على خطى إيطاليا.. هكذا بدأت البرتغال استغلال الأزمة بين إسبانيا والجزائر

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إسبانية إن العديد من الدول الأوروبية استغلت لصالحها، الأزمة الدبلوماسية بين مدريد والجزائر، كان آخرها البرتغال وإيطاليا.

وأوضحت صحيفة "الإندبندينتي" أنه بعد روما، جاءت لشبونة لتظفر بقوة اقتصادية في الجزائر، مبينة أن إيطاليا ليست البلد الأوروبي الوحيد الذي وقع اتفاقيات غاز مثمرة مع البلد المغاربي عام 2022.

واستفادت البرتغال أيضا من الأزمة التي فتحتها إسبانيا بعد التغيير التاريخي للموقف المتعلق بإقليم الصحراء، بعد أن استجابت لمقترح الحكم الذاتي الذي يروج له المغرب، بدلا من حق تقرير المصير الذي تدافع عنه الجزائر.

استغلال الخلاف

وتستغل البرتغال، الجارة الإيبيرية، الخلاف الدبلوماسي بين إسبانيا والجزائر، من خلال السيطرة التامة على التجارة مع الجزائر، لاكتساب قوة في البلد العربي ولتحل محلّ الشركات الإسبانية المحظورة الآن من السوق الجزائرية.

عموما، هذا ما تؤكده اللقاءات التي عُقدت في الأشهر الأخيرة بين القادة الجزائريين والبرتغاليين، بحسب الصحيفة.

وكان آخر لقاء عقد في 2 مارس/آذار 2023، عندما استقبل وزير الصناعة الجزائري أحمد زغدار، نائب وزير الخارجية البرتغالي المكلف بالتجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية، برناردو إيفو كروز، في الجزائر العاصمة.

وأكد كلاهما على المناخ الجيد للعلاقات التجارية وأبدى الطرفان اهتمامهما بـ "تعزيز الشراكة والعلاقات التجارية". 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التصريحات تتناقض مع القطيعة التي تؤثر على العلاقات بين مدريد والجزائر منذ أن قررت الأخيرة في يونيو/حزيران 2022 تجميد معاهدة حسن الجوار وتعليق المعاملات المصرفية من وإلى إسبانيا ردا على موقفها من النزاع في الصحراء الغربية، الذي شهد تغييرا جذريا.

 وفي 18 مارس/ آذار 2022، وصفت الحكومة الإسبانية في رسالة بعث بها رئيسها بيدرو سانشيز، إلى العاهل المغربي محمد السادس، مبادرة الرباط للحكم الذاتي في إقليم الصحراء بـ"الأكثر جدية للتسوية في الإقليم المتنازع عليه"، بحسب بيان للديوان الملكي المغربي.

واستدعت الجزائر، سفيرها لدى مدريد للتشاور، في اليوم الموالي للقرار الإسباني الذي وصفته "بالتحول المفاجئ".

واعتبرت موقف الحكومة الإسبانية "منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام وتساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وفي المنطقة قاطبة". وفق بيان للرئاسة الجزائرية وقتها.

ويقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا لإقليم الصحراء تحت سيادته، بينما تدعو جبهة البوليساريو إلى استفتاء لتقرير‎ المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

كما طالبت الجزائر سابقا بمراجعة أسعار الغاز المصدر باتجاه مدريد، مبررة ذلك بارتفاع سعره في الأسواق الدولية.

توقعات واعدة

في ظل هذا الوضع، أصبحت البرتغال بديلا لمنع سقوط القطاعات الجزائرية، التي تعتمد على المنتجات الإسبانية، في مشكلة قطع الإمدادات.

وأثناء الاجتماع المذكور أعلاه، جرت مناقشة التشريع الجزائري الجديد أيضا لتبسيط جذب رأس المال الأجنبي في بلد يعاني من انعدام الأمن القانوني. 

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، إسحاق خرشي، للصحيفة إن "البرتغال تتطلع إلى زيادة أرقام التجارة والمبادلات التجارية مع الجزائر وتهتم أيضا بزيادة حجم الغاز لأنها تريد تنويع مواردها وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة أو إسبانيا". 

خلال العام 2022، كانت الاتصالات بين البرتغال والجزائر على أعلى مستوى. والتقى وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، برئيس الوزراء البرتغالي، أنطونيو كوستا، على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا في فبراير/شباط 2023.

وناقش الجانبان مستقبل "التوقعات الواعدة" التي تنتظر العلاقات الثنائية القائمة على معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة سنة 2005.  

ونقلت الصحيفة أن لشبونة لا تخفي اهتمامها بإقامة علاقات جديدة وشراكات إستراتيجية في مجالات الغاز والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وإنتاج الأمونيا وفي ما يعرف بالاقتصاد الأزرق، أي الإدارة الاقتصادية الفعالة للموارد البحرية.

في الأثناء، شدد الطرفان على "تقارب المواقف" بين الحكومتين حول القضايا الدولية والإقليمية، من الحاجة إلى تعزيز الحوار في البحر الأبيض المتوسط ​​إلى الالتزام بمعالجة جذور عدم الاستقرار في منطقة الساحل.

ويسلط هذا الإجماع الضوء بشكل أكبر على التنافر الذي يميز العلاقات الإسبانية الجزائرية، حيث حاول الاتحاد الأوروبي قيادة مفاوضات فاشلة حتى الآن. 

وبينت الصحيفة أن واردات البرتغال من الجزائر لعام 2022 تجاوزت 1120 مليون دولار، بحسب قاعدة بيانات التجارة الدولية للأمم المتحدة.

من إجمالي الواردات، كان أكثر من 878 مليون يورو من نصيب الوقود الأحفوري. ويضاف إلى الغاز الجزائري، بشكل رئيس، ذلك الذي وصل عن طريق السفن من نيجيريا، ليتجه نحو البرتغال.  

من ناحية أخرى، بالكاد وصلت الصادرات البرتغالية للجزائر إلى 300 مليون يورو، معظمها لمنتجات من صناعة الورق وبيع الآلات. عموما، يمكن أن يبدأ هذا الخلل في الميزان التجاري في تعويض الفراغ الذي تركته إسبانيا في السوق الجزائرية. 

دون صدامات استعمارية 

ونقلت الصحيفة أن البرتغال تمكنت حتى الآن من البقاء بعيدا عن النزاعات السياسية والإقليمية التي تميز العلاقات المعقدة بشكل دائم بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فضلا عن ذلك، تجنبت الوقوع في دوامة اضطراب الدبلوماسية الإسبانية.

على عكس إسبانيا، دعمت الدولة البرتغالية تطلعات استقلال تيمور الشرقية، مستعمرة لشبونة السابقة التي غزتها إندونيسيا في عام 1975.

وهو نفس العام الذي بدأ فيه الاحتلال المغربي للصحراء في عام 1999، بعد استفتاء برعاية الأمم المتحدة، بشأن تقرير المصير، وفق وصف الصحيفة.

ومن هنا تخلت إندونيسيا عن المستعمرة البرتغالية السابقة، التي أعلنت استقلالها.

في هذا السياق، جادلت الخبيرة السياسة الإسبانية، راكيل باراس تيجودو، بأن "البرتغال أصبحت إحدى الجهات الأوروبية التي تفضلها دول المغرب العربي، خاصة أنه ليس لديها مطالبات إقليمية معلقة أو صدمات استعمارية أو مصالح قومية مهددة".

وهذا أمر يضع البرتغال في موقع متميز مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، وفق مقال نُشر في مؤسسة فريدريش ناومان للحرية، وهي مؤسسة مرتبطة بالحزب الليبرالي الألماني.

وتتنبأ الخبيرة بنمو الوجود الاقتصادي للبرتغال بفضل "ممارستها الجيدة للدبلوماسية الاقتصادية وقدرتها على التعافي الاقتصادي".

وتؤكد أن "البرتغال في أفضل وضع مع الجزائر، أحد البلدان الرئيسة خلال فترة حرجة بالنسبة لبيئة الطاقة العالمية، بعد الصراع في أوكرانيا".  

بحسب الرئاسة الجزائرية، فإن الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا، والتي تسببت في استنزاف أكثر من 650 مليون يورو من حجم مبيعات الشركات الإسبانية التي تأسست منذ عقود في البلد العربي، لن تحل خلال سنة 2023.

وجاء هذا التكهن على الرغم من المحاولات المتكررة لحكومة بيدرو سانشيز لإعادة الاتصال ومبادرات وسطاء الاتحاد الأوروبي الفاشلة. 

وفي الجزائر العاصمة، يصر المسؤولون على أنهم لم يكونوا بأي حال من الأحوال سبب التوترات التي أثارت سلسلة من ردود الفعل.

وكان من بين الردود: انسحاب السفير الجزائري في مدريد؛ تجميد معاهدة حسن الجوار؛ نهاية "السعر المناسب" في شراء الغاز؛ وشلل العلاقات التجارية وكذلك حظر استيراد بعض المنتجات الإسبانية مثل الماشية.

من ناحية أخرى، حصر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نشأة جميع الخلافات بالحكومة الإسبانية بقيادة سانشيز. وأكد أن العلاقات مع الملك فيليب السادس والشعب الإسباني "ممتازة".