عملية حوارة.. هل أفشلت رصاصات المقاومة في نابلس "اتفاق العقبة"؟ ​​

2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في وقت كانت فيه السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والأردن وأميركا، تعقد مشاوراتها في مدينة العقبة، لحماية كيان الاحتلال مما يخشاه من انفلات الوضع الأمني في الضفة الغربية واتساع رقعة المقاومة فيها، قام شاب فلسطيني بتنفيذ عملية إطلاق نار في بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس.

وأربك المقاوم الفلسطيني حسابات المجتمعين جنوبي الأردن، حيث قتل مستوطنين اثنين في 26 فبراير/ شباط 2023، معلنا أن قرارات "اجتماع العقبة" لن تنفذ في نابلس.

وخلص لقاء العقبة إلى الإعلان عن اتفاق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بوقف الإجراءات أحادية الجانب لأشهر محددة، وفق البيان الختامي للاجتماع.

ويعد اجتماع العقبة بمثابة أول لقاء معلن بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ توقف مفاوضات السلام عام 2014.

وتوقفت المفاوضات بين الجانبين منذ أبريل/ نيسان 2014، لرفض إسرائيل الإفراج عن معتقلين قدامى، ووقف الاستيطان، والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/ حزيران 1967 أساسا لحل الدولتين (إسرائيلية وفلسطينية).

اتفاق العقبة

وفي تفاصيل عن "عملية حوارة"، أعلن الجيش الإسرائيلي عبر بيان في 26 فبراير 2023، أن القتيلين شقيقين من مستوطنة "هار براخا" في الضفة الغربية. 

وبحسب قناة "ريشت كان" العبرية، فإن المستوطنين لفظا أنفاسهما الأخيرة خلال نقلهما للعلاج.

من جانبها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن عملية إطلاق النار في حوارة جنوب نابلس وقعت مع انعقاد قمة العقبة الهادفة لوقف العمليات الفلسطينية والتدهور الأمني".

وفي العقبة، عُقد الاجتماع بين رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني، ماجد فرج، وبين رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، حسب وكالة "فرانس برس"، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن ومصر.

وبعد ساعتين من العملية، انتهت "قمة العقبة"، وصدر بيان مشترك، جاء فيه "التأكيد من قبل الجانب الفلسطيني والإسرائيلي على الالتزام بالاتفاقيات السابقة –من ضمنها التنسيق الأمني-  إلى جانب الالتزام بخفض التصعيد ومنع مزيد من العنف".

ووفقا لنص البيان فقد تم "تأكيد كل الأطراف على الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس، إلى جانب التزام الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بوقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر". 

وأشار إلى أن "إسرائيل ستلتزم بوقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر". 

في الوقت ذاته، نقلت القناة "12" العبرية عن مسؤول سياسي كبير قوله حول قمة العقبة إن "المشاركين وافقوا على إنشاء لجنة أمنية مشتركة من شأنها أن تدرس تجديد التنسيق الأمني، ومدى استعداد السلطة وقدرتها على تحمل مسؤولية مكافحة المسلحين في مناطق السلطة".

وأضاف المسؤول (لم تسمه) أنه "تم الاتفاق على أن الأطراف ستعقد اجتماعا آخر قبل رمضان (في مارس/ آذار 2023)، برعاية مصر لدراسة التقدم في المحور الأمني، كما تم الاتفاق على أن إسرائيل ستجمد مؤقتا شرعنة البؤر الاستيطانية".

الضحية الأولى

وكشف موقع "واللا" العبري في 19 فبراير 2023، عن مطالبة السلطة للولايات المتحدة وإسرائيل قبل القمة، بتجنيد 10 آلاف جندي جديد وتدريب 5 آلاف من عناصر السلطة والسماح بإدخال أسلحة ومعدات لصالح أجهزة السلطة.

بجانب تشكيل غرفة مشتركة للتنسيق بين أجهزة السلطة والاحتلال؛ من أجل اقتحامات الاحتلال لمدن الضفة.

من جانبه، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، فايز أبو شمالة، إن "الهدف الأساسي للقمة هو توجيه السلطة لقمع المقاومة الفلسطينية في نابلس وجنين، وضمنه تشكيل قوة مدربة من آلاف الجنود الفلسطينيين لإخماد المقاومة ومواجهة المقاومين".

وأوضح أبو شمالة لـ"الاستقلال" أن "الغاية من ذلك تسهيل عمل جيش الاحتلال، وتخفيف الضغط عليه، خصوصا مع توقعات التصعيد في رمضان".

وتابع: "بالمقابل ستكافئ إسرائيل السلطة بتحسينات اقتصادية، وبعض الوعود الرمزية بالحد من الاستيطان وهو ما لبث الوزير الإسرائيلي المسؤول عن الاستيطان والمالية والإدارة المالية، بتسلئيل سموتريتش إلا وأعلن عدم التزامه به".

وشدد أبو شمالة على أن "إبرام اتفاق من هذا النوع لا يعني الاشتراط على إسرائيل بوقف اقتحاماتها ومجازرها، بل فقط زيادة جهد السلطة في حراسة المستوطنات دون أي ملمح من ملامح السيادة".

ورأى أن "الضحية الأولى لهذا المخطط ستكون نابلس وجنين، السلطة تعرف الكثير عن تشكيلات المقاومة كعرين الأسود وكتيبة جنين، لذلك سيزداد العمل المشترك على تفكيك واستهداف هذه المجموعات الفدائية، وتجفيف منابعها".

ويرى أبو شمالة أن "كل الجهود التي تبذلها السلطة وإسرائيل ستفشل في القضاء على المقاومة، رغم قدرات الأجهزة الأمنية في رام الله، فحالة الغضب الموجودة في الشارع الفلسطيني غير مسبوقة، ولا يمكن السيطرة عليها بأي قوة".

وأد الاتفاق

ومباشرة عقب إعلان الاتفاق في 26 فبراير 2023، توالت الردود الرافضة له عبر البيانات والتغريدات، حيث أعلن الوزير المسؤول عن الاستيطان والإدارة المالية، سموتريتش، أنه "لن يتم تجميد الاستيطان في الضفة".

وكان سموتريتش قد طالب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد تنفيذ عملية حوارة، إلى "دعوة الوفد الإسرائيلي للعودة فورا من الأردن"، معتبرا أن "التهدئة" لن تتحقق إلا عندما "يضرب الجيش الإسرائيلي الإرهاب بلا رحمة، بالدبابات والمروحيات".

أما وزير الاتصالات الإسرائيلي، أوفير سوفير، فقد أعلن عقب القمة بأن "الجيش سيواصل عملياته في الضفة الغربية وأنه سيظل يتمتع بحرية عمل مطلقة، وأن السلطة الفلسطينية مطالبة بالتعامل على هذا الأساس".

بدوره، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، رئيس الوفد إلى اجتماع العقبة، تساحي هنغبي: "خلال الأشهر المقبلة سنصادق على 9500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية وسنشرعن 9 بؤر استيطانية جديدة". 

وشدد تساحي على أنه "لا يوجد أي تقييد على عمليات الجيش في الضفة الغربية أو أي تغيير على سياساتنا، أو أي تغيير للوضع الحالي الراهن في الحرم القدسي ولا توجد قيود".

وصرح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عبر تويتر "ما كان في الأردن سيبقى في الأردن"، تعبيرا عن رفضه تطبيق أي بند من بنود الاتفاق.

فيما أعلن رئيس الحكومة نتنياهو بأنه "خلافا للتغريدات، سيستمر البناء وشرعنة البؤر في الضفة وفقا لجدول التخطيط والبناء، دون أي تغيير، ولن يكون هناك تجميد".

توقيت حاسم

من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، صالح النعامي، إن "قمة العقبة واتفاقها فشلا ولعبت عملية حوارة جنوب نابلس الدور الأبرز في هذا الإنجاز، والتي كان توقيتها حاسما".

وأضاف النعامي لـ"الاستقلال" أن "الهدف من القمة كان ضرب المقاومة الفلسطينية بقوات السلطة وبحث سبل تطوير التنسيق الأمني بينها وبين الاحتلال، ولكن العملية خلقت حالة رفض كبيرة داخل حكومة نتنياهو لمخرجات الاتفاق، ما دفعه للتهرب مما جاء في القمة".

وشدد على أن "الوضع في الضفة الغربية متجه لمزيد من الاحتقان، والاحتلال يعلم أن السلطة ستواصل التنسيق الأمني، مهما كان سلوكه وحتى مع مواصلة اقتحاماته وجرائمه". 

وعقب عملية حوارة، بلغ عدد القتلى من مستوطني الاحتلال 13، وهو ما يشير لتصاعد كبير في عمليات المقاومة، وينبئ بواقع جديد في الضفة الغربية، حسب مراقبين.

وقال الكاتب في الشأن الإسرائيلي، رجائي الكركي، إن "المقاومة الفلسطينية في الضفة آخذة بالتطور ومراكمة القوة". 

وأضاف الكركي لـ"الاستقلال" إن "المقاومة استطاعت أن تتحدى منظومة جيش الاحتلال، رغم الزيادة الملموسة في الضفة الغربية والقدس من خلال نشر ألوية إضافية، ولازالت تصمد أمامه وتنفذ عملياتها في وضح النهار". 

ولفت إلى أن "الاحتلال يتخوف من شهر رمضان حيث أصبح يشكل اختبارا حقيقيا له، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى احتمالية ارتفاع عمليات المقاومة والعمليات الفردية الفدائية في القدس والضفة، ويلعب الجو الإيماني دورا في تحفيز هذه التحركات".

وشدد الكركي على أن "منحى المقاومة والعمليات يزداد قوة وضراوة وكثافة كلما ازدادت جرائم الاحتلال، مع فشل منظومته الأمنية التي عجزت أغلب خططها عن إيقاف عجلة العمل المقاوم في الضفة الغربية، رغم التعزيزات العسكرية التي تتوافد باستمرار".