"تتحدى مصالح أميركا وعقوباتها".. ما دوافع اختيار بريكس 6 دول جديدة للتوسع؟

12

طباعة

مشاركة

في إطار توسع مجموعة دول البريكس، ودعوتها لضم 6 دول إليها، تبحث صحيفة "ألف" الإيرانية انعكاسات ذلك على النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وتستهل الصحيفة تقريرها بمحاولة الإجابة على أسئلة من قبيل، لماذا تخشى أميركا وحلفاؤها من تطور مجموعة البريكس؟ وما الأسباب الحقيقية وراء اختيار الأرجنتين وإثيوبيا ومصر والسعودية والإمارات وإيران؟

هيمنة متراجعة

ووفقا لادعاءات الصحيفة، فإن تطور مجموعة البريكس كدليل على صعود قوة الدول النامية والجنوب العالمي، يشير بشكل موضوعي إلى سقوط وتراجع الهيمنة الأميركية ومطالباتها وقيمها الأيديولوجية".

مدعية أن "الاستثناء الأميركي" سقط هو الآخر، حيث يشير "الاستثناء الأميركي" إلى قناعة الولايات المتحدة بأنها أفضل دولة في العالم، وتتصور أن هذه الدولة لا بد أن تكون هي القوة المهيمنة والرائدة في السياسة العالمية.

وأضافت: "وبناء على هذه النظرة الأميركية، فإن أميركا تفترض أن أصدقاءها وأعداءها يجب عليهم جميعا اتباع ما تمليه واشنطن في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية".

وأردفت: "وفي هذا الاتجاه، تريد الولايات المتحدة أن تأخذ ولا تعطي، ولا تود أن تتنبه إلى أن بعض سياساتها وإجراءاتها قد تضر بدول العالم ومصالحها".

وتنتقل الصحيفة إلى الحديث عن انعقاد الاجتماع الخامس عشر لدول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، أواخر أغسطس/ آب 2023.

وحسب الصحيفة الإيرانية، أتى هذا الاجتماع بعد عدة أشهر من الإعراب عن الرغبة في توسيع عضوية البريكس.

وعليه، انبثق الاجتماع عن دعوة 6 دول للانضمام إلى المجموعة.

وهذه الدول هي الأرجنتين وإثيوبيا ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات وإيران.

ووفقا للصحيفة، قوبل تطوير البريكس إلى حد كبير برد فعل سلبي من وسائل الإعلام الغربية.

وحول سبب انزعاج الدول الغربية من هذا التوسع، ذكر التقرير أن "أعضاء مجموعة البريكس الستة الجدد هم أعضاء أقوياء، ويمكنهم لعب دور في تشكيل عالم متعدد الأقطاب".

وأتبعت: "وفي حين أن مجموعة البريكس لا تستهدف دولا أخرى، فإن تطوير البريكس يأتي جزئيا استجابة للتهديدات التي فرضتها الهيمنة الأميركية على العالم". 

فعلى سبيل المثال، تواجه إيران عقوبات واسعة النطاق من الحكومة الأميركية منذ عقود. 

وقد خلقت هذه العقوبات العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية للشعب الإيراني، حسب الصحيفة.

وتعليقا على دخول إيران مجموعة البريكس كعضو دائم، رأت الصحيفة أن ذلك يحمل رسالة مفادها أن "البريكس تحاول تحدي نظام العقوبات أحادية الجانب، والتزامها بالتنمية السلمية للبلدان الأعضاء".

وفيما يتعلق بوجود الأرجنتين في المجموعة، عدّت الصحيفة الإيرانية أن وجودها مرتبط -إلى حد كبير- بالنهج الأميركي السلبي تجاه دول أميركا اللاتينية، وهي المنطقة التي عدتها الولايات المتحدة لسنوات طويلة منطقة نفوذ خاصة بالنسبة لها.

وادعت الصحيفة أن "الإصلاحات النيوليبرالية التي نفذتها الولايات المتحدة لعبت دورا مهما ورئيسا في إفقار اقتصاد الأرجنتين". 

حيث استفاد العديد من عمالقة وول ستريت استفادة كاملة من أزمة الديون في الأرجنتين ونهبوا الثروة الوطنية للبلاد بدعم رسمي من حكومة الولايات المتحدة.

ولذلك فإن "عضوية الأرجنتين في البريكس تعد علامة على تركيز المنظمة على أهمية السيادة الاقتصادية للدول النامية"، حسب "ألف".

تغير الحسابات الجيوسياسية

علاوة على ذلك، تنظر الصحيفة التحليلية إلى عضوية مصر وإثيوبيا والمملكة السعودية والإمارات في منظمة البريكس بصفته "يمثل تغيرا كبيرا في الحسابات الجيوسياسية للقارة الإفريقية وغرب آسيا".

ويعود التقرير بالتاريخ إلى الوراء، وتحديدا إلى ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، حيث طرحت الولايات المتحدة فكرة "نهاية التاريخ".

وهو ما حدا بها، حسب التقرير، إلى الاتجاه نحو الاستحواذ على الموارد الإستراتيجية في المناطق الغنية من العالم لتحتفظ بقدرتها على الهيمنة.

"وقد دفع ذلك الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى مهاجمة دول مختلفة في جميع أنحاء العالم"، أضاف التقرير.

وأتبع: "وبالطبع، نسجت الولايات المتحدة خلال تلك الفترة علاقات عميقة ومتشعبة ومعقدة مع أصدقائها، لكنها علاقات غير متكافئة بحال من الأحوال".

وضرب التقرير المثال بعلاقات الولايات المتحدة الجيوسياسية مع السعودية، باعتبار أنها أحد أهم العلاقات الخارجية لأميركا.

حيث سيطرت واشنطن من خلالها على سوق الطاقة العالمي إلى حد كبير، وذلك بسبب الشراء المكثف للنفط السعودي بالدولار الأميركي.

ويعقب التقرير: "في هذه الأثناء، دعونا نلاحظ أن الدولار الأميركي كان العملة الرئيسة والأكثر أهمية للمعاملات والتجارة الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية". 

لكنه استدرك قائلا إن ذلك الوضع وتلك المعادلة "لم تعد تبدو مستقرة ومتينة إلى حد كبير".

وأردف: "كذلك كانت لمصر وإثيوبيا والإمارات أهمية كبيرة في إطار الحفاظ على المصالح الأميركية الأكبر في شمال إفريقيا وغرب آسيا". 

ورأى أن "التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية لهذه البلدان والمناطق المختلفة حول العالم منحها حوافز كبيرة للانضمام إلى منظمة البريكس". 

وأكمل: "وفي حالة إثيوبيا تحديدا، هددت حكومة بايدن بفرض عقوبات على هذا البلد بسبب التوتر والصراعات في منطقة تيغراي". 

وأضاف: "كما تلقت حكومات إفريقيا وغرب آسيا العديد من التهديدات من الولايات المتحدة، على شكل تحذيرات من أن استمرار تجارتها مع روسيا في خضم الحرب في أوكرانيا قد يؤدي إلى فرض عقوبات وأشكال أخرى من العقوبات ضدها".

مصالح مشتركة

وشدد التقرير على أن البريكس ليس مجرد منظمة ترفض السياسات الأميركية، لكنها كذلك تفيد هذه الدول وتجمعها مصالح مشتركة، وفي كثير من الحالات تكون اقتصاداتها متكاملة بشكل أو آخر.

مضيفا أن "المنظمة لا تقدم بدائل مربحة للجانبين مقارنة بالنظام المالي والتجاري الذي تقوده الولايات المتحدة فحسب، بل لديها أيضا سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى". 

ولذلك، فإن "من مصلحة دول الجنوب العالمي أن تطور علاقاتها مع دول البريكس بغض النظر عن تفضيلات أمريكا وأولوياتها"، حسب الصحيفة. 

مؤكدة: "في الواقع، فإن هذه القضية تدخل في إطار حقوقهم المستندة إلى القانون الدولي". 

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن "مجموعة البريكس ليست سوى واحدة من الأمثلة على قوة وصعود النظام العالمي متعدد الأقطاب". 

إضافة إلى أن "الآليات المتعددة الأطراف في جميع مجالات التنمية تنمو وتتقدم بشكل ملحوظ".

وأوضحت: "ومن منظمة شنغهاي للتعاون إلى المشاريع التي تقودها الصين مثل مبادرة "الحزام والطريق"، كلها مظاهر لهذه الظاهرة". 

وخلصت إلى أن "التطور التاريخي والتوسع لمجموعة البريكس يضخ المزيد من الأمل والإلهام في النظام العالمي الذي شهد العديد من الدمار على يد أمريكا. 

مضيفة أن  "هذه الآثار المدمرة هي نتاج النظام الأميركي المهيمن والأحادي القطب، ووليدة الأسس الأيديولوجية والفكرية للاستثناء الأميركي".