خيبة أمل كبيرة.. كيف تنظر ألمانيا إلى موقف الهند من حرب أوكرانيا؟
بعد وقت قصير من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، كان تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة روسيا صادما بالنسبة لبرلين والحكومات الغربية الأخرى.
وفي ذلك الوقت، امتنعت عدد من الدول المهمة عن التصويت، بما فيهم الصين والهند، اللتين يبلغ عدد سكانهما معا حوالي 2.8 مليار نسمة، أي أكثر من ثلث سكان العالم.
وفي الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب في 24 فبراير/ شباط 2023، امتنعت الهند مرة أخرى عن التصويت عندما صوتت الجمعية العامة على قرار يدعو إلى انسحاب روسي فوري.
فضلا عن أن الحكومة الهندية برئاسة ناريندرا مودي ترفض دعم العقوبات ضد روسيا.
وفي حين أن الدول الغربية لم تتوقع رد فعل كبير من الصين، فإن سلوك الهند الديمقراطية كان بمثابة خيبة أمل كبيرة لها، وكان ذلك من أهم النقاط التي بحثها المستشار الألماني أولاف شولتز في زيارته إلى الهند في 25 فبراير/ شباط 2023.
مسار مغاير
وفي هذا الصدد، تقول إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، إن مسار الحكومة الهندية لم يشر فقط إلى توقفها مؤقتا عن ممارسة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكنه أفاد أنها كانت في الجانب الخطأ من وجهة نظر برلين.
ولهذا، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، في مؤتمر ميونخ للأمن الأخير، الدول التي كانت محايدة في السابق في الصراع الأوكراني إلى "اتخاذ موقف إلى جانب أوكرانيا، والوقوف مع القانون الدولي".
وفي إشارة إلى نيودلهي، أكدت بيربوك في الأمم المتحدة أن "محاولة توجيه وإلزام هذه الدول بمسار واضح ضد روسيا يحتاج الكثير من القوة والجهد" .
ومع ذلك، ترى الإذاعة الألمانية أن المسار الذي اتبعته الهند لم يكن مفاجئا.
وفي هذا السياق، قالت أمريتا نارليكار، رئيسة المعهد الألماني للدراسات العالمية ودراسات المناطق "GIGA" في هامبورغ، في مقابلة مع "دويتشه فيله": "بالإضافة إلى العلاقات الدبلوماسية الجيدة للهند مع روسيا، تعتمد الهند بشكل كبير على الأسلحة الروسية".
وأكدت أن "الهند لا يمكنها المخاطرة بعلاقاتها مع روسيا، لا سيما بسبب علاقاتها المعقدة مع الدول المجاورة لها".
وحتى بافتراض أن الصحيح إستراتيجيا أن تتخذ الهند موقفا مغايرا تجاه الأزمة الأوكرانية، إلا أن هذا الموقف قد يشكل مشكلة كبيرة لها على المديين القصير والمتوسط، وفق الباحثة الألمانية.
ولا ترجح نارليكار حدوث أي تغير جذري في الموقف الهندي خلال الفترة القادمة.
حيث قالت: "حتى الآن، لا شيء في نيودلهي يشير إلى حدوث تغير في الموقف الهندي".
ولفتت الإذاعة إلى تصريح وزير الشؤون الخارجية في الهند، سوبرامنيام جاي شانكا، في مقابلة مع بوابة الأخبار "ANI"، حيث قال: "علاقات الهند مع روسيا مستقرة للغاية بالرغم من كل الاضطرابات التي تحيط بالسياسة العالمية في الوقت الراهن".
وأكدت الإذاعة أن "الهند لا تعتزم استغلال رئاستها لمجموعة العشرين لهذا العام، وهي مجموعة من أهم الدول الصناعية والناشئة في العالم، لإجراء مناقشات حول عقوبات جديدة ضد روسيا".
وفي ذات السياق، أوضح العديد من المسؤولين الهنود لوكالة رويترز للأنباء أن "الهند زادت وارداتها النفطية من روسيا بشكل كبير منذ بداية الحرب".
استمالة الهند
وفي 25 فبراير/ شباط 2023، قام المستشار الألماني أولاف شولتز بأول زيارة رسمية إلى الهند، حيث ناقش مع رئيس الوزراء الهندي الحرب الروسية في أوكرانيا، وسبل تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي.
وتشير الإذاعة الألمانية إلى أن زيارة شولتز إلى الهند هي محاولة لاستمالة أكبر دولة في العالم -من حيث عدد السكان بعد الصين- إلى جانب الغرب.
وبعد أن استقبله رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في القصر الرئاسي، صرح شولتز للصحفيين: "سنناقش بشكل مكثف جميع الموضوعات ذات الصلة بتنمية بلادنا وكذلك السلام في العالم، وهو أمر مهم".
وقال شولتز خلال زيارته التي تستمر يومين: "إن حرب روسيا مع أوكرانيا كارثة كبيرة"، وأكد على أن التعاون بين الهند وألمانيا مهم جدا بهذا الصدد.
ومن ناحية أخرى، أشار شولتز إلى أهمية تطوير تدابير مشتركة ضد التغير المناخي، كما تطرق لموضوع التجارة الحرة وأهميتها مع الهند.
فيما قال مودي إن "العمل مستمر من أجل توسيع العلاقات مع ألمانيا في مجالات الأمن والتعاون الدفاعي"، مضيفا أن شولتز "يدرك قوة العلاقات الهندية الألمانية".
وفي المقابل، امتنع مودي عن أي انتقاد صريح لروسيا على خلفية غزوها لأوكرانيا، ويرجع ذلك إلى أن موسكو مورد رئيسي للأسلحة، كما أنها تزود الهند بالنفط والاحتياجات الاقتصادية الأخرى، وفقا للإذاعة.