أملا في مزيد من الأسلحة والمعدات.. لماذا يسعى الأردن للحصول على دعم أميركي جديد؟
ردا على المخاطر التي تهدد حدوده مع الجارة سوريا، يتجه الأردن إلى تعزيز تعاونه الدفاعي مع الحليف الأميركي، آملا في مزيد من الأسلحة والمعدات.
والجيش الأردني يعتمد بشكل كبير في تسليحه على نظيره الأميركي فضلا عن الدعم التدريبي والتأهيلي المستمر منذ نحو سبعة عقود.
وفي ضوء ذلك استقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال مارك ميلي، في العاصمة عمان في 23 أغسطس/ آب 2023 لإجراء محادثات "تهدف إلى تعزيز الشراكة الدفاعية بين الولايات المتحدة والأردن".
وجرى خلال اللقاء بحث سبل تطوير الشراكة بين الأردن والولايات المتحدة في مجالات الدفاع، وفق وكالة أنباء الأردن "بترا". كما تناول اللقاء "الجهود الدولية في محاربة الإرهاب ضمن نهج شمولي".
تعزيز الدفاع
وفي مقابلة مع قناة "المملكة" الأردنية أذيعت في 25 أغسطس قال ميلي إن "الأردن من أفضل أصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعلاقات العسكرية الأردنية الأميركية وثيقة للغاية".
وأشار إلى أن "القوات المسلحة الأردنية مهنية وكفؤة جدا، والجيش الأميركي يقدم التدريب والاستشارات والمعدات العسكرية للقوات المسلحة الأردنية".
وأكد ميلي أن "منطقة الشرق الأوسط مهمة جدا للولايات المتحدة، ولا يمكن التصور أن تتخلى الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط أبدا".
ولفت الجنرال الأميركي إلى أن عدد "القوات العسكرية الأميركية في المنطقة يزيد وينقص استنادا إلى حجم التهديد"، موضحا أن "تنظيم الدولة وأيدولوجيته لم تمت رغم القضاء على خلافته، وهناك بعض إرهابييه يجوبون صحراء سوريا وإلى حد ما العراق وهذا يشكل تهديدا للأردن".
وتزامن وصول ميلي إلى العاصمة الأردنية مع انتهاء مناورات بحرية بين الأسطول الأميركي الخامس المتمركز في البحرين والقوات المسلحة الأردنية قبالة سواحل العقبة.
ويقول مسؤولون أردنيون بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" إن عمّان أثارت خلال زيارة الجنرال مارك ميلي، مسألة الحصول على مزيد من الدعم الأميركي للجهود الأردنية للحد من تهريب المخدرات من قبل الجماعات الإيرانية ووحدات مرتبطة بها من قوات النظام السوري.
إذ أكد ميلي في مقابلة مع قناة "المملكة" أن واشنطن تعمل عن كثب مع الأردن على توفير المعدات والتدريب والاستشارات للتعامل مع التهديد القائم المتمثل في تهريب المخدرات.
ويؤكد مسؤولون أردنيون أن إجراء محادثات مع مسؤولين من النظام السوري، بشأن التصدي لشبكات التهريب الإيرانية يواجه عقبات بسبب عدم قدرة النظام على فرض سيطرته على المنطقة الجنوبية التي تسودها الفوضى.
وأعلن الأردن الذي كثف تدريباته العسكرية على طول الحدود مع سوريا إحباط عملية تهريب كبيرة منتصف أغسطس 2023، وهي أحدث عملية من نوعها ويقول المسؤولون إنها تدحض زعم دمشق تشديد الرقابة على الحدود.
تجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن زار الأردن في 5 مارس/ آذار 2023 والتقى بعدد من الجنود الأميركيين في قاعدة عسكرية أردنية.
حيث جاءت الزيارة لتطمين واشنطن الحلفاء والأصدقاء بأنها ملتزمة بأمن بلدانهم واستقرارها ضد أي تهديدات جديدة.
قلق أردني
وباتت عمليات تهريب المخدرات الواسعة التي تستخدم فيها طائرات مسيرة أيضا، تدفع جيش المملكة لتكثيف تحركاته والبحث عن طرق وأساليب عسكرية جديدة للتصدي لها.
وبطبيعة الحال، فإن الولايات المتحدة تشكل إحدى أبرز الداعمين للأردن في المجال العسكري، وهو مرتبط بسلسلة طويلة من التعاون العسكري مع الأردن.
إذ يضيف الأردن أسرابا من الطائرات المقاتلة الشبح من طراز F-22 التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية عام 2023 لمواجهة التفوق الجوي الروسي في سوريا المجاورة.
علاوة على ذلك، وفي أعقاب قمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" في يوليو/ تموز 2023 أعلن التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة عن خطط لاستضافة الأردن أول "مكتب اتصال" له في العالم العربي.
وتتعاون المملكة الأردنية في الإطار الأمني العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية منذ سبعة عقود خلت حصل خلالها الأردن على دعم من مختلف الأشكال خاصة المالي واللوجستي للجيش الأردني.
وتخصص الولايات المتحدة مبلغ 425 مليون دولار للقوات المسلحة الأردنية، بشكل سنوي من عام 2018 لعام 2022، إضافة إلى منح أميركا طائرات ومعدات عسكرية مختلفة للمملكة، إضافة لتدريبات عسكرية مشتركة.
وبحسب السفارة الأميركية في الأردن فإنه منذ 70 عاما والولايات المتحدة "ملتزمة تجاه ازدهار واستقرار جميع الأردنيين".
وذكرت أنه منذ عام 1951، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 20 مليار دولار كمساعدات للأردن.
ويتدرب أفراد من الجيش الأردني والأميركي جنبا الى جنب لصقل المهارات القتالية الضرورية لمواجهة الإرهاب وضمان أمن واستقرار الأردن، وفق السفارة.
ومنذ عام 1987، درب برنامج مساعدات الحكومة الأميركية لمكافحة الارهاب، أكثر من 7,150 شرطي أردني.
ويشارك الأردن في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة في سوريا والعراق.
ومنذ عام 2020 وجه الجيش الأردني جميع قواه لإحباط عمليات تهريب مخدرات على الحدود مع سوريا.
وأكد أن "قواته المسلحة ستتعامل بكل قوة وحزم مع أي عملية تسلل أو محاولة تهريب لحماية الحدود ومنع من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني".
وتؤكد وزارة الداخلية الأردنية أن 95 بالمئة من المخدرات التي تُضبط معدة للتهريب إلى الخارج نحو الخليج وغيرها.
إلا أنه خلال الفترة الأخيرة ارتفعت وتيرة استخدام المهربين الطائرات المسيرة في عمليات نقل المخدرات إلى الداخل الأردن، ما فتح أمام الجيش الأردني معركة جديدة عنوانها "حرب المسيرات".
تدريب مستمر
وفي هذا السياق، رأى المحلل والخبير العسكري العقيد إسماعيل أيوب، أن "الجيش الأردني محترف ومعظم أسلحته غربية وعلى الخصوص أميركية من طائرات إف 16 وطائرات بلاك هوك وطائرات الكوبرا، وغيرها من الأسلحة البرية والجوية والرصد والمتابعة والإلكترونيات".
وأضاف لـ "الاستقلال": "هناك اتفاقية تعاون بين الجيش الأردني والجيش الأميركي ويقوم على تطوير الحرفية العالية للجيش الأردني والتعاون في مجال حراسة الحدود ومنع تهريب المخدرات".
وخاصة "أن قوات حرس الحدود هي بحاجة لأسلحة أكثر تطورا ربما تعاقد الجيش الأردني حولها مع واشنطن لرصد الطائرات المسيرة التي تقوم المليشيات الإيرانية بتهريب المخدرات نحو الأردن"، وفق أيوب.
ويرى أيوب أنه "من المؤكد أن أي تعاون بين بلد نام مثل الأردن وأقوى بلد في العالم يرقى من ناحية عمل وحرفية القوات لمستويات أفضل، والتدريب المستمر للطيارين والفنيين من الدورات يرفع من مهارتهم القتالية لكل ما هو جديد ومتطور في مجال العلوم العسكرية وذخائر الطائرات أرض جو أو جو أرض والتي بحاجة لتدريب مستمر نتيجة الاتفاقية الدفاعية المبرمة بين البلدين".
وذهب أيوب للقول إن "التهديدات التي تطال الأردن هي قادمة من الحدود السورية الأردنية من قبل المليشيات الإيرانية التي تتواجد هناك، وحتى الآن الأردن نأت بنفسها عن القيام بعمليات عسكرية في الداخل السوري، رغم قيام سلاح الجو الأردني بتفيذ ضربات على معاقل تهريب المخدرات جنوب سوريا".
وختم بالقول إنه "في ظل التعاون بين الجيش الأردني ونظيره الأميركي، ربما يكون الأردن قد طلب أجهزة أكثر تطورًا وحداثة بحيث يتم رصد المهربين من على مسافة بعيدة والتصدي لهم في الوقت المناسب".
وقد انتهى أحدث مثال على التدريبات في إطلاق الطائرات بدون طيار وإسقاط الصواريخ، في يوليو/ تموز 2023 حيث شارك 450 من مشاة البحرية الأميركية والبحارة مع القوات المسلحة الأردنية.
وحينها علق الجنرال بول روك، رئيس القيادة المركزية لقوات مشاة البحرية على تلك التدريبات بقوله: "يوفر كل حدث من هذه الأحداث فرصة تعليمية عظيمة، والتي يمكن تطبيقها بشكل مباشر، على قدرة الخدمة على الاستجابة ونشر القوات في الاستجابة للأزمات أو سيناريو خطة الحرب الطارئة".
ورغم أن التعاون بين الأردن والولايات المتحدة عسكريا وثيق وذو أهمية جيوسياسية، إلا أنه في بعض مراحله تلقى انتقادات داخلية.
ومنها حادثة غضب الرأي العام الأردني وبعض الأحزاب وبرلمانيين من اتفاقية التعاون الدفاعي بين عمان وواشنطن بعد أن أقرتها الحكومة الأردنية، وبدء سريان العمل بها في 22 مارس/آذار 2021، معتبرين أنها انتقاص للسيادة الأردنية، وخرق أميركي للأمن الداخلي.
ووقتها أبدى برلمانيون وحزبيون استغرابهم من عدم عرض الاتفاقية على مجلس النواب الأردني قبل أن تقرها الحكومة الأردنية وتنشرها في الجريدة الرسمية لتصبح سارية المفعول.
وتشترط بنود الاتفاقية، أن يوفر الأردن أماكن حصرية للقوات الأميركية تشمل 15 موقعا، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأميركي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامها الرسمية.
وتوجب الاتفاقية على الأردن السماح للطائرات والمركبات والسفن بالدخول وحرية التنقل في الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية، والخروج منها بحرية تامّة دون دفع الرسوم والضرائب.
كما تفرض على الأردن -في حال طلبت السلطات الأميركية- إصدار لوحات سيارات مؤقتة مجاناً للمركبات التابعة للولايات المتحدة وأفرادها والمتعاقدين معها، بشكل لا يمكن تمييزها عن تلك اللوحات المؤقتة الصادرة للشعب الأردني عموما.
مستودعات تخزين
وبحسب موقع "ستارز آند ستريبز" المختص بالأخبار العسكرية الأميركية، فإن في يوليو/تموز 2021 نقلت الولايات المتحدة معدات وأسلحة إلى نقاط الإمداد المتقدمة في الشرق الأوسط بالأردن تحتوي على مستودعات لتخزين الدبابات وناقلات الجند المدرعة ومجموعة متنوعة من المعدات.
وهذه الخطوة بحسب الموقع تجعل من وشنطن في وضع أفضل للتعامل مع تهديدات إيران وتعكس الأولويات المتغيرة للجيش الأميركي في المنطقة.
كما جاءت لتقليل الهجمات الصاروخية من الفصائل المدعومة من إيران ومنع تكرار سيناريو قصف قاعدة عين الأسد الأميركية الجوية في محافظة الأنبار غربي العراق والواقعة على بعد 180 كيلو مترا عن العاصمة بغداد في مارس/آذار 2021.
وعام 2014 وصل أكثر من 6000 جندي أميركي إلى الأردن هذا الأسبوع لإجراء مناورة عسكرية ضمن تدريبات تحت اسم "الأسد المتأهب" تهدف إلى الإشارة إلى الالتزام الأميركي بالمنطقة.
والمشاركون تدربوا مع جنود من 20 دولة على العمليات الجوية والبرية والبحرية، مع التركيز على المهارات بدءا من مكافحة التمرد وحتى عمليات مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني.
وعام 2013 تركت وزارة الدفاع الأميركية 900 أميركي في الأردن للتدريب والردع مع احتدام القتال في سوريا المجاورة، وتضمنت المفرزة التي تضم هؤلاء الجنود بطارية صواريخ باتريوت وسرب طائرات إف-16 وخبراء في الأسلحة الكيماوية لتدريب الأردنيين على الدفاع ضد أي هجوم.
وبحسب وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، فإن الخارجية الأميركية وافقت في فبراير/شباط 2022 على بيع محتمل لمعدات عسكرية للأردن تتضمن طائرات "أف-16" مقاتلة، بقيمة 4.2 مليار دولار.
تتضمن صفقة الأردن طلب شراء لـ 12 طائرة من طراز " F-16 C Block 70"، و4 طائرات من طراز "F-16 D Block 70"، إضافة إلى محركات من طرازات "F100-GE-129D"، وأجهزة "IPDG" المتخصصة بتحديث برمجيات الطائرات المقاتلة، وأجهزة حاسوب متخصصة بطائرات "أف-16"، وأنظمة تحديد المواقع الجغرافية.
وتتيح الصفقة تحسين قدرة الأردن على مواجهة التحديدات الحالية والمستقبلة من خلال ضمان استمرار التعاون مع الولايات المتحدة وقوات التحالف، إذ ستتيح هذه الطائرات تحديث أسطول الطائرات المقاتلة الأردنية، ودعم الأهداف الإقليمية بمكافحة التنظيمات المتطرفة المسلحة.