أرض الصومال.. سباق "القواعد" بين الإمارات وإسرائيل وإثيوبيا وأميركا

تقع القاعدة على ساحل البحر الأحمر، في موقع يُعد ذا أهمية استراتيجية
يُثار اهتمام متزايد بشأن القاعدة العسكرية في مدينة بربرة، في سياق الحديث عن اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي (صوماليلاند).
وتقع القاعدة على ساحل البحر الأحمر، في موقع يُعد ذا أهمية إستراتيجية، ما جعلها محل اهتمام عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، من بينها إسرائيل والإمارات وإثيوبيا والولايات المتحدة، وفق ما تشير إليه تقارير سابقة تناولت محاولات الاستفادة من الميناء وتحويله إلى منشأة ذات طابع عسكري.
ولا تتوفر معلومات رسمية واضحة حول الجهة التي تتولى إدارة القاعدة أو تشرف عليها بشكل مباشر، وسط تداول تساؤلات بشأن دور كل من الإمارات وإسرائيل وإثيوبيا والولايات المتحدة في هذا السياق.
ويُعد ميناء بربرة الميناء الرئيس لمدينة بربرة، العاصمة التجارية لإقليم صوماليلاند، ويُصنّف ضمن الموانئ المهمة في منطقة القرن الإفريقي. وقد ازداد الاهتمام الدولي بالميناء منذ إعلان الإقليم، في 18 مايو/أيار 1991، انفصاله عن الصومال عقب اندلاع الحرب الأهلية وانهيار الحكومة المركزية في البلاد.

تاريخ القاعدة العسكرية
يُعد ميناء بربرة من أقدم المواقع ذات الاستخدام العسكري في منطقة القرن الإفريقي؛ إذ كان تاريخيا قاعدة بحرية وصاروخية تابعة للحكومة المركزية الصومالية. وبعد توقيع اتفاقية عام 1972 بين إدارة الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري والاتحاد السوفيتي، أصبحت مرافق الميناء تحت إدارة السوفيت، قبل أن يتراجع هذا الوجود لاحقا.
وفي مرحلة لاحقة، توسعت استخدامات الميناء لتشمل أنشطة عسكرية أميركية، في أعقاب تعزيز العلاقات بين مقديشو وواشنطن، ثم شهد الموقع تحولات متتالية في طبيعة النفوذ المسيطر عليه بعد إعلان إقليم «أرض الصومال» انفصاله عن الحكومة المركزية عام 1991.
وتعود الأهمية الإستراتيجية لقاعدة وميناء بربرة إلى موقعهما على الساحل الشمالي للصومال، قرب خليج عدن ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي، ويُعد أحد أهم الممرات البحرية العالمية.
ويمتد ساحل إقليم «أرض الصومال» على نحو 460 ميلاً بمحاذاة خليج عدن، ما يمنحه موقعًا حساسًا بالقرب من المدخل الجنوبي لمضيق باب المندب الذي تمر عبره نسبة تُقدَّر بنحو 12% من حركة التجارة العالمية سنويًا، بما في ذلك شحنات الطاقة.
وبدأ الاهتمام الدولي المكثف بميناء بربرة خلال الحقبة السوفيتية بين عامي 1970 و1991، حين أنشأ الاتحاد السوفيتي قاعدة بحرية في المدينة لمراقبة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، قبل أن ينتهي هذا الوجود مع تدهور العلاقات الصومالية–السوفيتية ثم انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وخلال الفترة الممتدة من 1991 حتى 2010، شهدت المنطقة غيابًا للسيطرة المركزية، في ظل إدارة «أرض الصومال» لشؤونها بشكل فعلي دون اعتراف دولي.
وفي عام 2013، بدأت علاقات متسارعة بين دولة الإمارات وسلطات «أرض الصومال»، تزامنًا مع اهتمام متزايد بالموانئ في منطقة القرن الإفريقي. وشهد عام 2016 استحواذ شركة «موانئ دبي العالمية» على ميناء بربرة، أعقبه في عام 2017 توقيع اتفاقات بين الإمارات وسلطات الإقليم لإنشاء منشأة عسكرية في المدينة.
ووفق تقارير متداولة، شملت هذه الخطوات تطوير البنية التحتية للميناء والمنشآت المحيطة به، بما في ذلك مرافق جوية وبحرية. وفي عام 2024، أُفيد بتوسعة القاعدة الجوية في بربرة، وإضافة منشآت جديدة، إلى جانب وجود ميناء مياه عميقة بالقرب منها.
وخلال الفترة بين عامي 2022 و2025، برز اهتمام أميركي بقاعدة ومطار بربرة؛ حيث زار الموقع مسؤولون من قيادة القوات الأميركية في إفريقيا (أفريكوم)، في إطار تقييمات تتعلق بالوجود العسكري في القرن الإفريقي.
وفي مارس/آذار 2025، أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية عرضها منح الولايات المتحدة صلاحيات تشغيلية حصرية في عدد من القواعد والموانئ الإستراتيجية، من بينها مطار وميناء بربرة، غير أن هذا العرض قوبل باعتراض من سلطات «أرض الصومال»، التي تعتبر بربرة ضمن نطاق إدارتها الفعلية، ولم يتم تفعيله.
ويقع إقليم «أرض الصومال» على الساحل المقابل لليمن عبر البحر الأحمر، ما يضعه في موقع جغرافي قريب من مناطق تشهد توترات إقليمية، ويمنح ميناء بربرة أهمية متزايدة في سياق المتغيرات الأمنية في البحر الأحمر وخليج عدن.

قاعدة إماراتية بنكهة إسرائيلية
أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، عقب اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال»، أن رئيس الإقليم أجرى زيارة غير معلنة إلى إسرائيل خلال صيف العام الماضي، التقى خلالها مسؤولين سياسيين وأمنيين كبارًا.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، في عددها الصادر بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2025، أن هذه الزيارة وُصفت في الأوساط الإسرائيلية بأنها مهّدت للاعتراف الرسمي. مشيرة إلى أن الاتصال الذي أجراه رئيس «أرض الصومال» برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب إعلان الاعتراف جاء في هذا السياق.
وفي السياق ذاته، أشار مراقبون إلى أن غياب دولة الإمارات عن بيانات الإدانة المتعلقة بالاعتراف الإسرائيلي، يُعزى إلى وجود علاقات متنامية بين أبو ظبي وتل أبيب وسلطات «أرض الصومال»، خاصة في ظل التعاون القائم حول ميناء بربرة.
ونقلت صحيفة «معاريف» العبرية، في 28 ديسمبر/كانون الأول 2025، عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الاعتراف بـ«أرض الصومال» يمنح إسرائيل هامشًا أوسع من الخيارات الإستراتيجية، ويعزز قدراتها العسكرية، لا سيما في ما يتعلق بسلاح الجو، إضافة إلى توسيع نطاق حضورها في منطقة البحر الأحمر.
وأوضح المسؤولون، بحسب الصحيفة، أن قاعدة بربرة الجوية تضم مرافق محصنة للطائرات، وتقع بالقرب من ميناء عميق بمحاذاة مضيق باب المندب، الذي يُعد من أهم الممرات البحرية العالمية.
وأضافت الصحيفة أن القاعدة قد تكون مرشحة لاستخدام مشترك من قبل عدة أطراف، من بينها الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة، في إطار ترتيبات أمنية أو عسكرية مرتبطة بأمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وفي هذا الإطار، أفادت تقارير صادرة عن محللي استخبارات المصادر المفتوحة (OSINT) برصد نشاط إنشائي متسارع ذي طابع عسكري في قاعدة بربرة الجوية خلال الأشهر الأخيرة.
ووفقًا لصور أقمار صناعية جرى تحليلها، يتم إنشاء نحو 12 حظيرة تحت الأرض داخل القاعدة، يُعتقد أنها مخصصة للطائرات المقاتلة والطائرات المسيّرة.
وأشار محللون إلى أن «أرض الصومال» لا تمتلك قوات جوية قتالية معروفة، ما يرجح أن تكون هذه المنشآت مهيأة لاستخدام أطراف أخرى.
وفي هذا السياق، نشر محلل استخبارات المصادر المفتوحة تيد ريش صورًا تُظهر بدء أعمال توسعة في مطار بربرة أواخر سبتمبر/أيلول 2025 داخل القاعدة العسكرية القائمة، إلى جانب توسيع موقع لوجستي مخصص للمعدات العسكرية، مع بدء إنشاء منشأة إضافية مماثلة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.
ورجّح ريش أن هذه التجهيزات قد تكون مخصصة لاستقبال طائرات عسكرية، لافتًا إلى أن الجهات المحتملة المستفيدة من هذه المنشآت تشمل إسرائيل والإمارات وإثيوبيا والولايات المتحدة.
وذكرت تقارير دولية أن القاعدة تضم مدرجًا بطول أربعة كيلومترات، ما يجعلها مؤهلة لاستقبال طائرات الشحن الثقيلة والطائرات المقاتلة، فيما تُظهر صور الأقمار الصناعية المتاحة عبر خرائط جوجل وجود حظائر طائرات وملاجئ تحت الأرض محصنة لحماية الطائرات.
أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تقرير بتاريخ 29 ديسمبر/كانون الأول 2025، بأن اعتراف إسرائيل أخيرا بإقليم صوماليلاند يرتبط باعتبارات إستراتيجية، من بينها موقع قاعدة بربرة القريب من مناطق سيطرة جماعة الحوثي في اليمن، مشيرة إلى احتمالات تعاون أمني أو استخباراتي مستقبلي.
وفي السياق نفسه، ذكر معهد الأمن القومي الإسرائيلي في تقييم نشره بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أن إقليم أرض الصومال يُمكن أن يشكل منصة متقدمة لمهام متعددة، تشمل جمع المعلومات الاستخباراتية ومراقبة التحركات في المنطقة، بما في ذلك أنشطة الحوثيين.
من جهتها، أشارت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول 2025، إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بصوماليلاند يندرج ضمن سياق أوسع من الطموحات الجيوسياسية المرتبطة بالبحر الأحمر واليمن، لافتة إلى أن ملف قاعدة بربرة لا يزال، حتى الآن، في إطار التنسيق واستكشاف المصالح المشتركة، أكثر من كونه تمركزًا عسكريًا إسرائيليًا دائمًا.
ووفق ما نقلته الصحيفة، يرجّح محللون أن تتولى دولة الإمارات تشغيل القاعدة، أو أن تُستخدم في إطار ترتيبات مشتركة مع أطراف أخرى، من بينها إسرائيل، بصفتها موقعًا متقدمًا للعمليات في منطقة ذات أهمية استراتيجية قرب مدخل البحر الأحمر عند مضيق باب المندب.
وفي هذا الإطار، أشار الكاتب والأكاديمي تيم أندرسون، مدير مركز دراسات مكافحة الهيمنة، إلى احتمال وجود دور إسرائيلي مستقبلي في القاعدة، ويرى أن مطار بربرة قد يكون مهيأً للاستخدام في إطار ترتيبات إقليمية، دون تأكيد رسمي لطبيعة هذا الدور أو توقيته.
أشار تحليل نشرته منصة كلاش بوينت التركية، وهي منصة إعلامية معروفة بقربها من حزب العدالة والتنمية الحاكم وبمواقفها الناقدة لإسرائيل إلى أن اعتراف تل أبيب بإقليم صوماليلاند قد يرتبط بتقديرات أمنية واستخباراتية.
وذكر التحليل أن الموقع الجغرافي للإقليم، لا سيما ميناء وقاعدة بربرة، يُنظر إليه كمنصة متقدمة لمراقبة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، إضافة إلى متابعة الأنشطة العسكرية في اليمن، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، ورصد التحركات البحرية الإيرانية.
كما أشار إلى أن هذا التوجه قد يندرج في إطار سعي إسرائيل إلى موازنة نفوذ قوى إقليمية فاعلة في المنطقة، من بينها مصر والسعودية، وكذلك الوجود الإستراتيجي التركي في الصومال.
ووفق المصدر ذاته، فإن الوصول اللوجستي والعسكري إلى ميناء بربرة قد يوفّر إمكانات أوسع لنشر قوات بحرية أو جوية، ويسهّل عمليات الإمداد والدعم في منطقة القرن الإفريقي، في حال التوصل إلى ترتيبات أمنية أو عسكرية مناسبة.
كتب الباحث الإسرائيلي المتخصص في الشأن التركي، حي إيتان كوهين، في صحيفة إسرائيل هيوم بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2025، أن اعتراف إسرائيل بإقليم “أرض الصومال” يحمل دلالات إقليمية، مقدرا أنه يوجّه رسالة سياسية إلى تركيا بشأن التنافس على النفوذ في القارة الإفريقية.
وفي السياق ذاته، قالت محللة الشؤون الجيوسياسية والإستراتيجية فيلينا تشاكاروفا: إن اعتراف إسرائيل بصوماليلاند بوصفها كيانا ذا سيادة يفتح، من وجهة نظرها، مجالا جديدا للتحرك في منطقة ذات أهمية إستراتيجية.
وأوضحت تشاكاروفا أن هذا التطور قد يتيح وصولا مباشرا إلى ميناء بربرة، ويعزز ترتيبات أمن الملاحة في البحر الأحمر في ظل التوترات القائمة، إضافة إلى ما وصفته بجهود مواجهة النفوذ الإيراني، وإتاحة مسارات تجارية بديلة لإثيوبيا عبر البحر.
تشير تقديرات بحثية إلى أن إقليم “أرض الصومال” يُمثل موقعاً ذا أهمية إستراتيجية في جنوب البحر الأحمر، نظرا لقربه من أحد أهم الممرات البحرية العالمية، ما يتيح إمكانات لمراقبة حركة الملاحة وجمع معلومات مرتبطة بالأمن البحري والإقليمي.
ووفق هذه التقديرات، فإن الموقع الجغرافي للإقليم يسمح بمتابعة التطورات العسكرية في المنطقة، بما في ذلك أنشطة الصواريخ والطائرات المسيّرة، ورصد تحركات الفاعلين الإقليميين، إضافة إلى تعزيز إجراءات تأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.
في المقابل، نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2025، تحليلا انتقد التوجه الإسرائيلي نحو تعزيز العلاقات مع “أرض الصومال”، ورأى أن هذه الخطوة قد تنطوي على مخاطر سياسية وأمنية.
وذكر التحليل أن الانخراط الإسرائيلي في الإقليم قد يسهم في تعقيد التوازنات المحلية، ويؤثر على الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، كما قد ينعكس على موقع إسرائيل الإقليمي وعلاقاتها مع أطراف أخرى.
وخلص التحليل إلى أن المقاربة الحالية، بحسب وصف الصحيفة، قد لا تحقق النتائج المرجوة على المدى الطويل، داعياً إلى إعادة تقييم الانخراط الإسرائيلي في الإقليم في ضوء المعطيات السياسية والأمنية القائمة.

تحالف نتنياهو-بن زايد
يرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ“أرض الصومال” يأتي في سياق أوسع من التحركات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي وجنوب البحر الأحمر، في ظل تقاطعات مصالح بين عدد من الفاعلين الإقليميين والدوليين.
وتشير هذه القراءات إلى وجود تعاون متنامٍ بين إسرائيل والإمارات في ملفات إقليمية متعددة، شملت خلال السنوات الأخيرة مناطق مثل اليمن والسودان وإثيوبيا وليبيا، إضافة إلى شرق المتوسط، وهو ما انعكس – بحسب مراقبين – على الموقف من “أرض الصومال”.
وفي هذا السياق، لفتت متابعات دبلوماسية إلى أن 21 دولة عربية وإسلامية أعلنت إدانتها لاعتراف إسرائيل بالإقليم الانفصالي، في حين لم تصدر عن الإمارات بيانات إدانة رسمية، ما عده بعض المحللين مؤشرا على وجود تقارب في المواقف.
ويرى محللون أن التحركات الإسرائيلية في “أرض الصومال” قد تلتقي مع مصالح إماراتية قائمة في الإقليم، خاصة في ما يتعلق بالموانئ والبنية التحتية اللوجستية، في ظل شبكة استثمارات إماراتية واسعة في القرن الإفريقي.
وفي تعليق سابق، رأى رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو أن الاعتراف الإسرائيلي بـ“صوماليلاند” يندرج ضمن ترتيبات إقليمية أوسع، محذرا من تداعياته المحتملة على توازنات المنطقة، لا سيما بالنسبة لمصر والسعودية وتركيا.
من جهتها، أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية، من بينها صحيفة معاريف في 28 ديسمبر/كانون الأول 2025، إلى أن الاعتراف بـ“أرض الصومال” قد يسهم في تسهيل التعاون مع أطراف إقليمية في منطقة البحر الأحمر، ضمن مقاربات تتعلق بالأمن البحري ومواجهة التهديدات في اليمن.
ووفق هذه التقارير، فإن تل أبيب تدرس خيارات متعددة لتعزيز حضورها في جنوب البحر الأحمر، في إطار ترتيبات أمنية محتملة مع شركاء إقليميين، دون صدور مواقف رسمية تؤكد طبيعة هذه الخطط أو نطاقها الزمني.

إثيوبيا وأميركا
في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة باعتراف إسرائيل بـ"أرض الصومال"، تتشابك مصالح عدة أطراف إقليمية ودولية، أبرزها إثيوبيا التي تسعى للحصول على منفذ بحري عبر ميناء بربرة في الإقليم الانفصالي، بهدف تعزيز نفوذها ومصالحها في منطقة البحر الأحمر، لا سيما في مواجهة مصر.
وفي يناير 2024، وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع سلطات "صوماليا لاند" تمنحها إمكانية استخدام شاطئ يمتد 20 كيلومتراً على خليج عدن لإقامة ميناء تجاري وقاعدة بحرية عسكرية، مما يتيح لإثيوبيا إعادة إحياء قواتها البحرية التي تلاشت بعد استقلال إريتريا عام 1993. بالمقابل، يعترف الاتفاق باستقلال "صوماليا لاند" كدولة منفصلة.
لكن الاتفاق جُمد في سبتمبر 2024 تحت ضغوط من دول مجاورة، لا سيما مصر التي تعارض منح إثيوبيا هذا المنفذ البحري.
وعقب توقيع الاتفاق، رحَّبت الإمارات وإدارة "موانئ دبي" بالتعاون مع إثيوبيا في ميناء بربرة، فيما أكد رئيس "أرض الصومال" أن الاتفاق يشمل بناء قاعدة بحرية إثيوبية في مدينة لوغايا غرب الإقليم، مقابل تسهيل التجارة والاعتراف بسيادة الإقليم.
ويرى محللون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ"أرض الصومال" يمنح فعليا شرعية قانونية لاتفاقية تأجير ميناء بربرة لإثيوبيا التي كانت تعاني سابقا من نقص الشريك السيادي القانوني.
ويعدّ هذا الاعتراف خطوة قد توفر لإثيوبيا منفذا بحريا مهما، كما يمنح إسرائيل موطئ قدم عسكريا واستخباراتيا إستراتيجيا عند مدخل البحر الأحمر، في موقع حساس يتقاطع فيه النفوذ الإيراني والحوثي، في وقت تسعى فيه إسرائيل والإمارات لتعزيز وجودهما في المنطقة.
في المقابل، يبدو أن الولايات المتحدة تتخذ موقفا أكثر حذرا من الاعتراف بـ"صوماليا لاند"، رغم زيارات ومساعي تعزيز التعاون العسكري في المنطقة، خاصة في ظلّ وجود قواعد أميركية عدة في الصومال ودعمها للقوات الصومالية في مكافحة تنظيم "حركة الشباب".
وبحسب تقارير ينقسم الموقف داخل الإدارة الأميركية حيال الاعتراف بالإقليم؛ حيث يخشى بعض المسؤولين أن يضر ذلك بالتعاون العسكري مع الحكومة المركزية في مقديشو.
في المقابل، دعا السيناتور الجمهوري تيد كروز في رسالة أرسلها إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، في أغسطس 2025، إلى الاعتراف بـ"صوماليا لاند"، مؤكدا على تحالف الإقليم مع إسرائيل ودعمه لاتفاقيات أبراهام.
في محاولة لدعم الموقف الإسرائيلي وتعزيز الاعتراف بـ"صوماليا لاند"، حثَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الاعتراف بالإقليم، وقدم ذلك كدعم لاتفاقيات "أبراهام" التي تبناها ترامب في السياسة الخارجية.
لكن ترامب أبدى موقفًا متحفظًا وباردًا حيال الفكرة؛ حيث استبعد في مقابلة بتاريخ 27 ديسمبر 2025 إمكانية الاعتراف الفوري من قبل الولايات المتحدة بالجمهورية الانفصالية، وقلل من أهمية العروض الإستراتيجية المقدمة، واصفًا عرض استضافة قاعدة عسكرية أمريكية بأنها "ليست بالأمر الجلل".
على الرغم من ذلك، نشر موقع "واللاه" الإسرائيلي تقريرًا في 27 ديسمبر 2025 يشير إلى أن إسرائيل تأمل في تجنيد دعم الولايات المتحدة، مستندة إلى ضرورة موازنة النفوذ الصيني المتصاعد في المنطقة.
وشهد العام 2025 عدة زيارات لمسؤولين أميركيين بارزين إلى "صوماليا لاند"، منها زيارة الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية في إفريقيا السابق، برفقة السفير الأمريكي ريتشارد رايلي في يونيو لمناقشة مصالح أمنية ودفاعية، بالإضافة إلى تفقد مرافق ميناء بربرة.
وفي نوفمبر وديسمبر من نفس العام، زار الجنرال داجفين أندرسون، قائد القيادة الأميركية في إفريقيا، الإقليم والتقى برئيسه في هرجيسا وقام بتقييم ميناء بربرة.
في المقابل، تعبر القاهرة عن قلقها من الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم، وتحالفه مع إثيوبيا، فضلا عن التحركات الأميركية نحو الاعتراف الرسمي بدعم إماراتي لوجود قاعدة عسكرية في ميناء بربرة، يرى أن هذه الخطوات تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، وفق تقارير صحفية مصرية.
المصادر
- Why Israel’s recognition of Somaliland matters far beyond the Horn of Africa
- Israel becomes first country to recognise Somaliland as sovereign state
- Somaliland and Israel—Considerations Regarding Recognition and Cooperation
- Strategic misfire? Israel’s Somaliland move fuels new tensions
- دلالات اعتراف إسرائيل بصوماليلاند
















