تهديدات بالبقاء والاستيطان.. ماذا تريد إسرائيل من غزة بعد وقف النار؟

تطرق كاتس كذلك إلى خطط بناء 1200 وحدة استيطانية
رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة منذ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2025، وبالتزامن مع مماطلة الاحتلال الإسرائيلي في الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، أطلق وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس تصريحات تصعيدية توعد فيها بعدم الانسحاب الكامل من قطاع غزة والأراضي السورية، إلى جانب التوسع في الضفة الغربية، قبل أن يتراجع جزئيًا عنها تحت وطأة الضغوط الأميركية.
ففي 23 ديسمبر/كانون الأول 2025، قال وزير الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس: إن “إسرائيل لن تنسحب أبدًا بشكل كامل من قطاع غزة، ونحن متمركزون بعمق في غزة ولن نغادرها أبدًا، وهذا أمر مستحيل”، وذلك وفق ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في مستوطنة “بيت إيل” قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، تعهد كاتس بإنشاء قواعد عسكرية زراعية جديدة في شمال قطاع غزة، بدلًا من المستوطنات التي تم إخلاؤها في إطار الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005.
وأضاف كاتس: “عندما يحين الوقت المناسب، ستنشئ إسرائيل مواقع ناحال في شمال غزة”. علمًا أن هذه المواقع تُعد جزءًا من “برنامج عسكري تتطوع فيه مجموعات من الشباب الإسرائيليين معًا، ثم يؤسسون لاحقًا مجتمعات مدنية”. بحسب توضيح صحيفة “هآرتس” العبرية.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن تصريحات كاتس تأتي في ظل تكهنات متزايدة بشأن الخطط الإسرائيلية طويلة الأمد لقطاع غزة بعد وقف إطلاق النار مع حركة حماس، وفي وقت استبعد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمكانية إقدام إسرائيل على ضم الضفة الغربية رسميًا.
وتطرق كاتس كذلك إلى خطط بناء 1200 وحدة استيطانية في مستوطنة “بيت إيل”، متفاخرًا بما وصفه بالطابع الاستيطاني للحكومة الحالية؛ إذ قال: “هذه حكومة استيطانية، وإذا أمكن تحقيق السيادة فسنطبقها، فنحن الآن في مرحلة سيادة عملية”، في إشارة واضحة إلى مخطط ضم الضفة الغربية.
ويُقيم نحو 750 ألف مستوطن إسرائيلي في مئات المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، من بينهم نحو 250 ألفًا في القدس المحتلة؛ حيث ينفذ المستوطنون اعتداءات يومية بحق الفلسطينيين، في إطار سياسة تهدف إلى تهجيرهم قسرًا من أراضيهم.
ومنذ عقود، تطالب السلطة الفلسطينية المجتمع الدولي، دون جدوى، بالضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، الذي تعده الأمم المتحدة “غير قانوني” بموجب القانون الدولي.
ومن شأن إقدام إسرائيل على ضم الضفة الغربية رسميًا أن يقضي نهائيًا على إمكانية تطبيق حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية)، المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية، قال كاتس: “لن نتحرك قيد أنملة من سوريا”، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وتجرى مفاوضات بين دمشق وتل أبيب للتوصل إلى اتفاق أمني، تشترط فيها سوريا أولًا عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وهو التاريخ الذي أطاحت فيه فصائل الثورة السورية بنظام بشار الأسد.
وعقب ذلك، أعلنت تل أبيب انهيار اتفاقية فصل القوات الموقعة مع سوريا عام 1974، واحتلت المنطقة السورية العازلة، مستغلة حالة الفراغ والفوضى الأمنية التي رافقت سقوط النظام.
وبينما لاقت تصريحات كاتس ترحيبًا واسعًا في أوساط المستوطنين، سارعت حركة “ناحال” إلى وصفها بـ”الخطوة التاريخية” نحو استعادة الوجود اليهودي في قطاع غزة، واجهت في المقابل انتقادات حادة من حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، التي عدت هذه الطروحات انفصالًا عن الواقع السياسي والأمني.
وعلى الصعيد الأميركي، جاء رد الفعل سريعًا؛ إذ أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن واشنطن طالبت تل أبيب بتوضيحات عاجلة، معربة عن غضبها من تصريحات كاتس، ومؤكدة رفضها القاطع لأي عودة للاستيطان في قطاع غزة.
وشدد مسؤولون أميركيون على أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع يمثل ركيزة أساسية في خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام.
وتحت وطأة هذه الضغوط، تراجع مكتب وزير دفاع الاحتلال جزئيًا عن تصريحاته، موضحًا أن حديث كاتس عن مواقع “ناحال” جاء في سياق أمني بحت، ولا يعكس نية حكومية لإقامة مستوطنات دائمة في غزة.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن الضغوط الأميركية كانت العامل الحاسم في هذا التراجع؛ إذ نقلت عن مسؤول أميركي في مقر التنسيق العسكري–المدني الذي تقوده واشنطن قوله: إن “الأميركيين أبدوا غضبهم من تصريحات كاتس، وطالبوا بتوضيحات؛ لأنها تتعارض مع خطة ترامب، ما دفع الوزير إلى إصدار توضيح”.
وأضاف المسؤول الأميركي أن “انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة يُفترض أن يتم كجزء من خطة ترامب، والولايات المتحدة غير مستعدة لقبول استيطان إسرائيلي جديد في القطاع”.
من جانبها، رأت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن تصريحات كاتس تشكل خرقًا حقيقيًا وخطيرًا لاتفاق وقف إطلاق النار، ومخالفة صريحة لبنوده.
وقال الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، في تصريحات صحفية: إن هذه التصريحات تتناقض بوضوح مع الخطط المعلنة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لإحلال السلام في غزة. مضيفًا أن هذا الخطاب يندرج ضمن نهج اليمين الإسرائيلي المتطرف، ويتعارض مع التوجهات الأميركية المعلنة بشأن السلام في المنطقة.
وفيما يتعلق بمسألة تشكيل قوة دولية، شدد قاسم على أن موقف حماس واضح ويتمثل في دعم تشكيل قوات أممية تكون بمثابة حاجز بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح أن الدور المركزي لهذه القوات يجب أن يقتصر على حفظ السلام والاستقرار بعد العدوان الواسع الذي شنه الاحتلال. لافتًا إلى أن العديد من الدول لا تبدي استعدادها للمشاركة في مثل هذه القوات إلا بعد اتضاح طبيعة مهامها وصلاحياتها.
وأكّد أن موقف هذه الدول واضح في عدم الرغبة بالاحتكاك مع المواطنين الفلسطينيين أو مع قوى المقاومة. ويرى أن الدور الذي يطرحه الاحتلال لهذه القوات، والمتمثل في نزع السلاح، غير منطقي وغير قابل للتطبيق.
وشدد قاسم على أن حماس التزمت بشكل كامل بتسليم الأسرى الأحياء والأموات وفق ما نص عليه الاتفاق، وبذلت جهودًا كبيرة للوصول إلى الجثامين رغم الصعوبات الكبيرة، وفي مقدمتها عدم توفر المعدات الثقيلة والأدوات الفنية اللازمة، وصعوبة التنسيق مع الاحتلال، خاصة فيما يتعلق بالدخول إلى المناطق الواقعة خارج “الخط الأصفر”.
وأشار إلى أن الاحتلال دمر مساحات واسعة شرق قطاع غزة وغيّر معالمها الجغرافية، ما فاقم من صعوبة المهمة، ورغم ذلك واصلت الحركة عملها لإنجاز هذا الملف، ولم يتبقَّ سوى جثمان واحد، مؤكدة التزامها بتسليمه عبر مواصلة البحث، وحرصها على إغلاق ملف التبادل بالكامل.
ولفت قاسم إلى أن حماس على تواصل مستمر مع الوسطاء، لا سيما تركيا وقطر ومصر، بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، موضحًا أن لقاءات عقدت أخيرا بين الوسطاء والمبعوثين الأميركيين، أعقبتها لقاءات مع حركة حماس، خاصة مع الجانب التركي، لاستكشاف إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية.
وبيّن أن الحركة وضعت الوسطاء أمام خروقات الاحتلال للمرحلة الأولى، وقدمت رؤيتها للمرحلة الثانية، مع إبداء درجة عالية من المسؤولية تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وبدء ترتيب الأوضاع في قطاع غزة على المستويين الإداري والإعماري.
وأكد أن حماس جاهزة للدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، بعدما نفذت جميع التزاماتها في المرحلة الأولى، سواء المتعلقة بتسليم الأسرى الأحياء دفعة واحدة أو تسليم الجثامين، والتزمت باتفاق وقف إطلاق النار رغم التحديات الكبيرة.
وأشار إلى أن الاحتلال، في المقابل، ارتكب سلسلة واسعة من الانتهاكات، من بينها قتل أكثر من 400 مواطن، والاستمرار في تغيير مسار "الخط الأصفر" غربًا، وتقييد إدخال المساعدات، واستمرار إغلاق معبر رفح، فضلًا عن خروقات جسيمة أخرى.
ورأى أن التباطؤ في الانتقال إلى المرحلة الثانية يعود أساسًا إلى سلوك الاحتلال، والخلافات الداخلية داخل مؤسسته السياسية وائتلافه الحاكم، ومحاولاته التملص من استحقاقات المرحلة الثانية التي يُفترض أن تشهد تثبيتًا كاملًا لوقف إطلاق النار، وبدء عملية الإعمار، وإدخال المساعدات على نطاق واسع.
وفي موازاة ذلك، ندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بتصريحات وزير دفاع الاحتلال وتهديده بالتمسك ببقاء جيش الاحتلال داخل قطاع غزة إلى أجل غير مسمى، والتخطيط لاحتلال كامل للضفة الغربية، مستنكرين تحديه للفلسطينيين في غزة والضفة، وتفاخره بتوسيع البناء الاستيطاني.
وبرزت عبر منشوراتهم وتغريداتهم على منصات "إكس" و"فيسبوك"، إلى جانب مشاركتهم في وسوم عدة، أبرزها: #يسرائيل_كاتس، #غزة، #الضفة_الغربية، #سوريا، تحليلات جيواستراتيجية رأت أن تراجع كاتس وتوضيحات مكتبه بعد التدخل الأميركي يعكسان اتساع الفجوة بين حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية بشأن ترتيبات ما بعد الحرب.
حكومة استيطان
واحتجاجا على تصريحات وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي بشأن غزة والضفة وسوريا وسخرية من تراجعه عن جزء منها، قال الناشط تامر قديح: إن هذه حكومة استيطان، وإذا أمكن فرض السيادة على الضفة سنفرضها، ونحن الآن في مرحلة السيادة العملية.
واستنكر أن بفضل المواقف والقوة التي أظهرتها إسرائيل بعد الكارثة المروعة في 7 أكتوبر توجد فرص لم تكن متاحة منذ زمن بعيد، ولن تتحرك مليمترا واحدا من سوريا.
ورأى فراج إسماعيل، أن ملخص تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي التي ستبدو أنها تتحدى خطة ترامب لتعمير غزة، وسياساته بالنسبة لسوريا أن "إسرائيل" لن تتزحزح من الأراضي التي احتلتها في سوريا، وستقيم مستوطنات في قطاع غزة.
وأشار إلى أن تصريحات كاتس تتناقض مع التصريحات السابقة التي أدلى بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال لشبكة سي إن إن في مايو من العام الماضي: إن إعادة المستوطنات إلى غزة "ليست مطروحة على الإطلاق".
ولفت إسماعيل إلى أن التصريحات تأتي وسط جدلٍ يحيط بدور كاتس في الإغلاق المتوقع لإذاعة الجيش.
وأشار المغرد الحكيم، إلى نقل القناة 14 عن وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس: "سنعمل على إنشاء عدة أنوية استيطانية شمالي غزة - ولن نخرج من قطاع غزة أبدًا". متسائلا: “هل يمكن عدّ هذا الكلام عابرًا أو وليد لحظة؟ أم أنه نتيجة مسار طويل جرى العمل عليه بهدوء خلال الأشهر الماضية؟”
ولفت إلى أن تقارير متتالية تحدثت عن نقاشات معمقة داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية - ومع جماعات المستوطنين - حول إحياء المشروع الاستيطاني في غزة بعد الحرب.
وأوضح الحكيم، أن نواب ورجال أعمال وقيادات في التيار الاستيطاني دفعوا عمليًا بهذا الاتجاه - بل وصل الأمر إلى محاولات دخول القطاع بذريعة فحص مواقع محتملة - وتقديم طلبات مباشرة لوزير الحرب للموافقة على جولات ميدانية في شمال غزة - تحت عنوان استكشاف ما يسمونه خيارات إقامة تجمعات استيطانية مستقبلية.
وتابع تساؤلاته: “هل ما يُعلن اليوم مجرد انفعال سياسي؟ أم تصريح عابر للاستهلاك الإعلامي؟ أم أننا أمام كشف علني لمخططات كانت تُدار في الغرف المغلقة؟ هل يجرى العمل على إعادة رسم واقع غزة بالقوة؟ وفرض الاستيطان كأمر واقع - تحت غطاء الحرب والدم والدمار؟”
وأكد الحكيم، أن غزة في حساباتهم - ليست مجرد ساحة حرب .. بل أهداف كبيرة وكثيرة يُعاد فتحها على الملأ.
واستنكر لوراني رفح، قول كاتس لن نتحرك مليمترا واحدا من سوريا. موضحا أن هذا يعني أن أكثر من 30% من مصادر سوريا المائية، سوف تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية بشكل كامل، خاصة بعد أن حولت "إسرائيل" منابع مياه جبل الشيخ لمشاريعها الخاصة، مثل الزراعة، والشرب، والصناعة.
وندد بقول كاتس: "لن ننسحب من غزة وسوف نبني مستوطنات فيها"، قائلا: "أظن لازم تفهموا لماذا إسرائيل بدأت تزيل الركام".
وأضاف رفح: "فيه دولة احتلال وإحلال بالعالم، هتهد بيتك عشان تبنيلك مكانها بيت تاني!!.. بالتأكد هتبني مستوطنات ، وستبدأ برفح.. لأن رجع كاتس وقال سنبني محطات ناحال للطاقة النووية في شمال قطاع غزة.. أي أنه الشمال هيكون مكان صناعي واقتصادي".
ولفت إلى أن كاتس ختم بالحديث عن "فرض السيادة على الضفة"، قائلا: "نحن الآن في مرحلة السيادة العملية، وكان واضحا أن فرض السيادة بالضفة يحتاج إلى هدم المخيمات، وإلى فرض سيطرة أمنية مطلقة على كل مناطق الضفة باستثناء مناطق "أ".
وقال إسماعيل الطراد: "عندما يقول البهلواني سيد التصريحات المتكررة كاتس "لن نتزحزح من سوريا" فهو يحاول أن ينبه دمشق بسبب تجاهلها عن توقيع الملف الأمني وكأنه يقول: "ياهو ياناس يا جماعة ليش مطنشينا".
وأضاف أن "إسرائيل بطبيعتها إذا شعرت بأنك قريب منها ومُسالم تكرهك وتمل منك.. ولكن إذا ابتعدت عنها وتجاهلتها وشعرت بالقسوة منك كلما أحبتك واشتاقت لك".
كاتس يتراجع
وفي سخرية واستهزاء بتراجع كاتس عن تصريحاته، قال المؤرخ نور الدين المغربي: "أنا طبعا لم أعلق على تصريحات كاتس بالاستيطان في غزة ولا حتى عندما تراجع عنها لأن هذه التصريحات العنترية الجوفاء التي كان يتم وصم العرب بها أصبحت الآن تأتي من الكيان حصرا، لا هم يقدرون على الحرب ولا لديهم الآن جيش يعتد به".
واستهزأ عمرو علي بكاتس قائلا: "وزير الدفاع الإسرائيلي جاتله نوبة شجاعة وافتكر أنه مسؤول في دولة قرارها مستقل، فخبط تصريح مناقض لخطة ترامب عن الاستيطان في غزة، وإن ماحدش هيقدر يوقفنا واحنا جامدين دبابة وكده".
وأضاف: “شوية والأميركان سمّعوا حكومة نتنياهو حاجات ما يحبوش يسمعوها عن أهاليهم، فوزارة الدفاع طلعت تصريحات بعدها بساعات، تقول مفيش استيطان ولا حاجة ده كان بيهزر.. طب ليه كده يا كاتس يا بني تحط عمك نتنياهو في المواقف البايخة دي؟”
وعلقت منصة كيان على تراجع كاتس عن تصريحاته، قائلة: إن جيواستراتيجيًا، تكشف الأزمة عن صراع داخلي في إسرائيل بين تيار يميني يسعى لفرض وقائع جديدة على الأرض، وحسابات أميركية أوسع تخشى أن يؤدي التصعيد الاستيطاني إلى نسف التفاهمات الإقليمية، وتقليص فرص احتواء الأزمة الإنسانية والسياسية في قطاع غزة، ما ينذر بمزيد من التوتر في العلاقة بين الحليفين خلال المرحلة المقبلة.
ورأى يوسف حمدان، أن ما صرح به كاتس بشأن الاستيطان في شمال القطاع وما أحدثه ذلك من ردود أفعال داخلية وخارجية ومنها الموقف الأميركي يعكس حالة التخبط والتيه الذي يعانيه الكيان في التعامل مع غزة، وحجم الارتهان إلى اليمين المتطرف الذي لا يزال يدفع باتجاه الذهاب إلى أبعد مدى في الرؤية العقدية للصراع في المنطقة.
وقال حسام الحماد: إن تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن البقاء في غزة إما هو جس نبض واستفزاز حماس أو تمهيد إعلامي لإعادة الحرب في غزة، مضيفا أن هذا ما سيتضح بعد لقاء نتنياهو وترامب قبل نهاية العام.
وسطاء صامتون
وتنديدا بإطلاق كاتس مثل هذه التصريحات بينما يجرى التنسيق للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار واستنكارا لضعف موقف الوسطاء، تساءلت بسمة الريس: "عن أي اتفاق يتحدثون والدولة التي تنتهج البلطجة سياسة لها تصرح بكل وقاحة مثل هذه التصريحات.. وأيضا ونحن سكوت".
واستنكر عز الدين دويدار، صمت الوسطاء على ما تفعله "إسرائيل" من قصف، وتفجير ومسح بيوت وأحياء ومحاصرة وتجويع، وقنص وتغير الخط الأصفر كل يوم، وتقدمها في مناطق وقف إطلاق النار، واغتيالاتها، بينما إذا ردت المقاومة برصاصة واحدة، سينتفضون ويملأون الدنيا تصريحات ويحملوا المقاومة المسؤولية عن انهيار الاتفاق.
واستهجن أحد المدونين، تأكيد وزير الدفاع الصهيوني أن بلاده لن تنسحب ولو ميليمترا واحدا من سوريا، بينما العرب قادمون على التطبيع بالجملة.
ورأت نادين، أن تصريحات كاتس اليوم عن الاستيطان في غزة بدت مرعبة.. وسط صمت الوسطاء.. عبر صفقاتهم كصفقة الغاز وغيرها من الصفقات المعلومة وغير المعلومة.
وحذرت من أن انفجار الوضع الداخلي في سوريا سيؤثر إعلاميا وإستراتيجيا على غزة ولبنان.
وقالت نادين: "وسط تحضيرات للكيان بشن هجمات مفاجئة.. في الإعلام العبري والعربي تجد تركيزهم على منطقة معينة.. كالحرب على إيران.. ويطلق لها العنان في التحليلات السياسية بينما الحقيقة التي يقصد بها لف الكاميرا عن أحداث قادمة تبدو أكثر سخونة.. كعودة الحرب إلى غزة.. ولبنان.
وذكرت بأن هناك زيارة مرتقبة لرئيس وزراء الكيان إلى واشنطن لإعطائه الضوء الأخضر لبدء الحرب وضمان تزويده بالسلاح، وتدخل الأخيرة في حال لزم الأمر.
وأشارت نادين إلى أن هناك تغطية إعلامية، ولكنها رديئة جدا، ونشطاء سياسيين مؤدلجين، بعضهم لا يصفون الحقيقة كما هي خوفا من إقصائهم.
وتابعت: "أما اليمن.. وهو أهم عنصر في الإسناد.. يبدو أن السعودية ستشكل ضغاط عليها لإلزامها بعدم التدخل في الحرب أو حتى بالإسناد ليس خوفا على اليمن.. إنما خوفاً على السعودية من هذا الطوفان".
وأكدت نادين، أن العديد من الملفات مرتبطة ببعضها، ولكن يبدو أن المعلومات قليلة جداً، وهناك القلة من النشطاء أو المحللين الذين يدركون الخطر العام على المنطقة.
وحذرت من أن سوريا ولبنان وغزة قد تكون الشرارة في هذه الحرب الدامية القادمة إلى المنطقة، قائلة: إن "الوقت غير معلوم، لكن التحضيرات العسكرية واللوجستية قد تكون مؤشرا أنها تقترب كل يوم أكثر فأكثر".
وقال: إن هذه التصريحات لوزير الأمن تؤكد أن المشكلة في المنطقة هي في الطرف الـصهيوني، ورفض الذهاب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق هو أحد مظاهر هذه المشكلة.
وأضاف حمدان، أن الوضع الحالي يتطلب مواقف واضحة من جميع الأطراف وعلى وجه الخصوص من المجموعة العربية والوسطاء التي تراهن على المضي قدما في الاتفاق دون ضغوط حقيقية على الاحتلال تجبره على الوفاء بالتزاماته ووقف حالة التهرب وفرض وقائع ميدانية وإنسانية خارج إطار الاتفاق.















