يلهب الاحتجاجات.. وكالة إيرانية ترصد أدوار هنري ليفي بالشرق الأوسط
سلطت وكالة أنباء إيرانية الضوء على المفكر والفيلسوف السياسي اليهودي الفرنسي، برنارد هنري ليفي، وعلاقته بالشرق الأوسط، حيث فتحت سجله المرتبط بمناطق الصراعات والاضطرابات، خاصة بعد موجة الربيع العربي، وأفردت مساحة أكبر لموقف ليفي من إيران وما تشهده من مظاهرات احتجاجية.
وقالت وكالة "إرنا" الرسمية، إن "هنري ليفي، يُعرَف بأنه العقل المدبر لقصر الإليزيه، وهو شخصية مثيرة للجدل، حتى أن بعض المحللين السياسيين يصفونه بمثير الشغب وتاجر الحرب، لاعتقادهم بأنه أحد عوامل تصعيد الأزمات وإطالة أمدها".
وأشارت إلى أن "الرجل عاد أخيرا للظهور على مسرح الأحداث مجددا، بعدما سلطت وسائل إعلام إيرانية الضوء عليه لتوسطه في ترتيب لقاء بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والناشطة الإيرانية المعارضة، مسيح علي نجاد، التي تحمل الجنسية الأميركية، وتقود حملة كبيرة ضد نظام طهران، وتدعو لإسقاطه".
وأثار لقاء ماكرون بالناشطة الإيرانية في 12 ديسمبر/كانون الأول 2022، حالة من الغضب في الأوساط السياسية الإيرانية، وهو ما عبَّرت عنه تقارير إعلامية، ومنها تقرير وكالة "إرنا".
ليفي والانتفاضة
ووصف التقرير هنري ليفي بأنه "من أشد المعارضين لتفاعل الغرب مع إيران، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي".
واستشهد التقرير على رفض ليفي أي توافق ينهي الخلاف مع طهران بما ورد في مقال نشره في مجلة "تابلت" الإسرائيلية، انتقد فيه الرئيس الأميركي جو بايدن، حينما كان نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما، لتشجيعه أوباما على إجراء محادثات مع إيران، والتوقيع على اتفاق خطة العمل الشاملة عام 2015.
.
واقتبس التقرير من هذا المقال ما عده دليلا على "عداء" ليفي لإيران، حيث قال في نهاية تحليله للوضع الإيراني "لقد أبلينا بلاء حسنا في حالة أوكرانيا، نقف متحدين ضد بوتين، ويجب أن يكون لدينا التصميم نفسه ضد هذه الإهانة الجديدة (النظام الإيراني)، يجب أن نقول أكثر من أي وقت مضى إنه لن يكون لدينا أي اتفاق مع أعدائنا المتطرفين".
ورصد التقرير موقف هنري ليفي من الاضطرابات الداخلية في إيران، وكانت البداية في مؤتمر عقد بمدينة أربيل العراقية، أدلى فيه بتصريحات عُدّت تدخلا في الشأن الإيراني، حيث أعلن فيها ضرورة وقوف الحلفاء الغربيين مع الفتيات والنساء، ودعا إلى الوقوف مع "الثورة النسائية المجيدة" بنسبة مئة بالمئة.
ومع استمرار الاحتجاجات واتساع رقعة المظاهرات، واصل هنري ليفي، صاحب التأثير الكبير على الإليزيه، دعمه لما وصفته الوكالة بـ"أعمال الشغب في إيران"، وإبراز بعض قادتها في الخارج، في إشارة إلى استخدام مكانته ونفوذه في الحكومة الفرنسية لتمهيد الطريق لاجتماع ماكرون مع نجاد.
ورأى التقرير موقف هنري ليفي من الحجاب ورمزيته في المظاهرات الأخيرة "مثيرا للعجب".
ومثار هذا العجب هو أن هنري ليفي يرى أن "الحجاب دعوة للاغتصاب، في الوقت الذي لا يهاجم فيه تعاليم ديانته اليهودية التي تطالب المرأة بالحجاب الكامل".
وختم التقرير اقتباساته من مقال اليهودي الفرنسي في هذا الشأن بذكر حديثه عن مطلب المحتجين، وأنهم لا يطالبون هذه المرة بانتخابات نزيهة كما كان الأمر عام 2009، أو تقليل أسعار الوقود كما كان الأمر في 2019، وإنما يطالبون بـ"إسقاط النظام".
وترى وكالة إرنا أن "تفتيت إيران هو أحد أهداف هنري ليفي، الذي يدعم انفصال إقليم كردستان عن الدولة الإيرانية، وإقامة دولة لأكراد الشرق الأوسط، تضم المناطق الكردية في إيران والعراق وتركيا".
ولتحقيق هذا الهدف، تتهم الوكالة هنري ليفي بدعم الحزب الكردستاني "كومله"، الذي تصفه طهران بـ"الإرهابي"، وتتهمه بالوقوف خلف الاعتراضات الأخيرة في البلاد، والتي انطلقت شرارتها بعد موت الفتاة الإيرانية من أصول كردية، مهسا أميني، بعد توقيفها من جانب "شرطة الأخلاق".
وانتقدت مواقف هنري ليفي من قضية كردستان، لحثه الغرب على فرض حماية جوية للمنطقة التي تتمركز فيها عناصر الحزب الانفصالي ومقراته في شمال العراق، حتى لا تتمكن القوات الإيرانية من استهدافها.
وكان ليفي قد صرح في مؤتمر أقيم بأربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، في سبتمبر/أيلول 2022، بأنه التقى مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وطالبهم بإصدار قانون لحماية إقليم كردستان، وتوفير الحماية للأكراد.
ويدير هنري ليفي منظمة تسمى "منظمة العدل لكردستان"، وهو مؤسسها، وتركز بشكل خاص على الأحزاب الانفصالية الكردية.
نجاد في الإليزيه
ثمة علاقة وثيقة بين هنري ليفي والناشطة الإيرانية نجاد، وهو ما أشار إليه ليفي في مقال نشره عبر مجلة "قواعد اللعبة" الفرنسية.
ونقل التقرير عن هنري ليفي أنه وصف نجاد بأنها "روح الثورة في إيران"، وقال عنها: "أتعرف على روح التمرد في إيران حينما أكون بجوار نجاد، أعدها شجاعة، فهي غير عادية".
وأضاف: "أنا معجب بهذه المرأة النشطة التي لا تخاف من أي شيء أو أي شخص".
وحول دور هنري ليفي في تقديم نجاد للإليزيه، كتبت صحيفة "فيغارو" الفرنسية أنه التقى بالناشطة الإيرانية في نيويورك، وعقب اللقاء، أرسل إلى ماكرون رسالة اقترح عليه فيها مقابلتها، وهو ما أيده فيما بعد عدد من الشخصيات الفرنسية الأخرى.
ورغم عدم ظهور هنري ليفي في الصورة التذكارية التي التقطت لماكرون مع نجاد ومن رافقها من الناشطات الأخريات، فإن هنري ليفي نقل عن اللقاء ما يفيد حضوره في الكواليس، حيث روى جانبا من الحوار الذي دار خلف الأبواب المغلقة.
وأفاد هنري ليفي بأن "ماكرون قال إنه لا يمكن لرئيس حكومة ديمقراطية أن يقف غير مبال حيال تمرد من هذا النوع"، في إشارة إلى احتجاجات إيران، ليفاجأ بالناشطة تقول له: "سيدي، هذا ليس تمردا، إنها ثورة".
وأضاف أن نجاد "جعلت الإليزيه يستخدم كلمة ثورة في التعبير عن التحولات الجارية في إيران"، واعترف بأن "ماكرون لم يكن لديه أي اهتمام بالمشاركة في هذه الأحداث قبل ذلك، وأن هذه المرأة هي التي غيرت هذا الوضع".
وبعد استقبال ماكرون لنجاد في الإليزيه، أشاد الرئيس الفرنسي بـ"الثورة" التي تقودها النساء في إيران.
وأثارت تصريحات ماكرون غضب الأوساط السياسية الإيرانية، ونددت طهران باستقباله لهذه الناشطة المعارضة، ووصفت ما فعله الرئيس الفرنسي بأنه "مدعاة للأسف والعار".
وفي إشارة إلى الناشطة نجاد، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إنه "من المثير للاستغراب أن يقوم رئيس جمهورية بلد يتشدّق بالحرية، بخفض مستواه إلى درجة أن يلتقي شخصية منبوذة، جعلت نفسها ألعوبة بيد الآخرين".
واتهم كنعاني نجاد بأنها سعت خلال اندلاع حركة الاحتجاجات في إيران "وراء نشر الكراهية والتحريض على أعمال العنف وممارسة الأعمال الإرهابية داخل إيران وضد الدبلوماسيين والمقرات الدبلوماسية الإيرانية في الخارج"، وفق قوله.