لم تنته المعاناة رغم تهجيرهم.. الاضطهاد البورمي يتواصل ضد الروهينغا

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

مرت خمس سنوات على أكبر موجة تهجير لأقلية الروهينغا المسلمة من ميانمار، ولا تزال عواقب هذه المأساة مستمرة.

ففي الوقت الراهن تؤثر صدمات الاضطهاد والظروف غير المستقرة بشكل متزايد بمخيمات اللاجئين في بنغلاديش على هذه الأقلية، التي تضم أكبر عدد من السكان عديمي الجنسية في العالم.

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن موجة الاضطهاد الأحدث بدأت عندما شن جيش ميانمار (عام 2017) حملة عنف تستهدف الروهينغا في ولاية راخين البورمية.

ونتيجة لذلك قتل آلاف الأشخاص وفر أكثر من 770 ألفا من منازلهم وعبروا الحدود إلى بنغلاديش. بعد خمس سنوات، لا تزال أقلية الروهينغا تعاني من عواقب النزوح الجماعي. 

تكرار المعاناة

وأضافت الصحيفة أن منظمة أطباء بلا حدود أدانت في أغسطس/آب 2022 وضع حوالي مليون فرد من الروهينغا في نفس الملاجئ المؤقتة المزدحمة المصنوعة من الخيزران، معتمدين كليا على المساعدات وبآفاق محدودة للمستقبل. 

وقدمت المنظمة هذه المساعدة إلى مجتمع لا يزال يعاني من الصدمة جراء الأحداث التي وقعت قبل خمس سنوات.

وذكرت الصحيفة أن موجة العنف وتهجير الروهينغا الأخيرة ليست الأولى من نوعها. قبل 40 عاما حرمتهم ميانمار من جنسيتهم، مما جعلهم أكبر عدد من السكان عديمي الجنسية في العالم. 

وتشير التقديرات إلى أن هناك 3.5 ملايين شخص من عديمي الجنسية منتشرين في جميع أنحاء العالم. 

وفي بنغلاديش، عبر الحدود، يتمتع الروهينغا بفرص محدودة للغاية للحصول على العمل والتعليم، مما يؤثر على صحتهم العقلية ويغذي الشعور باليأس.

ونقلت الصحيفة عن طيبة بيجوم، وهي أم لستة أطفال، أن "توأمها كان يبلغ من العمر ستة أشهر فقط عندما قرروا الفرار من بورما". 

وتواصل بيجوم وهي إحدى أفراد الروهينغا المهجرين: "لم نتمكن من البقاء هناك عندما بدأت المجازر. قبل مغادرتنا بسنتين كانت السلطات تحتجز الشباب وتعذبهم".

وأردفت: "عبرنا الأدغال والطرق الموحلة، كنا غارقين في الماء. وكانت الرحلة صعبة". وفي الوقت الراهن أصبح التوأم يبلغ من العمر خمس سنوات، قضوها في المنفى بالكامل.  

وتضيف الأم الشابة: "نعيش الآن في مخيمات اللاجئين، مرت خمس سنوات من العيش في عذاب. لدينا مأوى، لكن بعيدا عن ذلك لا يملك أطفالنا الكثير".

وتواصل بالقول: "نعتمد على المساعدات الغذائية وتساورنا مخاوف ونحن قلقون بشأن كيفية توفير ملبسهم وتثقيفهم. أحيانا أتناول طعاما أقل مما ينبغي، لأنني أرغب في بيع جزء منه لشراء شيء ما لأولادي. باختصار، نحن نعيش على أنصاف أطباق". 

وأوردت الإندبندينتي أن طيبة بيجوم تنقل المطالب الأمنية التي تطالب بها الأقلية التي تنتمي إليها. 

وفي هذا السياق صرحت قائلة: "أتوق إلى السلام. إذا تمكنا من العيش بسلام في بورما مرة أخرى، فسوف نعود. لماذا لا نعود إذا تحققت العدالة ومنحتنا السلطات الجنسية؟ أليس وطننا أيضا؟".

واستدركت: "كيف سنعود إذا كانت حقوقنا غير مضمونة، وإذا كان باستطاعتهم افتكاك أطفالنا وقتلهم؟ أين سنعيش؟ يمكنهم تركنا هنا أو نقلنا إلى بلد آخر، ولن نرفض أيا من هذه الإجراءات. لكنني لن أعود إلى بورما دون تحقيق العدالة". 

ونوهت الصحيفة بأن الروهينغا عالقون اليوم في حالة من النسيان المؤقت. يريد الكثيرون العودة إلى منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم.  

لكن، يجب أن تكون هذه العودة في بيئة آمنة، حيث تضمن حقوقهم وحرياتهم؛ وهو مطلب تشاركه منظمة العفو الدولية أيضا.

وفي هذا المعنى، قال مينج يو هاه، نائب المدير الإقليمي للحملات في منظمة العفو الدولية: "إن هذا التاريخ بمثابة ذكرى مؤسفة، تسلط الضوء على عدم مقاضاة أي ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة البورمية جراء حملة العنف المروعة التي اقترفوها ضد سكان الروهينغا". 

يأس ومخاطر

وبينت الصحيفة أن سكان الروهينغا في ولاية راخين لا يزالون يفتقرون إلى حرية التنقل والحقوق الأساسية الأخرى، مثل الحصول على الغذاء الكافي والرعاية الصحية والتعليم؛ وهي مشاكل تفاقم انعدام الأمن المتزايد في أعقاب الانقلاب العسكري في البلد الآسيوي سنة 2021. 

علاوة على ذلك، اندلع العنف في مخيمات بنغلاديش. وهنا، يعترف سان تاي شين، وهو لاجئ من الروهينغا في مخيم كوكس بازار في ذلك البلد قائلا: "نواجه صعوبات هائلة في مخيمات اللاجئين. لا نعرف كيف سنعود إلى الوطن، لسنا بأمان هنا أو في أراكان". 

ويواصل: "يفقد شعبنا حياته بسبب عنف العصابات في مخيمات اللاجئين أو الكوارث البيئية أو عندما يحاول الهجرة إلى دول أخرى عبر طرق خطرة وبحار مميتة وبوسائل أخرى". 

علاوة على ذلك، تواجه هذه الأقلية الاتجار بالبشر والاستغلال في ماليزيا ودول أخرى في المنطقة. 

وفي مواجهة الإفلات من العقاب في ميانمار أحرز بعض التقدم على المستوى الدولي. 

في يوليو/تموز 2022، رفضت محكمة العدل الدولية اعتراضات بورما وقررت مواصلة الإجراءات التي بدأتها الحكومة الغامبية ضد نظيرتها البورمية قبل ذلك بعامين بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.  

ويعترف مينج يو هاه قائلا: "قرار محكمة العدل الدولية خطوة حيوية في الجهود الجارية لمحاسبة الحكومة البورمية على أفعالها".

وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة أطباء بلا حدود تلفت اهتمام المجتمع الدولي إلى جانب بالغ الأهمية. 

في الواقع، تستقبل المنظمة عددا متزايدا من الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج التهابات الجلد. 

وانطلاقا من عام 2021 إلى غاية الوقت الراهن أصبح عدد حالات الجرب الأعلى من نوعه منذ أكثر من ثلاث سنوات. 

كما تعاني هذه الأقلية بشكل متزايد من الأمراض المنقولة عن طريق المياه والأمراض المزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.

وأضافت الصحيفة أن حالة عدم اليقين تهدد بإنهاك مجتمع يعاني من عقود من الألم المتراكم. وبين الأجيال الشابة هناك خوف من مستقبل قاتم. 

ويقول أنور البالغ من العمر 15 عاما: "في هذه المخيمات لا يمكننا التمتع بالتعليم، حيث لا يوجد سوى التعليم الابتدائي، توقف تعليمنا عند هذا المستوى، وبقي عالقا هناك". 

ويضيف: "كان حلمي أن أصبح طبيبا لأفيد المجتمع. منذ طفولتي رأيت الأطباء يساعدون الناس ويقدمون أفضل ما لديهم. الآن أفهم أن هذا الحلم قد لا يتحقق أبدا".