هل ينجح نتنياهو في جرّ الولايات المتحدة إلى حرب جديدة مع إيران؟

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

"كما كان متوقعا، عاد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للمطالبة بتصعيد المواجهة مع إيران"، بحسب المؤسس المشارك ونائب الرئيس التنفيذي لـ"معهد كوينسي" الأميركي، تريتا فارسي.

وأفادت شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية بأن مطلب نتنياهو الرئيس في اجتماعه المرتقب مع دونالد ترامب في 29 ديسمبر/كانون الأول 2025 هو إقناع الولايات المتحدة بالانضمام إلى إسرائيل في استئناف الحرب مع إيران.

وبحسب المصادر التي تحدثت للشبكة، "سيحاجج نتنياهو بأن هذه التطورات لا تهدد إسرائيل وحدها، بل تنال أيضا استقرار المنطقة ومصالح الولايات المتحدة".

كما يُنتظر أن يعرض على ترامب خيارات لانخراط أميركي مباشر أو لتقديم دعم لأي عمليات عسكرية جديدة.

ردع متبادل

وتأتي المخاوف الإسرائيلية من إيران في وقت أعربت فيه طهران عن اهتمامها باستئناف محادثات دبلوماسية مع الولايات المتحدة تهدف إلى تقييد برنامجها النووي، وهو ما قد يعقد مساعي إسرائيل لطرح فكرة ضربات جديدة على ترامب.

ونقلت الشبكة عن مسؤول مطلع مباشرة على الخطط الإسرائيلية، قوله: إن “تمويل إيران لوكلائها في المنطقة يمثل أيضا أولوية قصوى لدى إسرائيل”. 

وأضاف أن "البرنامج النووي مقلق للغاية.. هناك محاولة لإعادة بنائه، لكنها ليست فورية".

فيما قال مسؤولان إسرائيليان سابقان: إن حماسة ترامب لأي عمل عسكري جديد ضد إيران قد تتراجع إذا استمر التوتر بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بشأن مقاربة نتنياهو لوقف إطلاق النار.

وبحسب المسؤول المطلع على الخطط ومسؤولين أميركيين سابقين جرى إطلاعهم عليها، فإن إنتاج إيران من الصواريخ الباليستية "قد يصل، إذا لم يجر كبحه، إلى نحو ثلاثة آلاف صاروخ سنويا".

وفي مقال له نشرته مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركية، قال فارسي: "كما كتبتُ في أغسطس/آب 2025 في مجلة فورين بوليسي، فإن إسرائيل على وشك استئناف الحرب لعدم تحقيقها أهدافها الرئيسة خلال هجومها الأول".

وأضاف أن "الأثر الكبير للضربات الصاروخية الإيرانية أجبر إسرائيل على السعي إلى وقف لإطلاق النار بعد 9 أيام فقط، في مفارقة صارخة مقارنة بالأشهر، بل والسنوات، التي استغرقها سابقا للضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار مع حماس وحزب الله".

وبحسب تقييم فارسي، فإن "حرب يونيو أسفرت عن حالة ردع متبادل، وهي معادلة يمكن لإيران التعايش معها، لكنها غير مقبولة بالنسبة لنتنياهو وإرثه السياسي، وفي المحصلة، لم تكن الحرب انتصارا لإسرائيل ولا لإيران".

"هذا التوازن القائم على توازن الرعب هو بالضبط ما يدفع إسرائيل إلى السعي لجولة جديدة؛ فالعقيدة العسكرية الإسرائيلية لا تسمح لأي من خصومها الإقليميين بامتلاك قدرة ردع أو تحدي تفوقها العسكري.. وبرنامج الصواريخ الإيراني يؤدي هذا الدور حاليا"، وفق المقال.

سياسة مستمرة

وبحسب شبكة "إن بي سي نيوز"، لم يعد تركيز إسرائيل منصبا على البرنامج النووي، بل على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.

وقال فارسي: "لهذا تحديدا ينبغي على ترامب أن يقول لا لنتنياهو، فهدف إسرائيل لا يتمثل في الأمن بالمعنى التقليدي، بل في فرض هيمنة مطلقة".

وأضاف "إذ تصر إسرائيل على امتلاك أمن كامل وحرية غير مقيدة في الحركة والمناورة، بينما تحرم جيرانها من أي حد أدنى من اليقين، وتدفع بالمنطقة بأكملها إلى حالة دائمة ينعدم فيها الاستقرار".

وأردف: "انظر إلى حالة لبنان، حيث تهدف السياسة الأميركية إلى بناء قدرات الجيش اللبناني إلى مستوى يمكّنه من نزع سلاح حزب الله، لكنها في الوقت نفسه تتعمد منع هذا الجيش من بلوغ قدرة تتيح للبنان الدفاع عن نفسه أو ردع الاعتداءات الإسرائيلية، وتستمر هذه السياسة حتى مع استمرار إسرائيل في قصف لبنان يوميا".

وبناء عليه، يرى فارسي أن "مطالب إسرائيل من الولايات المتحدة لن تتوقف. فبعد استهداف البرنامج النووي، انتقل التركيز، ومعه الضغوط على واشنطن، إلى برنامج الصواريخ الإيراني".

واستطرد: "حتى لو جرى تدمير هذا البرنامج، وهو احتمال كبير الشك، فسيتحول الاهتمام لاحقا إلى قدرات إيرانية أخرى".

وأضاف فارسي بنبرة ساخرة: "لا تتفاجأ إذا نشرت نيويورك تايمز في مرحلة ما تقريرا إيجابيا يصور سكاكين المطبخ في إيران بوصفها تهديدا وجوديا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية".

وتابع: "وسيسارع حينها محللون مذعورون على القنوات الرئيسة إلى طرح السؤال الحتمي: “هل ستتسامح أميركا مع تشغيل إيران مصانع سرية لأدوات المائدة؟”

فرض الهيمنة

وشدد فارسي على أن "العقيدة العسكرية الإسرائيلية تفرض حربا لا تنتهي، لا لتحقيق الأمن، بل لفرض الهيمنة".

واستدرك: "ومع ذلك، لا تستطيع إسرائيل الاستمرار في أي من هذه الحروب من دون دعم أميركي لا ينقطع. فقد تحمّل دافعو الضرائب في الولايات المتحدة نحو 21.7 مليار دولار من الميزانية العسكرية الإسرائيلية عام 2024".

وتابع: "وفي يونيو/حزيران 2025، استهلكت الولايات المتحدة 25 بالمئة من صواريخ منظومة ثاد الاعتراضية للدفاع عن إسرائيل، في حرب غير ضرورية اختار نتنياهو إشعالها".

وقال فارسي: إن "إسرائيل حرة في اختيار عقيدتها الأمنية، لكن رئيس الولايات المتحدة، خصوصا من يرفع شعار (أميركا أولا)، لا يمكنه التضحية بالأمن القومي الأميركي وبمصالح ورفاه شعبه من أجل أحلام إسرائيلية مهووسة بإقامة إمبراطورية (إسرائيل الكبرى)".

وأضاف "لا سيما أن إستراتيجية الأمن القومي لترامب نفسها قللت من أهمية الشرق الأوسط، مؤكدة أن السبب التاريخي لانخراط الولايات المتحدة وتركيزها على الشرق الأوسط آخذ في التراجع".

وأوضح فارسي أن "ترامب رضخ لمطلب إسرائيل بقصف المنشأة النووية، وها هو نتنياهو يعود بعد ستة أشهر فقط بخطط حرب جديدة تستهدف الصواريخ الإيرانية".

وشدد على أنه “إذا خضع ترامب مرة أخرى لنتنياهو، فلن تمر ستة أشهر أخرى حتى يعود الأخير بخطة حرب جديدة، يطالب الأميركيين بأن يدفعوا ثمنها من دمائهم وأموال دافعي الضرائب”.

وختم فارسي بالقول: "سيستمر هذا الوضع إلى ما لا نهاية حتى يقرر ترامب وضع حد له، وينبغي عليه إنهاؤه في 29 ديسمبر 2025".