اشتباكات عنيفة.. كيف تبدو أدوار دول الشرق الأوسط في صراع حميدتي والبرهان؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

منذ 15 أبريل/ نيسان 2023، والقتال مستمر في جميع أنحاء السودان. حيث انتقل الصراع بين الجنرالات، والذي كان يتنامى في الأشهر الأخيرة، إلى حرب مفتوحة.

ويتقاتل في هذه المواجهة التي تسببت في مقتل وإصابة المئات، قائد القوات المسلحة السودانية الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي". 

ومع تصاعد حدة الصراع، تؤكد صحيفة "إزفيستيا" الروسية أنه من المهم فهم موقف اللاعبين الرئيسين في منطقة الشرق الأوسط إزاء هذين الجنرالين حتى يجرى رسم صورة واضحة لما يجرى على أرض الواقع وتداعياته المستقبلية.

أسباب الصراع

وتذهب الصحيفة الروسية إلى أن الصراع ناتج عن الوضع السياسي غير المستقر في السودان بالسنوات الأخيرة. 

ولفتت إلى محاولات تحقيق التوازن بين العسكريين والمدنيين في قيادة البلاد عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019. 

وذلك تغير عام 2021، حيث نفذ الجيش بقيادة البرهان انقلابا، غير بموجبه تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، الذي كان حينها السلطة الحاكمة في البلاد.

وفي ذلك الوقت، عُين البرهان رئيسا للدولة، وأصبح خصمه الحالي حميدتي نائبا له.

وبحسب الصحيفة الروسية، فقد بدأت الاشتباكات بينهما بعد أن فشل الطرفان في الاتفاق على توقيت دمج قوات الدعم السريع مع القوات المسلحة.

وتبعا لهذه الاشتباكات، أصبحت قوات الدعم السريع جيشا مستقلا، وأصبح حميدتي واحدا من أكثر القادة نفوذا في السودان.

وبالتالي، تصاعد الصراع تدريجيا إلى أن وصل إلى تلك الحرب المفتوحة منذ بداية أبريل/ نيسان 2023، وفق الصحيفة.

وعلى الرغم من حقيقة أن الأطراف المتحاربة وافقت في 24 أبريل 2023 على هدنة مدتها 72 ساعة، وتُمد بشكل دوري منذ ذلك الحين، تحذر "إزفيستيا" من خطر تحول الصراع بين النخب إلى حرب أهلية حقيقية. 

التدخل الخارجي

وبالنظر إلى أن الوضع في السودان كان يتسم دائما بمستوى عال من التدخل الخارجي، ترى الصحيفة الروسية أن نسبة حدوث هذا الخطر كبيرة جدا.

وتبرهن على ذلك بما حدث في عام 2010، حيث تحول السودان، بجانب عدد من الدول العربية الأخرى، إلى ساحة تنافس بين تحالفين شرق أوسطيين.

وكان التحالف الأول بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والثاني بقيادة قطر وتركيا، بحسب الصحيفة.

وفي ذلك الوقت، سعى كل منهما لكسب الخرطوم إلى جانبها من خلال الإعانات المالية، والتي استخدمتها حكومة البشير لتحقيق الاستقرار السياسي.

وفي المقابل، تذكر الصحيفة أن "دول الشرق الأوسط تقدمت بمطالب لإعادة تشكيل ميزان القوى الداخلي". 

حيث دعت الإمارات والسعودية إلى الإطاحة بالقوى الإسلامية التي كان البشير مقربا منها.

وعلى العكس من ذلك، دعمت قطر وتركيا الحركات ذات التوجه الإسلامي، وفق الصحيفة الروسية.

يشار إلى أنه بعد أن بدأ البشير في الاقتراب أكثر من قطر وتركيا، خفضت الإمارات والسعودية المساعدة المالية للنظام بشكل كبير قبل سقوطه تماما.

وبالذهاب إلى عام 2019، بعد انتهاء حكم البشير، بدأت عملية انتقال سياسي معقدة، راهنت فيها الرياض وأبو ظبي على الجيش.

وفي غضون 10 أيام من استيلائه على السلطة، تعهدت الإمارات والسعودية بتقديم 3 مليارات دولار كمساعدات للسودان، وأثبت الجيش أنه حليف لهما.

وبعد سلسلة من الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والقوات المسلحة، تذكر الصحيفة أن الجيش قام بتسوية سمح فيها للقوات المدنية بالوصول إلى السلطة، ولكن ليس لفترة طويلة.

ففي عام 2021، قام البرهان بانقلاب عسكري وأطاح بالقادة المدنيين في السلطة.

وفي ذلك الوقت، تلفت الصحيفة إلى أن "ممالك الشرق الأوسط كانت الداعم الفعلي للبرهان في هذه العملية".

المواجهة والمصالحة

من زاوية أخرى، بدأ الاتجاه العام في العلاقات الدولية شرق أوسطية يتغير خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقل اللاعبون الرئيسون من مرحلة المواجهة إلى المصالحة. 

حيث  انتهت المواجهة بين قطر وجيرانها رسميا في يناير/ كانون الثاني عام 2021، حيث وُقع اتفاق في مدينة العلا السعودية، أعلن الطرفان بموجبه تسوية الخلافات.

كما نُشر أخيرا أن الإمارات والبحرين، اللتين شاركتا في حصار قطر من 2017 إلى 2021، أعلنتا عن خطط لإعادة العلاقات الدبلوماسية معها.

وبالنظر إلى دور تركيا، تذكر الصحيفة أنها سعت مع قطر إلى تقديم المساعدة للحركات ذات التوجه الإسلامي. 

حيث عدت أنقرة السودان من الأصول الجيوسياسية المهمة لها. ففي عام 2017، وقعت تركيا اتفاقية إيجار لمدة 99 عاما لجزيرة سواكن السودانية. 

ولكن في 2022، اقتداء بقطر، تصالحت تركيا مع ممالك الشرق الأوسط، وفق ما ذكرته الصحيفة الروسية.

فبعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرياض، قام ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان بزيارة إلى أنقرة بهدف تقوية العلاقات الثنائية. 

وفي عام 2022 كذلك، وافقت  الإمارات على وضع 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي لدعم العملة الوطنية التركية، وفعلت السعودية الشيء نفسه عام 2023.

ونتيجة لذلك التغير الملحوظ في مسار علاقات الدول شرق الأوسطية، بحلول عام 2023، انخفض مستوى التوتر الإقليمي حول السودان بشكل كبير.

وربما لهذا السبب، من وجهة نظر الصحيفة، اتخذ غالبية اللاعبين الإقليميين موقف الانتظار والترقب. 

وعلى عكس المتوقع، تعلن المملكة العربية السعودية صراحة التزامها بالحوار، حيث دعت مع مصر إلى عقد جلسة طارئة لجامعة الدول العربية في اليوم التالي من اندلاع الأعمال العدائية.

وكذلك اتخذت قطر نفس الموقف، ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ  اليوم الأول من الأزمة، تحدث كل من البرهان وحميدتي على قناة الجزيرة التلفزيونية القطرية.

أما بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، يظل حميدتي، الذي عمل تاريخيا بشكل وثيق مع أبو ظبي، لاعبا مقبولا أكثر. 

حيث تشير الصحيفة إلى مشاركة قوات حميدتي في الصراع في ليبيا، من خلال دعمها الجنرال خليفة حفتر الموالي للإمارات. 

كما سيطر حميدتي كذلك على تعدين الذهب في السودان، ومن ثم بيعه عبر الإمارات التي تُعد أكبر مركز تجاري في العالم لهذا المعدن.

وفي الختام، تؤكد الصحيفة على موقف الإمارات وقطر والسعودية ومصر، بعدم اهتمامها بتصعيد الأزمة السودانية في الوقت الحالي.

وتوضح كذلك أهمية السودان لجميع ممالك الشرق الأوسط، حيث تحتل الخرطوم موقعا جيوسياسيا مهما في إفريقيا وعلى البحر الأحمر. 

لذلك، تتوقع الصحيفة أن تلعب الدول العربية، باستخدام الروابط المركبة دور الوسيط في السودان بدلا من المحرض على الصراع.