زفاف ولي عهد الأردن بمهندسة سعودية.. "حب" مغلف بالمصالح؟

12

طباعة

مشاركة

 

ترى صحيفة إيطالية أن "رائحة الكثير من السياسة تفوح من زفاف ولي العهد الأردني حسين بن عبد الله الثاني على المهندسة المعمارية السعودية والمنتمية إلى واحدة من أغنى العائلات وأكثرها نفوذا في المملكة، رجوى السيف".

وحضر مراسم الزفاف الذي أقيم  في العاصمة الأردنية عمان مطلع يونيو/ حزيران 2023، العديد من الملوك والملكات والأمراء والشخصيات السياسية من مختلف دول العالم. 

وقالت صحيفة "إيل بوست" إن "الحفل مثّل واحدا من أهم حفلات الزفاف الملكية في الشرق الأوسط، وذلك بسبب شهرة العائلة المالكة الأردنية ولأن زواج ولي العهد بالمهندسة المنتمية إلى الطبقة الحاكمة السعودية، من شأنه أن يكون له عواقب مهمة في الأردن وبقية المنطقة".

وأشارت في هذا الإطار إلى أن "العلاقات بين الأردن والسعودية وثيقة، إلا أنها مضطربة في بعض الأحيان في السنوات الأخيرة"، مفترضة أن الزواج الأخير "قد يسهم في تعزيزها".

نظرة تاريخية

وبحسب الصحيفة، "الأردن بلد صغير وفقير نسبيا، يعتمد اقتصاده إلى حد كبير على المساعدات من دول الخليج الغنية مثل السعودية". 

في الوقت نفسه، تذكر أن العائلة المالكة تمتلك "تاريخا يمتد لقرون والعديد من العناصر التي تجعلها واحدة من أرقى العائلات في المنطقة".

وأشارت في هذا الصدد إلى "السلالة الهاشمية، أي الأسرة المالكة، وصاحبة الوصاية منذ أكثر من مائة عام على الأماكن المقدسة في القدس وهو لقب شرفي لكنه لا يزال لقبا مهما".

وشرحت الصحيفة أن "نظام الحكم في الأردن ملكي دستوري، لكن الملك في الواقع يتمتع بصلاحيات تنفيذية وتشريعية واسعة للغاية".

وذكرت أنه "يعين رئيس الوزراء ومجلس الشيوخ والمحكمة الدستورية وهو القائد الأعلى للجيش، في حين يتم انتخاب مجلس النواب ديمقراطيا من خلال انتخابات تعد حرة جزئيا فقط".

وقالت إن "وسائل الإعلام والحقوق المدنية مقيدة بشدة لكن رغم ذلك، يعد الأردن أحد أكثر البلدان استقرارا في المنطقة مقارنة بلبنان المجاور على سبيل المثال، كما أنه بلد معتدل نسبيا من الناحية الدينية وليس معاديا للغرب رغم أن نظام الحكم فيه ليس حرا".

ويبلغ الأمير حسين، الابن الأكبر للملك عبد الله الثاني وزوجته الملكة رانيا، من العمر 28 عاما وقد درس التاريخ في الولايات المتحدة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة مثل والده، الذي نشأ في بيئة ناطقة باللغة الإنجليزية، وكان في بداية عهده يتحدث الإنجليزية أفضل من العربية. 

ولفتت الصحيفة إلى أنه "من غير المتوقع أن يتسلم الحسين الملك في وقت قريب، خاصة أن الملك عبد الله الثاني يبلغ من العمر 61 عاما، وبالتالي يعد شابا نسبيا، إلا أنه انطلق فعليا في المشاركة في لقاءات دبلوماسية وزيارات دولة مع والده للتعود على واجبات الملك".

من جهتها، تبلغ زوجته رجوى السيف بن مساعد بن سيف بن عبد العزيز آل سيف، من العمر 29 عاما، ودرست الهندسة المعمارية في جامعة مرموقة في الولايات المتحدة قبل أن تنتقل إلى دراسة الموضة والتصميم في لوس أنجلوس.

وهي تنتمي إلى أهم العائلات في السعودية، ولوالدتها صلة قرابة بالملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة الحديثة، في حين ينتمي والدها إلى "السبيع" إحدى أهم القبائل في شبه الجزيرة العربية.

وتمتلك العائلة شركة "السيف" للمقاولات الهندسية وهي من أهم شركات المقاولات في المنطقة والتي قامت ببناء برج مركز المملكة، أحد أكثر ناطحات السحاب شهرة في العاصمة الرياض.

مرحلة مضطربة

وبينت الصحيفة الإيطالية أن "حفل الزفاف الملكي الأردني أقيم في مرحلة مضطربة إلى حد ما بالنسبة للأسرة الهاشمية".

وذلك في إشارة إلى أن الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني وعم الأمير حسين، لا زال قيد الإقامة الجبرية منذ عامين بعد اتهامه بالتخطيط للإطاحة بالملك.

وكان حمزة وليا للعهد حتى جرده الملك عبد الله من اللقب في عام 2004 ليمنحها لابنه حسين، الذي كان في العاشرة من عمره فقط في ذلك الوقت، وعُين الحسين رسميا وريثا للعرش بعد خمس سنوات.

منذ ذلك الحين، توارى الأمير حمزة عن الأنظار إلى أن جرى في أبريل 2021 اعتقاله مع 18 شخصا آخرين موالين له بتهمة التخطيط لمؤامرة قلب نظام الحكم بالتواطئ مع "قوة أجنبية" لم يتم تحديد هويتها. 

وتعتقد العديد من التحليلات أن القوة الأجنبية كانت السعودية خاصة أن الأمير حمزة كان مقربا جدا منها من خلال الموالين والمرتبطين به.

وقالت الصحيفة "الآن قد يصبح الزواج بين الأمير حسين وشخصية سعودية مهمة وسيلة لإصلاح العلاقات".

وأردفت بأنه "لطالما كان لحفلات الزفاف في العائلة المالكة الأردنية قيمة رمزية ودبلوماسية".

كان لوالد الملك عبد الله الثاني أربع زوجات، اثنتان منهن غربيتان (أميركية وبريطانية) في وقت كانت فيه العلاقات بين الأردن والغرب ذات أهمية خاصة. 

تزوج الملك عبد الله الملكة الحالية رانيا وهي فلسطينية في مرحلة كانت فيها القضية الفلسطينية من أكثر القضايا أهمية في المنطقة.

بينما في الوقت الحالي، يحاول بعض المحللين أن يجدوا معنى لزواج ولي العهد الأردني بسيدة سعودية، تشير الصحيفة.

وتعيد التذكير أن "الأردن بلد بدون موارد طبيعية وله اقتصاد يعتمد بشكل كبير على المساعدات من الدول الكبيرة مثل تلك الموجودة في الخليج".

وأضافت: "في الوقت نفسه، نظرا لموقعه الإستراتيجي واعتدال سياساته، حظي الأردن دائما بتقدير كبير داخل المجتمع الدولي، لذلك يعد القادة الأردنيون حلفاء تاريخيين للولايات المتحدة والغرب".

وتابعت بالقول إن "الأردن يتمتع بموقع جغرافي مركزي، فهو يحد إسرائيل وسوريا والعراق، ولهذا السبب غالبا ما كان له أدوار دبلوماسية مهمة".

وبهذا المعنى،  تستنتج الصحيفة أن "التقرب من دولة كبيرة وغنية مثل السعودية يمكن أن يساعد الأردن على جذب الاستثمار والمساعدات الاقتصادية". 

وتلاحظ أن "إقامة عمان في الوقت نفسه لعلاقات قوية مع الرياض التي تبتعد تدريجيا عن الغرب، يعني فقدان دورها التاريخي كطرف محايد ويحظى بالإجماع في الشرق الأوسط".