تمسك بالحكم.. الإندبندنت: هذه دلالة اشتباكات ليبيا بين الدبيبة وباشاغا
تحدثت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن الاشتباكات الأخيرة في العاصمة الليبية طرابلس، وعلاقتها بالتنافس على السلطة بين الأطراف المتحاربة.
وقالت النسخة التركية في مقال للكاتب محمد أكساكال: "اندلعت الاشتباكات في 21 يوليو/تموز 2022 بين قوات الردع الخاصة التابعة للوكالة الملكية لتحرير رواندا وكتيبة ثوار طرابلس"، وهما من القوات الداعمة لرئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة.
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الصحة، قتل 16 شخصا وأصيب 52 آخرون في الاشتباكات، بما في ذلك ثلاثة مدنيين.
وتشهد ليبيا الغنية بالنفط، انقساما سياسيا وصراعا على السلطة بين حكومتين، إحداهما حكومة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب مطلع مارس/آذار 2022، وحكومة "الوحدة الوطنية" التي يرأسها الدبيبة، وترفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب.
قتال وتوترات
وقال اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، للصحفيين إن الاشتباكات في العاصمة نجمت عن عدم وجود جيش نظامي في العاصمة وتعزيز الدبيبة لقواته من خلال منع توحيد الجيش في ليبيا.
وأضاف محجوب أن "مثل هذا الوضع غير ممكن في شرق وجنوب ليبيا، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي، لأن هناك جيشا نظاميا وقوات مسلحة".
وأشار إلى أن القوات لديها تسلسل هرمي عسكري وأن على الحكومة تعزيز الجيش بدلا من تحويل الأموال إلى تلك المجموعات.
وأردف أكساكال: بدأ القتال في العاصمة بعد اعتقال عضو في كتيبة ثوار طرابلس، بقيادة أيوب أبو راس، من قبل أعضاء في مجموعة تسمى "قوات الردع الخاصة".
ولا يزال عدد كبير من المدنيين عالقين في المنطقة التي يدور فيها القتال. والمدنيون الذين قتلوا في الاشتباكات هم ضيوف كانوا في قاعة أفراح في المنطقة وقت بدء الاشتباكات.
كما أدلى رئيس البرلمان الليبي في طبرق عقيلة صالح ببيان أدان فيه الاشتباكات الأخيرة بين المليشيات المسلحة في طرابلس، وقال إن العنف يخيف المواطنين ويعرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر.
ودعا صالح في بيانه الأطراف التابعة لهذه الجماعات المسلحة إلى تحمل المسؤولية عن هذه الأحداث المؤسفة.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إنها قلقة بشأن الاشتباكات وإن المشاكل يجب أن تحل من خلال الحوار.
وجاء في بيان على تويتر: "تشعر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بقلق عميق إزاء هذه التطورات وتدعو إلى إجراء تحقيق في الحادث ومنح العدالة للضحايا وأسرهم. وأي عمل يعرض حياة المدنيين للخطر أمر غير مقبول".
ودعت جميع الليبيين إلى بذل كل ما في وسعهم للحفاظ على الاستقرار الهش للبلاد في هذا الوقت الحساس.
وقالت إنه "يجب على جميع الجهات الفاعلة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وحل نزاعاتها عن طريق الحوار، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانونين الوطني والدولي بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية".
وأضاف أكساكال: بعد الاشتباكات في طرابلس كشف مصدر حكومي إقالة خالد مازن وزير داخلية حكومة عبد الحميد الدبيبة، وإحالته للتحقيق وتكليف وزير الحكم بدر الدين التومي خلفا له.
ومع استمرار الوضع المقلق في طرابلس، وقعت اشتباكات أخرى بين مليشيات متنافسة من مصراتة أيضا.
وأوضح الكاتب: عندما زار فتحي باشاغا مصراتة في 20 يوليو، أرادت مجموعة تدعم الدبيبة، اعتقال الأول.
وعندما وصلت القوات الداعمة لباشاغا إلى مكان الحادث، غادرت المجموعة الأخرى المنطقة.
وفي 23 يوليو، أطلقت مجموعة تدعم فتحي باشاغا النار على مجموعة موالية للدبيبة تقوم بدوريات على طريق مصراتة - طرابلس، وأغلقت الطريق وأقامت عليه نقطة تفتيش.
وزعم أن شخصين قتلا في الاشتباكات التي تلت ذلك، وأعيد فتح الطريق في اليوم التالي.
النفط والخطط
كما أعيد فتح آبار النفط، التي كانت متوقفة لبعض الوقت في الأسبوع الذي سبقه واستؤنف الإنتاج.
وفي 12 يوليو، أعلنت وزارة النفط والغاز في حكومة دبيبة أن الأخير أقال مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للنفط، وأعضاء المجلس.
وفي وقت لاحق، أعلن عن تعيين فرحات بن قدارة ليحل محل مصطفى صنع الله.
وبعد أن رفض الدبيبة تسليم الحكومة إلى فتحي باشاغا، داهمت مليشيات محلية آبار النفط في المناطق التي يسيطر عليها الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، وتوقف إنتاج النفط، بحسب الكاتب التركي.
وفي بيان حول هذه القضية، قال باشاغا: "إن الدبيبة يجب أن يستقيل من أجل استئناف إنتاج النفط".
وعند إعادة فتح آبار النفط، جاءت تعليقات تفيد بأن هناك اتفاقا بين الدبيبة والجنرال حفتر من خلال تعطيل فتحي باشاغا على فتح الآبار من جديد.
وهناك أيضا مزاعم بأن باشاغا، الذي كان غاضبا من تهميشه وعقد صفقة مع الدبيبة، ذهب إلى مصراتة لهذا السبب وخطط لدخول طرابلس من خلال تنظيم المليشيات التي دعمته.
وقال رئيس منظمة التنمية السياسية الليبية، جمال الفلاح، إن "الاشتباكات داخل مدينة مصراتة تدور بين مليشيات كل من الدبيبة وباشاغا".
وأردف للصحافة: "عندما جاء باشاغا إلى مصراتة، أمر الدبيبة باعتقاله، لكن القوات الموالية للأخير فشلت في ذلك".
ويحاول باشاغا القضاء على القوات الموالية للدبيبة للسيطرة على مصراتة.في حين أن القوات الموالية لدبيبة في مصراتة قد تعبر إلى جانب باشاغا، وفق تقدير الكاتب.
وإذا حدث ذلك، يمكن لباشاغا إقناع بعض الجماعات الأخرى إلى جانب تلك التي تدعمه في طرابلس والانتقال من مصراتة إلى طرابلس والاستيلاء على العاصمة.
وحتى لو عارضت بعض المجموعات الصغيرة ذلك، سيكون من السهل على باشاغا دخول طرابلس، كما قال الكاتب.
وبعد مكالمة هاتفية مع السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند نهاية يوليو، اتهم فتحي باشاغا عبر تغريدة على تويتر حكومة دبيبة بأنها عصابة فساد "لا يمكنها إجراء إصلاحات".
وقال باشاغا "اتفقت مع السفير الأميركي على الحاجة إلى العمل معا لوقف الاضطرابات الأخيرة، وأوضحت تماما أن العنف ارتكب من قبل حكومة منتهية الشرعية".
وأضاف: "كررت أن الحلول الليبية التي طرحتها في خارطة طريق التعافي الليبية وحدها القادرة على حل المشاكل بشكل مُرضٍ، وأن الفساد والمفسدين لا يمكن أن يكونوا يوما مصلحين".
وأكد حرصه الحثيث على أمن وسلامة المدنيين، بالإضافة إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة للتخلص من عُصبة الفساد الجاثمة على الدولة الليبية والمعرقلة لنهضتها، وفق قوله.
وختم الكاتب مقاله قائلا: ومع استمرار الوضع المتوتر في طرابلس ومصراتة، من غير المرجح أن يتراجع باشاغا والدبيبة عن مزاعمهما بأنهما رئيس الوزراء الشرعي للبلاد، ويبدو أن كلا الجانبين يخاطر بمواجهة مسلحة.