"لا يعبأ بمصيرهم".. ليبراسيون: المجتمع الدولي تخلى عن الروهينغيا والإيغور
سلطت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية الضوء على المعاناة التي يعيشها ملايين الروهينغيا والإيغور، الأقليتين المسلمتين في ميانمار والصين، مؤكدة أنهما يتعرضان لعملية قتل ببطء.
وشددت الصحيفة على أن المجتمع الدولي تخلى عن الروهينغيا والإيغور ولا يعبأ بمصير الملايين منهم، بينما تتواصل صرخاتهم وتساؤلاتهم عن مصيرهم أمام آلة القتل الممنهج التي يصوبها ناحيتهم الشيوعيون.
ومنذ 1949، تسيطر الصين على إقليم "تركستان الشرقية"، الذي يعد موطن الأتراك "الإيغور" حيث يحتجز وينكل بنحو مليون مسلم في معسكرات سرية.
فيما يتعرض المسلمون الروهينغيا في إقليم أراكان غربي ميانمار، منذ أغسطس/ آب 2017، إلى حملة عسكرية ومجازر وحشية من قبل الجيش ومليشيات بوذية.
وتعد ميانمار الروهينغيا "مهاجرين غير نظاميين" من بنغلاديش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم".
مصير مجهول
وقالت الصحيفة إنه طيلة الخمس السنوات الأخيرة، حكمت كل من حكومة الحزب الشيوعي الصيني ونظيرتها في ميانمار على كل من أقليتي الإيغور والروهينغيا بالتعذيب القائم على تجهيل كل منهما وقتلهم ببطء.
لدرجة أن حياة كل فرد من الإيغور والروهينغيا قد أصبحت، بسبب التعذيب الممنهج الذي يتعرضون له من قبل حكوماتهم، نوعا من العدم أو الحياة العبثية.
فهناك العديد من الأسئلة الحياتية اليومية التي صار من المحال على كل من الإيغور والروهينغيا، الإجابة عنها.
أسئلة من قبيل: "أين أطفالي؟" و"هل أمي على قيد الحياة؟" و"هل هناك من يعتني بوالدي المريض؟" و"هل بيتي لا يزال هناك؟" و"متى سأعود إلى المنزل؟"
وهي تساؤلات، تقول الصحيفة الفرنسية، إنها روتينية بالنسبة لأي شخص يعيش على هذه المعمورة.
لكنها رغم ذلك، ليست بهذا القدر من السهولة للإجابة عليها بالنسبة لشخص من الإيغور أو نظيره من الروهينغيا.
وذكرت أنه منذ خمس سنوات، كان مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ينتظرون عبثا ماذا سيكون مصيرهم.
مصير مجهول يخيف أقليات تعيش في دول تحرمها تقريبا من كل أساسيات العيش الطبيعي بدءا من الحقوق الطبيعية وليس انتهاء بالمعتقد والآراء.
ونظرا للوضع الراهن لكلا المجتمعين سواء في الصين أو في ميانمار، " ليس هناك ما يشير إلى أننا سنعطيهم في الأشهر القليلة المقبلة، أو حتى في السنوات القليلة المقبلة أي إجابة تتعلق بمصيرهم "
مأساة مستمرة
ففي أغسطس 2017، أحرقت قوات الأمن الميانمارية القرى وقتلت واغتصبت سكانها، ما أجبر 740 ألف شخص على الفرار إلى بنغلاديش.
منذ ذلك الحين، عاشت هذه العائلات، التي طُردت لأنها فقط من الروهينغيا متجمعة معا تحت القماش المشمع، تحت رحمة سوء الأحوال الجوية والمجرمين.
ويرفض النظام الحاكم في ميانمار، رغم سقوط أذرعه أخيرا، منحهم الجنسية من جديد. أما المجتمع الدولي، ممثلا في هيئاته الأممية، فقد تخلى عنهم.
ولا يعرف اللاجئون إذا ما كان الانهيار الطيني سيغزو كوخهم الليلة أم يوم غد.
وإذا ما كان سيتم توزيع المساعدات الغذائية غدا، وإذا ما كان أطفالهم سيذهبون إلى المدرسة أساسا.
وأما أولئك الذين بقوا في ميانمار لديهم يقين واحد فقط، "لا حقوق ولا حرية ولا عدالة".
في نفس العام الكارثي 2017، تعهدت الصين بحبس أكثر من مليون مواطن لأنهم من الإيغور و الكازاخ.
تنكيل ممنهج
وقالت الصحيفة الفرنسية إن "الأسباب الرسمية" التي قدمتها الحكومة الصينية لاعتقال هذا العدد الكبير من المسلمين الإيغور، سخيفة بقدر ما هي غير محدودة.
ومنها أن يكون عمرك "ما بين 20 و 40 عاما"، وأن تكون قد "حضرت حفل زفاف ديني".
كذلك من أسباب الاعتقال أن تكون قد " تواصلت مع أشخاص خارج البلاد" وأن تكون قد "قطعت سلك هاتفك لفترة طويلة جدًا".
في إقليم تشينجيانغ الصيني، تضيف الصحيفة أن "هناك ما يزيد عن 12 مليون شخص ينامون ويعيشون هناك دون أن يعرفوا إذا ما كان سيجرى القبض عليهم في الليل".
أو دفعهم في سيارة بكيس فوق رؤوسهم، أو احتجازهم في معسكر دون حد زمني، أو الحكم عليهم بالسجن سنوات طويلة، أو إرسالهم إلى الأشغال الشاقة والأطفال إلى دور الأيتام .
وكما هو الحال مع الروهينغيا، فالإيغور يائسون من العثور على قطتهم الضائعة أو حديقتهم المُهملة أو عملهم الفائت أو أصدقائهم الذين هجروهم، عُنوة، منذ سنوات.
ويرى البعض في الانتحار حلا لوضع حد لهذا التعذيب المُقنَّع، وغير المرئي.
وأكدت الصحيفة أن "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ليست دموية فقط".
حيث إن أولئك الذين يرتكبونها يعرفون أن عدم اليقين يمكن أن يقتل أيضا، بصمت ودون إراقة قطرة دم واحدة.
وهي نوع من الممارسات الممنهجة التي تقوم بها حكومتا الصين وميانمار، من أجل القضاء وإبادة كل من أقلية الإيغور ونظيرتها الروهينغيا.