بعد إعادة انتخاب أردوغان.. هل انتهى "شهر العسل" بين تركيا والغرب؟

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع صيني أن "على أوروبا والولايات المتحدة التخلي عن خيالاتهما القديمة"، بعد فوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بولاية جديدة.

وقال موقع "الصين نت" إن "أردوغان لم يُلحق هزيمة سياسية بخصمه فحسب، بل انهارت أيضا رغبة الولايات المتحدة وأوروبا في إعادة تركيا إلى المسار الغربي عبر تغيير القيادة السياسية في البلاد".

وفي 28 مايو/ أيار 2023، شهدت تركيا أول جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية في تاريخها، حيث حقق أردوغان فوزا على منافسه، كمال كليتشدار أوغلو.

وحاز أردوغان 52.18 بالمئة من أصوات الناخبين مقابل 47.82 بالمئة لكليتشدار أوغلو، وبذلك أعيد انتخاب أردوغان لفترة رئاسية ثالثة على التوالي.

أهم معركة

وأشار الموقع الصيني إلى أن "هذه الانتخابات كانت أهم معركة يواجهها أردوغان منذ دخوله الساحة السياسية، كما رأى كثيرون أنها تشكّل فرصة لا تفوّت لفوز المعارضة".

وأوضح "الصين نت" أنه قبل إجراء الانتخابات، توقعت وسائل الإعلام والمراكز الفكرية الغربية بالفعل "فشل" أردوغان، معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى "نهاية الاستبداد في تركيا" و"انتصار الحرية والديمقراطية على مستوى العالم".

كما ظنت المعارضة أنها قريبة جدا من الوصول إلى السلطة، مشيرة إلى أنها ستغير مسار العلاقات بين تركيا والغرب، بما يسمح بـ"العودة إلى التكامل الأوروبي والانضمام إلى المجتمع الغربي".

وألمح التقرير إلى أن السفير الأميركي في أنقرة، جيف فليك، التقى كليتشدار أوغلو قبيل الانتخابات، في تعبير غير مباشر عن موقف بلاده.

وتابع: "الآن وبعد فوز أردوغان في جولة الإعادة، سيتعين على الولايات المتحدة وأوروبا الاستمرار في مواجهة هذا الخصم القوي على مدى السنوات الخمس المقبلة".

"فتَحْت قيادة الرئيس أردوغان، شهدت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة وأوروبا تقلبات مستمرة وتحولات متناقضة على مدى عدة سنوات"، حسب التقرير.

وأضاف أن "التوترات تزايدت بشكل خاص بعد محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، حيث توسعت الاختلافات والتباينات بين الجانبين يوما بعد يوم".

"وتقدمت تركيا بطلب للولايات المتحدة بتسليمها المتهم الأول في التخطيط للانقلاب، فتح الله غولن، الذي يعيش على الأراضي الأميركية، لكن هذا الطلب رُفض مرارا وتكرارا"، وفق الموقع.

وأردف: "كما تعد تركيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) منظمة إرهابية، في حين جعلتها الولايات المتحدة ضمن حلفائها في جهود مكافحة الإرهاب".

وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، فقد اتهم الحكومة التركية بانتهاك حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية، وعُلقت مفاوضات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي. 

"وتوسعت المنافسة على الموارد والاحتكاك العسكري بين تركيا واليونان في شرق البحر المتوسط ​​تدريجيا، لتتحول إلى خلافات ومواجهات بين الطرفين"، وفق التقرير.

ورغم أن تركيا حليف للولايات المتحدة وأوروبا لأكثر من نصف قرن ضمن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أنها في السنوات الأخيرة اشترت نظام صواريخ الدفاع الجوي الروسي "S-400"، حسب الموقع الصيني.

خلافات بينية

وتابع التقرير أنه "في ظل أزمة أوكرانيا، تبنت تركيا موقفا متوازنا ومرنا، بعد أن فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات شاملة على روسيا، كما أنها تمتنع عن التصويت لصالح توسيع الناتو، بانضمام السويد إليه حتى الآن". 

وأفاد "الصين نت" بأن "هذه التحركات أثارت غضب الدول الأعضاء في الناتو، الذين عدوها خيانة من قبل حليفهم التقليدي، في المقابل، أكد أردوغان أن مصالح ومطالب بلاده لم تلق الاهتمام اللازم من حلفائها".

وأشار التقرير إلى أن "إعادة انتخاب أردوغان تعني أن الموقف الدبلوماسي التركي الحالي لن يتجه مجددا نحو الغرب، وأن المشاكل والتناقضات المستمرة في علاقات تركيا مع الغرب لن تتلاشى بسهولة بعد الانتخابات".

وأردف التقرير: "لقد ألقى المد المتصاعد للقومية في تركيا- الذي لوحظ من خلال نتائج هذه الانتخابات- بظلاله القاتمة على العلاقة بين تركيا والغرب".

وأضاف أنه "في هذه الانتخابات، عد كل من أردوغان ومرشح المعارضة جذب أصوات القوميين هدفا رئيسا، وأثيرت ضجة كبيرة حول قضايا اللاجئين والقضية الكردية لجذب دعم الناخبين القوميين".

"وشكل حزب العدالة والتنمية -بزعامة أردوغان- تحالفا مع أحزاب قومية، مثل الحركة الوطنية وحزب الوحدة الكبرى، وحققوا معا أغلبية البرلمان، ليضعوا بذلك الأسس لاستمرار هيمنة التحالف الحاكم على البرلمان"، وفق التقرير.

"وبالسيطرة على البرلمان تغير الوضع في الانتخابات الرئاسية، حيث دفع هذا الظرف الجديد، سنان أوغان، مرشح تحالف (الأجداد) القومي المتطرف، إلى تأييد أردوغان"، يضيف التقرير.

ونال أوغان 5.17 بالمئة من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، واختار دعم أردوغان في جولة الإعادة، مما زاد من احتمالية فوزه.

"وبعد إعادة انتخاب أردوغان رئيسا للبلاد، سيكون عليه أن يلبي تطلعات الناخبين القوميين الذين يتطلعون بشغف إلى الحكومة الجديدة"، حسب التقرير.

"بالإضافة إلى ذلك، يجب عليه أن يحقق توازنا في السياسة الداخلية والخارجية بما يتماشى مع رؤية الأحزاب القومية، وبذلك ستضيق المساحة المتاحة للمفاوضات والتفاهم مع الولايات المتحدة وأوروبا"، وفق الموقع الصيني.

وأضاف أن "أردوغان قدم خلال الحملة الانتخابية رؤية طموحة لتحقيق "قرن تركيا"، وهي هدف ضخم يهدف إلى إعادة إحياء دور تركيا في مئوية تأسيس الدولة التركية، وعده شعارا قويا لحملته الانتخابية". 

وأردف: "وبعد تجاوز تحديات الانتخابات الشاقة، ستتحول جهود أردوغان تدريجيا نحو تعزيز مكانة تركيا كـ"قوة عالمية" وتوسيع نفوذها الدولي". 

نظام دولي جديد

وفي سياق السياسة الخارجية، أعرب أردوغان عن اعتقاده بأن النظام العالمي يعيش تغييرات هيكلية سريعة، وأن تركيا ستلعب "دورا فريدا" في النظام الدولي الجديد. 

"وهذا يعني أنه في المستقبل، ستواصل تركيا تحت قيادة أردوغان الحفاظ على موقف التوازن بين "الشرق" و"الغرب"، وجمع المصالح الإستراتيجية والاقتصادية"، وفق التقرير.

وتابع أنه "فيما يتعلق بقضايا مثل الأزمة الأوكرانية والصراعات الكبرى -التي تثير قلقا كبيرا في الغرب، فإن تركيا ليست على استعداد لأن تحسم موقفها بالميل إلى أحد الجانبين، بالشكل الذي يأمله الغرب".

وفي ضوء رؤية "قرن تركيا" التي يطرحها أردوغان، تشهد الأولوية التي توليها تركيا للعلاقات مع الغرب تراجعا مستمرا، حيث تعد الحكومة التركية الآن الغرب كـ"جهة مهمة"، بدلا من "حليف وثيق"، وفق الموقع الصيني.

وقال "الصين نت": لقد ولت "فترة شهر العسل" التي اتسمت بالثقة العميقة بين تركيا والغرب والتنسيق المتبادل في المواقف الإستراتيجية. ومع ذلك، يظل الغرب جهة لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لتركيا".

وأضاف أنه "بغض النظر عن مدى كره الغرب وأردوغان لبعضهم البعض، ومدى شراسة الحرب الكلامية الدبلوماسية بين الجانبين، فلا تزال تركيا بحاجة إلى الحفاظ على علاقاتها مع الغرب، أو حتى تحسينها من أجل موازنة دبلوماسيتها مع الشرق".

كما أن تركيا بحاجة إلى استغلال المصالح الإستراتيجية من عضويتها في حلف الناتو، مع الحفاظ على الاتصال السلس بالأسواق الأميركية والأوروبية ورأس المال والتكنولوجيا.

وأكد الموقع الصيني أن "تركيا لا تنوي أن تتخلى عن الغرب وليس لديها القدرة على ذلك أيضا".

وأفاد بأنه "بناء على الأسلوب السابق المتبع من قِبل أردوغان، فقد اعتاد الانطلاق من منطق براغماتي، وتشكيل العلاقة بين تركيا والغرب، لخدمة المصالح الوطنية التركية واحتياجات حزب العدالة والتنمية الحاكم".

وأردف الموقع: "سيكون تحدي الولايات المتحدة وأوروبا هو تخليهما عن تصوّراتهما القديمة وغير الواقعية بشأن تركيا، والتكيف مع هذا النموذج الجديد، الذي يسير فيه التعاون والخلاف جنبا إلى جنب".