حميدتي وبوتين وابن زايد.. هجوم واسع على عصابة سرقة ذهب السودان

12

طباعة

مشاركة

رغم أن الحديث عن تهريب ذهب السودان، ليس بالأمر الجديد، إلا أن تحقيقا استقصائيا لشبكة "CNN" الأميركية نشر في 30 يوليو/تموز 2022، كشف عن مخطط تهريب الذهب إلى روسيا بالتعاون مع القيادات العسكرية "لاقى ردود فعل واسعة".

التحقيق حمل أدلة تشير إلى أن روسيا تواطأت مع القيادة العسكرية السودانية لتهريب ما تساوي قيمته مليارات الدولارات من الذهب، وحرمان الدولة المنكوبة بالفقر من عائداتها، ووجه أصابع الاتهام مباشرة إلى نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي".

وقالت الشبكة إن "مخططا لنهب ثروات السودان رسمته روسيا في محاولة لتحصينها ضد العقوبات الغربية المتزايدة ودعم جهود موسكو الحربية في أوكرانيا".

وأشارت إلى أن "صورة لشاشة كمبيوتر التقطت داخل بنك السودان المركزي تظهر أن الإنتاج الرسمي من الذهب عام 2021 كان 49.7 طنا، منها 32.7 طنا ليست موثقة من قبل البنك المركزي، لكن الإنتاج الحقيقي قد يكون أكثر من 220 طنا، أو ما يعادل 13.4 مليار دولار من الذهب سنويا تتم سرقتها من السودان".

وأفادت الشبكة بأنها تواصلت مع وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين ومكاتب الحكام العسكريين السودانيين ورئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان، وحميدتي، لكن لم تتلق ردا على طلب التعليق.

من جانبه، كذب المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، مبارك أردول، تحقيق "CNN"، وقال إن "ما نشر فقير وضعيف وغير دقيق في بعضه وأرقامه مضخمة، بل خيالية"، مضيفا: "واضح أنه في إطار محاولات لإقحام السودان لما يدور بين روسيا والغرب، وهذه لن تجدي، وفي التقرير لم ينجحوا في حبكها جيدا".

ما جاء في التحقيق الاستقصائي وتكذيب المسؤول السوداني، أثارا موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، ودفعهم للمطالبة بالتحقيق في الأمر وإعلان النتائج للشعب بدلا من التشكيك فيما ورد في تحقيق الشبكة الأميركية، متحدثين عن "دور إماراتي في التهريب".

واتهموا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية وتعليقاتهم على التحقيق الذي نشرته جهات إعلامية عدة، ومشاركتهم في وسم #سرقة_دهب_السودان، حميدتي قائد الجنجويد بجني أموال طائلة من تهريب الذهب عبر حكام الإمارات وغيرها، وتبديد ثروة البلاد القومية والعبث بمقدرات الأجيال القادمة.

وأكد ناشطون أن انقلاب العسكر في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، على الحكومة المدنية، جاء خوفا على مصالحهم والامتيازات التي يتحصلون عليها بطرق غير قانونية، خاصة أن لجنة إزالة التمكين كانت قد بدأت تعقب عمليات تهريب الذهب التي تتم بتواطؤ من المؤسسات الأمنية بإشارة من الفلول والعسكر.

واستنكروا عدم قدرة أي جهة أو مسؤول بالسودان على فتح بلاغ أو حتى استدعاء حميدتي للتحقيق معه واستجوابه في ملف تهريب الذهب، مطالبين بالتعامل مع الملف "بشفافية"، وتمليك الشعب الحقائق الوافية حوله.

دور إماراتي

وألمح ناشطون عن وجود دور إماراتي مشبوه في تهريب ذهب السودان، إذ أوضح المفكر العربي رئيس "المركز القومي الإستراتيجي"،تاج السر عثمان، أوضح أن "الإمارات دخلت إلى السودان تحت غطاء الإغاثة، لكن حقيقة دورها المشبوه يتمثل في ممارسة اللصوصية على الذهب والموانئ".

وأشار إلى "توالي التقارير البريطانية والأميركية وتتابعها عن تهريب الذهب إلى روسيا عبر شركات إماراتية وبتسهيل من انقلاب العسكر ومليشيات حميدتي".

وقال المغرد عبدالله: "السودان بلد غني بالذهب تتقاسمه الإمارات وروسيا، أما الشعب فأحيانا لا يجد كسرة الخبز".

وأكدت رعد محمد، أن "ليس فقط ذهب السودان ما تسرقه الإمارات، وإنما دول كغانا والكونغو وتنزانيا وزامبيا وبوركينا فاسو تشكي أن الذهب الذي تنتجه يتم تهريبه على نطاق واسع من خلال شبكات إجرامية إلى دبي، ثم يعاد تصديره للأسواق الأوروبية والأميركية من جديد".

ووصفت الإمارات بأنها "مركز لغسيل كل شيء على ظهر هذا الكوكب".

سلطة العسكر

وصب ناشطون جام غضبهم على سلطة العسكر الحاكمة بقيادة البرهان وحميدتي، مستنكرين تواطؤهم مع روسيا وسماحهم لها بالاستيلاء على ذهب السودان مقابل تقديم الحماية لهم وتأمين مقاعدهم في سدة الحكم.

رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان، أشار إلى أن عسكر السودان سمحوا لبوتين لكي يدعمهم ويساند سلطتهم المغتصبة، بتهريب أطنان الذهب عبر 16 رحلة جوية على مدار 18شهرا، بينما يئن الشعب من الفقر والبؤس.

وقال أحد المغردين، إن "الأرقام التي ذكرتها الشبكة في تقريرها إن لم تزد فهي لن تنقص، روسيا جعلت من السودان حديقة خلفية لها واستغلت نفوذها في مجلس الأمن لابتزاز البرهان وحميدتي كما فعلت مع البشير وزمرته وكما تفعل مع كل مجرمي إفريقيا، ببساطة، الحماية مقابل الذهب". وأوضح علي البشير، أن المدعو حميدتي برتوكيليا هو الرجل الثاني في السودان، وأن هذا التهريب الذهبي على مرأى ومسمع من صناع القرار السياسي في البلد"، متسائلا: "أين الحكومة وأين البلد الذي يعاني إنسانه من شراء حبة بندول؟ أين يذهب عائد الذهب إلى روسيا؟.. إدارة دولة بعقلية العصر الحجري".

حيل الانقلاب

وصب ناشطون غضبهم على عسكر السودان، مشيرين إلى أن تقرير الـCNN كاشف للأسباب التي دفعتهم للمسارعة بحل "لجنة إزالة التمكين" واستبدال كوادرها بعناصر موالية لهم، وعلى رأس تلك الأسباب حماية المتورطين في عمليات تهريب الذهب، خاصة بعد تلقي اللجنة بلاغات بذلك.

وكان قائد الجيش السوداني، البرهان، قد أصدر في 10 ديسمبر/كانون الأول 2019، قرارا بتشكيل لجنة إزالة التمكين لـ"إنهاء سيطرة رموز نظام الرئيس المعزول عمر البشير على مفاصل الدولة، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة".

لكن في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، جمد البرهان عمل اللجنة ضمن قرارات اتخذها شملت إعلان حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، والتي صنفت "انقلابا على الحكومة المدنية".

وأكد نبيل شاكور، أن الجدل حول أرقام التقرير لا يحول دون الوصول إلى ذات الخلاصات فيما يتعلق بذهاب العسكر إلى الانقلاب على الشرعية الدستورية في 25 أكتوبر والذي كان من دواعيه الحصار الذي بدأت تضربه لجنة إزالة التمكين على ملفات تهريب الذهب في السودان خارج قنوات الدولة الرسمية".

وهاجم الناشط عبد المنعم صالح، قادة الانقلاب قائلا: "تبا للعسكر، قالوا أتينا لحفظ الأمن وحماية البلاد من السقوط، طيب أين الأمن وحماية البلاد من تهريب وسرقة الذهب؟ أليس هذا هو الأمن والحماية؟ أم أن الأمن والحماية هو قتل الشباب الثوار؟". ولفت جبار إبراهيم، إلى أن "سرقة ذهب السودان استشرت في عهد هذ الـ(كيان السياسي الضخم)، وتمكين العسكر بتسليمهم ملف (السلام) تم في عهد هذا الكيان، وتسليم ملف الاقتصاد سلمه دكتور الاقتصاد رئيس وزراء الكيان الضخم للبصمجي حميدتي".

رفض التشكيك

وأعرب ناشطون عن رفضهم تشكيك المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، ما جاء في تحقيق شبكة "CNN"، الذي أعدته الصحفية نعمة الباقر، وطالبوا بإقالته والتحقيق في الأرقام المعلنة.

وادعى أردول، في تغريدة على حسابه بتويتر، أن "من الواضح أن تقرير الباقر في إطار محاولات لإقحام السودان لما يدور بين روسيا والغرب"، مضيفا أن "هذه لن تجدي، وفي التقرير لم ينجحوا في حبكها جيدا".

وردت الصحفية أمل تبيدي، على أردول، موضحة أن "الحديث عن تهريب الذهب من السودان بالمطار كان قبل التقرير وتم القبض على شحنات مهربة، وكثر الحديث عن هبوط طائرات وإقلاعها"، قائلة له إن "تلك الأحاديث يجب أن تجعلك تتحرك وتحقق في  الأمر حتى تظهر الحقيقة". وهاجم أحد المغردين المسؤول السوداني، قائلا له: "أيها الأردول قد تجاوزتك الأحداث فأنت فقط دلدول ليس إلا، ولا تعرف كوعك من بوعك.. البرهان وحميدتي خلوك في وظيفتك لأنك طرطور ولا تفهم!". وأفاد الصحفي كمال الدين محمد علي مدثر، بأن "الأهالي أغلقوا طريق أبوحمد الخرطوم لليوم الثاني على التوالي مطالبين بإعفاء مبارك أردول ومحاسبته لاستخدامه المواد السامة في التعدين في ولاية نهر النيل وتضرر المنطقة بكاملها منه، ونهب الذهب دون استفادة المنطقة، والفساد في التعيينات في الشركة السودانية للمعادن بنهر النيل". ودافع الصحفي والناشط السياسي، الأمين مضاي، عن الصحفية الباقر صاحبة التقرير، مشيرا إلى أنها وجهت نداءات لملايين السودانيين للتظاهر ضد روسيا بعد التقرير الاستقصائي لتهريب الذهب، ووصفها بأنها "زولة مهنية ومنحازة للثورة السودانية ولوطنها". ورأى الناشط السياسي، عادل قسم الله الجاك، أن "تقرير الباقر وطاقمها على CNN عن تهريب الذهب في السودان هو القشة التي ستقصم ظهر البعير". وطالب عبداللطيف محمد البوني، وزارة المعادن بإصدار بيان مفصل عن تعدين وتجارة وتهريب الذهب في البلاد.