يحجب المساعدات ويهاجم دولها.. هكذا "يرسخ" ترامب الوجود الصيني بإفريقيا

"بفضل ترامب باتت الصين تُرى في إفريقيا أكثر من أي وقت مضى كقوة بديلة"
يوما بعد آخر، تتوالى انعكاسات السياسات الجدلية التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض تجاه القارة الإفريقية.
وتفاعلا مع هذا الملف، تقول مجلة "جون أفريك" الفرنسية، إن سياسات ترامب أدت إلى تراجع النفوذ الأميركي في إفريقيا، مما أتاح فرصة ذهبية للصين لتعزيز نفوذها في القارة.
وتتناول المجلة في هذا التقرير تحليلا لهذا التحول، موضحة كيف أن قرارات ترامب، بدءا من إضعاف وكالة التنمية الأميركية "USAID" وصولا إلى هجومه على جنوب إفريقيا، أضرّت بالمكانة الأميركية وأفادت بكين بشكل مباشر.
وفي قلب هذا التحليل، تبرز المجلة دور مجموعة من رجال الأعمال الجنوب إفريقيين الذين يدورون في فلك ترامب، ومن بينهم إيلون ماسك، الذين يحملون موقفا معاديا لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في بريتوريا.

تصفية حسابات
تستهل المجلة الفرنسية تقريرها بالتأكيد على أنه لا يمر يوم دون أن تصدر من واشنطن تصريحات أو صور أو مقاطع فيديو أو رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي أو توقيع مراسيم تثير الجدل والدهشة.
وفي إفريقيا بالتحديد، تثير الخطوات الأولى لدونالد ترامب في البيت الأبيض ردود فعل متباينة على أقل تقدير، على حد قول المجلة.
وبالإشارة إلى رجال الأعمال الذين يحيطون بترامب، تبدأ المجلة بالحديث عن إيلون ماسك، قائلة: إنه "لم يستثمر أبدا ولو دولارا واحدا في بلده الذي وُلد ونشأ فيه، ولم يسهم في أي عمل خيري هناك".
بل تضيف المجلة أنه "سحب شركته من مناقصة؛ لأنه لا يتقبل قانون التمييز الإيجابي لصالح السود".
أما الرجل الثاني فهو ديفيد ساكس، قيصر الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، كما وصفته المجلة.
بالإضافة إلى رولوف بوثا، والذي تقول عنه “جون أفريك”: إنه "يحمل اسما شهيرا؛ إذ يكون حفيد بيك بوثا، آخر وزير خارجية في نظام الفصل العنصري الأبارتيد".
وفي هذا الصدد، يلاحظ فرانسوا سودان، مدير تحرير “جون أفريك”، أن "كل هذه الشخصيات المثيرة للجدل المحيطة بترامب تبدو كأنها منخرطة في نوع من تصفية الحسابات التاريخية مع بلدها الأم، بذريعة الدفاع عن مصالح مجتمع الأفريكانرز، الذين يمثلون أقل من 7 بالمئة من سكان جنوب إفريقيا".

بكين: القوة البديلة
ولفت مدير تحرير المجلة الفرنسية إلى وجود مفارقة لدى الأفارقة فيما يتعلق بتصوراتهم إزاء سياسات ترامب.
فبينما تضر سياساته بشكل أو آخر بالقارة، إلا أن الأفارقة قد ينظرون لبعض سياساته بنوع من الانبهار، حسب سودان.
وهنا، يلفت سودان إلى أن "أنصار السيادة الانقلابية السائدة في منطقة الساحل يرحبون بالطريقة التي يعامل بها الرئيس الأميركي القوى الاستعمارية الأوروبية السابقة".
ولكن في المقابل، وبعيدا عن مواقف ترامب من المستعمِرين السابقين، يؤكد سودان أن أحد القرارات الأولى التي اتخذها دونالد ترامب كان له بالفعل عواقب وخيمة على القارة؛ وهو قرار تعليق تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID".
"وهذا النضوب في الأموال الأميركية، التي تدعم مشاريع تتعلق بالصحة العامة والتنمية الاقتصادية وتعزيز سيادة القانون، يثير مخاوف كبيرة، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا"، كما توضح المجلة.
ومن ناحية أخرى، يعتقد مدير تحرير "جون أفريك" أنه "على الصعيد الدبلوماسي، يتخلى دونالد ترامب، من خلال تصفية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" بشكل شبه كامل، عن أحد أهم أدوات النفوذ الأميركي في القارة الإفريقية".
وأردف: "وبذلك، فإنه يقدم خدمة على طبق من ذهب للرئيس الصيني، شي جين بينغ، الذي يبرز أكثر من أي وقت مضى أمام نظرائه في القارة كشريك عقلاني وموثوق ومستقر".
وهنا، تختتم المجلة تقريرها بإبراز أن النتيجة أصبحت -في النهاية- أن "الصين تُرى في إفريقيا أكثر من أي وقت مضى كقوة بديلة".