القادم أسوأ.. موقع إيطالي يتوقع هجرة الآلاف انطلاقا من سواحل ليبيا
حذر موقع إيطالي مما وصفها بـ"قنبلة الهجرة الليبية" التي تهدد بلاده، في إشارة إلى مخاوف من موجات هجرة بالآلاف انطلاقا من السواحل الليبية نحو الجنوب.
يأتي ذلك في ظل حديث عن مئات الآلاف من المحتجزين في مراكز اعتقال وكذلك في ظل ارتباك المشهد السياسي والأمني.
وقال موقع "إنسايد أوفر"، إن الطقس قد يمد يد المساعدة لحكومة اليمين المتطرف في إيطاليا بقيادة جورجيا ميلوني هذه الأيام.
وهو ما قد يسهم في تجنب الوصول إلى مئة ألف مهاجر وافد في وقت قصير. واستدرك بأن الوضع السياسي الحالي في ليبيا لا يبشر بالخير في المستقبل.
ونقل عن المنظمة الدولية للهجرة حديثها عن وجود ما لا يقل عن 688 ألف مهاجر في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا مقارنة بـ621 ألفا ببداية العام 2022، عبر الكثير منهم من الحدود مع النيجر في الأشهر الأخيرة وآخرون من مصر.
وبحسب الموقع، لا يبدو أن جميعهم يرغب في ركوب البحر والوصول إلى الساحل الإيطالي، "إذ في الواقع، ربما ينتظر 10 بالمئة فقط من هؤلاء دورهم في ذلك".
وأشار إلى أن من بين هؤلاء مهاجرين وصلوا إلى ليبيا خلال عهد رئيس النظام السابق معمر القذافي، عندما لم تكن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا مركزا للمغادرين إلى إيطاليا فحسب، بل كانت أيضا وجهة لمن يبحثون عن عمل في العديد من مشاريع البناء في طرابلس.
وحذر الموقع الإيطالي أن عام 2023 سيكون أسوأ من 2022 في ظل حالة عدم الاستقرار في ليبيا.
مراكز الاحتجاز
بين الموقع أن معظم الأجانب في ليبيا يوجدون في غرب البلاد، كما أن أخطر المتاجرين يتمركزون هناك. علاوة على ذلك، المسافة إلى إيطاليا من سواحل طرابلس أقل من المناطق الليبية الأخرى.
ولفت إلى أنه منذ سقوط القذافي لم تعرف البلاد الاستقرار، وفي الفترة الحالية تشهد وجود حكومتين متصارعتين.
حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة التي ترفض تسليم السلطة، وفي الشرق حكومة الاستقرار المكلفة من برلمان طبرق وبقيادة وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا.
يذكر الموقع الإيطالي أن المليشيات المؤيدة للأخير حاولت دخول طرابلس في أغسطس/آب 2022، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات انتهت بحفاظ الدبيبة على السلطة.
وقال إن "ما يثير القلق ليس فقط الصدام بين الحكومات، ولكن بين المليشيات، إذ إن كل مدينة بها عصابة مسلحة خاصة بها، ولكل منطقة في طرابلس مجموعتها الخاصة التي لها سيطرة حقيقية على المنطقة".
في هذا السياق، أوضح أن المتاجرين بالبشر يستطيعون تنفيذ أنشطة غير قانونية، وفي بعض الأحيان ينتحلون صفة خفر السواحل.
وهناك يذكر المهرب الليبي المشهور المعروف باسم البيجا الذي شارك عام 2017 في اجتماع دولي حول مكافحة الهجرة غير النظامية بصفته مسؤولا في خفر السواحل الليبي.
وكان البيجا (واسمه الحقيقي عبد الرحمن ميلاد) طلب من السلطات الإيطالية تمويلا لتنظيم استقبال المهاجرين في ليبيا، وفق ما أوردته صحف إيطالية.
ومن بين الحالمين بالهجرة غير القانونية نحو إيطاليا، أشخاص عبروا من الحدود الجنوبية قادمين من النيجر ومنطقة الساحل الإفريقي، ويوجدون حاليا داخل مراكز يديرها المهربون، ويتعرضون داخلها إلى العنف والانتهاكات.
وبحسب الموقع، أولئك الذين يجري احتجازهم في المراكز الحكومية الرسمية ليسوا أفضل حالا، كما لا تستبعد فرضية أن تكون هذه المراكز هي الأخرى بين أيدي المليشيات.
وتمكنت المنظمة الدولية للهجرة في السنوات الماضية من دخول هذه المراكز، وتتحدث رسميا عن وجود 2700 مهاجر محتجز بداخلها.
وقال إن "الانطباع هو أن الجمود الحالي في المفاوضات بشأن الانتخابات المستقبلية والاشتباكات السياسية والعسكرية الحالية يمكن أن يمنح مهربي البشر مزيدا من الضوء الأخضر".
ويحذر من أن الوضع سيزداد سوءا في الأشهر المقبلة حتى في حال قرر فقط 10 بالمئة من حوالي 700 ألف مهاجر ركوب قوارب الموت إلى إيطاليا.
جبهة الشرق
يزعم الموقع أن إيطاليا عادت لتهتم من ناحية أخرى بجبهة ليبية أخرى في مسألة الهجرة تتعلق بإقليم برقة، أي شرق البلاد، الذي يسيطر عليه الجنرال الانقلابي خليفة حفتر منذ عام 2014.
وقال إن "القبضة الحديدية للجنرال القوي ساعدت برقة دائما في إبعاد المهربين والحد من نشاطهم في بنغازي وطبرق".
واستدرك أن الوضع تغير الآن، خصوصا وأن "بعض القوارب التي وصلت أخيرا إلى إيطاليا كانت قد غادرت من السواحل التي يسيطر عليها حفتر".
ويشرح أن هذه التدفقات لا تتوجه إلى جزيرة صقلية، بل إلى مقاطعة كالابريا، حيث وصلت عدة قوارب منذ أغسطس فصاعدا.
وقال إن الأمر يتعلق "بقوارب صيد كبيرة جدا، قادرة على حمل ما لا يقل عن 500 مهاجر على متنها، وهو ما يهدد بتفاقم الوضع جراء هذه الظاهرة في إيطاليا".
ويشرح أن "الإجابة عن سبب ارتفاع تدفقات الهجرة من برقة تكمن في إرادة حفتر الذي جرى تهميش دوره في السياق الليبي على إثر فشل هجومه في السيطرة على العاصمة طرابلس عام 2019".
على الرغم من ذلك، لا يزال يسيطر على الشرق، ولا يمر سوى القليل أو لا شيء عبر هذه المنطقة دون موافقة قواته، وفق تعبير الموقع.
لذلك من الواضح كيف يريد حفتر استخدام تدفقات المهاجرين نحو إيطاليا كسلاح مستخدم بالفعل في الغرب.
ويأمل الجنرال المتقاعد الآن أن يكون قادرا على توظيفه لأغراضه الخاصة، وفق تحليل الموقع.
في الأيام الأخيرة، تمكن أعضاء مديرية أمن بنغازي من ضبط شبكة لتهريب البشر إلى إيطاليا تضم متهمين من جنسيات ليبية وسودانية وبنغلاديشية.
وفي بيان لها، قالت المديرية إن العملية جرت بعد ورود معلومات عن عصابة تمتهن النصب والاحتيال على العمالة الوافدة وتهريب البشر إلى إيطاليا بالتحديد عن طريق البحر وبمبالغ مالية تصل إلى 7000 دينار للفرد الواحد مقابل نقلهم، لافتة إلى أن منهم من يجري نقله ومنهم من يحتال عليه.
علق الموقع بأن هذه الأنباء قد تعد إشارة تغيير حقيقي للنهج الذي اتبعه حفتر، "لكن ما هو مؤكد هو أن روما يجب على أي حال أن تولي اهتماما كبيرا لما يحدث في هذا الركن من ليبيا".