السعودية مترددة.. ما شروطها لإعادة بشار الأسد إلى الجامعة العربية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "Beyrouth Ici" الضوء على الخطوات التي اتخذتها الدول العربية تجاه التطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن الأمر يبدو أنه يتوقف على السعودية، لكن للأخيرة مطالب لتحقيق ذلك.

وقال الموقع الناطق بالفرنسية إنه في 15 مارس/ آذار 2011، في خضم موجة الربيع العربي، انطلقت الثورة السورية بمظاهرات كبيرة تطالب برحيل نظام بشار الأسد الاستبدادي.

"ثم تبع ذلك حرب أهلية مميتة، وبرزت نزاعات لا حصر لها، دون وجود حل واضح لها حتى الآن"، يضيف التقرير.

وأخيرا، بعد الزلزال المميت الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، في 6 فبراير/شباط 2023، أصبحت القضية السورية في قلب الأحداث مرة أخرى.

وتبع ذلك حديث عن تنظيم اجتماع رباعي في موسكو بين نواب وزراء الخارجية التركية والروسية والإيرانية والسورية ثم تنظيم اجتماع على المستوى الوزاري لاحقا.

ورغم الإعلان عن تأجيل الاجتماع، في 16 مارس 2023، يمكن اعتبار أن هذه نقطة في سياق رغبة بعض الدول للانفتاح على الأسد، ليس فقط من الجانب العربي فقط، بل من طرف تركيا كذلك.

وفيما يتعلق بدمشق، فقد جلبت "دبلوماسية الزلزال" الأمل لحاكم مستبد محاصر، وشعب مكلوم، حسب التقرير.

أما بالنسبة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، فإن كسر عزلته الدبلوماسية أولوية مطلقة لديه، وللتذكير، فقد بدأت تركيا تقاربا بالفعل من خلال روسيا.

وحسب الموقع، فإن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عبر عن رغبته في لقاء بشار الأسد، وهو اقتراح رفضه الأخير الذي يطالب بانسحاب القوات التركية من بلاده.

ومع ذلك، كان الزلزال بمثابة دفعة إضافية في اتجاه المصالحة، ردا على اليد التي مدتها أنقرة لدمشق، يضيف التقرير.

تواصل مكثف

وفي الجانب العربي، فإن سياسة الانفتاح "جميلة وجارية" على قدم وساق، رغم أن أكثر من 300 ألف مدني قتلوا منذ اندلاع الحرب، أكثر من نصفهم قتلوا على أيدي قوات النظام.

"ومن الواضح أن هذا لم يمنع العديد من القادة العرب من التعبير عن تعاطفهم مع دمشق بعد الزلزال"، وفق التقرير.

وفي منعطف لافت، تواصل رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، مع نظيره السوري، وهو حدث مفاجئ وغير مسبوق منذ توليه السلطة في 2014.

كما فعل ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، الشيء نفسه من خلال إجراء أول اتصال رسمي منذ أكثر من عقد مع الأسد.

وجاء هذا على الرغم من أن البحرين أعادت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل أربع سنوات.

ومن جهته، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عن زيادة مستوى التمثيل الدبلوماسي في دمشق، بعد انقطاع للعلاقات بين البلدين منذ أكثر من 10 سنوات.

علاوة على ذلك، اتصل الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، بالأسد، إلى جانب العديد من القادة العرب الآخرين.

وبحسب صحيفة "عنب بلدي" المعارضة السورية، فإن "هذه الرسائل تعكس موقفا أكثر مرونة تجاه الأسد، في الوقت الذي تستكمل فيه الثورة السورية عامها الثاني عشر".

وأشار الموقع الناطق بالفرنسية إلى أن سياسة الانفتاح العربي اتخذت شكلا ملموسا مع زيارات وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، ونظيريه المصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي إلى دمشق.

"لذلك هناك إجماع واضح بين الدول العربية (باستثناء السعودية) على الرغبة في الانفتاح على النظام السوري وإمكانية إعادة دمجه في جامعة الدول العربية"، يضيف التقرير.

وأوضح أنه من أجل تخفيف الخلافات بين السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان وسوريا الأسد، فرضت سلطنة عمان نفسها كوسيط، حسب الموقع.

"فنظرا لعدم قطع علاقاتها مع النظام السوري، فإن مسقط في أفضل وضع للتعامل مع بشار الأسد"، يؤكد التقرير.

ولهذا السبب، كانت زيارة الأسد إلى سلطنة عمان، في 20 فبراير 2023، نقطة الانطلاق لجميع المناورات الدبلوماسية التي تلت ذلك.

وقال سلطان عمان، هيثم بن طارق، أثناء استقباله للأسد، إن "سوريا دولة عربية شقيقة، ونتطلع لأن تعود علاقاتها مع كلّ الدول العربية إلى سياقها الطبيعي".

ووفق البيان السوري حول الزيارة، استعرضت المحادثات "العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ومجالات التعاون المشترك، وجرى الاتفاق على تعزيز التعاون الثنائي والنهوض به في المجالات كافة".

بوادر للتغيير

ومن جانبه، بقى الموقف السعودي من إعادة تأهيل دمشق متشابكا، فالرياض لا تخفي ترددها وتواصل مقاطعتها الدبلوماسية.

لكن في الآونة الأخيرة، اتجهت كل الأنظار إلى "المملكة الوهابية"، التي بدأت تظهر عليها بوادر التغيير، وفق وصف الموقع.

ومن خلال مؤتمر "ميونيخ للأمن" ​​منتصف فبراير 2023، تحدث وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، عن الإجماع الإقليمي الدافع للتقارب مع دمشق.

وقال الوزير إن إجماعا بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل النظام السوري، وأن الحوار مع دمشق مطلوب "في وقت ما"، حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين.

لكنه أضاف لاحقا أن "إعادة دمج سوريا في جامعة الدول العربية أمر لا يزال سابقا لأوانه".

"وعلى أي حال، فلن يتنازل السعوديون لدمشق عن أي شيء، لأنهم يتوقعون تغييرات ملموسة من قِبلهم، خاصة في ملف حزب الله (حليف الأسد المدعومين من إيران)"، يضيف التقرير.

ويؤكد أن كل هذه الاتصالات لا تضمن عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية التي استُبعدت منها عام 2011، ومن الناحية الأخرى فإن الأسد يجلس في بلد مدمر، لذا فإن عودته إلى المشهد ستكون شكلية فقط.

وعلاوة على ذلك، استخدمت السعودية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حق النقض بشكل واضح على مشاركة سوريا في قمة جامعة الدول العربية التي عُقدت في الجزائر.

وفي كل الأحوال فإنه إذا تمكنت سوريا من تحسين علاقاتها مع الرياض، فإن الطريق إلى التطبيع العربي سيكون مفتوحا على مصراعيه.

وإذا كان الطريق إلى إعادة دمج دمشق في الحفل العربي يبدو طويلا، فإن عملية التقارب قد بدأت بالفعل، يضيف التقرير.

لكن يبرز نهر متدفق من الأسئلة، منها: هل هذا الانفتاح نتيجة إستراتيجية مُعد لها سلفا، أم أنها تتوقف عند أبواب الجهد المبذول في المساعدات الإنسانية فقط؟

وسؤال آخر مهم: هل تسمح هذه الجهود لنظام بشار الأسد بالابتعاد عن حليفه الإيراني لينضم إلى الأسرة العربية؟

كما أشار الموقع إلى أن الاستعادة المفاجئة وغير المتوقعة للعلاقات الدبلوماسية بين شبه الجزيرة العربية وإيران وعواقب هذا التقارب ستحدد مستقبل سوريا.

"والأيام القادمة كفيلة للإجابة على سؤال عما إذا كانت دمشق جزءا من "حزمة الموضوعات" المتفاوض عليها بين الرياض وطهران أم لا"، وفق التقرير.

وختم التقرير بطرح سؤال استنكاري حول إذا ما كان هذا الانفتاح على الأسد كافيا لإعادة تأهيل رئيس متهم بارتكاب مجازر وانتهاكات جسيمة ضد شعبه.