"الكُفرة".. مهبط طائرات ليبي غير مجرى الحرب في السودان ودعم انتصارات حميدتي

بدأت عمليات تزويد مليشيا حميدتي بالسلاح عبر مطار الكفرة بطلب إماراتي
في ظل توسعة وتطوير مطار الكُفرة الدولي الذي أعلن عنه أخيراً من قبل حكومة شرق ليبيا غير الشرعية، كشفت تقارير دولية عن دور بارز لهذا المطار في تسهيل نقل الأسلحة إلى مليشيا الدعم السريع في غرب السودان بقيادة حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، وذلك عبر تسخير الجنرال الانفصالي خليفة حفتر لهذا المطار كمحور رئيس في شبكة إمدادات السلاح.
وتبرز الإمارات كفاعل رئيس في دعم قوات حميدتي بالسلاح والعتاد؛ حيث فتحت عدة طرق برية وجوية لنقل الإمدادات إلى قوات الدعم السريع، خاصة عبر خطوط الإمداد الممتدة غرباً وشمالاً وجنوباً من ليبيا مروراً بتشاد إلى جانب تجهيز مطار جديد في "بني شنقول" قرب الحدود السودانية.
وفي 24 ديسمبر 2025، كشف موقع "إفريقيا إنتليجانس" الفرنسي عن وجود قاعدة تدريب للدعم السريع داخل الأراضي الإثيوبية، تشمل تجهيزات أرضية ومهابط للطائرات، إضافة إلى حظيرتين جديدتين يُرجح تخصيصهما للمسيرات، في موقع ملاصق للحدود السودانية الإثيوبية.
وتعكس هذه التطورات تخوفات الخرطوم من دور إثيوبيا المتنامي، خصوصا في ظل التقارب بين أديس أبابا وأبو ظبي، إضافة إلى وجود جماعات متمردة في المنطقة، مما يفتح احتمالات إنشاء قناة إمداد جديدة لقوات حميدتي عبر الحدود.
ومع ذلك، فإن استخدام مطار الكُفرة لا يقتصر على مجرد تسهيل نقل السلاح، بل يُعد "قلب الطوق" الذي مكن مليشيا الدعم السريع من تعزيز نفوذها والسيطرة على مزيد من المدن والمواقع الإستراتيجية داخل السودان، مثل الفاشر وبابنوسة وهجليج، من خلال توفير تدفق مستمر للأسلحة والمقاتلين والمرتزقة القادمين من كولومبيا.

مطار "الكفرة"
حينما انفصل الجنرال خليفة حفتر في شرق ليبيا وأسس حكومة وبرلمانا وجيشًا انفصاليًا، كان مطار الكُفرة الواقع في منطقة صحراوية شاسعة في جنوب شرق البلاد، مجرد مهبط جوي فرعي وناءٍ، لم يكن يتجاوز كونه نقطة عبور بسيطة.
لكن مع استقرار سيطرته على شرق ليبيا بدعم مباشر من مصر والإمارات، خضع المطار لعمليات توسعة واسعة خلال عام 2024، ليُطلق عليه لاحقًا اسم "مطار الكُفرة الدولي"، ويصبح مقرًا لعمليات طائرات جيش حفتر، قبل أن يتحول إلى نقطة حيوية في شبكة الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع بقيادة حمدان دقلو "حميدتي" في السودان.
شهد المطار خلال العام الماضي هبوط عشرات الطائرات الأجنبية المحملة بالأسلحة والمرتزقة؛ حيث يتم من خلاله نقل السلاح جواً إلى مطار نيالا الذي يسيطر عليه الدعم السريع في إقليم دارفور، أو برا عبر الأراضي الليبية إلى السودان مباشرة.
ومع تصعيد الجيش السوداني غاراته الجوية على مطار نيالا، لجأت قوات الدعم السريع إلى إرسال قوافل شاحنات جنوبا عبر المنطقة الحدودية الثلاثية، متجهة إلى معاقلها في دارفور، ما جعل هذه القوافل أهدافًا مستهدفة بالغارات الجوية.
غير أن دخول مطار الكُفرة في المعادلة اللوجستية غير من قواعد اللعبة؛ حيث أصبح عقدة مركزية لإعادة تشكيل مسار الحرب في السودان، وأسهم بشكل مباشر في تمكين مليشيا الدعم السريع من مواصلة عملياتها العسكرية في دارفور.
فهذا المطار تحول إلى شريان إمداد أساسي لمليشيا الدعم السريع، خصوصًا بعد تعقيد خطوط الإمداد التقليدية عبر شرق تشاد بسبب الضغوط السياسية والهجمات السودانية على طرق التوريد، ما جعل خط ليبيا-الدعم السريع تحت السيطرة الإماراتية، ويتدفق عبره سلاح الدعم السريع بالطائرات.
يرتبط خط إمداد السلاح الحيوي بين مطار الكُفرة في ليبيا وإقليم دارفور في السودان بزيارة حميدتي إلى ليبيا؛ حيث التقى في أبريل 2023 بصدام حفتر، نجل الجنرال خليفة حفتر، في لقاء جمع أيضاً ضابط استخبارات إماراتي وعدداً من كبار قادة جيش حفتر.
في هذا الاجتماع تم بحث آليات تأمين وصول الإمدادات العسكرية إلى السودان، والتي تشمل دعم المرتزقة الروس من مجموعة "فاغنر" والإمارات، وتم تحديد الأطراف المسؤولة عن تنفيذ ومتابعة عمليات النقل عبر المنطقة العسكرية في الكُفرة.
ووفقاً لمصدر مقرب من صدام، نقل موقع "مدى مصر" في نوفمبر 2025 تفاصيل التعاون اللوجستي الذي يعد بمثابة العمود الفقري لخطوط الإمداد الجديدة.
ومع انتقال مركز الصراع من الخرطوم إلى دارفور عقب تراجع المليشيا من العاصمة واستعادة الجيش السيطرة على الخرطوم، أصبحت إعادة فتح خط الإمداد من ليبيا ضرورة عسكرية ملحة لدعم قوات الدعم السريع في دارفور، حسب وكالة "رويترز" في ديسمبر 2025.
هذا التحول في مسار الإمدادات يعكس عمق التعاون الإقليمي والدولي في تأمين مصالح أطراف النزاع، ويبرز كيف تحولت مطارات ومناطق نائية إلى نقاط محورية في الحروب الحديثة، مؤثرة بشكل مباشر في توازن القوى على الأرض.

وصف مسؤول في الأمم المتحدة مطلع على عمليات قوات "الدعم السريع" استخدام مليشيات حميدتي لمطار الكفرة بأنه "غير قواعد اللعبة بأكملها"، حيث أصبح هذا المطار المركز اللوجستي الرئيس لتموين قوات الدعم السريع المنتشرة في عمق مناطق نفوذ جيش حفتر في ليبيا.
بدأت عمليات تزويد مليشيا حميدتي بالسلاح عبر مطار الكفرة بطلب إماراتي، خصوصًا بعد استعادة القوات المسلحة السودانية للخرطوم في مارس 2025، في ظل تراجع قوات الدعم السريع وخسارتها الميدانية في معركة العاصمة.
وبحلول يونيو 2025، كشفت صور الأقمار الصناعية عن نشاط مكثف لطائرات الشحن الثقيلة القادمة من الإمارات إلى ليبيا، ومنها إلى السودان، لتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لقوات حميدتي، عبر مطار الكفرة الذي بات بوابة رئيسة لإمدادات السلاح والعتاد.

“محاولة إنقاذ”
كشفت صور الأقمار الصناعية التابعة لخدمة "كوبرنيكوس" وبيانات تتبع الرحلات عن ظهور مكثف لطائرات الشحن عبر مطار الكفرة منذ أبريل 2025، حيث لم تكن هذه الطائرات موجودة قبل ذلك، وبلغ نشاطها ذروته قبيل سقوط مدينة الفاشر.
وأشار تقرير لمركز مرونة المعلومات (CIR)، وهو منظمة غير ربحية بريطانية، صدر في يوليو 2025، إلى رصد وتتبع تحركات مركبات ومقاتلين من قوات الدعم السريع من المخيمات إلى مناطق دارفور، ما يؤكد الاعتماد الكبير على الإمدادات الجوية.
ويقول محللون سودانيون: إن سلسلة الانتصارات الأخيرة لقوات الدعم السريع لم تكن لتتحقق لولا عمليات النقل الجوي والإمداد المستمر عبر مطار الكفرة، الذي أصبح أهم من مركز الإمداد الإماراتي في تشاد. فقد ساعد هذا الممر العسكري المليشيا على استعادة توازنها بعد خسارة السيطرة على العاصمة الخرطوم في مارس 2025.
وقد كان هذا الخط اللوجستي حاسما في السيطرة العنيفة على مدينة الفاشر في أكتوبر 2025، مما مكّن قوات الدعم السريع من ترسيخ قبضتها على دارفور وتمهيد الطريق لسلسلة انتصارات أخرى في غرب وجنوب السودان.
وفي تقرير صادر عن "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة"، منظمة عابرة للحدود، يُبرز أن انتقال مركز ثقل الحرب من الخرطوم إلى دارفور جعل من إعادة فتح خطوط الإمداد من ليبيا ضرورة إستراتيجية لا غنى عنها.
وأكدت وكالة رويترز، في تقريرها الذي استند إلى شهادات 30 مسؤولاً وخبيراً عسكرياً ودبلوماسياً، فضلاً عن تقارير أممية وتحليلات مستقلة، أن هذا الممر الجوي أسهم في نقل أسلحة ووقود ومقاتلين دعموا حصار الفاشر الذي استمر 18 شهراً، ومكنوا مليشيا الدعم السريع من تعزيز سيطرتها وتحقيق مكاسب ميدانية لاحقة.
وربط التقرير بين رحلات الشحن إلى مطار الكفرة وشركات طيران سبق اتهامها في تقارير أممية بالمشاركة في نقل أسلحة من الإمارات إلى قوات حفتر في ليبيا، مثل سابسان إيرلاينز وفلاي سكاي، كما وثق وصول طائرات من طراز إليوشن-76 قادمة من دبي ومن إقليم بونتلاند الصومالي، حيث ترتبط الإمارات بتدريب وتمويل قوات أمن محلية.
ومع تصاعد خطورة هذا الممر، كثفت قوات الجيش السوداني في ديسمبر 2025 قصف طريق دارفور/شرق ليبيا (البحر المتوسط) بهدف قطع تمويل السلاح لقوات حميدتي عبر هذا الخط الحيوي.
ويصف المحلل السوداني "مكاوي الملك" هذا القصف بـ"الضربة في العمق لأهم شريان إستراتيجي للمليشيا"، موضحاً أن خط الكفرة/دارفور يربط المليشيا مباشرة بالبحر لاستيراد الآليات الثقيلة والمعدات والوقود، وهي إمدادات لا يمكن للطائرات الإماراتية الصغيرة نقلها.
رصد المدير الإداري لشركة "كونفليكت إنسايتس جروب" المتخصصة في تحليل البيانات، جاستن لينش، ما لا يقل عن 105 عمليات هبوط لطائرات شحن في مطار الكفرة خلال الفترة من أول أبريل وحتى أول نوفمبر 2025، موثقاً ذلك عبر صور الأقمار الصناعية وبيانات تتبع الرحلات الجوية.
وأوضح لينش أن "نمط وموقع ونوع الطائرات" والرحلات الجوية المتجهة إلى مطار الكفرة ترتبط بشكل مباشر بدعم الإمارات لقوات الدعم السريع، مما جعل الكفرة وجنوب ليبيا مركزاً لوجستياً حيوياً لهذه الجماعة شبه العسكرية، أي قوات حميدتي.
وكشفت بيانات تتبع الرحلات الجوية من موقع "فلايت رادار24" أن بعض رحلات الشحن التي وصلت إلى الكفرة تم تشغيلها بواسطة شركات طيران سبق اتهامها في تقارير مختلفة بالضلوع في تهريب الأسلحة من الإمارات إلى قوات حفتر.
وأظهرت البيانات ومنشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي هبوط طائرتين من طراز "إليوشن" تابعتين لشركة "فلاي سكاي إيرلاينز" القرغيزية، والتي ورد اسمها في تقرير الأمم المتحدة المتعلق بتهريب الأسلحة من الإمارات إلى قوات حفتر في الكفرة.
بالإضافة إلى ذلك، نشر المحلل ريتش تيد تقارير موثقة بصور الأقمار الصناعية التقطها قمر Sentinel-2 التابع لبرنامج كوبرنيكوس الأوروبي، أظهرت وجود طائرتي نقل إستراتيجيتين من طراز IL-76TD روسيتي الصنع في مطار الكفرة العسكري، الواقع قرب المنطقة الإستراتيجية التي تتقاطع فيها حدود ليبيا ومصر والسودان.
في يوليو 2025، صرح "الباشا طابيق"، مستشار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، لوكالة "أجينزيا نوفا" بأن المليشيات قد سيطرت سيطرة كاملة على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، مشيراً إلى أن طرق الإمداد لقوات الدعم السريع تمتد من مطار الكفرة إلى جبل عوينات شرقاً، مروراً بما يُعرف بـ"المثلث"، وهو ما أثار قلقاً بالغاً لدى مصر آنذاك.
وفي أكتوبر 2025، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن الإمارات كثفت إمدادات الأسلحة لقوات "الدعم السريع" عبر خطوط الإمداد التي تمر عبر ليبيا وأرض الصومال.
حزام ناري
نشرت صحيفة "أوبزرفر" البريطانية، في 9 نوفمبر 2025، تقريرًا يلخص دور أبو ظبي في تأجيج الحرب بالسودان عبر خطوط إمداد من تشاد وليبيا وغيرها إلى متمردي "الدعم السريع". وصفت الصحيفة هذا الدور بأنه فرض "حزام نار" حول السودان ضمن "لعبة قوى مميتة بالوكالة".
ونقلت عن "كاميرون هدسون"، الرئيس السابق لموظفي المبعوثين الرئاسيين الأميركيين الخاصين المتعاقبين إلى السودان، قوله: "لولا هذا الجهد الجبار من جانب الإمارات في دعم حميدتي، لكانت حرب السودان قد انتهت". وأضاف: "لقد أشعلت الإمارات ما يشبه طوقاً نارياً حول السودان خلال الحرب".
مصادر سودانية أكدت أن حصول قوات حميدتي على أسلحة باهظة الثمن يوضح دور الإمارات كوكيل رئيس في الصراع. فقد بدأت تظهر في أيدي قوات الدعم السريع أسلحة متطورة، بينها الطائرات المسيرة.
وقال "الصديق الأمين"، سفير السودان لدى بريطانيا، إن "قلة من الدول الغنية جداً فقط تستطيع تحمل تكلفة هذا النوع من الأسلحة التي تستخدمها هذه القوات، مثل الطائرات المسيرة الإستراتيجية، وأنظمة التشويش المتطورة، والمدفعية الثقيلة".
وأشار إلى صور ومقاطع فيديو رصدتها منظمة العفو الدولية، تُظهر قنابل موجهة صينية من طراز GB50A ومدافع هاوتزر AH-4 عيار 155 ملم. وأضافت المنظمة: "من شبه المؤكد أن الإمارات أعادت تصدير هذه الأسلحة إلى السودان". كما عُثر في دارفور عام 2024 على صندوق ذخيرة بلغارية، وأكدت السلطات أن هذه الذخيرة تم تصديرها إلى الإمارات.
إلى جانب هذه الأدلة، كشف محلل استخبارات المصادر المفتوحة "تيد ريش" عن أنواع الأسلحة التي زودت بها الإمارات قوات الدعم السريع، قائلاً: "شملت الأسلحة النارية، والصواريخ المضادة للدبابات، والطائرات بدون طيار من طراز OWA وCH-95، والمركبات المدرعة، والمدافع، بالإضافة إلى نشر مئات المرتزقة الأجانب الذين جندتهم الإمارات مباشرة". وأكد أن كل هذا يشير بوضوح إلى تورط إماراتي مباشر في النزاع.
كشفت إذاعة فرنسا الدولية (RFI)، في 9 نوفمبر 2025، أن الأسلحة التي استخدمتها قوات الدعم السريع (RSF) بقيادة حميدتي في هجومها على مدينة الفاشر السودانية نُقلت عبر الأراضي الليبية.
ذكرت الإذاعة أنه في الخامس من نوفمبر 2025، تم رصد قافلة تضم أكثر من 800 مركبة مسلحة، من بينها 300 مركبة مدرعة، في منطقة الكفرة الليبية، متجهة نحو إقليم دارفور السوداني.
وأكدت التقارير أن قوات الدعم السريع تحتفظ بقواعد ومعسكرات في الكفرة، حيث يستريح مقاتلوها، ويتلقون الإمدادات، ويتم إصلاح مركباتهم.
وأشارت إلى أن المليشيا تسلمت نحو 1500 دراجة نارية قبل سقوط الفاشر، واستخدمتها، بحسب عدة روايات، في هجمات على المدنيين الذين يحاولون الفرار من المدينة.
كما رصدت أنظمة التتبع عبر الأقمار الصناعية أكثر من 64 رحلة جوية بين أبو ظبي والكفرة خلال شهر أكتوبر 2025، بالإضافة إلى عشر رحلات أخرى في بداية نوفمبر، بعد سقوط الفاشر، ليصل إجمالي الرحلات إلى حوالي 600 رحلة على مدى ستة أشهر، معظمها عبر طائرات نقل عسكرية من طراز إليوشن IL-76.
وقال "كاميرون هدسون": إن هذا الدعم الإماراتي الذي أسهم في هزيمة الجيش السوداني أزعج دولاً مثل مصر وتركيا والسعودية، مما دفعها إلى وضع "خط أحمر" بشأن تقدم قوات الدعم السريع وسيطرة مليشيا شبه عسكرية على منفذ السودان على البحر الأحمر.
ولذلك جاء تحذير مصر بخطوط حمراء وإمكانية تدخل عسكري في السودان، موجهاً بشكل رئيس للإمارات، كما أوضح تحليل سابق لموقع "الاستقلال".
تحالف الشر
يرجع دعم الإمارات العسكري لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، إلى مصالح اقتصادية كبيرة في السودان، حيث كانت تخطط لاستثمارات بمليارات الدولارات في ميناء مطل على البحر الأحمر وأراض زراعية واسعة قبيل اندلاع الحرب.
وترتبط الإمارات بعلاقات وثيقة مع حميدتي، الذي أرسل آلاف الجنود للقتال إلى جانبها في اليمن، كما يقوم بصفقات تجارية تشمل نقل الذهب من مناطق التعدين التي يسيطر عليها في السودان إلى أبو ظبي.
وقالت "إيزابيل كولز"، كبير مراسلي صحيفة "أوبزرفر" الدولية: إن السبب وراء "الحزام الناري" الذي تفرضه الإمارات يعود إلى سعيها لاقتحام القارة الإفريقية في مجال الثورة الصناعية للذكاء الاصطناعي.
تعد الإمارات شريكًا اقتصاديًا وأمنيًا رئيسا للعديد من الدول الإفريقية، وهي رابع أكبر مستثمر في القارة بعد الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.
وقد استثمرت الشركات الإماراتية أكثر من 110 مليارات دولار في مشاريع متنوعة في أنحاء إفريقيا بين عامي 2019 و2023، شملت موانئ ومراكز خدمات لوجستية، وبنية تحتية لسلاسل التوريد، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى التعاون الأمني.
وعلى طول الساحل الشرقي لإفريقيا، تُعد شركة "موانئ دبي العالمية" أكبر مشغل خاص للموانئ، ووقعت الإمارات في 2022 صفقة بقيمة 6 مليارات دولار لبناء وتشغيل ميناء سوداني على البحر الأحمر.
وفي منطقة أرض الصومال الانفصالية (صوماليا لاند)، استثمرت الإمارات بشكل مكثف في ميناء بربرة الذي يضم قاعدة عسكرية إماراتية، كما قامت شركة إماراتية بتجديد مطار بربرة.
وقد شكلت الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في 2019 فرصة للإمارات لتعزيز نفوذها في بلد يمتلك موارد هائلة من الذهب والأراضي الزراعية، بالإضافة إلى موقع إستراتيجي على البحر الأحمر.
ووفقًا لفولكر بيرثيس، الممثل الخاص السابق للأمم المتحدة في السودان، سعت الإمارات للاستثمار في قائد قوات الدعم السريع بحجة أن "الجيش أصبح تحت سيطرة الإسلاميين".
وليس هذا فحسب، بل يعود الدعم أيضاً إلى العلاقة الشخصية بين الإمارات وحميدتي، حيث تعاونوا سابقًا في إطار التحالف الذي قادته السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن منذ 2015.
كما وجدت الإمارات مصلحة مالية واضحة، إذ بفضل سيطرة حميدتي على مناجم الذهب، أصبح من أثرى أثرياء السودان، ووفرت الإمارات سوقًا مزدهرة لهذا الذهب.
وفي 22 يوليو 2025، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على سبع شركات إماراتية وشخص واحد، بدعوى تمكينهم قوات الدعم السريع من الحصول على معدات عسكرية وتمويل، مشيرة إلى أن إحدى هذه الشركات كانت تشتري الذهب من السودان وتنقله إلى دبي لصالح قوات حميدتي.














