مونديال قطر فتح شهيته.. هل يسعى ابن سلمان إلى استضافة كأس العالم؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثيرت تساؤلات عن دوافع المملكة العربية السعودية من التوجه نحو الاستثمار في عالم الرياضة مع الكشف عن رغبتها في شراء أحد الناديين الرياضيين الشهيرين في بريطانيا مانشستر يونايتد أو ليفربول.

وتأتي هذه الخطوة الجديدة بعد استحواذ المملكة على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وأعلن صندوق الاستثمارات السيادي السعودي عبر "تويتر" وقتها إتمام صفقة شراء نادي نيوكاسل يونايتد، في عملية استحواذ بنسبة 100 بالمئة.

"مونديال 2030"

وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أعلن وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب أن الرياض تدرس تقديم عرض مشترك مع مصر واليونان لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2030.

ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، عن الوزير السعودي، قوله، إن بلاده "تدرس تقديم عرض لتنظيم كأس العالم بالشراكة مع مصر واليونان، ونتمنى أن يكون عرضا ناجحا".

وأضاف الخطيب في مقابلة عقدت بالرياض: "بالطبع ستستثمر الدول الثلاث بكثافة في البنية التحتية، وستكون جاهزة للحدث بالتأكيد. وأنا على يقين أن السعودية ستمتلك أفضل الملاعب ومناطق المشجعين بحلول هذا التاريخ".

وبعد ساعات من التصريح، خرجت وزارة السياحة بتغريدة على تويتر، نفت خلاله تقدمها لاستضافة كأس العالم المقبل عام 2030، غير أنها لم تنف إن كانت ستقدم مستقبلا أم لا.

لم يكن إعلان الوزير ثم محاولة التنصل منه المؤشر الوحيد لمحاولة ابن سلمان استضافة كأس العالم، إذ رافق ذلك عددا من الخطوات التي عدها مراقبون رغبة غير معلنة لاستضافة إحدى نسخ المونديال.

ففي خطوة جديدة نحو الاستثمار في المجال الرياضي، أعلن وزير الرياضة السعودي، الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أن حكومة بلاده ستدعم أي عطاءات للقطاع الخاص في المملكة لشراء نادي مانشستر يونايتد أو ليفربول الإنجليزيين.

وقال الوزير السعودي خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "بي بي سي سبورت" البريطانية إن الشركات الخاصة في بلاده لديها اهتمام قوي بأندية القمة في الدوري الإنجليزي، لافتا إلى أنه "لا يستطيع التحدث نيابة عن القطاع الخاص في بلاده".

وأوضح الفيصل: "لكن هناك الكثير من الاهتمام والشهية والشغف بكرة القدم"، مشيرا إلى أن "البريمير ليغ (الدوري الإنجليزي الممتاز) هو الدوري الأكثر مشاهدة في السعودية والمنطقة ويحظى بعدد كبير من المشجعين".

وبالتالي سندعم القطاع الخاص في المملكة إذا قرر الاستثمار في الأندية الإنجليزية لأننا نعلم أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الرياضة في بلادنا، وفق قوله.

وأردف الأمير: "إذا كان هناك مستثمر على استعداد للقيام بذلك.. فما المانع". وأكد أن بلاده لا تمانع استضافة المونديال مستقبلا، قائلا "من منا لا يريد استضافة كأس العالم؟.. أي بلد في العالم سيحب ذلك".

وكانت تقارير صحفية، قد أشارت سابقا إلى وجود رغبة من جانب صندوق الاستثمار السعودي في شراء نادي ليفربول بعد أن أكد ملاك النادي بشكل رسمي وجود نية لديهم لبيعه في الفترة المقبلة.

وكان ملاك نادي ليفربول، "فينواي سبورتس غروب" (أف أس جي)، قد عرضوا النادي للبيع في بداية نوفمبر 2022، فيما حذت حذوهم عائلة غلايزر الأميركية المالكة لنادي مانشستر يونايتد بإعلان رغبتها في بيع النادي خلال المرحلة المقبلة، بعد مناقشة العروض التي ستصلهم.

وفي 26 نوفمبر 2022، كشفت صحيفة "ميرور" البريطانية عن تجدّد "مخاوف صُناع القرار في المملكة المتحدة، بعد تواتر أخبار عن إمكانية استحواذ بعض المستثمرين السعوديين على عدد من أندية كرة القدم الإنجليزية، في حال سُمح لهم بشراء ناديي مانشستر يونايتد، وليفربول، وهما الأكبر في البلاد".

وأضافت الصحيفة البريطانية أن "العديد من مشجعي يونايتد وليفربول يشعرون بالقلق بشأن مشاركة السعودية في كرة القدم الإنجليزية، بسبب سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان، وتقييد حقوق المرأة".

اللحاق بقطر

وأوضحت أنه رغم هذه المخاوف "يُعتقد أن إدارة الدوري الإنجليزي الممتاز ليست على استعداد لتغيير قواعدها لمنع أي صفقة، وأنه ليس من المتوقع أن يقف البريمير ليغ في طريق السعودية، إذا وافق المستثمرون على صفقات لشراء مانشستر يونايتد وليفربول".

من جهته، قال فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة لندن إن هناك عاملا آخر في رغبة السعودية لشراء الأندية، وهو الاستثمار الضخم فيما يسمى القوة الرغوة (الناعمة)، الضاربة في العالم.

وأوضح جرجس في حديث لإذاعة "بي سي سي" في 28 نوفمبر 2022 أن "السعودية يبدو أنها تريد اللحاق بقطر والإمارات في هذا الميدان، والاستثمار إستراتيجيا في هذا المجال كي تحقق فائضا في القوة الرخوة من خلال الفن والإعلام والرياضة، وهذا ما حصل خلال السنوات العشر الماضية".

وأشار إلى أن "القيادة السعودية تحاول من خلال هذه الاستثمارات الضخمة في القوة الرخوة، الرد على ما تعرضت له سمعة ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) في الإعلام الغربي والنخب الغربية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي".

في الثاني من أكتوبر 2018، دخل الكاتب والصحفي السعودي، جمال خاشقجي، الذي كان يقيم في الولايات المتحدة إلى قنصلية بلاده في إسطنبول، ولم يخرج بعدها.

وقتل خاشقجي على يد فريق استخباراتي سعوي، واتهمت منظمات غربية وعربية ولي العهد محمد بن سلمان بأنه هو من أمر بقتله، وهو ما توصلت إليه الاستخبارات الأميركية.

ورأى جرجس أن "كل الاستثمارات في قطاعات الرياضة والإعلام، هناك جانب سياسي وراءها، كما أن معظم المساعدات الإنسانية التي تقدمها الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة، الهدف منها القوة الرخوة، والتي تعد أهم من الجانب الاقتصادي".

وعن اعتراض المنظمات والجمعيات الحقوقية على امتلاك السعودية لهذه الأندية، قال جرجس إن " هذه الاحتجاجات ستستمر، وستطالب بوضع معايير لامتلاك هذه الأندية المهمة، وإذا بالفعل قرر رجال إعمال سعوديون شراء هذا النادي المهم، مانشستر يونايتد فسنرى الحملة نفسها".

وأردف: "لكن في نهاية المطاف أرى أن المنطق الاقتصادي هو المهيمن على هذه الصفقة، لذلك رغم كل الاحتجاج الذي حصل حول نادي نيوكاسل فقد تمت الصفقة".

ورأى جرجس أنه "لا يمكن فصل الاستثمارات من القطاع الخاص عن الدعم العام، لذلك ستكون شراكة بين رجال الأعمال السعوديين ودعم من صندوق الاستثمار التابع للدولة، لأن نادي مانشستر وكذلك ليفربول من النوادي الضخمة التي يصل سعرها إلى 5 مليارات جنيه إسترليني".

لذلك لا يمكن لرجال الأعمال في السعودية الحصول على هذا الاستثمار إلا بدعم حكومي مباشر أو غير مباشر، كما قال.

"نهج استثماري"

وفي المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي المقيم في لندن عماد الدين الجبوري إن "المملكة العربية السعودية تسير وفق خططها الإستراتيجية سياسيا واقتصاديا على المستويات الإقليمية والدولية، ومنها جانب الاستثمار الرياضي".

واستبعد الجبوري في حديث لـ"الاستقلال" أن "يكون الأمر متعلقا بتحسين صورة المملكة في تلك البلدان لا سيّما الغربية، بقدر ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، التي تزيد من متانة القوة المالية".

فالسعودية ثقل مركزي عربي وإسلامي ودولي، ليست بحاجة لمثل هذا النهج الإعلامي المرتهن بالسياسة الداخلية في تلك الدول، وفق تقديره.

وتابع: "كما أن هذا النهج الاستثماري المدروس في غاياته اتبعته، على سبيل المثال لا الحصر، اليابان في استثماراتها الكبيرة في هوليود، التي هدفت منه لتسليط الضوء على الثقافة والحضارة اليابانية".

وأردف الجبوري قائلا: "هكذا، نجد أن وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل يصرح وفق الرؤية المدروسة في الاستثمار الرياضي السعودي بشراء نادي أو أندية الدرجة الأولى لكرة القدم الإنجليزية".

وفي أكتوبر 2021، شن الألماني يورغن كلوب المدير الفني لنادي ليفربول الإنجليزي الشهير هجوما حادا على السعودية على خلفية استحواذها على نادي نيوكاسل يونايتد.

وطالب كلوب بإجابات من الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم ريتشارد ماسترز بشأن استيلاء السعودية على نيوكاسل، وقال إنه "من الواضح أن للمملكة سجلا سيئا في حقوق الإنسان، ولا يمكن للمال شراء كل شيء".

وقالت منظمة "جمال خاشقجي" لحقوق الإنسان خلال بيان في أكتوبر 2021، إن الاستحواذ "يكشف الأخلاق الزائفة لكرة القدم ويدفع لانهيارها".

بينما رأت منظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" (دون) خلال بيان لها في الشهر ذاته أن "نيوكاسل باع اسمه وسمعته لحكومة وحاكم قاسٍ"، في إشارة إلى ولي العهد السعودي.

وأضافت: "قد يضعون صورة ابن سلمان على شعار النادي، لكن من الواضح الآن أن كرة القدم الإنجليزية قد تبيع نفسها لأي شخص"، مشيرة إلى أن "الناس لا يفهمون حقيقة التأثير الفاسد الذي سيجلبه هذا العقد؛ لأنه سيقوم بتطبيع ديكتاتور قتل صحفيين".

وعلى صعيد مماثل، قالت منظمة العفو الدولية خلال بيان لها في أكتوبر 2021 إن استيلاء السعودية على نادي نيوكاسل سيكون بوابة جديدة لتنفيذ الغسيل الرياضي لسجل حقوق الإنسان المروع.

وطالبت المنظمة بوقف السماح للمتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالدخول إلى كرة القدم الإنجليزية لمجرد أن لديهم جيوبا كبيرة.

وأكدت أن الاستيلاء على نيوكاسل محاولة واضحة من السلطات السعودية لغسيل سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان بسحر كرة القدم الممتازة.

وقالت المنظمة إنه "في ظل حكم محمد بن سلمان، لا يزال وضع حقوق الإنسان مروعا"، مشيرة إلى أن "الارتباط مع كرة القدم من الدرجة الأولى هو وسيلة جذابة للغاية لإعادة توصيف بلد أو شخص بسمعة مشوهة".