"ثالث أكبر مورد".. مركز تركي يكشف "كلمة السر" في العلاقات بين العراق والصين
سلط مركز تركي الضوء على الصين باعتبارها المستثمر الأكبر في الشرق الأوسط، والشراكات التي أقامتها مع دول الشرق الأوسط وعلاقاتها بين بعضهم على المستوى الاقتصادي.
وأشار مركز "دراسات أنقرة للسياسة والأزمات" في مقال للكاتبة، شيماء كيزيلاي، إلى العراق كإحدى هذه الدول، كما أوضحت أسباب وتفاصيل الشراكة القائمة بين بغداد وبكين على أساس الطاقة (النفط والغاز).
وقالت كيزيلاي إن "الصين بدأت تحولا عالميا من خلال مبادرة الحزام والطريق، حيث زادت من شراكاتها القائمة على الاقتصاد، وأقامت تعاونا على مستوى حساس مع العديد من البلدان".
وأضافت أن "تطوير المشاريع المشتركة في مختلف القطاعات كان انعكاسا لزيادة الصين من شراكاتها بين هذه البلدان".
وتابعت: "في الآونة الأخيرة، تعزّز نفوذ بكين في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في العراق، حيث بدأت بعض الشركات الصينية، التي تمارس بعض الأنشطة في حقول النفط والغاز، بإجراء مفاوضات واتفاقيات مع شركات عراقية".
جيو-جايد
وذكرت الكاتبة مفسرّة خلفية هذا التعاون بين البلدين فقالت إنه "في 9 يونيو/ حزيران 2023، عُقدت مفاوضات بين شركة نفط ميسان المملوكة للدولة العراقية وشركة جيو-جايد الصينية لتطوير مجمع الحويزة في منطقة ميسان".
ووقعت شركة جيو-جايد اتفاقية تطوير وإنتاج في فبراير/شباط 2023 بعد فوزها بالرقعة في جولة التراخيص الخامسة لعام 2018 في العراق.
وفي بيان أصدرته في 1 يونيو 2023، صرحت شركة نفط ميسان أن المحادثات كانت "تحضيرا لتنفيذ العقد الموقع".
وتعهدت جيو-جايد بإنفاق "60 مليون دولار كحد أدنى" على مدى ثلاث سنوات بموجب العقد.
ومن المتوقع أيضا تقديم خطة التطوير الأولية في غضون ستة أشهر من الموافقة التي صدرت في 21 فبراير 2023.
وفي نفس التاريخ، أعلنت شركة نفط ذي قار (DQOC) العراقية عن إعادة بدء بناء مشروع خزان النفط الخام في الناصرية، والذي يبلغ سعة تخزينه لـ3.15 مليون برميل، حيث سيساعد في تخزين وإخلاء النفط الخام في محافظتي ذي قار وواسط.
ومن المقرر أن يتكون المستودع من سبعة صهاريج تكفي الواحدة منها لتخزين 450 ألف برميل.
وفي بيان صادر عن "شركة نفط ذي قار" في 5 يونيو 2023، ذكر أنه من المتوقع أن تقوم شركة خطوط أنابيب البترول الصينية (CPP)، وهي شركة تابعة لشركة CNPC الحكومية الصينية، بإتمام المشروع بحلول عام 2025.
ماضي التعاون
وتابعت الكاتبة: "في ثمانينيات القرن الماضي، لجأت الصين إلى السوق العراقية من أجل تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، ومنذ تلك الفترة، أصبح قطاع الطاقة ذو موقع إستراتيجي في العلاقات على خط بغداد – بكين".
ويمكن وصف تجارة النفط بأنها المكون الرئيسي للعلاقات الثنائية بين البلدين، فمن خلالها تطورت العلاقات التجارية بشكل كبير على مر السنين.
وفي الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، إلى الصين عام 2015، تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم بين الطرفين، بما في ذلك المجالات الدبلوماسية والعسكرية والطاقة.
وفي عام 2016، أصبحت بكين المستثمر الأول في الشرق الأوسط، وبناء على هذا، تعززت العلاقات بين العراق والصين أيضا.
وعام 2019، تم التوقيع على مذكرة تفاهم لتنفيذ المشاريع في العراق، نتيجة الاجتماعات المختلفة التي عقدها الوفدان العراقي والصيني.
وتعمق التعاون بين الطرفين من خلال برنامج "إعادة الهيكلة من أجل النفط"، الذي تم إضفاء الطابع الرسمي عليه عام 2019 بالتزام الحكومة العراقية بتزويد الصين بـ100 ألف برميل من النفط يوميا.
علاوة على ذلك، فقد نمت استثمارات الصين في المنطقة بنسبة 360 بالمئة منذ عام 2021.
ففي عام 2021 وحده، أبرمت إدارة بكين ما يتجاوز قدره أكثر من 10 مليار دولار من صفقات البنية التحتية في العراق، حيث تبتغي إدارة بغداد تأمين المزيد من الاستثمارات الصينية في قطاع البنية التحتية.
واقتضت حاجة إدارة بكين إلى الطاقة في تطوير روابطها مع دول الشرق الأوسط خاصة مع دول الخليج.
وتعتبر العراق ثالث أكبر مورد طاقة بالنسبة للصين، حيث تستورد الأخيرة ما يقرب من 40 بالمئة من النفط العراقي.
وتشمل الشركات الصينية الرئيسية العاملة في العراق أربع مجموعات نفطية رئيسية، مثل شركة البترول الوطنية الصينية، وشركة سينوبك، والمؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري، وشركة زينهوا للنفط.
وتعمل هذه الشركات التي عمقت أنشطتها في البلاد على فتح مجالات جديدة للتعاون، ويمكن أيضا تقييم الأنشطة المذكورة لـ"جيو-جايد" و"CPP" ضمن هذا النطاق.
بالإضافة إلى ذلك، وقعت المجموعة المتحدة للطاقة (UEG) اتفاقية لتطوير حقل سندباد في محيط البصرة.
لذلك، يتم العمل على أمور مختلفة مثل خطوط الأنابيب وإدارة حقول النفط والحفر والبنية التحتية من أجل تحسين التعاون الثنائي بين البلدين، وفق الكاتبة التركية.
النفوذ في المنطقة
وقالت كيزيلاي: "كانعكاس لشراكة الطاقة، تطورت استثمارات بكين وأعمال البنية التحتية في البلدان ذات الصلة على مر السنين، وفي هذه المرحلة، زاد الوجود الصيني في العراق بشكل كبير".
وأضافت "مع ذلك، تُظهر بكين تأثيرها على الاستقرار وتطوير البنية التحتية للدول المصدرة من أجل تأمين إمدادات النفط وتأمين ربط الطاقة، وتعتبر العراق الشريك الرئيسي للصين في المنطقة، كما يمكن أيضا اعتبار فراغ السلطة الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة عاملا يزيد من نفوذ بكين".
إضافة إلى أنه وبعد كسر نفوذ "تنظيم الدولة" في العراق عام 2017، بدأت الاستثمارات الصينية في البلاد تتزايد.
فعلى سبيل المثال، أُعلن أن الشركات الصينية ستبني أكثر من 8 ملايين مسكن في العراق كجزء من اتفاقية النفط مقابل المشاريع الموقعة بين البلدين، والتي تصل قيمتها لمليارات الدولارات.
وخلال هذه الفترة، استثمرت الحكومة العراقية أيضا في موارد الطاقة لضمان تنمية البلاد.
وعبرت الكاتبة عن رؤيتها لمستقبل العلاقة الثنائية بقولها إن "كل من أنشطة الشركات الصينية والتعاون الحكومي الدولي يشير إلى أن القرب على خط بكين- بغداد سيستمر بشكل متزايد".
كما أنه "من الواضح أن نفوذ الصين في العراق سيتعمق مع أنشطة الاستثمار والمشاريع في إطار التعاون في مجال الطاقة ومبادرة الحزام والطريق".
وبفضل موارده وموقعه الجغرافي الإستراتيجي، فإن للعراق أهمية حاسمة بالنسبة للصين ولأهداف مبادرة الحزام والطريق.
وتظن الكاتبة أنه "من المحتمل أن يتشارك الطرفان في تنفيذ مشاريع جديدة على البنية التحتية والاستثمارات".
واختتمت قائلة أنه "قد تتم أيضا زيارات دبلوماسية مختلفة في هذا السياق".