مفاوضات مكثفة بين إيران وباكستان بشأن الحدود.. ما مشكلة بلوشستان؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

شهد يوليو/تموز 2022 مفاوضات مكثفة بين باكستان وإيران بشأن أمن الحدود وضمان السلام الإقليمي، وخاصة في جغرافية إقليم بلوشستان الواقع في جنوب غرب آسيا. 

وفي 20 من الشهر نفسه، اجتمع وفدا باكستان وإيران لضمان أمن الحدود المشتركة بين البلدين واستدامة بيئة السلام الإقليمية. 

وقال مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام" إن النقطة الرئيسة التي تجعل هذا الاجتماع مهما هي أنه يجرى اتخاذ قرار يعطي الأولوية للتنمية الإقليمية وحالة الاعتماد المتبادل من خلال إنشاء مراكز تجارية في المناطق الحدودية. 

تعاون وتنافس

وأوضح المركز التركي في مقال للكاتب دوغان جان باشاران أنه "مما لا شك فيه، عندما يتعلق الأمر بأمن الحدود بين البلدين، تتبادر إلى الذهن جغرافية بلوشستان". 

وبين أن بلوشستان هو اسم الجغرافيا الواقعة على الحدود الإيرانية الباكستانية وتشكل المناطق الأكثر تخلفا في كلتا الدولتين، وفق وصفه. 

وهم يعيشون في إقليم بلوشستان على الجانب الباكستاني من الحدود وكجزء من مقاطعة سيستان بلوشستان في إيران. 

وبهذا المعنى، يعد البلوش أنهم يقعون في منطقة خصبة من حيث التجارة البحرية، بالنظر إلى موانئ جوادر الباكستانية وجابهار الإيرانية في المناطق الجغرافية التي يعيشون فيها. 

وأردف: البلوش ليسوا متخلفين اقتصاديا، ولكنهم يظهرون بهذا الشكل بسبب سياسات الدولة التي تركتهم وراءها عن قصد. 

ولهذا، تتسبب في رؤية الحركات البلوشية الانفصالية في كلا البلدين. وعلاوة على ذلك، استوعب جزء كبير من هذه الحركات الانفصالية أسلوب الكفاح المسلح، "ولهذا السبب فهي تنفذ أعمالا إرهابية".

وأضاف: وعلى الرغم من المشكلة المشتركة بين البلدين، فإن الحركات الانفصالية في منطقة بلوشستان غالبا ما تضع إسلام آباد في مواجهة طهران، لأن باكستان وإيران، بوصفهما بلدين متقابلين، يشهدان معا عمليات التعاون والمنافسة. 

فحقيقة أن باكستان دولة إسلامية سنية وأن لديها علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية تخلق بعض الانزعاج لطهران. 

ومن ناحية أخرى، فإن اتصالات إيران مع الشيعة الباكستانيين في سياق إستراتيجيتها الطائفية، التي يمكن وصفها بأنها توسعية شيعية، تعمق تصورات التهديد لإدارة إسلام آباد.

وعلى وجه الخصوص، فإن التعبئة الإيرانية الأيدولوجية والدينية للواء زينبيون الذي يتألف من شيعة باكستانيين، للقتال في الحرب الأهلية السورية بما يتماشى مع حجة حماية الأماكن المقدسة كمقاتل بالوكالة، تسبب في إزعاج خطير بين صناع القرار الباكستانيين. 

فلا يوجد ما يضمن عدم استخدام هذه المجموعة كلاعب بالوكالة في باكستان بما يتماشى مع مصالح إيران في المستقبل، بحسب الكاتب التركي.

ادعاءات مهمة

وكما هو معروف، فإن باكستان بلد يرتفع فيه العنف الطائفي والهجمات ضد الشيعة تأتي في المقدمة. 

ويؤدي اهتمام إيران بالشيعة الباكستانيين، إلى تصاعد التوتر بين الطرفين من وقت لآخر، إذ تدعي طهران أنها حامية لجميع الشيعة على وجه الأرض.

ومع ذلك، يزعم أن كلتا الدولتين تستخدم المنظمات البلوشية الانفصالية ضد بعضها البعض من وقت لآخر بشكل دوري وتكتيكي. 

وبعد هجمات إرهابية مختلفة، أدلى المسؤولون الإيرانيون بتصريحات يلومون فيها إسلام آباد والمسؤولون الباكستانيون يلومون طهران. 

ومع ذلك، فإن إقامة دولة البلوش على جانب واحد من الحدود هو وضع لن تريده الجهة الفاعلة الأخرى بسبب التأثير المشجع الذي ستخلقه. 

فالبلدان يعتمدان على بعضهما البعض من حيث إرساء أمن الحدود والحفاظ على سلامتهما الإقليمية في هذا السياق.

ومن الواضح أن النزعة الانفصالية البلوشية في باكستان قد ازدادت أخيرا. على وجه الخصوص، من الممكن القول إن الجهات الفاعلة التي تريد زعزعة استقرار مشروع الحزام والطريق الصيني تدعم المنظمات البلوشية الانفصالية. 

وباكستان وإيران جزء من مشروع الحزام والطريق، وهذه قضية ستجعل من المحتم أن ينتشر عدم الاستقرار على جانب واحد من الحدود إلى الدولة الأخرى.

وقد تعمقت مشكلة بلوشستان والإرهاب في باكستان في هذا السياق بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021، وفق الكاتب. 

ولا يمكن إنكار وجود الجماعات البلوشية التي تستخدم الأسلحة غير المطالب بها في أفغانستان وتحول فراغ السلطة في المنطقة إلى فرصة. 

وهذا مصدر قلق لكل من باكستان وإيران. ولهذا السبب، يشعر البلدان بالحاجة إلى اتخاذ بعض التدابير الهادفة إلى أمن الحدود والاستقرار الإقليمي، بحسب الكاتب التركي.

مشكلة مشتركة

وأشار المركز إلى أنه جاء قرار إنشاء مراكز تجارية في المناطق الحدودية، والذي جرى اتخاذه بعد الاتصالات التي أجريت تماشيا مع الحاجة المذكورة أعلاه، على جدول الأعمال كحل عملي تغذيه فكرة زيادة الاستقرار والازدهار الاقتصادي في المنطقة.

وأيضا لفت الانتباه إلى وسيلة من شأنها أن تمكن من دفع القضايا الخلافية إلى الخلفية من خلال تعميق علاقة الاعتماد المتبادل بين البلدين.

واستدرك: ولأجل زيادة الازدهار الإقليمي والخط الإيراني الباكستاني في بلوشستان؛ فإن التحول إلى مركز تجاري في اتصال جنوب آسيا والشرق الأوسط يمكن أن يقضي على فكرة تخلفهم عن الركب وتحسن انتمائهم إلى الدولة التي يعيشون فيها. 

ولذلك، أسفرت الاتصالات على خط إسلام آباد- طهران عن خطة تهدف إلى الحد من الحركات الانفصالية عبر إعطاء الأولوية للتعاون الاقتصادي في إرساء الأمن الإقليمي. 

ولهذا السبب، يمكن القول إنه جرى اعتماد سياسة عقلانية وعملية لجميع الجهات الفاعلة في الحالة الراهنة.

ونتيجة لذلك، تشهد باكستان وإيران عمليات تعاون وتنافس جنبا إلى جنب كونهما دولتين متجاورتين. 

وأردف الكاتب: الاختلافات في المواقف الدينية الأيديولوجية للدولتين تؤثر على تفضيلاتهما الجيوسياسية ولكن الشعور بانعدام الأمن الإقليمي يتطلب أيضا تطوير عمليات التعاون بين إسلام آباد وطهران. 

"وبهذا المعنى، يمكن أيضا وصف مشكلة بلوشستان بأنها المشكلة المشتركة بين الدولتين"، يوضح الكاتب. 

علاوة على ذلك، أصبحت المشكلة أكثر وضوحا كل يوم بسبب حقيقة أن مسار مشروع الحزام والطريق بدأ يستهدف بشدة من قبل "المنظمات الإرهابية".

وياتي هذا بالتوازي مع زيادة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين ويشكل تهديدا للأمن القومي للدول المعنية بسبب خطر الانقسام. 

ويقول الكاتب: "هذا يحتم على باكستان وإيران التعاون في سياق أمن الحدود، وسيحدد الوقت ما إذا كان الحل العملي الذي طرحته الأطراف سينجح أم لا".