جون أفريك: لهذا سلمت الجزائر رئيس مخابرات تونس السابق إلى قيس سعيد
سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على أسباب تسليم الجزائر لرئيس المخابرات التونسية السابق، لزهر لونغو، إلى سلطات بلاده بعد أن فر للجارة الشرقية.
وقالت المجلة إن "هذا الرجل المثير للجدل كان مقربا من رئيس الحكومة السابق، هشام المشيشي، وحركة النهضة".
وأوضحت أنه "تم عزل لونغو- ضابط الأمن- الذي شغل منصب رئيس المخابرات، من قبل الرئيس قيس سعيد بعد 25 يوليو/تموز 2021".
وبعد عام من ذلك التاريخ، وجد لونغو نفسه في قفص الاتهام، بعد أن ألقت السلطات الجزائرية القبض عليه وسلمته إلى السلطات التونسية.
الصندوق الأسود
وقالت المجلة إنه "بعد استيقاظه في الجزائر يوم 21 يوليو 2022، لم يتوقع لونغو، أحد كبار المسؤولين الكبار بوزارة الداخلية، تناول العشاء في تونس في ذلك المساء بالذات".
وأضافت أن "المدير العام السابق للأجهزة المختصة (المخابرات)، الهارب في الجزائر منذ عدة أسابيع، قد توقع أن يصل إلى فرنسا عبر إسبانيا، رغم إصدار مذكرة توقيف من الإنتربول في حقه، بحسب مصادر قريبة من المصالح الأمنية".
ويعد لونغو "صندوقا أسود حقيقيا" للداخلية التونسية حيث قضى كل حياته المهنية.
وهو إحدى الشخصيات الأمنية التي تم عزلها والحد من صلاحياتها في 28 يوليو 2021، بعد تفكيك حكومة المشيشي والاستيلاء الكامل على السلطة من قبل الرئيس سعيّد في 25 يوليو من نفس العام.
وأشارت جون أفريك إلى "تشديد القبضة على لونغو من خلال وضعه رهن الإقامة الجبرية في 5 أغسطس/آب 2021".
وبعد أن كان ناشطا صلب المنظومة السابقة -في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي-، أصبح لونغو بعد ثورة (الياسمين التي اندلعت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010) قريبا من "النهضة" والعديد من رؤساء الحكومات بمن فيهم، يوسف الشاهد.
وأوضحت المجلة أن "لونغو كان في قلب الجدل بين وزير الداخلية السابق الذي تولى رئاسة القصبة، المشيشي، وخليفته في قيادة الأجهزة الأمنية، توفيق شرف الدين -وهو الصديق المقرب لسعيد الذي عينه في أكتوبر/تشرين الأول 2020- وقرر في يناير/كانون الثاني 2021 التخلص من بعض القيادات لتأسيس دائرة يستحوذ عليها رئيس الجمهورية".
وفي إطار ذلك، قام بعزل لونغو من مهامه كملحق أمني بالسفارة التونسية في باريس.
غضب المشيشي -الذي كان حينذاك رئيسا للحكومة- وقام بدوره بعزل توفيق شرف الدين من وزارة الداخلية.
بعد ذلك، انخرط المشيشي في مواجهة مع سعيد، حيث عين المشيشي لونغو، ضابط مخابرات سابق ذو مهارات معترف بها، مسؤولا عن الخدمات الخاصة في 21 أبريل/نيسان 2021.
وهو ما رأى فيه البعض تحديا صريحا موجها إلى رئيس الدولة، وحدث التعيين بعد يومين من خطاب رئاسي ظهر فيه سعيد في صورة القائد الوحيد للقوات المسلحة.
عودة مثيرة
تسبب انقلاب سعيد بعد بضعة أشهر في خسارة لونغو كل دعمه، واختفى عن الرادار ليعود للظهور مرة أخرى في مطار تونس قرطاج بتاريخ 6 مارس/آذار 2022، حيث منع من ركوب طائرة متجهة إلى باريس.
يؤكد هذا الحظر المفروض على لونغو لمغادرة البلاد أنه في مرمى نيران السلطات، ثم قام بعد ذلك بتجهيز عملية هروبه، تقول "جون أفريك".
وبحسب مصادر قضائية في تونس، فإن لونغو قد عزم على تفعيل الشبكات التي مكنت السياسي نبيل القروي وشقيقه غازي من مغادرة تونس بشكل غير قانوني عبر الجزائر للذهاب إلى أوروبا.
واستدركت جون أفريك قائلة: "لكن الزمن تغير وأثبت دعم الأمس عدم جدواه".
وأضافت أن "مصير لونغو يبدو قد حُدد على هامش الاحتفال بالذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر التي حضرها سعيّد في 4 يوليو 2022".
وأوضحت أن "المصالح الأمنية التونسية والجزائرية عملتا معا على أساس المعلومات التي قدمتها تونس، والتي تفيد بأن لونغو عبر الحدود على جانب حمام بورقيبة (شمال غرب تونس) بمساعدة مهرب تونسي".
وتم رصده في غرب الجزائر، مما تسبب في نشر جهاز أمني مُهم لاعتقاله، في 15 يوليو، بعد ذلك وقع اقتياده إلى ثكنة للتحضير لتسليمه إلى السلطات التونسية.
وقالت المجلة إنه "نادرا ما يتم تفعيل إجراء مثل هذا -أي تسليم الهاربين- بين البلدين الجارين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا السياسية، لكن يبدو أن لونغو قد فقد بريقه الأمني أو على الأقل الحماية التي كفلت له الإفلات من العقاب".
وذكرت المجلة أنه "لا يمكن القول إن لونغو وهو رجل المهمات الحساسة، والمسؤول، بحسب النائب السابق هيكل المكي، بالتجسس على المعارضين، سيكون مجرد كبش فداء".
وتابعت: "إذ كان يشتبه في فساده في عهد ابن علي، وقد تم تخفيض رتبته، قبل أن يستعيد مكانته مع وصول النهضة إلى السلطة".
ولفتت جون أفريك إلى أنه "بمجرد وصوله إلى تونس قادما من الجزائر، استجوبه فريق التحقيق في وحدة مكافحة الإرهاب حول مسائل تتعلق بالإرهاب والأمن الوطني".