهداف من هذا التقارب زيادة حجم التجارة بين البلدين من 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار في المستقبل القريب.
منطقة ملتهبة
وفيما يتعلق بليبيا والسودان، فإن الأزمتين تشكلان أرضية قوية لاختبار العلاقات الثنائية بشكل إيجابي وتعزيز قنوات التعاون. فليبيا منطقة مهمة يتابعها كلا البلدين منذ عام 2011.
وبالنسبة لمصر فإنَّ الاستقرار والسلام في ليبيا، التي تشترك مع مصر في الحدود البرية الشرقية، يعني وقف التهديدات الناجمة عن الحرب الأهلية المحتملة واستمرار دخول العمال المصريين الذين يعدون مصدرا مهما للعملة الصعبة في الاقتصاد المصري.
من ناحية أخرى، يمكن اعتبار تحقيق تركيا مكاسبها في ليبيا قوة دافعة نحو تحقيق الوحدة والتكامل في البلاد.
فعلى سبيل المثال، بحلول عام 2022 أصبح لدى تركيا نفوذ قوي على اللاعبين السياسيين والعسكريين في الغرب، وبدأت في نقل هذه العلاقات إلى الشرق في نهاية عام 2021.
وبالمثل، في عامي 2014 و 2019 كان هناك زيادة في التواصل الدبلوماسي بين مصر وحليفها خليفة حفتر.
وبناءً على هذه الخلفية فإنّ زيارة وزير الخارجية فيدان إلى مصر تأتي في وقت تعلن فيه تركيا إعادة فتح قنصليتها العامة في بنغازي وتعزيز اتصالاتها مع حفتر.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن صندوق التنمية وإعادة الإعمار التابع للبرلمان الليبي الموجود في طبرق أن الشركات التركية والمصرية ستتولى مشاريع البنية التحتية والإنشاءات في المنطقة بعد كارثة درنة.
لذلك، تكمن أهمية زيارة وزير الخارجية فيدان في تعزيز الالتزامات السياسية والاقتصادية لتركيا في شرق ليبيا.
بينما في السودان، أدت الاشتباكات التي بدأت في أبريل/ نيسان 2023 إلى أزمة إنسانية خطيرة.
ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة قُتِل 10 آلاف شخص في هذه الاشتباكات ونزح 5.6 ملايين شخص من منازلهم.
حيث يهاجرون إلى مناطق النزاع الأكثر خطورة مثل إريتريا وإفريقيا الوسطى وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان.
ولذلك فإنّ تركيا ومصر تلعبان دورا مهما في إنهاء الحرب الأهلية في السودان وتحقيق سلام دائم، من أجل الاستقرار الإقليمي.
على غرار ليبيا قام كلا البلدان بتطوير علاقات مع أطراف مختلفة في السودان في الفترة الأخيرة، وتمّ بذل جهودٍ لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ويمكن أن تسهم جهود تركيا ومصر في التوسط وتقديم المساعدات الإنسانية في مرحلة حل النزاعات في السودان في تحسين ظروف المعيشة للسكان وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
أما بالنسبة لوقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، فكانت هذه أحد المسائل التي ناقشها فيدان مع نظيره المصري.
في هذا السياق، زار فيدان مدينة العريش على الحدود مع غزة واطلع على الجهود المبذولة لتقديم المساعدة لغزة.
وأشار فيدان إلى الأزمة الإنسانية في غزة وأكد أن الوضع في المنطقة يتدهور يوماً بعد يوم.
ومن الممكن أن تتصاعد خطوات تركيا ومصر لوقف عدوان إسرائيل على غزة. ويتجلى ذلك في تصريحات السيسي وأردوغان في الآونة الأخيرة التي حملت تهديدات واضحة لإسرائيل.