في ظل الأحاديث عن تقارب حفتر والدبيبة.. ما سيناريوهات تسوية أزمة ليبيا؟
أكد موقع إيطالي أن الوضع الدولي الحالي ملائم لمفاوضات جارية بين الجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة على الرغم من أنهما لا يزالان مصطفين على جبهات متعارضة.
يحدث ذلك خاصة مع إعلان المتحدث باسم البرلمان الليبي بطبرق أن النواب صوتوا بالإجماع في 16 مايو/ أيار 2023، على تعليق مهام رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (غير معترف بها دوليا) فتحي باشاغا وإحالته للتحقيق على خلفية شبهات بإهدار المال العام.
وعلق موقع "إيل سوسيدرايوا"، بأن الأمر قد يبدو على الورق كواحدة من المتغيرات العديدة في بلد في حالة من الفوضى منذ سنوات، لكنه قد يفتح الأبواب لسيناريو قد يؤدي على المدى الطويل إلى إعادة توحيد ليبيا أو على الأقل إلى سيناريو مشابه.
جبهات متعارضة
ويشرح الخبير الإيطالي ماورو إنديلكاتو في حواره مع الموقع أن الأهم في الواقع، هو أن الدبيبة وحفتر، اللاعبين الرئيسين على الساحة والمسيطرين على أجزاء كبيرة من البلاد يتفاوضان.
وذلك بحسب تحليله، من أجل إدارة بدون صراعات داخلية في البلاد ما سيعني خطوة إلى الأمام لتحقيق الوحدة في المستقبل، إن لم يكن من أجل تشكيل حكومة مشتركة".
وقال إن الوضع لازال متشابكًا، كما هو الحال دائمًا في السنوات الأخيرة في ليبيا، إلا أنه يمكن أن يتطور نحو استقرار المنطقة بأكملها، مع ما سيترتب عن ذلك من مزايا اقتصادية و التحكم في تدفقات الهجرة أيضًا نحو الغرب وإيطاليا.
وعن الوضع في البلاد والعلاقات بين حفتر و الدبيبة، يشرح إنديلكاتو بأن برلمان طبرق، الذي يتمركز في شرق البلاد، الذراع السياسي لحفتر، سحب الثقة من باشاغا رئيس وزراء الحكومة المدعومة من هذا البرلمان.
وأضاف أن قرار تعليق مهام باشاغا يتزامن مع الحديث عن مفاوضات بين الدبيبة وحفتر من أجل التوصل إلى اتفاق يهدف إما إلى الحفاظ على حالة من التوازن بين الحكومتين وعدم الدخول في صراعات مسلحة، أو للوصول إلى تشكيل حكومة جديدة تكون هذه المرة لوحدة وطنية حقيقية.
وعن أي الفرضيتين أقرب للتحقق، يفترض الخبير الإيطالي في الشأن الليبي أن الفرضية الأولى هي الأقرب لأن إجراء تعديل وزاري اليوم في طرابلس سيعني الإخلال بالتوازنات الدقيقة للغاية.
لذلك أنا أميل أكثر إلى التفكير في الحفاظ الرسمي على الوضع الراهن، ولكن في نفس الوقت التقارب المستمر بين الأطراف الذي سيجعل ليبيا بطريقة ما أكثر قابلية للحكم مما هي عليه اليوم، على حد تعبيره.
كما أكد إمكانية التقارب بين الطرفين على المدى القريب وهو ما من شأنه أن يسهم على المدى الطويل في توحيد البلاد موضحا أن المضي قدمًا في ذلك قد يكون على مراحل.
أي الحفاظ ، في مرحلة أولى، على الوضع الحالي والتأكد من أن هذه الاتفاقيات، الموجودة تحت الطاولة لكنها لم تعد سرية، تظل سارية.
حالة من الفوضى
وفي مرحلة ثانية، يتم الاتفاق على التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تعد البلاد لانتخابات جديدة أو ببساطة تدير الوضع بطريقة أكثر تنظيماً من اليوم، يضيف الصحفي الإيطالي.
ويشرح بأن كلا الطرفين، الدبيبة وحفتر، فهم أنه من الأفضل عدم خوض حروب ونزاعات والاتفاق على تقسيم كلا مجالي النفوذ، بحيث يكون الدبيبة أقوى في الغرب و يحافظ حفتر على السيطرة في الشرق.
وكذلك، يضيف أن التوافق على تقسيم الموارد في هذه المرحلة الدولية التي تضمن فيها أسعار الغاز والنفط عائدات أعلى، لذلك من الأفضل تقسيم الكعكة بدلا من محاولة الحصول على كل شيء.
وعن أسباب الخلاف، يشرح بأن حفتر يسيطر على آبار النفط، فيما يسيطر الدبيبة على الخزينة أين يتم إيداع عائدات تصديره؟
وقال إنه في الواقع، تذهب عائدات بيع الذهب الأسود إلى المؤسسة الوطنية للنفط، التي تقوم بدورها بتحويلها إلى البنك المركزي الليبي في طرابلس، الخاضع لسيطرة حكومة الدبيبة بعد أن يتم استخراج النفط من الآبار الواقعة في الغالب في المناطق التي يسيطر عليها حفتر.
وأضاف أنه عند اندلاع الحرب، إما أن يغلق الدبيبة الخزينة أو أن يغلق حفتر الآبار لكن إذا توصلوا إلى اتفاق، فإن حفتر سيبقي على الاستخراج والإنتاج بينما تظل الخزينة بين يدي الدبيبة.
مساعي الاستقرار
وعن صحة المفاوضات غير الرسمية بين الطرفين بدعم من مصر والإمارات والولايات المتحدة، بيّن إندليكاتو أن كل الرعاة الدوليين يؤيدون استقرار الوضع الليبي.
ويفسّر خصوصا، وأن وجود دولتين في وضع غير مستقر ليس بالأمر الملائم للغرب في ظل الالتزام الكبير بما يحدث في أوكرانيا، كما ينطبق الأمر نفسه على دول الخليج.
كما ربط الصحفي الإيطالي المفاوضات بين حفتر والدبيبة باستعادة نظام بشار الأسد في سوريا مقعده في جامعة الدول العربية مؤكدا أن ليبيا وسوريا جزء من نفس مشروع يريد من خلاله كل من الغرب و الدول العربية تحقيق الاستقرار في البلدين.
وقال إن الدبيبة يحظى بدعم تركيا بشكل أساسي، ولكن أيضًا من الولايات المتحدة وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، لأنه على رأس الحكومة المعترف بها دوليًا والأقرب إلى مجال النفوذ الغربي من عديد النواحي.
في المقابل، يدعم كل من الإمارات ومصر حفتر، بينما تمارس روسيا أيضًا تأثيرًا على هذه الجبهة، لكن هذا يستحق نقاشا منفصلا" يشير الخبير الإيطالي لافتا إلى أن "الدعم الروسي يؤمنه مرتزقة فاغنر، لكن إذا استقر الوضع الليبي، فلن يحتاج حفتر إليهم.
وتابع أن عمل الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة، على المصالحة في ليبيا يهدف أيضًا إلى حد ما إلى عزل روسيا، إن لم يكن طردها.
كما أكد أن كل هذا لا يحدث مصادفة في وقت قصير من زيارة حفتر لروما ولقائه برئيسة الوزراء جورجيا ميلوني موضحا أن بلاده تلعب دورًا أيضًا وتعترف بحكومة بالدبيبة وتدعمها.
ويشرح أن عدم احتجاج خصم حفتر عن زيارة الأخير إلى روما يشير إلى أن إيطاليا تلعب دورًا مهمًا في الوساطة وذلك لمصلحتها في تحقيق الاستقرار في ليبيا لأن الغاز والنفط والمهاجرين يتدفقون من هناك.