"مورد بديل للطاقة".. هل تصبح أذربيجان منافسا للغاز الروسي في السوق الأوروبية؟

تدور تساؤلات كثيرة حول إمكانية أن تصبح أذربيجان منافسا مباشرا لموسكو في مجال الطاقة بالسوق الأوروبية.
وعلى سبيل المثال، زادت باكو من إمداداتها من الغاز إلى المجر. وبحلول نهاية العام، من المخطط ضخ 100 مليون متر مكعب من الوقود إلى الدولة الأوروبية.
وقال وزير خارجية المجر بيتر سيارتو، في اجتماع سابق في بودابست، إن "الغاز الأذربيجاني بدأ بالفعل في التدفق إلى البلاد".
وكان وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيراموف قد صرح عقب زيارته للعاصمة المجرية، قائلا إن "خططنا تشمل زيادة حجم الإمدادات من الغاز".
المزيد من الغاز
وأفادت "إزفستيا" الروسية: "على خلفية انخفاض إمدادات الطاقة من روسيا إلى أوروبا، قررت أذربيجان إعادة النظر في خططها للشراكة الإستراتيجية مع دول الاتحاد الأوروبي".
ولفتت إلى أن 5 دول أوروبية تستورد، في الوقت الحالي، الغاز الأذربيجاني؛ هي بلغاريا والمجر واليونان وإيطاليا ورومانيا.
وأشارت إلى أن بعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أعربت عن اهتمامها بشراء الغاز من باكو.
وفي أبريل/نيسان 2023، وقعت شركات الطاقة من أذربيجان وبلغاريا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا على اتفاقية لاستخدام وصلات الغاز الأوروبية الداخلية، وذلك لزيادة تدفق غاز بحر قزوين عبر ممر الغاز الجنوبي.
وتشير الصحيفة إلى أنه "خلال زيارة بيراموف إلى العاصمة المجرية، كان المفوض الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي في بودابست".
وعقب المفاوضات، أعلن المفوض الأوروبي عن "رغبة الاتحاد الأوروبي في تطوير التعاون مع باكو من خلال مشاريع الطاقة والنقل الإستراتيجية".
وتنقل الصحيفة الروسية توقع وزير الخارجية الأذربيجاني بأن "يحصل الاتحاد الأوروبي على 20 مليار متر مكعب من الغاز من باكو خلال أربع سنوات".
وأكد وزير الخارجية أن "الديناميكيات الحالية تسمح لهم بالوصول إلى هذا المستوى". ووفقا للصحيفة، في عام 2021، زودت أذربيجان الاتحاد الأوروبي بـ 8 مليارات متر مكعب.
وفي العام التالي زودته بـ 3.4 مليارات متر مكعب أكثر، بينما في عام 2023، سيزيد هذا الرقم بمقدار 1.1 مليار متر مكعب أخرى.
وبدوره، أكد وزير خارجية المجر أن "بروكسل سبق أن انتقدت بودابست لأن السلطات المجرية اختارت إعادة توجيه نفسها نحو الشرق". وأضاف: "اليوم، تزور قيادة الاتحاد الأوروبي بأكملها تقريبا باكو بانتظام".
وعلى خلفية انخفاض إمدادات النفط والغاز من روسيا إلى أوروبا، تشير "إزفستيا" الروسية إلى قرار أذربيجان إعادة النظر في خطط شراكتها في مجال الطاقة مع دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لبيانات "يوروستات"، انخفضت حصة النفط الذي يشتريه الاتحاد الأوروبي من الاتحاد الروسي من 29 إلى 2 بالمئة، والغاز من 38 إلى 13 بالمئة.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصص إمدادات الغاز من الجزائر وبريطانيا والنرويج في السوق الأوروبية، بحسب البيانات.
إضافة إلى ذلك، تلفت الصحيفة إلى زيادة حجم توريد غاز قزوين إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر ممر الغاز الجنوبي وأذربيجان.
شراكة إستراتيجية
ومن بين جميع دول الاتحاد الأوروبي، تتفاعل باكو بشكل وثيق مع بودابست، حيث تصف أذربيجان والمجر علاقاتهما بـ"الشراكة الإستراتيجية".
كما أنه في عامي 2014 و2023، وقعت الدولتان على إعلانات التعاون، وفق ما ذكرته الصحيفة.
وفي نهاية أغسطس/آب 2023، وقعت بودابست اتفاقية مع باكو بشأن تخزين 50 مليون متر مكعب من الغاز الأذربيجاني في خزاناتها.
وفي الوقت نفسه، أشار وزير الخارجية والعلاقات الاقتصادية الخارجية المجري، بيتر سيارتو، إلى أن التسليم إلى مرافق التخزين قد بدأ بالفعل.
واستكمالا لتعاون دام أكثر من عشر سنوات، أوضح سيارتو أنه جرى الآن التوصل إلى اتفاق يقضي بشراء 100 مليون متر مكعب من الغاز من أذربيجان في الربع الرابع من عام 2023.
وتؤكد الصحيفة أنه "على المدى الطويل، تخطط الدولتان لزيادة حجم الإمدادات، أولا إلى مليار متر مكعب، ثم إلى ملياري متر مكعب سنويا".
وتوضح أن بودابست -بالإضافة إلى زيادة واردات الغاز من أذربيجان- "تهتم بزيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى المجر، عبر محطة في مدينة كركا الكرواتية وتطوير حقل للغاز في رومانيا".
بالإضافة إلى ذلك، تدرس السلطات المجرية إمكانية استيراد النفط من الإكوادور، في حال كان العبور البري للنفط الروسي عبر أوكرانيا مستحيلا.
وفي الوقت نفسه، تشير الصحيفة إلى وجود مفاوضات مع السلطات القطرية بشأن توريد الغاز الطبيعي المسال إلى المجر خلال ثلاث سنوات.
وكذلك هناك مفاوضات مع سلطنة عمان بشأن البدء المحتمل لواردات النفط والغاز الطبيعي.
وتعلق الصحيفة أن المجر تؤكد بذلك على أن "الاتفاقيات مع دول الخليج لا تعني على الإطلاق رفض الإمدادات من روسيا، بل تهدف إلى تنويعها".
إعادة التوجه
ويقول الأستاذ في العلوم الاقتصادية الخبير الأذربيجاني إيلغار فيليزادي، في مقابلة له مع "إزفستيا"، إن "باكو أصبحت لاعبا نشطا في سوق الغاز الأوروبي، لا سيما بعد الانتهاء من بناء ممر الغاز الجنوبي".
وبين أن هذا الممر "وفر إمدادات الغاز الأذربيجاني للمستهلكين في إيطاليا، وكذلك دول شبه جزيرة البلقان".
وأشار الخبير إلى أنه "منذ وقت ليس ببعيد، أُنشئ خط الربط بين بلغاريا واليونان، مما سمح بنقل الغاز الأذربيجاني إلى بلغاريا".
وتذكر الصحيفة أنه "بفضل هذا تتلقى العاصمة البلغارية صوفيا مليون متر مكعب من الغاز الأذربيجاني".
وتنقل ما أشار إليه الصحفي الأذربيجاني والخبير السياسي، ناير علييف، بأن "باكو تتعاون بشكل وثيق مع 15 دولة على الأقل في الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بإمدادات الطاقة".
وأكد أن "العلاقات وثيقة جدا بين الطرفين، والزيارات المتبادلة بينهما تحدث بشكل مستمر"، مضيفا أن "المجر تحتل بشكل عام مكانة خاصة، فهي مدرجة كمراقب في منظمة الدول التركية".
وبحسب الصحيفة الروسية، شدد الخبير على أنه "على خلفية تنويع الإمدادات، أصبح التعاون في قطاع الطاقة مهما للغاية بالنسبة لبودابست".
وحول منافسة أذربيجان لروسيا في السوق الأوروبية، شدد علييف على أهمية الدور الأوروبي الذي تلعبه باكو في سوق الغاز الأوروبي، فهي تمثل مصدرا إضافيا لإمدادات القارة العجوز.
ولفت إلى أنه "بالفعل يتم حاليا استبدال الغاز الروسي، لكن هذا الاستبدال لا يزال غير كامل، لأن تحقيق ذلك بشكل كامل غير ممكن".
لكنه أكد، في ذات الوقت، أن ذلك "لا يعني أن أذربيجان أصبحت منافسا مباشرا لروسيا".
وخلص الخبير إلى أن الدول "تريد تنويع الموردين"، مؤكدا أن هذا "أمر مهم للغاية في العالم الحالي الذي يتسم بالتغير السريع وعدم الاستقرار".