وئام وهاب.. سياسي لبناني سليط اللسان مدعوم من "حزب الله" ومدافع عن نظام الأسد
ما يزال الوزير اللبناني السابق، ورئيس حزب "التوحيد العربي"، وئام وهاب، يحظى بالغطاء الكامل من قبل "حزب الله" والنظام السوري، وهو ما يجعل مواقف هذا الزعيم الدرزي مثيرة للجدل.
وفي موقف "عنصري مقيت"، دعا "وهاب" خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "MTV" اللبنانية نهاية أبريل/نيسان 2023، "الأوروبيين إلى دفع الأموال إلى الحكومة اللبنانية، أو نقوم برمي اللاجئين السوريين في البحر"، وفق قوله.
وجاء كلام وهاب (58 عاما) متماشيا مع بدء موجة جديدة منذ مطلع أبريل 2023 تدعو إلى ترحيل اللاجئين السوريين الفارين من بطش نظام بشار الأسد منذ عام 2011 إلى لبنان.
وتقود هذه الحملة بعض الأحزاب اللبنانية والشخصيات المعروفة بموالاتها الشديدة لنظام الأسد، رغم المخاوف الأمنية وفق المنظمات الحقوقية، من تعرضهم للتعذيب والموت حال عودتهم قسرا لسوريا.
وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة هؤلاء "مرتبط بإنجاز حل سياسي بسوريا"، ولا سيما أن أجهزة مخابرات الأسد ما التي ما تزال تتوعد بالفتك بالمناهضين للنظام.
ويعد وهاب، أحد أبرز المقربين من الأسد شخصيا، وهو يمثل شطر الطائفة الدرزية في لبنان، ويسير خلف "حزب الله" سياسيا.
النشأة والتكوين
ولد وئام ماهر وهاب عام 1964 لعائلة من الطائفة الدرزية في بلدة الجاهلية قضاء الشويفات اللبنانية، وانتسب للحزب التقدمي الاشتراكي ولكشافته، كما عمل في الإذاعة التابعة له وهي "صوت الجبل" بين 1983 و1987.
شغل وهاب منصب المستشار السياسي للنائب اللبناني طلال أرسلان أحد أكثر السياسيين المقربين من نظام الأسد.
ثم عمل مستشارا للقائم مقام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ بهجت غيث.
وقرر وهاب خوض الانتخابات النيابية عام 1996 في دائرة الشوف ممثلا عن الدروز، غير أن الحظ لم يحالفه وقتذاك، إذ انهزم أمام الزعيمين الدرزيين وليد جنبلاط ومروان حمادة.
عمل وهاب في مجال الإعلام فتنقل بين صحف الأنباء والسفير والحقيقة والديار وغيرها.
لكن اللحظة الفارقة في حياته حينما عين عام 2004 – 2005 وزيرا للبيئة في حكومة رئيس الوزراء عمر كرامي، الذي خدم هذا الأخير مصالح النظام السوري في لبنان طويلا، ويعد أحد أبرز رموزه في لبنان المجاور.
وأسس وهاب عام 2005 حزب "التوحيد العربي" وأصبح رئيسه منذ ذلك الحين، وبات هذا الحزب ينتمي إلى قوى "8 آذار" التي تضم عدة قوى أهمها حزب الله وحركة أمل الشيعية والحزب الديمقراطي اللبناني وتيار المردة بقيادة سليمان فرنجية، وهي الكتلة الصلبة التي يتنفس منها نظام الأسد في لبنان منذ خروجه منه عام 2005 وانتهاء عقود من الوصاية.
صفعة سياسية
تلقى وهاب، "صفعة سياسية" بخسارته في المعركة الانتخابية البرلمانية التي جرت في مايو/أيار 2022، رغم تعهد "حزب الله" بإيصال حلفائه إلى قبة البرلمان.
وآنذاك شكلت خسارة "حزب الله" الأغلبية في البرلمان ضربة موجعة له ولحلفائه، وشكل ذلك انتصارا جديدا لباقي القوى السياسية المناهضة لحزب الله الذي يهيمن على لبنان بقوة السلاح الإيراني.
وعلق وهاب على خسارته عبر تويتر قائلا، "شكرا لـ10228 شريفا وحرا ممن رفضوا وضع النير في رقابهم"، في إشارة إلى عدد الأصوات التي حصدها في الانتخابات دون أن تعصمه من الخسارة التي أثبتت ضعف التمثيل الشعبي له حتى من قبل طائفته.
لكن وهاب صاحب "اللسان الطويل" لم يغب عن الساحة اللبنانية، بل وجد باب الظهور الإعلامي مفتوحا له على مصراعيه من قبل القنوات المحلية المتنوعة التي تتمتع بها لبنان.
إذ لا يكاد يفارق وهاب شاشات التلفزة المحلية، وكذلك المنصات الجديدة، والتي تستضيفه نظرا لكون "لسانه غير منضبط ويشتهر بزلاته الكثيرة ومهاجمته لخصومه بشكل فاحش، واستخدام لغة سوقية وغير أخلاقية في كثير من الأحيان".
واللافت أنه رغم أن وهاب البالغ من العمر 58 عاما، يكاد يكون "سياسيا ساخرا" بصوته المميز الذي يتخذه الفنانون اللبنانيون كشخصية كوميدية تثير الضحك، نظرا لمواقفه المتسرعة والعدائية في لبنان.
لسان غير منضبط
ومن أبرز ذلك انتشار مقطع فيديو لـوهاب، عام 2018 يكيل فيه انتقادات "قاسية وسوقية" لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وزوجته وابنه سعد، مما أثار غضب مناصري الحريري.
فقد عمد بعضهم إلى قطع بعض الطرق في بيروت ومحيطها احتجاجا على تصريحات وهاب، كما شجب مضمونها عدد من القوى السياسية أبرزهم الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط.
واعتذر وهاب في اليوم التالي عمَا صدر عنه من "إساءات شخصية"، قال إنها "أتت في لحظة غضب"، من دون أن يتراجع عن مواقفه المناهضة لسعد الحريري.
وذات مرة، اضطر وهاب خلال مؤتمر صحفي في 16 مارس/آذار 2011، لتقديم اعتذاره عن تشبيهه المرأة السعودية المنقبة خلال لقاء تلفزيوني بـ"كيس القمامة".
ووجد وهاب حينها نفسه أمام هجوم لاذع من قبل حتى حليفه حزب الله، كما تظاهر المئات في طرابلس عاصمة السنة في شمال لبنان ورددوا هتافات منددة بوهاب.
وما يزال وهاب من الشخصيات السياسية المثيرة للجدل بتصريحاته ومواقفه لدرجة أنه أحيانا يفقد السيطرة على كلامه ويهاجم حليفه حزب الله بعين قلبه لا بلسانه.
ومنها حينما انتشر تسجيل مصور له وهو يكيل الشتائم لحليفه "حزب الله"، عقب ما سماه "غدر أهل الوفا" من حلفائه في "المقاومة" جراء منح أصواتهم لـ"غريمه" في الانتخابات البرلمانية عام 2018.
وقال وهاب وهو منفعل في حديث صحفي تلفزيوني، إنه تفاجأ في نتيجة الانتخابات بـ"الأقلام الشيعية التي لُعِب فيها عليه" على حد قوله، ليستطرد بعد شرح مطول عن سير العملية الانتخابية بقوله "طز فيكم وبالمقعد".
ومن تصريحات وهاب المثيرة في الشارع، قوله لمنصة "سبوت شوت" المحلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن "80 بالمئة من الشعب اللبناني نصاب وفاسد، وأزمة لبنان هي أزمة أخلاق بالمرتبة الأولى وثقافة الرأي العام هي ثقافة زبائنية وغبية".
كما قال للمنصة: "حزب الله قادر على قصف مطار بن غوريون وصواريخه يمكن أن تطال كل المؤسسات الرسمية الإسرائيلية والمرافئ والوزارات الحساسة كوزارة الدفاع".
ربيب الأسد
لا يتوانى وهاب عن "الترحم والتباكي" على أيام وصاية النظام السوري على لبنان، التي يعدها اللبنانيون من أكثر الحقب الزمنية دموية وقتامة، والتي ذاقوا فيها أبشع أنواع التنكيل والقتل والاغتيال.
ففي مقابلة مع منصة "سبوت شوت" في 21 ديسمبر/كانون الأول 2022، قال وهاب: "أريد أن أعيش كمواطن محترم، يجب أن تنزل الناس ويجروهم جميعا في الشارع، نريد إرادة خارجية تفرض علينا، أيام السوريين كان الوضع أفضل، فلم يكن هناك أزمة اقتصادية وبيروت كانت مليئة بالسياح والعرب، وكنا نجول كل لبنان بدون اعتراض من أحد".
ورأى أن "أي وصاية أفضل من الآن، هؤلاء لا يسيرون إلا بالقوة، وهم منذ 17 سنة بعد مغادرة السوري يعيشوننا بهذه الدوامة وأوصلونا إلى بلد مفلس، البلد كان ماشي وما أحلاه، ودخل 70 مليار دولار بين عامي 2009 و2011 بعد السين سين ولم يعرف البنك المركزي ماذا يفعل بها".
ولهذا فإن وهاب من مؤيدي تدخل حزب الله عام 2012 لقتل السوريين إلى جانب قوات الأسد لقمع الثورة التي اندلعت في مارس/آذار 2011، ونادت بإسقاط حكم الأسد.
فخلال رعايته لحفل تخريج طلاب الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم (AUCE)، في 7 أغسطس/آب 2015، ورأى وهاب أن مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا "خط دفاع أول عن المقاومة والأمة العربية".
وتحدى وهاب، الدعوى القضائية التي تقدم بها محام لبناني ضد مفتي النظام السوري السابق، أحمد حسون، عندما استقبله ببيته في 8 يناير/كانون الأول 2016 قائلا: "حسون في بيتي، ومن أراد اعتقاله فليتفضل".
وكان وهاب أعلن من لبنان تأسيس مليشيا جديدة تحت اسم "سرايا التوحيد" في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، في قضاء "الشوف"، جميع عناصرها من الطائفة الدرزية، وقاتلت ضد قوات المعارضة السورية في محافظة القنيطرة السورية، وتحديدا على محور بلدة حضر التي يوجد فيها فئات من الدروز.
وشارك في الاستعراض عشرات الشبان الملثمين، الذين ارتدوا زيا عسكريا موحدا، أسود اللون، وحينها سمح نظام الأسد لمؤيديه من بلدة جرمانا بريف دمشق ومحافظة السويداء، بالدخول إلى لبنان لتأمين المشاركة البشرية في تجمع إطلاق المليشيا.
وحينما التقى وهاب مع الأسد بالعاصمة دمشق مع وفد لبناني في 5 سبتمبر/أيلول 2021، جلب وهاب ابنه "هادي" معه، ووقتها مازح وهاب الأسد، أثناء تقديم نجله له، قائلا له "هذا الذي نريد أن نجعله رئيسا للبنان كما اتفقنا".
وئام وهاب بعرس ابنه عم بنكت و كتير مبسوط مع بشار.
— Ron’s (@RonsRons3) September 5, 2021
تعليقاتكم شو ممكن تقولوا شي بيليق لو pic.twitter.com/iY3yO9mCtb
صوت حزب الله
ودائما ما يصور وهاب حزب الله بأن لديه قوة قادرة على سحق إسرائيل ومجابهتها ووضع شروط عسكرية عليها.
وفي تصريح خلال مقابلة مع قناة " OTV" مطلع سبتمبر/أيلول 2019 قال وهاب إن "حزب الله قادر على أن يرجع إسرائيل إلى العصر الحجري"، مضيفا "المقاومة استطاعت أن تعمل معاهدة ردع مع إسرائيل لم يستطع العرب أن يفعلوها".
وعقب لقاء مع رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" إبراهيم أمين السيد في 24 يونيو/حزيران 2019 قال وهاب: "سلاح المقاومة هو ضمانة لمنع التقسيم والتوطين، وهو لا علاقة له بمزارع شبعا وكفرشوبا فقط، لا بل له علاقة بموضوع الصراع العربي - الإسرائيلي كاملا".
وفي مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية، قال وهاب في 7 يناير/كانون الثاني 2023: "قاسم سليماني يخيف الإسرائيليين في قبره وهو وضع بداية النهاية للكيان الإسرائيلي وهي جزء من الإستراتيجية التي وضعها الحاج قاسم".
وقتل قائد "فيلق القدس" السابق، سليماني، بضربة أميركية قرب مطار العاصمة بغداد في يناير/ كانون الثاني 2020.
وفي 28 سبتمبر/أيلول 2022، استقبل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، وهاب بحضور عضو المجلس السياسي لحزب الله الحاج محمود قماطي، واستعرضا "أهم الملفات والقضايا التي تشغل اللبنانيين وكذلك تطورات المنطقة"، وفق ما نقلت وسائل إعلام حزب الله التي نشرت صورة اللقاء.
ووصلت مشاكسات وهاب لحد دفع أحد مرافقيه للموت دونه، بعدما دفع أفراد حماية منزله في قرية الجاهلية مطلع ديسمبر/كانون الأول 2018، لمواجهة القوى الأمنية اللبنانية.
وتوفي أحد مرافقي وهاب، متأثرا بجروح أصيب بها أثناء تلك المداهمة، بسبب امتناع وهاب عن المثول أمام القوى الأمنية في إطار شكوى رفعت ضده بعد إدلائه بتصريحات مسيئة بحق رئيس الحكومة المكلف آنذاك، سعد الحريري.
وكثيرا ما دخل وهاب، في وساطة لتطبيع العلاقة بين جنبلاط ونظام الأسد، التي انقطعت عام 2004، على خلفية التمديد للرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود حليف رأس النظام السوري.
إلا أن كل مساعي وهاب لم تنجح، إذ إن جنبلاط ما يزال يصرح بأن نظام الأسد "قاتل لشعبه" وكان من أوائل الداعمين للثورة السورية بالمواقف حيث كثيرا ما "بشر بنهاية النظام السوري".