احتجاجات عنيفة قبل أشهر من الانتخابات.. هكذا رد السنغاليون على إدانة سونكو

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع إيطالي أن الأشهر التي ستسبق الانتخابات المقبلة في السنغال المقرر تنظيمها في فبراير/شباط 2024، ستكون حاسمة لمستقبل البلد وذلك على خلفية الاحتجاجات المندلعة بسبب إدانة المرشح الرئاسي والمعارض عثمان سونكو وإمكانية حرمانه من خوض غمارها.

وتأسف موقع معهد تحليل العلاقات الدولية في تقريره بالقول إن "البلد الإفريقي كان في يونيو (حزيران) 2023 مسرحًا لاحتجاجات عنيفة للغاية أسفرت عن 15 حالة وفاة على الأقل واعتقالات عديدة، وتدمير مناطق حضرية". 

وكانت الحكومة قد أعلنت قطع الوصول إلى خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول في مناطق معينة، بسبب أعمال شغب دامية انتشرت فيها، وذلك بعلة تداول رسائل تحض على "الكراهية والتخريب".

يأتي ذلك بعد أن أدانت محكمة محلية في الأول من يونيو 2023، المعارض عثمان سونكو (من مواليد 1974)، أحد أكثر السياسيين المؤثرين في البلاد، بالسجن لمدة عامين بتهمة "إفساد الشباب" المختلفة جدا عن جرائم الاغتصاب التي أدين بارتكابها لشهور.

وهي إدانة من شأنها أن تحرم سونكو من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصا وأن القانون لا يسمح للمدانين بارتكاب جرائم بالترشح لمنصب سياسي.

وتواصل السلطات السنغالية الإبقاء على المعارض المحكوم بالسجن، في منزله والامتناع عن اعتقاله بـ "المهل القضائية" و"مبدأ الوقاية"، وفق ما أفاد به منتصف يونيو وزير العدل إسماعيل ماديور فال، الذي قال إنه "يجب إخطاره بقرار (الحكم) الذي تجري صياغته".

وبحسب الموقع، شكلت هذه الإدانة الشرارة التي أطلقت موجة الاحتجاجات الأخيرة خاصة من قبل العديد من أنصاره ومعظمهم من الشباب في داكار وعدة مدن أخرى مثل مباكي ولوجا وبينونا وزيغينتشور، عبّر خلالها المتظاهرون عن معارضتهم بطريقة عنيفة.

فيما ظلت جامعة الشيخ أنتا ديوب في العاصمة داكار، وهي الأكبر في السنغال مغلقة بسبب احتجاجات طلابها.

استهدف الشباب السنغالي على وجه الخصوص "جهازًا قضائيًا يُعد خاضعا للسلطة السياسية"، وفق تعبير الموقع الإيطالي. 

أهمية الانتخابات

أشار إلى أن معظم المحللين الجيوسياسيين كانوا يعدون "السنغال واحدة من الدول الإفريقية التي حققت أكبر تقدم في عملية التحول الديمقراطي لكنها اليوم من أكثر البلدان التي تتعرض فيها الديمقراطية للخطر".

حكم البلاد طيلة العقد الماضي الرئيس الحالي ماكي سال وهو حاليًا مرشح للانتخاب لفترة ثالثة على التوالي، متجاوزًا بذلك عدد الفترات الرئاسية التي يسمح بها الدستور.

بدأ سال حياته السياسية مع الحزب الاشتراكي السنغالي قبل أن يؤسس حزبه الخاص، التحالف من أجل الجمهورية، في عام 2008. 

ذكر الموقع الإيطالي أن السنغال مرّت بفترة "معقدة" للغاية من الناحية الاقتصادية، بعد هزيمة الرئيس المنتهية ولايته عبد الله واد (الحزب الديمقراطي السنغالي) في انتخابات عام 2012.

على إثر ذلك، نجح سال في جذب المستثمرين الأجانب وخاصة الصينيين، بالإضافة إلى تحسين مرافق الطاقة والمعادن وتحديث وإنشاء بنية تحتية جديدة، مثل مطار بليز دياني الدولي وخط سكة حديد داكار-تامباكوندا.

كما عمل على تحسين إنتاجية قطاع الزراعة مما يضمن المزيد من الأمن الغذائي، وفق الموقع الإيطالي.

في المقابل، اتُهم مرارًا وتكرارًا بالسلطوية ووضع قيود صارمة على حرية التعبير ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى بدأت ترتفع أصوات السخط والمعارضة، وهي إشارات تمكن سونكو من التقاطها، على حد تعبير الموقع الإيطالي. 

بدأ سونكو في التنديد العلني بالفساد في الإدارة العامة السنغالية، منتقدا بشكل مباشر المسؤولين الحكوميين والسياسيين واتهمهم بالاستخدام غير القانوني للأموال العامة والتهرب الضريبي. 

في عام 2016، قرر خوض تجربة السياسة وأسس حزبه باستيف كحزب بديل حقيقي وحيد للسلطة السياسية التقليدية. 

في انتخابات 2019، احتل سونكو المرتبة الثالثة، بحصوله على حوالي 16 بالمئة من الأصوات، ومنذ تلك اللحظة، لاحظت الطبقة الحاكمة صعوده بشكل أكبر.

إدانة سونكو

بدأت محاكمة سونكو  بالاغتصاب في مارس 2021  وانتهت في الأول من يونيو 2023 بإسقاط تهم الاعتداء الجنسي واتهامه بـ "إفساد الشباب".

رافق محاكمة سونكو مظاهرات ومعارضة عنيفة استهدفت بشكل أساسي سال والرموز الفرنسية للبلاد.

عد الموقع هذه الاحتجاجات بمثابة استياء هز السنغال ويهدد بتقويض مستقبل البلاد. من جانبه، حرض حزب سونكو الشباب على الاحتجاج على ما عد هجوما على الديمقراطية. 

وجرى اعتقال أكثر من خمسمائة متظاهر في هذه الفترة فيما انحاز العديد من الشخصيات السياسية البارزة، مثل رئيسة الوزراء السابقة أميناتا توري وعمدة داكار السابق "خليفة سال"،  بشكل علني إلى حد ما إلى جانب المعارضة.

لفت الموقع إلى أنه "يصعب التكهن بالكيفية التي من المحتمل أن ينتهي بها هذا الوضع، مؤكدًا أن الاحتجاجات لا يبدو أنها انتهت. 

في الوقت الحالي، أكد المعهد الإيطالي أنه من الضروري تحليل بعض الجوانب خاصة فيما يتعلق بجذور هذا السخط بغض النظر عن مسألة إدانة المرشح الرئاسي سونكو.

وأشار إلى تدهور حاد في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للبلد بعد انتشار وباء كورونا، وبذلك باتت بطالة الشباب والتفاوتات الاجتماعية مصدر قلق كبير. 

وأضاف بأن الفقر لا يزال منتشرًا في السنغال، كما لا تتوفر العديد من الخدمات الأساسية (مثل التعليم والرعاية الصحية، وكذلك الحصول على مياه الشرب) بالشكل المطلوب.

وتابع أنه "في الوقت الذي يصل فيه انتشار الإنترنت إلى المزيد من المواطنين، هناك مخاوف من أن التفاوت الاجتماعي يمكن أن يزيد ويوسع هذا الشعور بالكراهية".

كما أردف أن البلاد تواجه مشكلة تغير المناخ وتمر بفترة من التصحر والجفاف، خاصة بسبب إزالة الغابات ما تسببت في أضرار جسيمة للقطاع الأولي الذي لا يزال القوة الدافعة للاقتصاد. 

يضاف إلى ذلك نقص مياه الشرب في المجتمعات الريفية بسبب الاستخدام المكثف للمناجم وآبار النفط. 

وتمتلك السنغال احتياطات من الغاز الطبيعي قبالة سواحلها وتسعى من أجل إعادة الإقلاع اقتصاديًا، إلى استخراج مكثف إلى حد ما لا يأخذ في الحسبان الآثار الخارجية على الطبقات الفقيرة، يستنكر المعهد الإيطالي. 

في الختام ، يتوقع أن يتجسد هذا السخط في مرشح رئاسي يمثله ويملك نفس أفكار سونكو في حال لم يتمكن الأخير من الترشح للانتخابات.