المعارضة الإيرانية في الخارج تتحرك ضد النظام بالداخل.. ما وسائلها؟
تسعى المعارضة الإيرانية في الخارج لإنشاء تحالفات لقيادة حركات الاحتجاج ضد نظام ولاية الفقيه الحاكم داخل طهران عبر أنشطة ومؤتمرات وتحركات سياسية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة كيهان اللندنية الصادرة باللغة الفارسية، والتي تتحدث بلسان المعارضة الموالية لولي العهد الإيراني السابق، رضا بهلوي، مقالا حول طبيعة التحالف المنتظر.
وتجمع متظاهرون مطلع يوليو/تموز 2023، جاؤوا من جميع أنحاء أوروبا في باريس حاملين لافتات كُتب عليها "حرروا إيران"، تلبية لدعوة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إحدى أبرز منظمات المعارضة خارج إيران.
وبالتوازي، نظم المجلس الوطني للمقاومة وهو الواجهة السياسية لتنظيم "مجاهدي خلق" الذي تعده طهران "إرهابيا"، اجتماعا في ضاحية أوفير سور واز (شمال باريس) شارك فيه نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس ورئيسة الحكومة البريطانية السابقة ليز تراس ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو.
وقالت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن "استرضاء نظام الملالي يمكن أن يؤدي إلى مزيد من إراقة دماء شعبنا ومقاومتنا، ويطيل قائمة الإعدامات ويملأ السجون".
ثلاثة مبادئ
وبدورها، تحدثت الصحيفة عن مبادئ ثلاثة للتحالف المذكور، فأكدت أولا أنه لم يحصر نفسه مطلقا في إطار هذا النظام أو ذاك، خاصة وأن خطابه جزء من "خطاب الملكيين"، أو الموالين للنظام الملكي.
ولكن لأسباب تاريخية وثقافية وتجريبية وإقليمية، يعد نظام الملكية البرلمانية هو الأفيد والأنفع والأكثر كفاءة بالنسبة لإيران.
ثم أشارت إلى أن الملكيين الذين هم مثلهم مثل التيارات الأخرى، يغطون نطاقا واسعا يشتمل على المعتدل والعقلاني والحكيم والمتطرف.
وثانيا، يقال إن القومية هي مظهرهم (المعارضة) المميز والواضح، على اعتبار أن هذا التيار ينادي بحقوق الأمة، بكل مكوناتها الاجتماعية والسياسية، وبما فيها من يساريين ويمينيين وجمهوريين، وهي القومية التي طالما التزم بها ولي عهد إيران.
وختمت هذه المبادئ بالحديث عن موضوع الاصطفافات، فقالت إن هناك ثلاثة اصطفافات، يتشكل أولها بقبول إيران وشعبها.
لأن جميع المجموعات العرقية وأتباع الأديان والمذاهب، رجالا ونساء، والذين تتداخل هوياتهم المختلفة كبشر متعددي الأوجه، لديهم هوية طبيعية وأساسية، وفق الصحيفة.
وأردفت أن "الإنسان الإيراني ليس له هوية أخرى غير كل البشر في العالم، فهو يُعرف نفسه تاريخيا في إطار الأراضي الإيرانية المتحدة والإطار السياسي للأمة الموحدة".
وتضيف أن القومية أو النزعة الإيرانية، لا تنفصل بحكم طبيعتها عن الجسم الوطني وما يصنع الأمة بكل اختلافاتها وتنوعها.
أما الاصطفاف الثاني فيتم تشكيله بالديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن لن يتحقق ما لم يتضح الاصطفاف الأول.
وإذا ما قبلت إيران والأمة الإيرانية التيارات المعارضة، عندها ستصل إلى قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان لهذه الأمة، وفق الصحيفة.
وأردفت: "يستقر شكل النظام في الاصطفاف الثالث، لأنه إذا قبلنا بالأمة والوطن الموحد والديمقراطية وحقوق الإنسان، أو زعمنا أننا قبلنا ذلك، فعلينا أيضا أن نحترم الاقتراع والتصويت والاختيار الحر والديمقراطي لهذه الأمة".
ترى الصحيفة أن الإيرانيين ما زالوا يواجهون فاشية دينية قمعية، وأن الثورة الوطنية الإيرانية تمر بمرحلة الإحماء وتجميع القوى لانتفاضة أخرى.
وبينت أن "الأرض، وبحسب الدلائل، مناسبة لتشكيل تحالف ديمقراطي بمبادرة من الحركات القومية والوطنية المحبة لإيران، اليساري منها واليميني، والمناصر للجمهورية أو الملكية".
والمقصود بالقوميين، هم تلك التيارات الفكرية التي تؤمن بأقصى قدر من الاستيعاب، وتجعل إنقاذ إيران على رأس كل أهدافها الأخرى، وترغب في أن يكون لديها تمثيل فردي أو جماعي في تحالف وطني، وتستطيع فعل ذلك.
والتحالف هو تعاون مؤقت بين التيارات المختلفة والمتفاوتة لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة في فترة مؤقتة. ويتبع تشكيل الحكومات الائتلافية في الدول الديمقراطية وجبهات التحالف في الدول الديكتاتورية نفس المبدأ، وفق الصحيفة.
وتعتقد أنه من أجل تشكيل تحالف لإنقاذ إيران، ليس من الضروري فقط وجود وجهات نظر مشتركة في الماضي أو الحاضر والمستقبل.
ولكن بشكل أساسي، لا ينبغي الخوض في مثل هذه المواضيع، لأنها ليست موضوع التحالف، فالماضي المشترك والحاضر والمستقبل لقوى التحالف الوطني والديمقراطي في الظروف الحالية هي شيء واحد: إنقاذ إيران، وفق تعبيرها.
ورأت أنه "يجب أن يكون هذا التحالف استجابة إيجابية ومناسبة للتضامن الوطني القائم بالفعل في إيران، وللرسائل التي كان الناس يرسلونها عبر ما يرددونه على شكل شعارات في احتجاجاتهم وتجمعاتهم منذ سنوات، والتي لا تنادي إلا بشيء واحد، وهو إقامة حكومة وطنية توفر لهم الحرية والأمن والازدهار والحياة الطبيعية".
قوى التحالف وقيادته
وعن قوى التحالف وقيادته، أوضحت الصحيفة أنه سيكون حركة تشاركية وتطوعية ومسؤولة من جانب التيارات السياسية والفكرية التي تريد إنقاذ إيران وتقديم إجابة عملية على رغبات الشعب، متجاوزة مرحلة الجلسات والحوارات والمباحثات.
وشددت على أنه لا ينبغي ربط مثل هذا التحالف بالآراء السياسية للأشخاص الذين يشاركون كممثلين عن اليسار واليمين والجمهورية والملكية.
بل يجب أن يكون بمثابة بداية لعمل من المفترض أن يأخذ الأمة من مرحلة تاريخية وينقلها إلى مستوى آخر، تتحول فيها إلى جهة فاعلة ومؤثرة في الفترة الانتقالية، ثم إلى لاعب أساس في مرحلة الثبات.
وأكدت أن فشل هذا التحالف أو انتصاره سيحدده الشعب الإيراني والرأي العام، تماما كما حدث مع "مجموعة الميثاق"، وهي صيغة التعاون التي استهدفت تجميع المعارضة الإيرانية.
فكلما اقتربت الحركة من رغبات الشعب ومطالبه، كلما زاد احتمال انتصارها. لذلك، فإن هذا التحالف الوطني، على عكس "مجموعة الميثاق"، بحسب الصحيفة.
كما أن التحالف ليس مثل الحيلة التي يجري إطلاقها مرة أخرى الآن لـ "التضامن" الزائف في الداخل، وفق تعبيرها.
ولفتت إلى أنه "يجب ألا يتجه (التحالف) إلى الخارج أو أن يهتم بالظهور أمام الغربيين، بل أن يولي وجهه ناحية الداخل، لأن دعم الشعب للتحالف الوطني سيجبر الغربيين على الاعتراف به ومساعدته على التمكين".
أما قيادة هذا التحالف، والتي يجب أن تسترشد بالشفافية والانفتاح، فلا يمكن أن يقودها – من وجهة نظر الصحيفة - في ظل الظروف الحالية أحد غير الأمير رضا بهلوي، لأنه الشخص الذي يثبت تاريخ عائلته وحياته وجهوده أنه لا يحتاج إلى الشهرة والثروة والمكانة.
كما أنه حداثي ولا يحمل ضغينة لأحد، وليس هناك مَن يتمتع بهذه الخصائص والسمات لكسب ثقة الشعب الإيراني غيره، سواء كان شخصا أو مؤسسة، وفق قولها.
وأشارت الصحيفة إلى أن النقطة المهمة الأخرى، هي المصالحة الوطنية التي يجب أن تحظى باهتمام خاص.
إذ يجب أن يكون التحالف الوطني انعكاسا للمصالحة الوطنية الموجودة بالفعل بين الناس أنفسهم، أولئك الذين يتواجدون في الجهاز الحكومي والعسكري الكبير في إيران.
أما أولئك المتورطون في الجرائم الجنائية (سواء كانت اقتصادية أو سياسية) وجرائم حقوق الإنسان فإن حسابهم يرتبط بعملية التقاضي.
وتابعت: "يمكن للقوميين والوطنيين المحبين لإيران أن يتشرفوا بوضع حد لدوامة العنف التي أصبحت شيئا طبيعيا ومعتادا من جانب الجمهورية الإسلامية في إيران، وأن يوجهوا حالة الغضب والكراهية التي تراكمت في المجتمع ضد النظام وأعوانه من خلال القنوات والحلول القانونية المستندة إلى المعايير الدولية".
ولا شك أن تغيير النظام سيحدث في إيران، ومن الأفضل أن يكون مستنيرا وموجها من جانب تحالف وطني شامل ويتمتع بأقصى قدر من الاستيعاب (للآخر)، وفق تعبيرها.
وأضافت الصحيفة: "يمكن للملكيين، الذين سعوا دائما إلى تغيير النظام منذ 1979، أن يأخذوا زمام المبادرة لتشكيل تحالف وطني يجمع بينهم وبين التيارات الجمهورية، سواء كانت يسارية أو يمينية، وأن يقنعوا المدافعين عن الديمقراطية بأن خلاص إيران على رأس كل الآراء والمعتقدات والمصالح السياسية للأفراد والجماعات".
وقالت: "إلى أن يتم إنقاذ إيران من شر الجمهورية الإسلامية في إيران، فإن كل الادعاءات المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والأمن والازدهار تظل مجرد كلمات".
وبدون إنقاذ إيران، لا محل لأي رأي أو معتقد أو هدف مستقبلي من الإعراب، لأن هذا الإنقاذ مرهون بوجود تحالف وطني وديمقراطي واسع وشامل، وهو ما يمكن للقوميين أن يكونوا روادا في تحقيقه، تخلص الصحيفة.