"طعنة بالظهر".. تمرد فاغنر في روسيا يعيد للأذهان خيانات العسكر بالدول العربية

12

طباعة

مشاركة

أعاد تمرد زعيم ومؤسس مجموعة فاغنر الروسية يفجيني بريغوجين، على قيادة الجيش وتوعده بشن هجمات صاروخية على قواته في أوكرانيا، إلى الأذهان، التنافس العسكري على السلطة في عدد من الدول العربية والانقلابات التي تفضل المصالح الخاصة على منفعة الشعوب.

وانفجرت الأوضاع بين رئيس مجموعة مرتزقة "فاغنر"، ومؤسستي الجيش والأمن الروسيين، في 24 يونيو/ حزيران 2023، واتهم بريغوجين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بإصدار الأمر بقصف مقرات قواته.

ودعا الروس إلى الانضمام له، فيما نفت وزارة الدفاع الروسية استهدافه، وفتح جهاز الأمن الروسي قضية بحقه بدعوى "التمرد المسلّح".

وبعدها بوقت قصير، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب استثنائي لشعبه، إن "التمرّد المسلّح" لمجموعة فاغنر العسكرية الخاصة "خيانة وطعنة في الظهر".

وبين أن القوات المسلحة الروسية حصلت على الأوامر الضرورية، والردّ على التمرّد المسلّح سيكون قاسيا، مشددا على أن أي شخص يحمل السلاح ضد الجيش الروسي سيعاقب.

ووصف رئيس مجموعة فاغنر، خطاب بوتين بأنه "مخيب للآمال"، قائلا: "لقد اختار الطريق الخطأ، وقريبا سيكون لروسيا رئيس جديد".

وحذر ناشطون على تويتر، من أن نتائج صراع العسكر على السلطة ستؤدي إلى نشوب حرب أهلية داخل روسيا تؤثر تبعاتها على العالم بأسره وتؤدي إلى تحولات جذرية، وربطوا الأحداث بما تشهده الدول العربية من انقلابات وتمردات بسبب هذه الذهنية العسكرية القاصرة، ما أدى إلى حروب أهلية أو فوضى مجتمعية.

وذلك على شاكلة تمرد قائد قوات الدعم السريع بالسودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" على قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في أبريل/نيسان 2023، وانقلاب رئيس النظام المصري الحالي عبدالفتاح السيسي على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013، ما أدخل البلاد في أزمة ما زالت متواصلة حتى اليوم.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #فاغنر و#تمرد_فاغنر، عدد ناشطون جرائم فاغنر، مشيرين إلى ارتكابها جرائم حرب ضد الإنسانية في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول العربية، إلى جانب أوكرانيا.

حرب أهلية

وتفاعلا مع الأحداث، وصف أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، ما يجرى في روسيا بأنه "خطير"، محذرا من أن تمرد زعيم المرتزقة فاغنر على راعيه النظام الروسي وزعيمه بوتين ينذر بمواجهة بعد تهديده واتهامه بالتخطيط لحرب أهلية وأمر اعتقاله لتحريضه وتهديده وزير الدفاع.

وقال الصحفي الاستقصائي عبدالحميد قطب: وأنت تتابع تمرد مرتزقة فاغنر على المؤسسة العسكرية الروسية ومطالبة زعيمها برأس وزير الدفاع، وتمرد مليشيا الدعم السريع ومطالبة زعيمها أيضا برأس وزير الدفاع، تذكر أن السيسي كان يريد تأسيس مليشيا مماثلة "التدخل السريع"، ولو سُمح له لكنا شاهدنا في مصر نفس ما جرى في روسيا والسودان.

وأكد أحد المغردين، أن انقلاب فاغنر على بوتين هو نفسه انقلاب حميدتي في السودان على الجيش، وهكذا تكون مصير كل الأنظمة التي ترعى مليشيات بعيدا عن المؤسسة الرسمية.

ورأى الناشط التركماني آكار هاكان، أن الحسنة الوحيدة للنزاع الداخلي بين الجيش الروسي وقوات فاغنر أن حميدتي وحفتر ومشتقاتهما من دكتاتوري العرب مثل السيسي وبشار (الأسد) و(قيس) سعيد الذين يبحثون عن وكيل جديد لمزيد التسلط على شعوبهم ترتعد فرائصهم الآن، وفق تقديره.

وكتبت هند المصرية: "نحن في مصر عشنا قصة (ميلشيات فاغنر  دي مرتين) مرة عندما عندما انقلبت (ميلشيات مجلس  طنطاوي العسكري) في الجيش المصري علي مبارك ومرة عندما انقلبت (ميلشيات مجلس #السيسي) في الجيش المصري على مرسي..احنا في مصر شفنا الويل من ( ميلشيات) المجلس العسكري وجيشه".

ورأى الكاتب سعد العجمي، أن ما يجرى بروسيا هو نتيجة ازدواجية الجيوش والقوات المسلحة.

وقال: "الجيش الروسي مقابل مرتزقة فاغنر ولنا بالسودان خير دليل حيث الجيش السوداني في مواجهة قوات التدخل السريع وباليمن حيث مليشيات الحوثي بمواجهة الجيش الشرعي وبلبنان حيث حزب الله دولة داخل الدولة، وبالعراق بمعادلة الحشد الشعبي بمواجهة جيش الدولة".

ثمن الجرائم 

وأكد الباحث مهنا الحبيل، أن ما يجرى في روسيا مهم لنا في الشرق من حيث دور فاغنر كجماعات إرهابية لخدمة الدب الأحمر وتوسعه وحربه على شعوب عربية وبالذات في سوريا، ومن جانب آخر رسالة الغرب لبوتين بأنه لا يزال عنصر حقير أقل شأنا من تغيير المركز العالمي ولذلك هي لعبة قد تحدد مستوى قواعد اللعبة الدولية.

وذكر المحلل الفلسطيني فايز أبو شمالة، بأن روسيا أطعمت الوحش الإرهابي فاغنر المال والسلاح، وأعطتها رهبتها وعنفها".

وأردف: "روسيا هي التي أرخت الحبل لفاغنر كي تقتل الأبرياء، وتدمر المدن على رؤوس أصحابها، وتحرق الحقول والمزارع والمصانع، ولما اشتد عود فاغنر، وتعاظم إرهابها، انقضت على روسيا نفسها".

وعد الكاتب والمؤلف أحمد منصور، تمرد قائد فاغنر على روسيا وبوتين محصلة طبيعية لصناعة عصابات المرتزقة، قائلا: "سواء نجح الغرب في تجنيد قائد فاجنر ضد روسيا أم أنه غرور القوة فسوف تدفع روسيا ثمنا باهظا لصناعة المرتزقة واستخدام مجرمي الحرب والقتلة لتدمير الشعوب".

وأوضح أن انقلاب فاغنر على بوتين له قراءتان، الأولى مادية بحته تملأ صفحات التاريخ من عصابات أسسها طغاة للتنكيل بالناس فلما استفحلت قوتهم انقلبوا ونكلوا بالطغاة، والثانية إيمانية قرآنية "حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ""وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾.

وقال الكاتب والصحفي اليمني ياسين التميمي، إن ما يدور في روسيا سواء كان صراع إرادات يصل إلى مستوى الانقلاب، أم تكتيكا من قبل الحكومة، فإن ما يحدث هو ثمن من نوع ما للجرائم التي ارتكبتها قوات فاغنر التي أنشئت على أعين بوتين بدليل أن مقرها مسقط رأسه بطرسبرغ.

وأضاف: "إنه شيء تقر به أعين الليبيين والسوريين وأخيرا السودانيين".

مؤامرة أميركية؟

ذهب ناشطون إلى أن مجموعة فاغنر مدفوعة في تمردها وانقلابها على الجيش الروسي والرئيس بوتين من أميركا.

وقال عمر الرشيدي: "روسيا من حرب أوكرانيا إلى صراع مع منظمة فاغنر وحرب أهلية، أميركا صعب تواجهها وهذه أكيد خطة أميركية للقضاء على روسيا وبوتين".

وقال عصام عبدالملك، إن انقلاب فاغنر نتيجة ربما عجز أميركا وحلفائها عن هزيمة روسيا في ميادين القتال، فاضطرت مخابراتها المركزية إلى طعن روسيا في الخاصرة وتفجير وضعها الداخلي أو ربما مجرد أفلام لصرف النظر عن شيء كبير يحضر له الروس (كالهجوم شامل).

 وعد السنعوسي بوضاري، انشقاق قوات المرتزقة فاغنر عن القوات الروسية واحتمال مواجهات مسلحة حامية بينها وبين الجيش الروسي، إنجاز أميركي تاريخي، مشيرا إلى أن أمريكا قلبت الطاولة على روسيا في أوكرانيا، واخترقت القوات الروسية وفرقتها، وقد تنقل الحرب إلى الداخل الروسي.

وكتب المغرد أبو عساف: "على ما يبدو أن المخابرات الأميركية استطاعت تجنيد قوات فاغنر لمصلحتها خصوصا بعد ظهور رئيس فاغنر في مقاطع سابقة يشكو شح الذخيره واتهم وزير الدفاع الروسي وحملة موت مقاتلي فاغنر في باخموت.. أميركا شخصنت حرب أوكرانيا في شخص بوتين وربما في الأيام القادمة سينقلب الجيش على بوتين".

وقال الإعلامي عاطف ديلغموني: "يبدو أن الرئيس بوتين في ورطة كبيرة وريحة انقلاب عسكري مدعوم من أميركا والغرب طبعا وربما ينجح الانقلاب إذا كان يضم قيادات عسكرية روسية تدعم مجموعة فاغنر الإرهابية، متسائلا: "هل جاء يوم الحساب لبوتين عما فعل في سوريا وأوكرانيا والشيشان من قبل؟"

وتساءل الناشط السوري ماجد عبدالنور: "لماذا لا يكون الغرب قد اشترى قائد مليشيا فاغنر وقدّم له وعودا ليكون بديلا عن بوتين، هو بذلك يختصر طريقا طويلا من الحرب، هل نشهد دعما عسكريا غربيا لفاغنر!".

وأكد أن هذا الحدث هو الأهم منذ بدء الحرب الأوكرانية، وربما يكون الأهم في تاريخ روسيا إن أثمر عن نتائج.

جرائم فاغنر

وعدد ناشطون جرائم مجموعة فاغنر خاصة في البلدان العربية، إذ ذكر الصحفي رضا ياسين، بأنها جهة أقرب لشركة عسكرية خاصة تستخدمها روسيا في الحروب التي أحيانا لا تريد أن تكون فيها بشكل رسمي فيها ولأغراض أخرى ساهمت بقتل آلاف السوريين والليبيين.

ولفت الناشط الاجتماعي عمر الضيف، إلى أن روسيا التي ارتكبت جرائم حرب في سوريا، قصفت المدارس والمشافي والأسواق والبيوت فوق رؤوس السوريين، تتعرض اليوم لتمرد عسكري  من قبل مجرم فاغنر، مؤكدا أن أي خلاف عسكري يعني انهيار الدولة.

وأوضح محمد البار، أن مليشيا فاغنر تتكون من سجناء سابقين استخدمهم رئيس روسيا بوتين للدخول في حروب غير شرعية مثل قتل السوريين والليبيين وهدم مدنهم ودول أخرى مثل السودان ومالي وبوركينا فاسو.

وأشار الناشط السوري عمر مدنية، إلى إقرار زعيم مرتزقة فاغنر الروسية بمقتل 2000 من مرتزقته في أوكرانيا، مؤكدا أن هؤلاء المجرمين كانوا يقاتلون السوريين قبل أن يتوجهوا للقتال في أوكرانيا ويتم سحقهم هناك.