يخشى فقد مكانه ومكانته.. الأسباب الحقيقية لتغيب ابن سلمان عن قمة الجزائر

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

جدل واسع أثاره إعلان الجزائر عن عدم حضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى القمة العربية المرتقبة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، ما طرح تساؤلات عديدة عن الأسباب الحقيقية وراء الاعتذار.

يأتي ذلك بعد ساعات من إعلان الخارجية السعودية اتصال ابن سلمان في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، استعرضا خلاله أوجه العلاقات الثنائية وسبل تطوير التعاون المشترك.

تعذر صحي

وفي الوقت الذي لم يتطرق بيان الخارجية السعودية إلى اعتذار ابن سلمان خلال حديثه مع الرئيس تبون، كشفت الرئاسة الجزائرية في بيان أن ولي العهد السعودي أعرب عن تأسفه لعدم حضوره اجتماع القمة العربية، "امتثالا لنصائح وتوصيات الأطباء بتجنب السفر".

من جهته، أبدى الرئيس تبون "تفهمه لهذه الوضعية وتأسفه لتعذر حضور ولي العهد السعودي متمنيا له موفور الصحة والعافية، ومعبرا له أن المملكة العربية السعودية الشقيقة ستظل حاضرة معنا في كل الظروف"، وفق البيان.

وعلى ضوء ذلك، أصدر الديوان الملكي السعودي في 23 أكتوبر بيانا أوضح فيه أن الفريق الطبي لولي العهد أوصى بتجنب سفره لمسافات طويلة دون توقف، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس".

وبحسب نص البيان، فإن "الملك سلمان وجه بإنابة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برئاسة وفد المملكة للقمة العربية في الجزائر، إلا أن الفريق الطبي أوصى بتجنب ولي العهد السفر بالطائرة لمسافات طويلة دون توقف".

وذلك لتجنب "رضح الأذن الضغطي والتأثير على الأذن الوسطى، مما يتعذر معه عليه القيام بزيارة الجزائر أخذا في الاعتبار طول مدة الرحلة في الذهاب والعودة خلال مدة لا تتجاوز (24) ساعة"، يضيف البيان.

وبناء على ذلك، "وجه خادم الحرمين الشريفين بإنابة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان لرئاسة وفد المملكة في هذه القمة، مؤكدا "وقوف السعودية إلى جانب الجزائر، ودعمها لكل ما من شأنه نجاح القمة"، حسبما ذكر البيان.

وتستضيف الجزائر القمة العربية الحادية والثلاثين في الأول والثاني من نوفمبر 2022، بعدما ألغيت نسختا 2020- 2021 بسبب وباء كوفيد-19، وعقدت آخر قمة عربية على مستوى القادة في تونس عام 2019.

ارتباك سعودي

وبخصوص عدم تأكيد السعودية عدم حضور ابن سلمان للقمة فور صدور البيان الجزائري وتأخره لمدة يوم كامل، قال أستاذ الإعلام السياسي السعودي عبد الله العساف إن "البيان السعودي الخاص باعتذار ولي العهد عن عدم حضوره القمة العربية في الجزائر لم يكن متأخرا".

وأوضح لقناة "بي بي سي" أن "السعودية تركت حرية الإعلان للدولة المضيفة للقمة وهي الجزائر، لكن السعودية أعادت البيان مرة أخرى بعدما حصل هناك لغط ولبس كبير، فصدر البيان الرسمي السعودي مبينا السبب الحقيقي لغياب ولي العهد عن قمة الجزائر".

ورأى الأكاديمي السعودي أن ابن سلمان عندما اتصل بالرئيس الجزائري أبلغه بذلك الأمر، والأخير تمنى لولي العهد الصحة والعافية"، لافتا إلى أن "من سيحضر القمة هو وزير الخارجية السعودي، ولا شك بأنه يمثل القيادة السعودية".

وأشار إلى أن "السعودية اليوم في مرمى الإعلام وفي عين العاصفة، وسواء تحركت شرقا أو غربا فلن تنجو من سهام الإعلام، وحتى لو أعلنت السعودية ابتداء فإنها أيضا لن  تنجو من توجهات وراء الإعلام. لذا السعودية تحدثت مع من يهمه الأمر بخصوص القمة وهو الرئيس الجزائري".

ونوه العساف إلى أن "الإعلام عندما تناول هذه القضية، فإنه تناولها بشكل مغلوط، لكن ظهر الإعلان الرسمي السعودي مبينا السبب لعدم تمكن ولي العهد من حضور القمة، خصوصا أن المسافة بين السعودية والجزار قرابة 5 ساعات في الطائرة".

وزاد الأكاديمي السعودي بالقول إن "بيان الديوان الملكي السعودي بخصوص سبب غياب ولي العهد عن القمة أتى ليقطع الطريق أمام جميع التكهنات التي ستثار حول عدم حضوره إلى القمة، فالبعض سيختلق أسبابا سياسية، وآخرون أسبابا صحية، والعديد من الأسباب الأخرى".

خلافات بارزة

على صعيد آخر، تحدث محللون عن أسباب سياسية وراء غياب ابن سلمان عن قمة الجزائر، فقال الخبير في العلاقات الدولية محمد الطيار، إن "غياب ولي العهد السعودي لم يكن مستبعدا، فهناك توترات عديدة في العلاقة بين الجزائر والسعودية جرى رصدها خلال السنة الحالية".

وأضاف لصحيفة "هسبريس" في 23 أكتوبر: "سبق الإعلان الأخير إلغاء مفاجئ وغير متوقع لزيارته للجزائر نهاية يوليو/ تموز 2022، بسبب تعنت النظام العسكري الجزائري الذي رفض أي إصلاح لعلاقاته الدبلوماسية مع المغرب".

وأشار إلى أن "النظام الجزائري رفض أي وساطة من شأنها فك النزاع المفتعل بالأقاليم الجنوبية المغربية، كما أظهر للعلن في الوقت نفسه تمسكه السافر بازدراء الوساطة السعودية في الموضوع بشكل عام، ما خلف استياء كبيرا لدى القيادة السعودية".

وأوضح الخبير المغربي أنه "قبل إعلان ولي العهد السعودي عن مقاطعته لقمة الجزائر قدمت الدبلوماسية السعودية كغيرها من دول الخليج العربي العديد من المقترحات من أجل استضافة لقاءات رسمية بين الجزائر والمغرب، غير أن النظام العسكري رفض مجمل الحلول الممكنة لاستئناف العلاقات مع المغرب".

ولفت الطيار إلى أن "المصادر الأخرى أشارت إلى سبب تفاقم منسوب الخلافات بين السعودية والجزائر، يتعلق برغبة النظام العسكري في حصر مشاركة المغرب بهذه القمة في حضور ممثل له فقط، حتى لا يجد النظام العسكري نفسه في وضعية تظهر حجم ضعفه وارتباكه".

ورأى الخبير المغربي أن "مقاطعة ولي العهد السعودي للقمة العربية ستدفع بالعديد من القادة العرب إلى عدم المشاركة، والاكتفاء فقط بإرسال ممثلين عنهم، بسبب استمرار النظام العسكري الجزائري في تعنته ورفع شعارات فارغة كحرصه على لم الشمل العربي، وعلى وحدة الصف العربي، في الوقت الذي يقوم بعكس ما يدعي".

واتهم الطيار الجزائر "بدفع رئيس تونس إلى استقبال زعيم البوليساريو خير دليل على النية الحقيقية للنظام العسكري، وقبل ذلك أثار الجدل حول دعوته لعودة سوريا إلى مقعدها وإمعانه كذلك في معاكسة رغبة الدول العربية في التصدي لسياسة التغلغل الإيراني في المنطقة العربية وإشعال الأزمات، إضافة إلى اصطفافه إلى جانب إثيوبيا في خلافها مع مصر".

من جهته، قال الصحفي المغربي محمد واموسي، عبر "تويتر" في 24 أكتوبر، إن "الجزائر رفضت وساطة السعودية لحل الأزمة مع المغرب، فقرر ولي العهد عدم حضور القمة العربية، وهذا القرار جاء بعد 6 أيام من زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للرياض".

القضية الفلسطينية

وفي الصدد ذاته، ذكرت صحيفة "الصحيفة" المغربية في 22 أكتوبر، أن السعودية تصطدم بالجزائر في ملفات عدة، بما في ذلك القضية الفلسطينية التي تستخدمها السلطات الجزائرية وسيلة لـ"البروباغندا" كونها "الداعمة للكفاح الفلسطيني".

وتابعت: "لكن يبدو أن ابن سلمان أقرب إلى حليفيه بالمنطقة، الإمارات والبحرين، وأيضا إلى المغرب الجارة الغربية للجزائر، بخصوص إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل والسير في اتجاه دعم حل الدولتين".

وكذلك، أرجع المعارض السعودي علي هاشم رفض ابن سلمان، الذي وصفه بالصهيوني، المشاركة في القمة العربية لتأكيد الوزير الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، قبل أيام، أن القمة العربية ستكون موعدا لتأكيد دعم القضية الفلسطينية.

كما نشر الناشط الحقوقي أحمد محمد شرف الدين صورة قديمة لابن سلمان، وعلق عليها قائلا: "يبدو أن عروش المطبعين إلى الهاوية قريبا، هذا منشار ولي العهر السعودي يعتذر للرئيس الجزائري عن عدم حضوره القمة العربية لأن أوضاع القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال القمة".

وأضاف: أن "السعودي خائف من زعل الصهاينة ولو على حساب القضايا العربية والإسلامية، ولأن المطبعين تحت القرار العبري أيضا".

ووردت العديد من التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص أسباب غياب ابن سلمان عن قمة الجزائر، منها: احتمالية تعرضه للاغتيال في ظل علاقته المتوترة مع الولايات المتحدة، فيما رأى آخرون أنه ربما يخشى حدوث انقلاب داخلي في حال ذهابه للقمة.

وإلى جانب ولي العهد السعودي، سيتغيب 5 قادة عرب أيضا عن القمة، وهم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عمان هيثم بن طارق، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، واللبناني ميشال عون، وأمير الكويت نواف الأحمد الصباح.

لكن الجزائر في الوقت ذاته أكدت حضور قادة كل من مصر وقطر والمغرب والأردن والعراق وتونس وموريتانيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر، ورئيس المجلس الرئاسي في السودان وليبيا واليمن.