الانتهاكات بحق الإيغور.. كيف تؤثر على مستقبل العلاقات الصينية الأميركية؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

امتدت الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة الصينية ضد القيود المثيرة للجدل الخاصة بسياسات "صفر كورونا" إلى أورومتشي عاصمة إقليم شينجيانغ، على إثر اندلاع حريق في أحد المباني أودى بحياة عشرة أشخاص.

واستنكر المحتجون تأخر وصول المساعدات بسبب الإغلاق الشامل المفروض على المدينة وطالبوا في احتجاجاتهم بوقف هذه السياسات. 

قال موقع معهد تحليل العلاقات الدولية الإيطالي، إن الاحتجاجات في هذا الإقليم ضد حكومة بكين لا تتعلق فقط بالقيود المفروضة على "سياسة صفر كوفيد"، بل تندد أيضا بالتمييز ضد السكان، خاصة أقلية الإيغور المسلمة.

وصف الموقع مسألة الانتهاكات المرتكبة ضد الإيغور، على ضوء ما أثارته وتثيره من جدل وردود أفعال مستنكرة وتبادل اتهامات، بأنها "حساسة" في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بصفة خاصة مرجحا أن تبقى كذلك في المستقبل. 

الإقليم المضطهد

يعد إقليم شينجيانغ الصيني المتمتع بالحكم الذاتي أكبر إقليم في البلد الآسيوي بمساحة تبلغ حوالي 1.709.400 كيلو متر مربع. 

وجذب في السنوات الأخيرة الأنظار إليه على مستوى دولي بسبب بناء ما تطلق عليهم السلطات الصينية اسم معسكرات" إعادة التثقيف"، حيث يجرى اعتقال واحتجاز السكان الإيغور الذين يشكلون غالبية سكان الإقليم.

أشار الموقع الإيطالي إلى أن مسألة شينجيانغ تعود إلى حوالي التسعينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي تفكك فيها الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لذلك بدأت شعوب البلدان المجاورة من أصول تركية بالهجرة إلى هذه المنطقة. 

وبحسب ما كشفته دراسة أسترالية، بدأت السلطات الصينية منذ عام 2017 في التعامل مع مسألة الإيغور بتشييد مئات "معسكرات إعادة التثقيف"، حيث احتجزت تعسفا العديد منهم.

وفقا لتقرير صادر عن معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي، يوجد أكثر من 380 "معسكرا لإعادة التثقيف" في المنطقة، كما تواصل بناء مراكز الاحتجاز هذه بين يوليو/تموز 2019 ويونيو/حزيران 2020.

في العام نفسه أيضا، جرى تنفيذ سياسات مستهدفة ضد سكان الإيغور في المنطقة. وبحسب المصدر نفسه، دمر وألحق الضرر بحوالي 16 ألف مسجد في الإقليم الصيني نتيجة للسياسات التي اتخذتها السلطات تجاه السكان.

نفت وزارة الخارجية الصينية عام 2020 ذلك، مشيرة إلى وجود 24 ألف مسجد بالإقليم "وهو عدد أكبر من عدد المساجد الموجودة في كثير من الدول الإسلامية".

وأكد الموقع في تقريره أهمية شرح الأسباب التي دفعت الحكومة الصينية إلى تبني هذه السياسات العدائية تجاه الإيغور، مشددا على الحاجة إلى تحليل تاريخ هذه المنطقة.

في البداية، شدد على أهمية تحليل الموقع الجغرافي للمنطقة التي تمثل أكبر أقاليم جمهورية الصين الشعبية وأيضًا أقصاها إلى الغرب.

تحده روسيا ومنغوليا والهند وباكستان وخمس دول إسلامية: كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأفغانستان "التي لطالما تأثر بشعوبها المسلمة"، وفق قوله.

يضم الإقليم 13 أقلية عرقية وهي الإيغور، الهان، و كذلك المغول والطاجيك، إلى جانب شيبو، المانتشو، والأوزبك، والروس، والدهور وأيضا التتار.

يذكر الموقع بأنه ابتداءً من التسعينيات، قررت بكين إقامة علاقات مع الدول المجاورة المستقلة حديثًا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، أي جمهوريات كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

وفي عام 1992 اعترفت الصين رسميا بالجمهوريات الخمس، في خطوة نحو إقامة علاقات سعت إليها بشدة لضمان الأمن على حدودها، بحسب الموقع الإيطالي.

وبعد بضع سنوات، أبرمت في عامي 1996 و1997 اتفاقيتين بشأن الأمن ونزع السلاح الحدودي مع روسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان.

جذور إسلامية

على أثر ذلك تشكلت مجموعة الخمسة في شنغهاي ومن أهدافها الرئيسية تعزيز الأمن في المنطقة والتعاون بين الدول الخمس في مكافحة الإرهاب والتطرف ومواجهة الحركات الانفصالية وغيرها من الأنشطة الإجرامية على الحدود.

وفي عام 2001، الذكرى الخامسة لتأسيس مجموعة شنغهاي، توسعت المجموعة بانضمام عضو جديد هو أوزبكستان ليجرى على أثر ذلك إعلان تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون. 

جرى توقيع ميثاق منظمة شانغهاي للتعاون في يونيو 2002 ودخل حيز التنفيذ في 19 سبتمبر/أيلول 2003 وتمحورت أهدافه في مكافحة الإرهاب إلى جانب التطرف والحركات الانفصالية وهي الظواهر الثلاث التي ركزت عليها الصين، وفق تحليل الموقع. 

وبحسب المعهد الإيطالي، لا تتعلق أسباب السياسات العدوانية لحكومة بكين تجاه إقليم شينجيانغ بضرورة مكافحة العمليات المسلحة التي تنفذها بعض الجماعات.

وإنما بشكل أساسي على حقيقة أن غالبية السكان، الإيغور من أصول تركية، ينتمون إلى سلالة مختلفة عن السلالة الحالية المهيمنة في الصين.

وتعود جذورها إلى سلالة الهان الحاكمة من 206 قبل الميلاد إلى سنة 220 ما بعد الميلاد.

ويضيف بأنه في الواقع، لطالما عدت الحكومات الصينية إقليم شينجيانغ بعيدا ومختلفا عن المقاطعات الصينية الأخرى حيث ينتمي السكان إلى ثقافة الهان. 

وذكر أن بكين قررت رسميًا السيطرة عليه وجعله منطقة تتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1955، لتستفيد من ذلك في عملية توسيع نفوذها في منطقة آسيا الوسطى وخدمة لأمنها الداخلي.

وفي السنوات الأخيرة، تحديدا بعد انتخاب الرئيس الحالي شي جين بينغ  عام 2013، قررت الحكومة الصينية بناء "معسكرات إعادة التأهيل" واحتجزت داخلها غالبية الإيغور. 

وبداية من عام 2017، تكثف بناء هذه المعسكرات التي باتت إلى جانب اتهامات بالإبادة الجماعية لمسلمي الإيغور محل جدل دولي، كما أنها تحتل حاليا صدارة النقاشات.

وبشأنها تبادل الوفدين الصيني والأميركي الاتهامات خلال المباحثات التي انعقدت في أنكوراج في ألاسكا في 17 و18 مارس/آذار 2021.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد اتهم الحكومة الصينية في تلك المناسبة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، منددا بأن تصرفات الصين "تهدد النظام القائم على القواعد والذي يضمن الاستقرار العالمي". 

من جانبها، رفضت بكين اتهامات واشنطن ومخاطبتها لها من موقع قوة بينما تُرتكب عنصرية منهجية داخل أراضيها في إشارة إلى مظاهرات حركة "حياة السود مهمة" آنذاك.

في الختام، يرى الموقع أنه سيتعين معالجة مسألة الانتهاكات ضد مسلمي الإيغور دوليا وإيجاد حل على المستوى الدبلوماسي بدلا من تبادل الاتهامات بين القوتين.